أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-6-2021
2219
التاريخ: 2024-07-08
614
التاريخ: 31-3-2016
5158
التاريخ: 2024-04-07
970
|
من أجل ايضاح مفهوم التحقيق الإداري وأساسه سنبحث كل واحد منهما على حدة وعلى النحو الآتي :
أولا : تعريف التحقيق الإداري :
يعرف التحقيق الاداري أنه هو إجراء تمهيدي ، تقوم به السلطة المختصة بالتحري عن التهمة المسندة الى الموظف ، وهو يتضمن مجموعة من الأسئلة المحددة تتعلق بالمخالفة التي أسندت إليه ، وعن طريق مناقشته بما انسب إليه من أجل استخلاص الأدلة المادية المؤيدة لإدانته بهدف الوصول إلى الحقيقة (1).
كما يعرف أيضا أنه هو وسيلة لاستبيان الحقيقة، في نسبة الاتهام إلى المحال للتحقيق أو نفيه عنه وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات والضمانات التي أوجبها القانون واستقر عليه القضاء، فهو أجراء حتمي سابق على توقيع الجزاء وبالتالي أي إجراء من دونه يكون باطلاً (2).
كما يعرف أنه هو اجراء قانوني أولي تقوم به السلطة المختصة بالتحقيق بهدف الكشف عن حقيقة ارتكاب الموظف المتهم عن المخالفة ، والوصول إلى معاقبة مرتكبها في حال ثبوتها (3).
ومن الملاحظ نجد في جميع التشريعات المقارنة لم تضع تعريفا محدداً للتحقيق الاداري، وإنما تركت للفقه والقضاء ذلك المجال ،وهذا مسلك حميد لما يترتب عليه وضع تعريف في النص القانوني وعلى الرغم أن المشرع العراقي لم يضع تعريفا للتحقيق الإداري الأ أنه وضع جملة من الضوابط التي يجب أن تتبع في التحقيق ، وبالرجوع إلى المادة العاشرة من قانون انضباط موظفي الدولة لسنة 1991 إذ نصت الفقرة الأولى منه على كيفية تشكيل لجنة تحقيقية تتولى التحقيق (4).
أما في التشريع المصري فأنه نص على ضمانة التحقيق الإداري من خلال نص المادة 83 من قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978 والتي نصت على ( لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه والاستماع إلى أقواله وتدوين إفادته واحضار الشهود والوثائق والأشياء التي لها علاقة بالمخالفة المسندة إليه ) (5).
وقد أشارت كذلك المحكمة الإدارية المصرية العليا إلى ضمانة التحقيق في عدة أحكام لها بهذا الخصوص حيث اعتبرت من ذلك من مقتضيات حق الدفاع من أجل تقديم ما لديه من أدلة لإثبات براءته (6).
ويأتي التحقيق الإداري كمرحلة سابقة وتمهيدية على توقيع جزاء الإقصاء ،مما يعني أنه هو ضمانة سابقة على ايقاع جزاء الإقصاء ،وبالتالي يترتب على عدم التحقيق مع الموظف قبل اقصائه هو بطلان هذا الجزاء ،وهذا ما سار عليه مجلس الانضباط العام العراقي في أحد قرارته التي نص على ضرورة أن يكون هناك تحقيق إداري مع الموظف المراد اقصاءه (7).
وللتحقيق الإداري عدة مزايا وفوائد ، وأهمية سواء أكانت للموظف أم الإدارة أو المجتمع ، فبالنسبة للموظف تظهر أهميته في كونه الوسيلة التي يتم من خلالها التعرف على حقيقة ارتكابه للمخالفة الانضباطية المنسوبة اليه ، والتعرف على شركائه الآخرين أن وجدوا والكشف عن مخالفات اخرى التي قد ترتبط بالمخالفة التي يجري التحقيق فيها وهو ما يجعل من التحقيق ضمانة تحول من دون الفرض الكيفي والارتجالي للعقاب الانضباطي كونه إجراء اوليا وسابقا عن الجزاء (8).
