أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-11-2016
2038
التاريخ: 1-2-2017
2733
التاريخ: 2023-05-04
1019
التاريخ: 8-11-2016
1929
|
يجد الباحث في طبيعة الاقتصاد العربي قبيل الإسلام ان ذلك الاقتصاد قد تالف من أنماط اقتصادية متنوعة أملتها ظروف عدة قد يكون في مقدمتها البيئة والتنوع الجغرافي فشبه الجزيرة العربية قد شهدت تنوعا كبيرا في هذا الجانب أسهم بشكل رئيسي في تحديد نوعية النمط الاقتصادي الموجود هنا وهناك فنجد مثلا ان انتشار العديد من البوادي وسعة المساحة التي شغلتها من ارض شبه الجزيرة العربية هي التي حددت اتساع نمط البداوة عند عرب قبل الإسلام كبادية الجزيرة وبادية السماوة وغيرها (1). في حين نجد ان وقوع اليمامة بين الوديان وكثرة العيون فيها قد جعلها أكثر مناطق الحجاز تمراً ونخلاً (2) ومكنت الجبال ووفرة المياه اليمن من ان يكون فيها زراعة على نطاق واسع ومتطور بالإضافة الى قيام مجتمعات متحضرة فيها بحيث انها كانت: ((تسمى الخضراء لكثرة اشجارها وثمارها وزروعها)) (3). ونتيجة لذلك لا نجد واقعية في محاولة المسعودي ارجاع سكن العرب للبادية وكأنها رغبة منهم وليست واقعا فرضته بيئتهم بقوله: ((ورأت العرب ان جولان الارض وتخير بقاعها على الايام اشبه باولي العز واليق بذوي الانفة وقالوا لنكون محكمين في الارض ونسكن حيث نشاء أصلح من غير ذلك فاختاروا سكنى البدو من اجل ذلك)) (4). كما كان لموقع شبه الجزيرة العربية المتوسط للعالم القديم والذي حاول الهمداني رسم حدوده العامة بقوله: ((فجنوبيها اليمن وشماليها الشام وغربيها شرم آيلة ومطاردته من السواحل الى القلزم وفسطاط مصر وشرقيها عمان الى البحرين وكاظمة والبصرة وموسطها الحجاز وارض نجد والعروض)) (5). كذلك احاطتها بالمياه من جهاتها الثلاث وهذا ما عبر عنه ابن خلدون بقوله : ((فأن جزيرة العرب كلها احاطت بها البحار من الجهات الثلاث)) (6). وقد اعطى هذا الموقع المميز المتوسط للعالم القديم العرب فرصة لعب دور الوساطة التجارية بين امم العالم القديمة المحيطة بشبه الجزيرة العربية كما جعلهم في اوقات كثيرة يتعرضون لمحاولات تدخل من قبل تلك القوى الاجنبية المحيطة بهم ويمكننا بهذا الصدد ان نشير الى محاولة الروم بالاتفاق مع احد اشراف قريش وهو عثمان بن الحويرث على تنصيب نفسه ملكا على مكة من قبلهم لكن تلك المحاولات باءت بالفشل بسبب ادراك اهل مكة نوايا الروم في محاولتهم للسيطرة على احد اهم رموز التوحيد الديني والقومي عند العرب والقضاء على اهم المراكز التجارية في شبه الجزيرة العربية)) (7). ولم يكتفوا بذلك بل اتفقوا مع حلفائهم الاحباش الذين تمكنوا من احتلال اليمن وعزموا بقيادة ابرهة الحبشي على التوجه الى مكة المكرمة كما ورد في القصة المشهورة التي يحدثنا عنها القرآن الكريم بقوله تعالى في سورة الفيل : ) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ) (8) وكانت هناك محاولات جادة من قبل الدولتين الفارسية والبيزنطية لدفع العرب باتجاه العزلة والانكفاء داخل صحرائهم (9) ومحاولة اقامة كيانات عربية حليفة لهما حاجزة بينهم وبين العرب تمنع تدفق العرب الى المناطق التي يسيطرون عليها وفي حالة قيام أي من تلك الكيانات باي محاولة استقلال عن هيمنتهما وتوحيد الجهود العربية ضدهما فنجدهما يقومان بضرب تلك الكيانات او رموزها كما فعل الفرس مع النعمان بن المنذر ملك الحيرة (10) . كما كان بثهم للجواسيس في مختلف بقاع شبه الجزيرة العربية والذي كانوا يقدمونها متخفين وراء ستارات مختلفة قد يكون في مقدمتها ستار التجارة دليل كبير على ان شبه الجزيرة العربية واخبار اهلها لم تكن غائبة عن تفكير تلك القوى ومحاولاتها المستمرة لإبقاء العرب في حالة من التجزئة والتشتت ومحاولات التخريب المستمر للاقتصاد العربي وجعله تبعا لاقتصاد تلك القوى (11).
...............................................
1- الاصطخري، ابو اسحاق ابراهيم بن محمد: المسالك والممالك، تحقيق: محمد جابر عبد العال الحيني، (القاهرة: 1961)، ص14؛ ابن حوقل، ابو القاسم النصيبي: صورة الارض، (بيروت: د.ت)، ص25،26. للمزيد من التفاصيل حول إثر الطبيعة في تحديد النمط الاقتصادي عند عرب قبل الإسلام ينظر: علي، جواد: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، (بيروت: 1977)، ج4، ص280؛ ياسين، نجمان: تطور الاوضاع الاقتصادية في عصر الرسالة والراشدين، (موصل: 1988)، ص32،33.
2- الاصطخري: المصدر نفسه، ص18؛ ابن الفقيه الهمذاني، ابو بكر احمد بن محمد: مختصر كتاب البلدان، (ليدن: 1302 هـ)، ص28.
3- ياقوت الحموي، شهاب الدين ابي عبد الله: معجم البلدان، (بيروت: د.ت)، ج5، ص247.
4- المسعودي، ابو الحسن علي بن الحسين: مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق: يوسف اسعد داغر، (بيروت: 1981)، ج2، ص6.
5- الهمداني، ابو محمد الحسن بن احمد بن يعقوب: صفة جزيرة العرب، (ليدن: 1968)، ص1.
6- ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد: المقدمة، (بيروت: د.ت)، ص83.
7- بن بكار، ابو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله: جمهرة نسب قريش واخبارها، تحقيق: محمود محمد شاكر، (القاهرة: 1381 هـ)، ج1، ص425.
8- سورة الفيل: اية 1؛ للمزيد عن تفاصيل تلك القصة ينظر: - ابن الكلبي، هشام بن محمد بن السائب: الاصنام، تحقيق: احمد زكي، (القاهرة: 1924)، ص46، ابن هشام، محمد بن عبد الملك: السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وزميلاه، (القاهرة: 1955)، ج1، ص44؛ ابن حبيب، ابو جعفر محمد بن امية: المنمق في اخبار قريش، تحقيق: خورشيد احمد فارق، (حيدر اباد: 1964)، ص73.
9- الطبري، ابو جعفر محمد بن جرير: تاريخ الرسل والملوك، تحقيق: محمد ابو الفضل ابراهيم (القاهرة: 1962)، ج2، ص55.
10- الدينوري، ابو حنيفة احمد بن داؤد: الاخبار الطوال، تحقيق: عبد المنعم عامر، (القاهرة: 1960)، ص109،110.
11- الواقدي، ابو عبد الله محمد بن عمر بن واقد: فتوح الشام، (بيروت: د.ت)، ج1، ص95؛ السهيلي، ابو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله: الروض الانف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام، (بيروت: 1978)، ج2، ص93؛ للمزيد من التفاصيل عن إثر التدخل الاجنبي في تخريب الاقتصاد العربي قبيل الإسلام ينظر: - الدوري، عبد العزيز: مقدمة في التاريخ الاقتصادي العربي، (بيروت: 1978)، ص9، العلي، صالح احمد: محاضرات في تاريخ العرب، (بغداد: 1968)، ج1، ص95.
|
|
"تهديد صامت" قد يزيد من خطر إصابة غير المدخنين بسرطان الرئة
|
|
|
|
|
نجاح أول تجربة تجول لبعثة خاصة بالفضاء في التاريخ
|
|
|
|
|
مصور قسم الإعلام يفوز بالجائزة الذهبية في معرض الجمعية العراقية للتصوير
|
|
|