أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-07
744
التاريخ: 2-10-2020
2259
التاريخ: 2024-02-14
1053
التاريخ: 2024-08-19
439
|
لقد كانت معلوماتنا عن «الهكسوس» قبل كشف النقاب عن رموز اللغة المصرية القديمة وغيرها من لغات الشرق القديمة، تنحصر فيما رواه لنا «فلافيوس يوسفس« Flavious Josephus المؤرخ اليهودي الذي عاش في خلال القرن الأول من التاريخ الميلادي، والمعلومات التي قدَّمها لنا هذا المؤرخ قد أخذها بدوره عن المؤرخ المصري «مانيتون» المعروف، وقد كان غرض «يوسفس» الأول فيما نقله عن «مانيتون» العمل جهد الطاقة في الرفع من شأن قومه اليهود، الذين كان يحتقرهم كتَّاب الإغريق، ويحطُّون من شأنهم؛ لذلك أخذ المؤرخ «يوسفس» يبرهن للملأ أن اليهود والهكسوس هم عنصر واحد، وأنهم خرجوا من مصر منذ حوالي ألف سنة قبل حروب «طروادة«(1) الذائعة الصيت، وهي تلك الحروب التي خلَّدها «هوميروس» الشاعر اليوناني في كتاب «الإلياذة» وكتاب «الأوديسة»؛ وقد كان عهد هذه الحروب في نظر الإغريق تاريخًا سحيقًا في القِدَم. وممَّا يُؤسَف له أشدَّ الأسف أنه لم يُعثَر حتى الآن عن أصل إغريقي من كتاب «مانيتون» الذي وضعه في تاريخ مصر، ولم يَبْقَ لنا من كتابه هذا إلا بعض فقرات نقلها بعض الكتَّاب مثل «يوسفس «(2) وغيره، ومع ذلك فإن هذه الفقرات أو الاقتباسات التي بقيت لنا قد كُتِبت بعد طرد الهكسوس من مصر بنحو 1300 سنة تقريبًا، وعلى ذلك أضحى الاعتماد عليها بوصفها مصدرًا تاريخيًّا لا يُوثَق به كثيرًا، وبخاصة إذا كنَّا نعلم أن بعض الوقائع التي ذكرها لنا «مانيتون» تكاد تكون من الوجهة التاريخية مستحيلة. على أن هذا لا يحملنا على التخلِّي عن ذِكْر بعض الوقائع الصادقة المعقولة فيما رواه، كما سنرى عند فحص المصادر القديمة المصرية الأصلية التي كشف عنها في خلال نصف القرن الأخير. (3) والظاهر أن كلمة «هكسوس» لم تكن معروفة قبل عهد «مانيتون»، وأنه هو أول مَن استعملها، وسنورد فيما يلي الاقتباسات الهامة التي ذكرها «يوسفس» نقلًا عن «مانيتون «. فيقول «يوسفس»: إن «مانيتون» كتب عنَّا (أي اليهود) ما يأتي، وإني سأقتبس كلماته كأني قد وضعته في قفص الشهادة: «لا أعرف لماذا قد نزلت بنا في عهد توتيمايوس Tutimaeus (تحتمس) صاعقةٌ من غضب الإله، فقد تجرَّأ قوم من أصلٍ وضيعٍ من الشرق على غزو بلادنا، وقد كان مجيئهم أمرًا مفاجئًا، وقد تسلَّطوا على البلاد بمجرد القوة في غير صعوبةٍ ما، وبدون نشوبِ واقعة حربية، وبعد أن تغلَّبوا على الرؤساء أحرقوا المدن بوحشية، وأزالوا معابد الآلهة من أساسها، وساروا في معاملة الأهلين بكل قسوة، فقتلوا بعضَ القوم، وسبوا نساء وأطفال أناسٍ آخَرين، وفي نهاية الأمر نصبوا واحدًا منهم اسمه «سالاتيس» ملكًا، فاتخذوا مدينة «منف» مقرًّا له، وضرب الضرائب على الوجه القبلي والوجه البحري، وترك له حاميات في الأماكن التي كانت أعظم صلاحيةً للدفاع، وقد أمَّنَ جناحه الأيمن بوجه خاص؛ لأنه كان يتنبَّأ بما عساه أن يحدث من اغتصاب الآشوريين بمهاجمته عندما تزداد قوتهم في المستقبل، ولما كشف في مقاطعة «سترويت Sethroite « عن مدينة حسنة الموقع مقامة على الجهة الشرقية من فرع «بوبسطة»، عمل على بنائها من جديد، وحصَّنَ جدرانها ووضع فيها حامية يبلغ عددها نحوًا من 240000 رجل مسلحين لحماية حدوده، وكان قد اعتاد زيارة هذا المكان كلَّ صيف لتوزيع الجرايات ودفع أجور الجنود من جهة، وكذلك ليُلقِي عليهم دروسًا هامة في فنون الحركات الحربية، ولأجل أن يُلقِي الخوفَ في قلوب الأجانب من جهة أخرى، ثم توفي بعد أن حكم البلاد تسع عشرة سنة.» بعد ذلك تأتي قائمة بأسماء الملوك التالية: «بنون» حكم 44 سنة، «أبا خناس» حكم ستًّا وثلاثين سنة وسبعة أشهر، «أبو فيس» حكم إحدى وستين سنة، «يناس» حكم خمسين سنة وشهرًا، و«أسيس» حكم 49 سنة وشهرين. وقد كان هؤلاء الملوك الستة الذين يعتبرون حكامهم الأول، يطمعون باستمرارٍ في محو الشعب المصري، وكان شعب هؤلاء الغزاة يُسمَّون «هكسوس»، ومعنى الاسم «ملك الرعاة»؛ وذلك لأن كلمة «هك» معناها في اللغة المقدسة «ملك»، أما كلمة «سوس» فمعناها في اللهجة الدارجة «راعي» أو «رعاة»، ومن ثَمَّ كانت الكلمة المركبة «هكسوس»، ويقول البعض: إنهم «عرب «. ثم يستمر «يوسفس» بألفاظه هو قائلًا: وعلى أية حال، فإنه جاء في نسخة أخرى أن كلمة «هك» لا تعني «ملوكًا»، بل تدل على العكس على أن الرعاة كانوا «أسرى»، وهذا الرأي يظهر لي أكثر احتمالًا وأكثر موافقةً للتاريخ القديم. وملوك القوم الذين يُطلَق عليهم الرعاة ومَن تناسَلَ منهم، وهم الذين عددناهم فيما سبق، قد ظلُّوا أسيادَ مصر — على حسب ما ذكره «مانيتون» — نحو خمسمائة وإحدى عشرة سنة. وفي الفقرة التالية يحلِّل «يوسفس» ما جاء في «مانيتون «: وبعد ذلك قام ملوك إقليم «طيبة» وسائر البلاد المصرية بثورة على الرعاة، وشبَّتْ نار حرب عظيمة طالت مدتها، ويقول إنه في عهد ملكٍ يُدعَى «مسفراجموثيس Misphragmouthis» هُزِم الرعاة وطُرِدوا من مصر كلها، وحُوصِروا في مكانٍ يُدعَى «أواريس»، ومساحته عشرة آلاف «أرورا»، وكان الرعاة كما ذكر لنا «مانيتون» قد أحاطوا كلَّ هذه المساحة بجدران عظيمة مبنية حماية لكلِّ متاعهم وغنائمهم. ثم يستمر قائلًا: إن «توموسس Thoummosis» ابن «مسفراجموثيس» حاصَرَ الجدران بجيشٍ يبلغ 280000 رجل، وحاوَلَ أن يجعلهم يستسلمون بالحصار، ولكنه لما يئس من بلوغ غرضه عقد معهم معاهدة تقضي بأن يخلوا كلَّ أرض مصر، وأن يذهبوا حيث شاءوا دون أن يضيق عليهم، وبمقتضى هذه الشروط غادر مصر ما لا يقل عن 240000 من الأسرى جميعًا يحملون متاعهم، ومخترقين الصحراء إلى «سوريا»، ولما كان الرعب قد أخذ منهم كلَّ مأخذ خوفًا من بطش الآشوريين الذين كانوا في خلال هذه الفترة أصحابَ السيادة في «آسيا»، فإنهم أقاموا مدينةً في الإقليم الذي يُدعَى «يودا»، صالحةً لإيواء جمعهم الهائل، وقد أطلقوا عليها اسم «أورشليم».(4)
...................................................
1- Thackery., “Against Apion,” I, PP, 102–105
2- Edward Meyer, “Gesehichte des Altertums”, (Stuttgart und Berlin, 1926) § 151
3- راجع كتاب: Raymond Weill, “La Fin du Moyen Empire Egyptien” عن الأثار المعروفة للهكسوس من قبل عام 1918 ميلاديًّا.
4- راجع: “Against Apion”, I, Pp. 74–90. English Translation by H. St. J. Thackery (London 1926).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|