أما أهميته بالنسبة للإدارة تتجلى في كون أن الموظف العام هو الركيزة الاساسية في الوظيفة ، فهو العقل المدبر لها وساعدها المنفذ، من أجل ذلك لابد من ضمانات وحماية للموظف .
كما أن التحقيق يضمن ويجعل السلطة القائمة بالتحقيق تتصرف بعقلانية على وفق معلومات صحيحة ودقيقة مما يضمن العدل والانصاف في التحقيق ، و يؤدي إلى شعور الموظف بالحيدة والطمأنينة في حقوقه حتى وإن ارتكب المخالفة (9).
أما أهميته للمجتمع تكمن من خلال في أن الكشف عن حقيقة ارتكاب المخالفة الانضباطية من خلال هذا التحقيق سيجعل الإدارة في نظر المجتمع إدارة نزيهة وقادرة على تحقيق مهامها المنوطة بها ، كما أن التحقيق الإداري يؤدي بذلك إلى أفضل خدمة يمكن أن تقدمها الإدارة للمجتمع، وهو ما يقوي ثقة المجتمع بالإدارة وأشخاصها ،وهذا ما يسير عليه مجلس الانضباط العام العراقي ويؤكد ضرورة التحقيق (10).
ثانيا: الأساس القانوني والدستوري للتحقيق الإداري :
إن أهمية التحقيق الاداري له أسس دستورية وقانونية، سواء كانت منصوص عليها صراحة في الدساتير أو اتصالها بالمبادئ العامة للقانون والمتمتعة بقوة النص ، وقد يكون الأساس الذي يستمد منه التحقيق اي الغطاء القانوني هو الدستور أو التشريع العادي أو القرارات التنظيمية أو العرف الاداري أو المبادئ العامة للقانون (11).
ففي العراق نصت الدساتير المتعاقبة على التحقيق وعلى سبيل المثال دستور 1970 الملغي في المادة 20 منه على أن حق الدفاع هو حق مقدس في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة على وفق أحكام هذا القانون ، وكذلك الدستور الحالي النافذ لسنة 2005 في المادة 19 منه حيث نصت على ضمانة التحقيق (12).
أما بالرجوع إلى قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام النافذ لسنة 1991 باعتباره هو التشريع المنظم للإجراءات التأديبية بشكل عام فقد نص على ضرورة اجراء التحقيق الإداري مع الموظف قبل اتخاذ أي إجراء أو جزاء بحقه وبالتالي يجب على الإدارة أن تتقيد بهذا الضمان، ولا يجوز أن تقصي أي موظف مالم يتم التحقيق معه على اعتبار أن الأحكام التي تنص على التحقيق الإداري هي أحكام من النظام العام وبالتالي لا يجوز مخالفتها على الرغم من أن المادة (62) من قانون الخدمة المدنية لسنة 1960 العراقي التي عالجت موضوع الإقصاء لم تنص على إجراء التحقيق الإداري قبل الإقصاء، إلا أن هذا الاجراء هو مبدأ عام تقتضيه العدالة في كل محاكمة سواء أكانت جنائية ام إدارية من دون الحاجة الى نص خاص عليه ، وهذا ما سار عليه مجلس الانضباط العام في كثير من أحكامه بخصوص الإقصاء (13). وكذلك محكمة القضاء الإداري (14).
أما في مصر فأن الدستور المصري لسنة 1971 الملغي نص على التحقيق قبل فرض العقوبة على الموظف (15).
وبالرجوع إلى قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 فقد نص على التحقيق الإداري في المادة (79) منه والتي نصت على ( لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع اقواله).
يتبين من النص أعلاه أن التحقيق هو أمر واجب سواء تم من قبل النيابة العامة أو الجهة الرئاسية (16).
