أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-03
1437
التاريخ: 2024-04-22
784
التاريخ: 2023-09-10
1399
التاريخ: 2024-03-08
872
|
ومما لا ريب فيه أن تولي «أمنمحات الأول» مُلك مصر لم يقابَل بالترحاب من أمراء المقاطعات الذين كان ملكهم في مقاطعاتهم وراثيًّا، فكان كل واحد منهم يحكم في عاصمة مقاطعته كأنه ملك مستقل؛ ولذلك عارضوا في توحيد السلطة في كل البلاد من أقصاها إلى أقصاها على يد الفرعون الجديد، ولهذا كان لزامًا على «أمنمحات» أن يذهب إلى كل مقاطعة بنفسه، ويضع كل أمير عند حدِّه، ويكبح من جماح أطماعه، وينزله من عليائه، بقدر ما كانت تسمح الأحوال به في كل مقاطعة، هذا فضلًا عن أنه على ما يظهر قد ترك له سلفه حروبًا خارجية كان لا بد من متابعتها؛ ولذلك يقول «أدوردمير« (Histoire de l’Antiquite, “Tome II. Par.” 280)، لم يكن في مقدور «أمنمحات الأول» أن يظفر بعرش البلاد والمحافظة عليه إلا بالقوة، ونحن نعلم كذلك أنه كانت هناك حروب خارجية يمكن ربطها بالتغير الأسري، وهذه الحروب كانت قد بدأت فعلًا في عهد سلفيه «منتو حتب الثالث والرابع» وكانت ولا تزال قائمة في «آسيا» و«لوبيا» و«بلاد النوبة«. وقد قص علينا «خنوم حتب« (1) أحد قواده في نقش جنازي نُقش على جدران مقبرته [غير أنه مما يأسف له مُليء بالفجوات] أنه ظهر مع الملك في أسطول يبلغ نحو عشرين سفينة مصنوعة من خشب الأرز، وأنه هزم العدو في مصر، وأخضع السود والأسيويين الذين كانوا في معسكر العدو، واستولى على الأراضي المنخفضة والأراضي العالية في كلا القطرين، وقد كافأ الفرعون «خنوم حتب» على ذلك بأن جعله أميرًا على بلدة «منعات خوفو» (بني حسن) التي كانت إلى هذا الوقت تابعة لمقاطعة الغزال، وفُصلت عن حكومة هذه المقاطعة، وكذلك ضم إليه إدارة الصحراء الشرقية، ولقد امتدت سيطرة هذه البلدة حتى شملت كل مقاطعة الغزال «بالقرب من المنيا»؛ والظاهر أن أسرة الأمراء القديمة في هذه الجهة كانت قد انضمت إلى المعسكر المعادي للفرعون فخلعوا من حكم هذه المقاطعة؛ ولذلك يظن أن السود والأسيويين الذين ذُكروا في هذه الحروب ليسوا إلا جنودًا مرتزقة كانوا يحاربون في المعسكر المعادي للفرعون. ولما لم يكن في مقدور «أمنمحات» أن يجمع كل السلطة في يده دفعة واحدة، وأن يكون له الحق والسلطان المطلق في تولية حكام المقاطعات الوراثية وعزلهم كما كانت الحال في إبان عز الدولة القديمة؛ لجأ إلى سبيل أخرى للحد من شوكة هؤلاء الحكام الوراثيين والأسرات القديمة القوية، وتلك أنه أخذ يضمهم إلى جانبه بإغداق الإنعامات عليهم ومنحهم الألقاب الرفيعة وتقريبهم منه بالحظوة والوعود الخلابة. والواقع أن هذه السياسة الحاذقة قد نجحت نجاحًا باهرًا، وبذلك تركت الأسرة الثانية عشرة في تاريخ الفراعنة الطويل ذكرى لعصر كان نظامه الإداري غاية في القوة والرخاء، وبخاصة في نهاية عهدها، وكذلك كان لها أثرها المجيد في السياسة والحياة الاقتصادية؛ هذا إلى تجديد قوى مبتكرة في الفن والأدب. وقد بقي ذكرى إصلاح هذا الفرعون العظيم يتغنى به الأمراء حتى إن «خنوم حتب الثاني» أمير مقاطعة الغزال أخذ يعدد لنا إصلاحات هذا الفرعون العظيم بعد مضي ثمانين عامًا على عهد جده، وكيف أنه كافأه على إخلاصه وولائه فيقول: «لقد ذهب لمعاقبة الحرم مشعًا مثل «أتوم» نفسه لأجل أن يعيد النظام الذي كان قد قُضي عليه، ويعيد لكل مدينة ومقاطعة ما كان قد انتُزع منها، ويجعل كل إنسان يعرف حدوده بالنسبة لغيره ناصبًا حدودها مثل السماء، ومرتكنًا على السجلات في معرفة كل واحد (أي ما يخصه من فرع النيل وترعه)، وأن يعيد مساحة الأراضي حسب ما جاء في السجلات القديمة؛ وذلك لأن قلبه ينطوي على العدالة» (Beni Hassan Vol. I, Pl. XXXIII)، وإنا لنقرأ من بين السطور بوضوح المعني الذي يرمي إليه هذا المتن؛ فقد أعاد «أمنمحات الأول» في مصر سلطان الملكية، وجعل الأمراء العظام يشعرون بثقل يده، والظاهر أنه قد عين أسرًا عدة في المقاطعات الأخرى أيضًا مثل «أسيوط». وتوجد بعض نقوش من بداية حكم هذه الأسرة تشير أحيانًا إلى المنازعات التي قامت بين الملك وأمراء المقاطعات، هذا؛ وتشير التعاليم التي وُضعت على لسان «أمنمحات» إلى عهد الرخاء الذي كان يمتاز به عصره كما سيجيء بعد. والواقع أن «أمنمحات» الأول أحيا في نواحي البلاد كلها تلك الروح القومية القديمة التي أخنى عليها الدهر زمنًا طويلًا.
...................................................
1- Newberry, A. H. Vol. I, Pl. XIV; Breasted, A. R. Vol. I, Par. 363–455
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|