دور إدارة الموارد البشرية فى خلق ميزة تنافسية استراتيجية 

في الأجزاء السابقة من هذا الفصل تم استعراض عملية إدارة الاستراتيجيات وما يرتبط بها من قضايا تتعلق بالموارد البشرية سواء في مرحلة إعداد الاستراتيجية أو تنفيذها إلا أنه يجب ملاحظة أن الموارد البشرية يمكن أن تساهم في خلق ميزة تنافسية من خلال طريقتين أخريين وهما الاستراتيجيات الناشئة ، وتدعيم القدرة التنافسية.

ــ الاستراتيجيات الناشئة Emergent Strategies

في البداية يجب التمييز بين ما يسمى بالاستراتيجيات الناشئة Emergent عند الحديث عن دور الموارد البشرية فى خلق ميزة تنافسية. فغالبية الناس تنظر إلى الاستراتيجيات باعتبارها مجموعة من القرارات التي تستند إلى العقلانية والمبادرة وتستهدف تحقيق أهداف محددة وفى خلال عرضنا السابق لعملية الاستراتيجية فإننا ركزنا على مفهوم الاستراتيجيات المزمعة والتي تمثل نتيجة عملية اتخاذ القرار الرشيد بواسطة الإدارة العليا في محاولتها صياغة الخطة الاستراتيجية. وفى الحقيقة فإن الاستراتيجيات التى تتباناها الشركة تدخل تحت مسمى داخل المنظمة وتعكس ما الذى يقوم به التنظيم بالفعل وليس ما يزمع أو ينوى القيام به ومن هذا المنظور قد تعرف الاستراتيجية بأنها نموذج لتيّار من القرارات أو التصرفات التي تهدف لتحقيق مصالح الشركة الأم والشركات التابعة لها.

إن التمييز بين الاستراتيجيات المزمعة الاستراتيجيات الناشئة له دلالاته بالنسبة لإدارة الموارد البشرية ، فالتوجه الإداري الحديث نحو تبني فلسفة الإدارة  الاستراتيجية للموارد البشرية يعكس الميل نحو التركيز على الاستراتيجيات المزمعة ، ومن ثم فإن دور إدارة الموارد البشرية قد يتمثل في تعريف الإدارة العليا بقضايا الموارد البشرية عند إعداد الاستراتيجيات، ثم تصميم برامج الموارد البشرية التي تساعد في التنفيذ الجيد للخطة الاستراتيجية مع ذلك فإن غالبية الاستراتيجيات الناشئة يتم إعدادها بواسطة الأفراد في المستويات الأدنى في الهيكل التنظيمى ،غالباً ما يقوم هؤلاء الأفراد بتزويد الشركة بأفكار المنتجات الجديدة والأسواق الجديدة و الاستراتيجيات الجديدة كذلك وتلعب الموارد البشرية دوراً هاماً في تسهيل عمليات الاتصال خلال التنظيم، بما يسمح بالتوصل إلى استراتيجيات ناشئة فعالة يتم تزويد الإدارة العليا بها. إنه من غير المنطقي إنكار جهود وأفكار وإبداعات آلاف العاملين في قاعدة التظيم عند بناء الاستراتيجيات أو تنفيذها.