أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-01-2015
3577
التاريخ: 26-01-2015
3553
التاريخ: 29-01-2015
3399
التاريخ: 29-01-2015
3449
|
روى الخوارزمي بإسناده عن الحرث الأعور صاحب راية علي بن أبي طالب عليه السّلام ، قال : " بلغنا إنّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان في جمع من أصحابه فقال : " أريكم آدم في علمه ونوحاً في فهمه وإبراهيم في حكمته فلم يكن بأسرع من أن طلع علي عليه السّلام فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أقسمت رجلا بثلاثة من الرّسل بخِّ بخِّ لهذا الرّجل ، من هو يا رسول الله ؟ قال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أولا تعرفه يا أبا بكر ؟ قال : الله ورسوله أعلم ، قال : هو أبو الحسن علي بن أبي طالب فقال أبو بكر : بخِّ بخِّ لك يا أبا الحسن وأين مثلك يا أبا الحسن "[1].
قال العاصمي : وقعت المشابهة بين المرتضى وبين نوح صلوات الله عليه بثمانية أشياء : أوّلها بالفهم ، والثّاني بالدعوة ، والثّالث بالإجابة ، والرّابع بالسفينة ، والخامس بالبركة ، والسّادس بالسّلام ، والسّابع بالشّكر ، والثّامن بالاهلاك .
أمّا الفهم : بقول النبي عليه السّلام : من أراد إنّ ينظر إلى آدم في علمه والى نوح في فهمه فلينظر إلى علّي بن أبي طالب عليه السّلام .
وأمّا الدّعوة : فانّ نوحاً عليه السّلام دعا على قومه بعد أن أضجره شأنهم وتقرّر له اصرارهم وعدوانهم ، فقال : ( رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً )[2] فكذلك المرتضى ( رضوان الله عليه ) ، لما أضجره شنآن قومه وتكاسلهم عمّا ندبهم إليه في يوم دعا عليهم قال : اللّهم إنّ النّاس قد مللتهم وملّوني وسأمتهم وسأموني ، اللهم بدلهم منّي شرّ بدل وبدلني منهم خير بدل . . .
وأمّا الإجابة : فقوله تعالى : ( وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ )[3] ، فأجاب الله تعالى دعاء نوح عليه السّلام على قومه فأرسل عليهم الطّوفان فأغرقوا ، وكذلك المرتضى رضي الله عنه أجاب الله تعالى دعائه فسلّط عليهم غلام ثقيف ، يعني الحجّاج فقتل منهم من قتل وفعل بهم ما فعل ، كلّ ذلك عقوبة لهم بما خذلوا ولّي الله وخليفة رسوله في أهله ، وقيل أحصى ديوانه بعد موته ، فوجد فيه ثمانون الفاً قيل وكان آخر من قتل سعيد بن جبير فلم يقتل بعده أحداً لدعوة سعيد بن جبير ، فاستجاب الله دعاءه فيه ، وشغله بنفسه إلى إنّ أخرج من الدّنيا ملعوناً مذموماً . . .
وأمّا السّفينة : فقوله تعالى : ( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا )[4] إلى قوله تعالى ( ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا )[5] فمن ركب سفينة نوح نجا من الغرق ومن تخلّف عنها صار من المغرقين ، وقوله تعالى ( وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِل يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ )[6] إلى قوله تعالى ( وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ )[7]. وكذلك المرتضى رضوان الله عليه ، وأهل بيته كانوا سفينة من ركبها نجا وذلك قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح . . .
وأمّا البركة : فان الله تعالى استجاب دعاء نوح عليه السّلام في قومه وأغرقهم إلاّ ثمانين نفساً كانوا معه في سفينة من رجل وامرأة ، ففرح إبليس بذلك وظنّ إنّ بني آدم قد استؤصلوا عن آخرهم ولا يكون لهم بعد ذلك دولة ، فأكرمه الله تعالى بالبركة في أولاده حتّى ملأ الأرض بعد ذلك بمناكبها واستولوا على مسالكها ومذاهبها رغماً لا بليس وأحزابه وقهراً للشيّطان واضرابه فقال : ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ )[8] وقرئ ( وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ) بباء بعدها ألف .
فكذلك المرتضى رضي الله عنه لما قتل وسمّ الحسن وقتل الحسين في أصحابه وأولاده ولم يبق منهم إلاّ قليل ، فمنهم أسير ومنهم ذليل فرح بذلك إبليس في أحزابه من شياطين الإنس واضرابه ، وظنّوا إنّ آل الرّسول عليه وعليهم السّلام قد استؤصلوا وأهلكوا واستعجلوا فبارك الله عليهم وهم غير أولي الأمر ، وأنمى أولادهم على مرور الدّهر ، ليعلم العاقل إنّ من نصره الله فلا يخذله أحد ، كل ذلك رغما لأنف إبليس وأتباعه من الشياطين وطواغيت الإنس والملاعين ، ولو كانوا أولي الأمر وولاته ونقبائه في العالم ورعاته لما كانت الآية في تكثيرهم وانماء عددهم بالغاية في الأعجوبة والنهاية في المثوبة والعقوبة ، فانظر كيف أخذوا الأرض بأطرافها واستولوا على أكنافها وكيف سمّوا ساداتها وأشرافها ، ولو لم يكن منهم إلاّ سكان بلدة واحدة من بلدان المسلمين وقطّان كورة من كور المؤمنين لكان كافياً فيما ذكرناه ، مع كثرة ما استقبلهم من القتل والطّعن والشتم به والحبس من أيّام الأموّية ، ثمّ المروانية إلى يومنا هذا والله ولّي المحسنين . . .
وأمّا السّلام : فانّ الله تعالى اختّص رسوله نوحاً عليه السّلام بالسّلام والتحيّة ( سَلاَمٌ عَلَى نُوح فِي الْعَالَمِينَ )[9] فوجد به السّلامة والأمن والبركة في العمر والأولاد ولم يفعل كذلك لإبراهيم عليه السّلام وموسى وهارون والياس عليهم السّلام لأنّه قال : ( سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ )[10] فاكتفى بالسّلام وقال : ( سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ )[11] وكذلك قوله ( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) وعمّم سلام نوح قوله ( فِي الْعَالَمِينَ ) كأنّه جعل له بعدد كل أحد وبعدد كلّ شئ في العالم ، ومن العالم ناطق وجماد وحيوان وموات سلاماً باقياً ذلك بقاء العالمين في الدّنيا والآخرة .
وأمّا الشّكر : فانّ الله سبحانه وصف عبده نوحاً عليه السّلام بالشّكر في قوله تعالى ( إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً )[12] وذلك اعلاء لمرتبته ورفع لدرجة ، فإنّه عليه السّلام فيما استقبله من فنون البلايا والنوائب وضروب الرزايا والمصائب لم يرتض بالصّبر عليها وترك الجزع بل شكر الله تعالى على أن أكرمه بها وفضّله واختصّه بمثوباتها . . . ولا يضرّ نوحاً عليه السّلام قوله ( رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً )[13] فإنّه لم يدع عليهم إلاّ بعد أن أُوحي إليه انّه لن يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن ، فلمّا يئس من ايمانهم وأيقن بإصرارهم على عدوانهم ، دعا الله سبحانه أن يخرجهم من الدّنيا فيريح المسلمين من وبالهم ويصيروا إلى جزاء افعالهم وأقوالهم .
فكذلك المرتضى رضوان الله عليه كان فيما يستقبله من أذى . . لا يزداد إلاّ شكراً لله سبحانه وايثاراً بالموجود وتركاً لطلب المفقود ، فشكره الله سبحانه في كتابه وأثنى عليه بجميل خطابه فقال : ( وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً . . . )[14].
وأمّا الاهلاك : فانّ نوحاً عليه السّلام كان سبب هلاك قومه بأن دعا عليهم فاستجيب له فيهم وأغرقوا برمتّهم ، فكذا المرتضى رضوان الله عليه ، كان سبب هلاك القوم من بين محبّ مفرط أو مبغض مفتري . . . عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه ، قال يهلك فيّ رجلان ، محبّ مفرط ومبغض مفتري . . .
قال البياضي : " نوح نجى من ركب في سفينته ، وقد مثّل بها النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أهل بيته فنجا من تمسّك بعلّي وذريّته "[15].
عن عبيد بن عمير ، قال : " كان نوح عليه السّلام يضربه قومه حتّى يغمى عليه ، ثمّ يفيق فيقول : اللهم اهد قومي فإنّهم لا يعلمون "[16].
وكذلك صبر أمير المؤمنين علّي بن أبي طالب على ما كان يلاقيه من الأذى ، حتّى قال : " فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى " .
روى محمّد بن يعقوب الكليني بإسناده عن يوسف بن أبي سعيد ، قال : " كنت عند أبي عبد الله عليه السّلام ذات يوم فقال لي : إذا كان يوم القيامة وجمع الله تبارك وتعالى الخلائق ، كان نوح صلّى الله عليه وآله وسلّم أوّل من يدعى به فيقال له : هل بلّغت ؟ فيقول : نعم فيقال له : من يشهد لك ؟ فيقول : محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : فيخرج نوح عليه السّلام يتخطى النّاس حتّى يجئ إلى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو على كثيب المسك ، ومعه علّي عليه السّلام وهو قول الله عزّوجلّ : ( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا )[17] فيقول نوح لمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا محمّد إنّ الله تبارك وتعالى سألني هل بلّغت ؟ فقلت : نعم . فقال : من يشهد لك ؟ فقلت : محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم فيقول : يا جعفر يا حمزة ، اذهبا واشهدا له انّه قد بلّغ . فقال أبو عبد الله عليه السّلام : فجعفر وحمزة هما الشاهدان للأنبياء عليهم السّلام بما بلّغوا ، فقلت : جعلت فداك فعلّي عليه السّلام أين هو ؟ فقال : هو أعظم منزلة من ذلك "[18].
[1] المناقب الفصل السّابع ص 45 . ورواه السيد شهاب الدين أحمد في توضيح الدلائل ص 459 مع فرق يسير .
[2] سورة نوح : 26 .
[3] سورة الصّافات : 75 .
[4] سورة هود : 37 .
[5] سورة هود : 41 .
[6] سورة هود : 42 - 43 .
[7] سورة هود 42 - 43 .
[8] سورة الصّافات : 108 - 79 .
[9] سورة الصّافات : 108 - 79 .
[10] سورة الصّافات : 109 - 120 - 130 .
[11] سورة الصّافات : 109 - 120 - 130 .
[12] سورة الإسراء : 3 .
[13] سورة نوح : 26 .
[14] سورة الدّهر : 22 .
[15] الصّراط المستقيم إلى مستحقي التّقديم ج 1 ص 100 .
[16] اخبار أصبهان ج 2 ص 149 .
[17] سورة الملك : 27 .
[18] الرّوضة من الكافي ج 8 ص 267 طبع دار الكتب الاسلامية .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|