أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-4-2016
![]()
التاريخ: 29-3-2016
![]()
التاريخ: 2023-08-19
![]()
التاريخ: 30-4-2019
![]() |
بعد الانتقادات التي وجهت للنظرية التعاقدية وقصورها في تفسير العلاقة الوظيفية ، عدل الفقه والقضاء عنها لتحل محلها النظرية التنظيمية أو اللائحية التي بمقتضاها يرتبط الموظف العام بالإدارة بعلاقة قانونية ،تكون خاضعة لأحكام تشريعات الوظيفة العامة بما تفرضه عليه من حقوق والتزامات(1). فهذه الحقوق والالتزامات المتبادلة بين طرفي العلاقة القانونية محددة بنصوص قانونية خاصة بالوظيفة العامة سواء أكانت تلك النصوص قانونا تشريعيا صادرا من السلطة التشريعية ،أم نظاما أم تعليمات صادرة من السلطة التنفيذية، من دون أن يكون للموظف العام حق الاعتراض عليها طالما التزمت الإدارة بالقوانين والأنظمة التي تحكم مركزه القانوني (2).
وقد عدل القضاء الإداري في فرنسا عن تكييف العلاقة القانونية التي تربط الموظف بالدولة من العلاقة التعاقدية إلى الأخذ بالمنطلق والفكر الجديد القائم على اعتبار علاقة الموظف العام بالدولة هي علاقة تنظيمية ، وهذا ما ظهر في حكم مجلس الدولة الذي صدر بتاريخ 22/10/1937 ،والذي جاء فيه( إن قبول الموظف لتقليد الوظيفة المعين بها يتضمن خضوعه لكل الالتزامات من ضرورة سير المرافق العامة وتنازل عن ما من كل شانه التعارض مع استمرار الأساسي لسير الحياه الوظيفية بالأضراب العام ولا يرتكب العاملون في المرافق العامة خطأً فرديا بل يخضعون دائما أنفسهم إلى العمل الجماعي المنصوص عليه بالأنظمة والتشريعات النافذة والصادرة من الإدارة العامة لضمان حقوقهم اتجاه الإدارة العامة (3).
وهذا ما استقر عليه الفقه الفرنسي على الأخذ بهذه النظرية لتحل محل النظرية التعاقدية في تفسير علاقة الموظف العام بالدولة .
وهذا ما أخذ به كذلك المشرع الفرنسي بهذه النظرية، وأقر المركز التنظيمي للموظف في نص المادة (الخامسة ) من نظام الخدمة الفرنسي الأول والصادر بتاريخ 19/10/ 1946الذي نص على أن الموظف يشغل مركزاً نظاميا ولأئحيا تجاه الإدارة العامة (4).
وكذلك أخذ بهذه النظرية المشرع المصري ونص عليها في قانون الوظائف العامة المرقم (210) والصادر لسنة (1951) والقوانين والأنظمة الصادرة بعد ذلك، ومنها قانون رقم(47) لسنة (1978) في نص المادة (76) والتي نصت( الوظائف العامة تكليف للقائمين بها هدفها خدمة المواطنين تحقيقا لمصلحة العامة طبقا للقوانين واللوائح والأنظمة الصادرة)(5 )
أما في لبنان فقد اتجه مجلس شورى الدولة إلى تقرير الطبيعة التنظيمية للعلاقة الوظيفية في إحدى أحكامه بأنه ( وضع الموظف العام في الدولة ليس وضع التعاقد الذي تسوده قواعد الحق الخاص بل أنه وضع قانوني تنظيمي) كما أن المرسوم الاشتراعي المرقم 12لسنة 1959 والخاص بالموظفين قد نص على مركز الموظف العام أنه تنظيمي من خلال نص (المادة الثانية) منه (6).
أما في الأردن فأن المشرع الأردني لم يتعرض لتكيف العلاقة القانونية بين الموظف والدولة بل ترك ذلك للفقه والقضاء ،وان القضاء الاردني كان صريحا و واضحا على أن علاقة الموظف بالدولة هي علاقة تنظيمية وأن الدولة لها الحق دائما في تعديل هذه العلاقة التنظيمية حسب ما تقتضيه المصلحة العامة ،وهذا ما أكدته محكمة العدل العليا في إحدى قرارتها في 7/10/ 1952 ، وعلى المسار نفسه أخذت محكمة التمييز الأردنية في إحدى أحكامها على أن ( علاقة المستخدم لدى وزارة الاشغال براتب شهري مقطوع من مخصصات المشاريع هي علاقة تنظمية بالحكومة ولا علاقة تعاقدية و بالتالي تكون خاضعة لأحكام نظام الموظفين)(7).
أما في العراق فأن المشرع العراقي لم ينص صراحة على طبيعة علاقة الموظف العام بالدولة ، ولكن يمكن أن نستخلص من قوانين الخدمة المدنية وقوانين الانضباط العام ما يؤكد وبشكل صريح على أن الرابطة الوظيفية بين الموظف العام والإدارة هي رابطة تنظيمية وليست عقدية تحكمها الأنظمة والتشريعات الخاصة بالوظيفة العامة، وهذا ما أخذت به محكمة التمييز العراقية في إحدى قرارتها (8).
