أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-8-2020
2039
التاريخ: 25-2-2016
1472
التاريخ: 4-5-2017
1873
التاريخ: 2023-04-06
1139
|
لطالما كان علم الكونيات معنيًّا بمحاولات الإنسان فَهْمَ الكون من حوله وعلاقته به. ومع تطور الدراسة العلمية للكون، أخذ دور الإنسان يتضاءل فوجودنا يبدو أمرًا عارضًا، غير مخطط له، وناتجا ثانويا للغرض الذي بني الكون للوفاء به، بغض النظر عن ماهية هذا الغرض. لكن هذا التفسير خضع مؤخرًا للتحدي من جانب فكرة مقترحة يطلق عليها «المبدأ الإنساني» تقضي بأنه قد يكون هناك، على أي حال، رابط عميق بين وجود الحياة وبين الآليات الفيزيائية الأساسية التي تحكم الكيفية التي يتطور بها الكون. كان براندون كارتر أول من أضاف كلمة «الإنساني» إلى «المبدأ الكوني» المعتاد؛ وذلك للتأكيد على حقيقة أن كوننا «خاص»، على الأقل من حيث إنه سمح لحياة ذكية بأن تتطور داخله.
هناك نماذج كونية صالحة أخرى لا تتوافق مع حقيقة وجود البشر الراصدين. على سبيل المثال، كلنا يعرف أن العناصر الثقيلة كالكربون والأكسجين أساسية للتركيب الكيميائي المعقد الذي تتطلبه الحياة الأرضية كي تتطور. كما أننا نعرف أن هناك حاجة لمرور نحو 10 مليارات عام من التطور الكوني كي تخلق أجيال من النجوم كميات كافية من هذه العناصر الثقيلة من الغاز البدائي المكوّن من الهيدروجين والهليوم، الذي كان موجودًا في المراحل المبكرة لنموذج الانفجار العظيم ومن ثم نحن نعرف أنه لم يكن بمقدورنا أن نستوطن كونًا يقل عمره عن 10 مليارات عام. وبما أن حجم الكون مرتبط بعمره ما دام الكون آخذا في التمدد، فيُلقي هذا الحِجَاج المنطقي بعض الضوء على مسألة السبب وراء أن الكون على الحجم الذي هو عليه. فلا بد أن يكون الكون كبيرًا؛ لأنه من الضروري أن يكون كبير العمر كي يتوفر لنا الوقت الكافي كي نتطور داخله. هذا النوع من التفكير المنطقي يُطلق عليه عادةً اسم المبدأ الإنساني «الضعيف»، ويمكن أن يؤدي إلى أفكار مفيدة بشأن الخصائص التي قد يملكها كوننا فقط بفضل وجودنا داخله.
سعى بعض علماء الكونيات إلى بسط المبدأ الإنساني لما وراء ذلك. فرغم أن النسخة الضعيفة من هذا المبدأ تنطبق على الخصائص المادية لكوننا على غرار عمره وكثافته وحرارته، فإن المبدأ الكوني «القوي» يتعلق بقوانين الفيزياء التي وفقًا لها تطورت هذه الخصائص. فيبدو أن هذه القوانين مضبوطة بدقة بحيث تسمح بوجود العمليات الكيميائية المعقدة التي بدورها تسمح بالتطور البيولوجي، ومن ثم بتطور الحياة البشرية في النهاية. فلو كانت قوانين الكهرومغناطيسية والفيزياء النووية مختلفة اختلافا طفيفا عما هي عليه، لكانت العمليات الكيميائية والحيوية مستحيلة من الظاهر تبدو حقيقة أن قوانين الطبيعة تظهر وكأنها مضبوطة على هذا النحو؛ كأنها محض مصادفة؛ بمعنى أنه لا يوجد في فهمنا الحالي للفيزياء الأساسية ما يحتّم أن تتسبب هذه القوانين في ظهور الحياة على هذا النحو. ومن ثم حري بنا تفسير هذا الأمر.
في بعض نسخ المبدأ الإنساني القوي، يستند المنطق أساسًا إلى فكرة الغائية؛ فقوانين الفيزياء على النحو الذي هي عليه لأنها «يجب أن تكون كذلك كي تتطور الحياة. وهذا معادل لاشتراط أن يكون تطور الحياة هو نفسه أحد قوانين الطبيعة، وأن قوانين الفيزياء الأخرى المألوفة بدرجة أكبر تابعة لهذا القانون وهذا المنطق يروق للبعض من ذوي النزعة الدينية في التفكير، بيد أن منزلته بين العلماء يشوبها الجدل عن حقٌّ؛ إذ إنه يقترح أن الكون صُمِّم تحديدًا كي يلائم الحياة البشرية.
ثمة بناء بديل للمبدأ الإنساني القوي – وعلى الأرجح أكثر التزامًا بمبادئ العلم ‒ يتضمن فكرة أن كوننا قد يتكون من تجميعة من أكوان صغيرة، وكل واحد منها له مجموعة من قوانين الفيزياء تختلف عن غيرها. قد ينتج هذا عن نظرية موحدة، ينكسر فيها تناظر الطاقات العالية بصور مختلفة في بقاع مختلفة من الكون. ومن الجلي أننا تطورنا فقط في أحد الأكوان الصغيرة الملائمة لتطور الكيمياء والبيولوجيا العضوية، ومن ثم ليس علينا أن نندهش حين نجد أنفسنا في كون تبدو قوانين الفيزياء الجوهرية الخاصة به وكأنها تملك سمات خاصة. وهذا يقدم تفسيرًا ما للخصائص التي تبدو في ظاهرها مفاجئة لقوانين الطبيعة المذكورة سابقًا. ليس هذا تفسيرًا غائيًّا؛ نظرًا لأن قوانين الفيزياء يمكن أن تتباين على نحو عشوائي من كون صغير إلى آخر.
هذه النسخة من المبدأ الإنساني تثير الجدل وهذا عن حق، لكنها على الأقل تفرق بين «الكيفية» التي تطور بها كوننا و«السبب» الذي تطور من أجله. ولا يزال علينا الانتظار حتى نرى هل بمقدور علم الكونيات تفسير الحال الذي يوجد عليه الكون، لكننا بالتأكيد قطعنا شوطاً عظيمًا على طريق فهم ما يحدث وكيفية حدوثه.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|