أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-21
287
التاريخ: 2023-05-07
2071
التاريخ: 2023-12-11
1327
التاريخ: 2024-07-30
460
|
بعد ما عرفنا أهمية السياق في إنتاج الدلالة، وينبغي لنا أن نبرهن على أثر السياق في الجملة. وهاهنا برهانان:-
1- برهان تعدد الوجوه:
إن أية جملة متكونة من عدة إشارات – وهي الكلمات التي تكونها – وإذا ما رصفت في اتجاه معين أعطت دلالة معينة، ثم أن نفس هذه الإشارة إذا ما صيغت بسياق آخر انتجت دلالة أخرى وهكذا تتعدد دلالات الإشارة حسب السياق المنتج لها، ولكن لا يمكن إعطاء جميع الدلالات في آن واحد وسياق واحد للتمانع بل إن كل سياق ينتج دلالة واحدة (أي يثبت وجهاً واحداً) وينفي الوجوه الأخرى المحتملة (السياقات الأخرى)، ولنعطي الآن مثالاً ولنأخذ كلمة (ضرب) ونعدد سياقاتها لتنتج عدة دلالات من خلال عدة سياقات فالسياق يوظف المعاني المتعددة المخزونة في المفردة كل في مسلكها فهو صانع للمعنى، وقرينة على المراد ومانع من الانصراف إلى المعنى الآخر فمثلاً.
* ضرب عمروٌ زيداً: الضرب المعروف
* ضرب أخماسها بأسداسها: دليل تحيره.
* ضرب لنا مثلاً: أي وصف لنا مثلاً.
* ضرب في الأرض: أي طلب الرزق من خلال التجوال والسفر.
* ضرب عنه ذكراً: أعرض عنه.
* ضرب الرقاب: القتل.
* ضرب الدفوف والمزامير: العزف.
* ضرب مع شريكه في السوق: أي شاركه بالمضاربة.
* ضرب الموعد: ألغاه.
* ضرب موعداً: عين وقتاً.
وهكذا نلحظ عشرة وجوه لـ(ضرب) على سبيل المثال ولعل فيها ما يمكن أن يستجد ضرب: الضرب، الحيرة، وصف، طلب الرزق، أعرض عنه، القتل، العزف، المضاربة، ألغى، عين الوقت.
حيث جاءت كلمة (ضرب) في عشرة سياقات مختلفة لنحصل على عشرة وجوه مختلفة، كل سياق منها يرجح وجهاً واحداً ويقلل باقي الوجوه المحتملة، فعمل السياق عملين في آن واحد تقررها سلطته على النص فسلطة السياق هي سلطة إثبات ونفي فهو يظهر وجوهاً ويطمس أخرى.
إذ لكل سياق قرينته الحاكمة على المعنى. ولقد أجمع الأصوليون والبلاغيون أن القرينة هي التي تعين المجاز، حتى إننا نجد أن الحقيقة احتاجت أن تعيينها القرينة أيضاً، إلا إننا لا نشعر ربما بوجودها لكثرة الاستعمال والاعتياد عليها لا سيما مع التسليم بأن التبادر علامة الحقيقة فحقيقة الصلاة الدعاء ولكن لتقادم المعنى الشرعي صار المعنى الحقيقي للفظ هو الذي يحتاج إلى القرينة، وكذا الزكاة والصيام والتيمم.. الخ.
لذلك يصح القول أن المجاز والحقيقة يخلقهما السياق الذي يقوم بمهمة القرينة.
وبعد هذا البرهان يمكن أن نطبق ذلك على كل المفردات: (أكل، أخذ،...)
2- برهان بتر الكلام:
المقصود بهذا العنوان أننا نشاهد في حوارنا اليومي أن بعضهم يحاول أن يجيب قبل أن يتم الآخر كلامه وكأنه فهم المراد كاملاً وهناك حالة أخرى يخطئ فيها المقاطع فهم الكلام بسبب أن هذا السياق المبتور مفتوح على ظهورات عدة، ومن هنا يحصل سوء الفهم أحياناً لدى المحاورين كافة ولذلك فإن بتر الكلام يدل على أن الكلمة لا يمكن تحديد معناها حتى تكتمل مكونات السياق وتستوفي الجملة معناها كاملاً وإلا فإن الكلام المبتور يبقى متعدداً في دلالته بشكل محدود في تردده بين الوجوه المحتملة، وهذا التعدد الدلالي يجعل إشارات اللغة كلها ذات وجوه فهي مشتركة.
ولنضرب مثالاً على هذا البرهان:
1-كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) لو بترت لأصبحت كلمة كفر (لا إله).
2-قوله تعالى {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّين الَّذينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُون}[1] فلو بترنا السياق لصار الكلام {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّين} وهذا يغير المعنى بشكل أساسي ولولا سلطة السياق التي لها القدرة على توجيهه المعنى وإتمامه لأعطى فهماً آخر.
3-ما يقوم به المتخاصمون من اجتزاء الكلام ليتصيدوا به المثالب على خصومهم ما هي إلا عملية بتر السياق وهذا مثال وجداني يمارسه الكثيرون لا سيما في الجدال.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|