فالذي يستبان مما تقدم أن علاقة الموظف بالدولة هي علاقة تنظيمية قانونية ، ويترتب على تلك العلاقة عدة نتائج وآثار قانونية نبينها في ما يأتي:
1- لا يملك الموظف حق مناقشة الادارة في شروط و أوضاع الوظيفة وفي حقوقه والتزاماته فهي موضوعة ومقررة بمشيئة الادارة ومن دون أخذ رأي وموافقة الموظف العام .
2- تلتزم الادارة بمنح الموظف الحقوق والامتيازات كافة المقررة له أو لأمثاله من الموظفين في القوانين والأنظمة، كما تلتزم بعدم فرض واجبات والتزامات عليه، تختلف عن تلك المحددة في القوانين والأنظمة كما تلتزم بعدم فرض واجبات اضافية تختلف عن واجبات الموظفين المنتمين إلى الفئة الوظيفية نفسها (9).
3- ليس للموظف الادعاء بأن له حقوق مكتسبة ناشئة عن وظيفته فالسلطة المختصة لها الحق في أن تخضع الموظف لأي مركز قانوني يقتضيه الصالح العام ، ويسري ذلك على الموظف بأثر حال من دون الادعاء بوجود حقوق مكتسبة من قبل الموظف العام (10).
4- يملك المشرع وحدها وفي أي وقت، حق تعديل التشريعات والأنظمة الوظيفية ، وبالتالي لها الحق في تعديل حقوق واجبات الموظفين سواء تم ذلك من خلال زيادة أو انقاص حقوقهم أو واجباتهم، ويسري مفعول التعديل على الموظفين، سواء تم تعيينهم قبل أو بعد نفاذه، ولا يحق للموظف في مطلق الأحوال الاحتجاج بمبدأ عدم رجعية القوانين أو تتذرع بمبدأ الحقوق المكتسبة(11) ، إلا أن سلطة التعديل هذه ليست مطلقة بل مقيدة في عدة قيود أهمها:
أ- أن تقوم السلطة أو المرجع نفسه الذي يقوم بوضع التشريع أو التنظيم الوظيفي بإجراء التعديل اللازم عليه بشرط اتباع الشكليات المنصوص عليه في تلك التشريعات أو التنظيمات.
ب- يجب أن يرتكز التعديل الوظيفي على المصلحة العامة بعيدا عن كل بواعث شخصية ، وعن أي نفع يعود على فرد أو مجموعة معينة من الأفراد.
ج- ألا يكون للتعديل مفعول رجعي، بل يجب حصر مفعوله بالمستقبل، ووضعه موضع التطبيق اعتبارا من تاريخ نفاذه أو في أي وقت لاحق (12).
5- إذا كان الموظف العام يشغل مركزاً تنظيمياً عاما، فذلك يعني أن مضمون هذا المركز التنظيمي يكون موحدا لجميع الموظفين فلا تستطيع الادارة أن تبرم اتفاق خاص تنقص من حقوق الموظفين أو تزيد من أعبائهم ، فذلك يعتبر باطلا لأن القواعد الخاصة بالتشريعات الوظيفية تعتبر من النظام العام ،وبالتالي يترتب على ذلك أي اتفاق خلاف ذلك يكون غير ذي قيمة قانونية وبالتالي لا يمكن الاحتجاج به(13).
6- ليس للموظف العام أن يقوم بالإضراب عن العمل أثناء الدوام الرسمي، الأ بالحدود التي يرسمها القانون حيث يعد ذلك إخلالا بانتظام سير المرفق العام ، مما حدا ببعض الدول بأن لا تكتفي فقط بالمعاقبة على هذا الفعل انضباطيا بل عدته فعلا غير مشروع ،يعاقب عليه القانون الجنائي، وهذا ما أخذ به المشرع العراقي في قانون العقوبات العراقي النافذ والمرقم (111) لسنة (1969) وذلك في المادة 364 والتي نصت على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين كل موظف يترك عمله لو بصورة استقالة أو ممتنع عمدا عن اداء واجباته الوظيفية متى كان ذلك من شأنه يجعل حياه الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر أو كان من شان ذلك أن يحدث اضطرابا أو فتنة بين الناس أو عطل في مرفق عام ).
وقد عدت المادة نفسها ظرفا مشدد وقوع الفعل من ثلاثة أشخاص أو أكثر، وكانوا متفقين على ذلك ،غير أن قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 الصادر بعد احتلال العراق عام 2003 اعتبر الأضراب عملا سليما وجائزا للموظف ، ولكن بشروط وضوابط معينة (14).
7- إن الوظيفة مساهمة اختيارية في تسير المرافق العامة ،وبالتالي فلا يلزم أحد رغم أرادته أن يكون موظفا عاما، وإن كان قرار التعيين قراراً فرديا، فالقانون يعتبر قرار التعيين قراراً فرديا معلقا على شرط فاسخ هو رفض الشخص المعين للوظيفة او عدم قبوله بها، ويبقى التعيين منتجا وقائما لأثاره كافة طالما لم يتحقق الشرط الفاسخ ،كما أنه لا يجوز سحب أو الغاء قرار التعيين إلا إذا توفرت شروط إلغاء القرارات الادارية ،أما إذا أعلن الموظف صراحة أو ضمناً رفض قرار التعيين بانقضاء المدة المحددة له قانونا فأن الشرط الفاسخ يكون قد تحقق (15).
8- إن القرارات التي تصدرها الإدارة بشأن الموظفين كقرارات التعيين والترفيع والنقل وإنهاء الخدمة ،هي قرارات إدارية ، تكون صادرة من جانب واحد، هو الإدارة وبإرادتها المنفردة من دون قبول من الموظف المعني (16).
9- يختص القضاء الإداري في الدول التي تعتمد نظام القضاء المزدوج ،بفصل المنازاعات الناشئة عن رابطة الموظف بالدولة باعتبارها من روابط القانون العام ، وللموظف حق مراجعة القضاء الإداري لحمايته من أي عمل قد يصدر عن الإدارة ويؤدي إلى الإضرار به ، أما الدول التي تعتمد نظام القضاء الموحد يكون القضاء العادي هو المرجع الفصل في المنازعات الإدارية (17).
______________
1- ينظر :د. محمد فؤاد مهنا ،سياسية الوظائف العامة ضمن مبادى علم التنظيم ،دار المعارف،الاسكندرية،1967،ص527.
2- ينظر :د. علي خطار شطناوي ، القانون الإداري الأردني ، الكتاب الثاني ، ط1، دار الوائل للنشر، 2009 ،ص26
3- ينظر: د. ماجد راغب الحلو ، القضاء الإداري ، الاسكندرية ،دار المطبوعات الجامعية، 1995 ،ص177.
4- ينظر: د .علي خطار الشطناوي، مرجع سابق،ص27.
5- ينظر: د. محي الدين القيسي، مبادئ القانون الاداري ، بيروت ، الدار الجامعية،1985 ،ص215.
6- ينظر : د. موريس نخلة ،شرح قانون الموظفين ،الجزء الاول ،دار المنشورات الحقوقية ،بدون تاريخ ،ص 26ومابعدها.
7- ينظر :الى قرار محكمة العدل العليا الاردني في 7/10/1952 والمنشور في مجلة نقابة المحامين عام 1953،ص50.
8- ينظر الى :.قرار محكمة التمييز الصادر في 20/11/1979 الذي نص فيه (ان علاقة المميز عليه بالمميز اضافة الى وظيفته من تعينه الى تاريخ انهاء خدمته هي علاقة تنظيمية).
- قرار مجلس الانضباط العام رقم 162/71/في 11/12/1971 جاء فيه(لا يجوز للموظف الاعتراض على الغاء امر نقله : لأنه علاقته بالحكومة هي علاقة تنظيمية) بحث منشور في مجلة ديوان التدوين القانوني /العدد الاول/وزارة العدل/السنة الثانية/1972/ص112.
9- ينظر: د. فوزي حبيش، الوظيفة العامة وادراة شؤون الموظفين،ط4،مطبعة الصادر،2008،ص51.
10- ينظر: د. مهدي حمدي الزهيري ، اثر الجريمة التي يرتكبها الموظف العام في انهاء علاقته بالوظيفة ، رسالة دكتواره مقدمة إلى كلية القانون ، جامعة بغداد ،2004 ،ص21.
11- ينظر :د. عبد الحميد كمال الحشيش، دراسات في الوظيفة العامة في النظام الفرنسي القاهرة ، دار النهضة العربية ، بلا تاريخ ،ص116.
12- ينظر ،د. علي خطار شطناوي ، القانون الإداري الأردني ، الكتاب الثاني ، ط1، دار الوائل للنشر، 2009 ،ص28.
13- ينظر :. علي خطار شطناوي ، القانون الإداري الأردني ، الكتاب الثاني ، ط1، دار الوائل للنشر، 2009 ،ص28ومابعدها.
14- ينظر :د. مهدي حمدي الزهيري ، اثر الجريمة التي يرتكبها الموظف العام في انهاء علاقته بالوظيفة ، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون ، جامعة بغداد ،2004،ص22.
15- ينظر :د. فوزي حبيش ، الوظيفة العامة وادارة شؤون الموظفين، ط4،مطبعة الصادر، بيروت، 2008 ،ص 54.
16- ينظر : فوزي حبيش ، الوظيفة العامة وادارة شؤون الموظفين، ط4،مطبعة الصادر، بيروت، 2008 ،ص55.
17- ينظر: د. علي خطار الشطناوي، مرجع سابق،ص30 .
|
|
لخفض ضغط الدم.. دراسة تحدد "تمارين مهمة"
|
|
|
|
|
طال انتظارها.. ميزة جديدة من "واتساب" تعزز الخصوصية
|
|
|
|
|
مشاتل الكفيل تزيّن مجمّع أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) بالورد استعدادًا لحفل التخرج المركزي
|
|
|