كما أن المحكمة الإدارية العليا نصت على التحقيق السابق على المحاكمة التأديبية ففي حكم لها في 24/3/1956 نصت على أنه إذا لم ينص القانون في بعض المحاكمات التأديبية على ضرورة اجراء التحقيق قبل المحاكمة ، ذلك لا يمنع مثل هذا الإجراء والذي تقتضيه العدالة كمبدأ عام في كل محاكمة وبالتالي متى ما تم هذا الأجراء فلا سبيل إلى انكار قيامه أو اهدار أثره على اعتباره هو جزاء ضروريا من المحاكمة التأديبية وأي اغفال عكس ذلك يكون الحكم معيباً بعيب جوهري في الشكل (17).
_____________
1- يعرف التحقيق لغة: بانه هو المبالغة في الاتيان بالشيء على حقيقته من غير زيادة فيه ولا نقص عنه فهو بلوغ حقيقة الشيء والوقوف على كنهه والوصول إلى نهاية شأنه وأصل كلمة تحقيق في اللغة هي حقًق وحققه اي أكده والمحقق محكم منظم وأحق الأمر أي أوجبه وصيره حقا لا يشك فيه .
2- ينظر: د. عبد العزيز عبد منعم خليفة، الموسوعة الإدارية الشاملة الجزء الثالث ضمانات تأديب الموظف العام ،منشاة المعارف، الاسكندرية: بلا تاريخ ، ص101.
3- ينظر: د. عمار عباس الحسيني، دليل الموظف والإدارة إلى التحقيق الإداري وإجراءاته ،مكتبة السنهوري ، بغداد،2014، ص11.
4- ينظر: احمد محمود احمد الربيعي، التحقيق الاداري في الوظيفة العامة، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الحقوق جامعة الموصل،2003،ص7 وما بعدها.
5- ينظر: د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة، مرجع سابق،ص110.
6- ينظر: قرار المحكمة الادارية العليا، طعن رقم 404 لسنة 23ق جلسة في 1/12/1979.
7- ينظر: قرار مجلس الانضباط العام العراقي رقم 711/2012 في 29/5/2012.
8- ينظر: د. عمار عباس الحسيني، مرجع سابق، ص12.
9- ينظر: احمد محمود احمد الربيعي، مرجع سابق، ص 8.
10- ينظر: قرار المجلس بأن مفاجأة الموظف بتوقيع اي جزاء من دون اجراء تحقيق معه يجعل العقوبة المذكورة باطلة مما يستوجب الغاءها / قرار المجلس المرقم 19/2001 والمؤرخ في 15/2001 وهو غير منشور.
11- ينظر: كوثر حازم سلطان ، امتيازات الموظف العام واثرها في زيادة فاعلية الإدارة ، رسالة ماجستير مقدمة الى جامعة بغداد كلية القانون، 2000،ص 137 وما بعدها.
12- انظر: الى الفقرة ثانية من المادة 20 من الدستور العراقي لسنة 1970، والفقرة ثانية من المادة 19 والمادة 22 في فقرتها اولا – ثانيا- ثالثا من الدستور العراقي لسنة 2005 التي تنص في جميعها على ضرورة إجراء التحقيق قبل فرض أي جزاء.
13- انظر: إلى قرار محكمة القضاء الموظفين الدولة العراقية في 18/3/2014 رقم القرار 232/2014 الذي نص على اقصاء موظف عام وتبين من وقائع الدعوى ان هناك تحقيقا اداريا قبل الاقصاء .
وكذلك قرار مجلس الانضباط العام في قراره في 29/5/2012 رقم القرار 711/انضباط 2012.
14 - انظر: قرار محكمة القضاء الإداري العراقية في حكمها 13/11/2012 الخاص با قصاء مدير ناحية بغداد الجديدة وتبين من وقائع الدعوى أن اللجنة المشكلة قامت بالتحقيق الاداري مع مدير الناحية قبل الإقصاء .
15- انظر: المادة 14 من الدستور المذكور((الوظائف العامة هي حق للمواطنين وتكليف القائمين بها في خدمة الشعب وتكفل الدولة حمايتهم وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي إلا في الاحوال التي يحددها القانون.
16- ينظر: د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة ، مرجع سابق، ص110.
17- ينظر: د. عثمان خليل ، مجلس الدولة ، دراسة مقارنة ، الطبعة الرابعة ، 1956، ص228 و229.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|