رأي المفسرين في ان الحروف المقطعة من المتشابهات التي انفرد الله سبحانه بعلمها |
1368
02:14 صباحاً
التاريخ: 2023-11-28
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-04-2015
3517
التاريخ: 26-04-2015
1482
التاريخ: 11-10-2014
1415
التاريخ: 25-02-2015
1787
|
رأي المفسرين في ان الحروف المقطعة من المتشابهات التي انفرد الله سبحانه بعلمها
إن الحروف المقطعة هي من المتشابهات التي انفرد الله سبحانه بعلمها وليس لغيره إدراكها(1) ، فالله تعالى يقول: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } [آل عمران: 7].
الجواب: لا يمكن اعتبار حروف القرآن المقطعة من المتشابهات، فالمتشابه من الآيات هو ما يمكن أن تكون له دلالة على معنى واضح، أو ما يمكن استظهار معنى منه، إلا أنه معنى باطل وهو في ظاهره حق، وفي اتباعه فتنة، والحال أن الحروف المقطعة ليست كذلك؛ فمعناها ليس واضحاً.
ولتوضيح ذلك نقول: إن كلمة «متشابه» في القرآن جاءت أحيانا بمعنى «شبيه» كقوله تعالى في الثمر: {مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} [الأنعام: 141] ؛ أي إن ثمار المزرعة الواحدة التي تنبت من نفس الأرض، وتسقى من نفس الماء، وتتلقى ذات النور والهواء والحرارة، ويرعاها نفس البستاني يتشابه بعضها ويختلف بعضها الآخر. كما جاءت بنفس هذا المعنى (الشبيه والمثل) وصفاً للقرآن كله في أوائل سورة الزمر في قوله: { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} [الزمر: 23] ؛ بمعنى أن آيات القرآن الكريم يشابه بعضها بعضا في كونها كلام حق، وفي إعجازها، وبرهانيتها، وحكمتها.
أما التشابه المشار إليه في مطلع سورة آل عمران، فهو وصف لبعض آيات القرآن، والمراد منه: أن بعض آيات القرآن تحمل عدة معان بعضها سالم، وبعضها موجب للشبهة، او بعبارة اخرى: هو معنى باطل ظاهره حق؛ ذلك أنه يشبه مراد المتكلم، لكنه ليس بمراده، وهذا هو بالضبط ما يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في وصفه للشبهة: «وإنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق»(2).
فالمتشابه بالمعنى المذكور هو من سنخ الدلالات اللفظية؛ بمعنى أن اللفظ قد يظهر تارة بمعنى حق، وقد يحتمل تارة أخرى عدة معان بعضها حق وبعضها باطل، ولما لم يكن مدلول الحروف المقطعة جلياً -كي تكون مدعاة للشبهة، ويكون اتباعها باعثاً للفتنة -فإنها لا تعد من المتشابه (الآية التي لها مدلول واضح إلاً أنه باطل ظاهره حق).
وعلاوة على ذلك، حتى لو كانت تلك الحروف من المتشابهات فهي قابلة للتفسير، ولا يمكن القول بانها من الامور التي استأثر الله تعالى بعلمها، وعجز الآخرون عن فهمها، وذلك لأن المفسرين قادرون على تفسيرها من خلال إرجاعها إلى المحكمات، فالمحكمات أم المتشابهات وهي التي تحقق الانسجام فيما بينها، وفي ظل المحكمات يرجع كل متشابه إلى معناه الحق فيقبل التفسير، وان الذي اختص علمه بالذات الإلهية المقدسة، وليس لأحد غير اله بلوغ علمه، إنما هو تأويل المتشابه لا تفسيره؛ إذ {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ... وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ...} [آل عمران: 7].
تنويه: إن الأمور التي اختص الله سبحانه وتعالى أو الأئمة المعصومون عليهم السلام بعلمها قسمان: الأول: هو العلوم التي لم يعلمها الله أو المعصومون عليهم السلام لغيرهم، ولا يستطيع الآخرون إدراكها، ولا هم مكلفون بذلك؛ مثل «الأسماء المستأثرة». بالطبع، إن في المسألة تأملاً وهو: هل إن الله عز وجل علمها للمعصومين عليهم السلام أم لا؟ ومع أن تعليمها للمعصومين عليهم السلام أولى وأصوب، إلاً أن الآخرين محرومون من تعلم مثل هذه العلوم جراء عدم استيعاب وعائهم الوجودي.
الثاني: هو العلوم التي - وإن كانت هي لله بالأصالة - إلا أنها ليست من الأسرار الإلهية الخاصة، بل إن الله أنزلها من أجل التعلم. لكن هناك سبيلاً خاصاً لتعلم تلك العلوم ومن أجل العثور على طريق تعلمها لابد من الرجوع إلى الله، والرجوع إلى الله هو رجوع إلى كتابه؛ كما أن الرجوع إلى الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) وأهل بيته(عليهم السلام)هو رجوع إلى سنتهم، ومثلما أن الرجوعين الأخيرين ملازمان لبعضهما، فإن هذين المرجعين متلازمان، وإن كان المرجع بالذات واحداً طبعاً.
فما كان علمه من الأسرار الإلهية، ولا يصل إلى غير اله أصلاً فليس بمتشابه، إذ أن تفسير المتشابه ميسور لغير الله أيضاً. والحاصل، هو أن التشابه من أوصاف الدلالة في الآيات التي لها ظهور في معنى مع كون هذا المعنى مدعاة للشبهة، في حين أنه لا ظهور أصلاً للحروف المقطعة في معنى خاص حتى تبعث على الشبهة.
_____________
1. الجامع لأحكام القرآن، مج 1، ج 1، ص 150؛ والتبيان في تفسير القرآن، ج 1، ص48؛ والبحر المحيط في التفسير، ج 1، ص158.
2. نهج البلاغة، الخطبة 38.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|