عدد المصاحف العثمانية
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص142 - 144
2025-07-01
700
أما عدد المصاحف التي نسخها عثمان فذلك ما اختلف فيه المؤرخون وإليك أشهر الأقوال:
1- قال أبو عمر الداني في (المقنع في رسم القرآن) وهو من علماء القرن الرابع الهجري توفي سنة 444 هـ قال: أكثر العلماء إن عثمان لما كتب المصاح جعلها أربع نسخ وبعث إلى كل ناحية واحدا: الكوفة والبصرة والشام وترك واحدا عنده [1] وبمثل ذلك أخرج ابن أبي داود من طريق حمزة الزياتي.
2- قال السيوطي: اختلف في عدة المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الآفاق فالمشهور أنها خمسة.
3- قال أبو عبد الله الزنجاني: وكتب عثمان مصحفا لنفسه ومصحفا لأهل المدينة ومصحفا لأهل مكة ومصحفا لأهل الكوفة ومصحفا لأهل البصرة ومصحفا لأهل الشام فهذه سنة مصاحف.
4- وفي رواية ابن أبي داود قال سمعت أبا حاتم السجستاني يقول: كتب سبعة مصاحف فأرسل إلى مكة وإلى الشام وإلى اليمن وإلى البحرين وإلى البصرة وإلى الكوفة وحبس بالمدينة واحدا [2].
5- وذكر ابن الجزري أنها ثمانية قال: فكتب منها عدة مصاحف: فوجه بمصحف إلى البصرة ومصحف إلى الكوفة ومصحف إلى الشام وترك مصحفا بالمدينة وأمسك لنفسه مصحفا الذي يقال له الام ووجه بمصحف إلى مكة وبمصحف إلى اليمن وبمصحف إلى البحرين [3].
6 - وأما اليعقوبي فاذعى أنها تسعة قال: .... وبعث مصحف إلى الكوفة ومصحف إلى البصرة ومصحف إلى المدينة ومصحف إلى مكة ومصحف إلى مصر ومصحف إلى الشام ومصحف إلى البحرين ومصحف إلى اليمن ومصحف إلى الجزيرة وأمر الناس أن يقرأوا على نسخة واحدة [4].
هذه أهم الأقوال في نسخ عدد المصاحف العثمانية على أن بعض الصحابة قد استنسخوا لهم نسخا شخصية أخذوها - ربما - من نسخة الام في المدينة من هؤلاء الصحابة: عبد الله بن الزبير وأمهات المؤمنين كأم سلمة وعائشة وحفصة وغيرهم كثير. ومما تجدر الإشارة إليه أن المصاحف التي كتبت - كلها - حتى زمن خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت خالية من النقط والتشكيل والزخرفة والشروح والتفاسير والتعليق إلا ما ورد في مصحف عبد الله بن مسعود ومصحف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومصحف ابن عباس وأبي. فيما تقدم من الروايات عرفنا حقيقة (جمع القرآن) والذي ترجح عندنا أن الجامع الأول هو الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) والذي ذكرناه كان بإجماع أهل الحديث والتاريخ كما أن المصادر التي اعتمدناها كانت من الفريقين.
وقد ناقشنا الدكتور عبد الصبور شاهين عندما نسب خبر الجمع إلى أحد الرواة والذي ادعى ضعفه وكونه لين الحديث فى الوقت نفسه توجد عشرات الروايات وبطرق معتبرة ومن مصادر موثوق بها إلا أنه تركها لغاية في نفسه عصمنا الله من الزلل والخطل إنه سميع بصير. بعد هذا - وحسب المنهجية التي رسمناها - نتطرق إلى الفرقة الثامنة والتي تشير أن الجامع للقرآن هو رجل من أهل العراق جاء إلى عائشة وإليك الخبر عن: البخاري بسنده عن يوسف بن مامك قال إني عند عائشة أُم المؤمنين(رضي) إذا جاءها عراقي فقال أي الكفن خير؟ قالت: ويحك وما يضرك قال يا أم المؤمنين أريني مصحفك قالت: لم؟ قال لعلي أؤلف القرآن عليه فإنه يقرأ غير مؤلف قالت وما يضرك أية قرأت قبل إنما أنزل أول ما أنزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام. نزل الحلال ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو نزل لاتزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا لقد نزل بمكة على محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وإني لجارية ألعب بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده قال فأما خرجت له المصحف فأملت عليه آي السور. (صحيح) البخاري 1/ 101).
كما يتضح للقارئ العزيز أن الرجل مجهول ولم يذكر اسمه في هذا الخبر كما أن البخاري قد تفرد بهذا النقل ولم يعتمد أهل الفن على خبر آحاد في مثل ذلك فهو ساقط عن الاعتبار. وشبيه هذا ما ورد في الاتقان من أن أول جامع للقرآن هو سالم مولى حذيفة فهو خبر مكذوب. قال السيوطي من غريب ما ورد في أوّل من جمعه: ما أخرجه ابن آشتة في كتاب المصاحف من طرق كهمس عن ابن بريدة قال: أول من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حذيفة أقسم لا يرتدي برداء حتى يجمعه فجمعه ثم التمروا ما يسمونه؟ فقال بعضهم سموه السفر قال: ذلك تسمية اليهود فكرهوه فقال: رأيت مثله بالحبشة يسمى المصحف فاجتمع رأيهم على أن يسموه المصحف قال السيوطي: إسناده منقطع أيضا وهو محمول على أنه كان أحد الجامعين بأمر أبي بكر. (الأتقان 1/ 58).
[1] أضاف الزنجاني في تاريخ القرآن وعين زيد بن ثابت أن يقرىء بالمدني وبعث عامر بن الأشعري - أخو أبي موسى - مع البصري وأبا عبد الرحمن السلمي مع الكوفي والمغيرة بن شهاب مع الشامي وقرأ كل مصر بما في مصحفه ص 74 البرهان للزركشي 1/ 240
[2] الإتقان1/ 189 وكتاب المصاحف ص 34.
[3] النشر في القراءات العشر 1/ 7 (3) تاريخ اليعقوبي 2/ 170
[4] الإتقان 1/ 189 (4) تاريخ القرآن ص 74
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة