المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16661 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الأندلس والقوط وطليطلة.
2024-07-01
فلورندا.
2024-07-01
ألفونس.
2024-07-01
فلورندا وألفونس (المحب كثير الشكوك).
2024-07-01
لغة الحب.
2024-07-01
موكب الملك.
2024-07-01

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


ترابط الاخلاق والعقيدة في الكتاب والسنة  
  
1300   05:44 مساءً   التاريخ: 2023-07-03
المؤلف : د. صبحي العادلي
الكتاب أو المصدر : الاخلاق القرآنية
الجزء والصفحة : ص33-40
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قضايا أخلاقية في القرآن الكريم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014 1924
التاريخ: 22-04-2015 1842
التاريخ: 22-04-2015 1665
التاريخ: 24-11-2014 1981

قبل الدخول في بيان تلك الدلالة ينبغي القول إنَّ إيمان المسلم الراسخ هو الذي ينتج العمل الصالح والأخلاق الفاضلة، ومن بين أهم مكونات انتاج الإيمان في المسلم: الصدق والعدل، ودليل ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّـهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ  وَاتَّقُوا اللَّـهَ  إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾([1]).

   وعندما نتدبر القرآن الكريم نجد الربط الواضح بين العقيدة والشريعة، ويتضمن ذلك ربط العقيدة بالأخلاق الفاضلة، بل نجد ان الهدف الأساس من الاعتقاد القرآني هو التمسك بالأخلاق، وهذه بعض الادلة الدالة على دافعية الايمان القرآني على إقامة الاخلاق الفاضلة:

الوفاء بالعهد: قال تعالى:{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}([2]).

حفظ الأمانة: قال تعالى:{إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}([3]).

التعارف بين الناس والمساواة فيما بينهم: قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ}([4]).

القول الحسن والكلمة الطيبة: قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ *إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}([5]).

العدل والاحسان وصلة الرحم والنهي عن مظاهر الفحشاء والبغي: وهذه الصفات الأخلاقية متداخلة ومترابطة كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ و يَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاء ِوَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تذَكَّرُونَ}([6]).

نصرة المظلوم: والمظلوم هو المُعتدى عليه، قال تعالى: {إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ( [7]).

اجتـناب قول الزور والظن السيء والتجسس والغيبة:وقد تندرج تحت هذه الصفات صفات اخرى غاية في الخطورة، فقول الزور مثلا يؤدي الى اشعال الفتن وسفك الدماء وزرع العداوة والبغضاء وعقوبة البريء واطلاق الجاني، فقال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}([8]).

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ  وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ  وَاتَّقُوا اللَّـهَ   إِنَّ اللَّـهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}([9]).

فالوفاء بالعهد، وحفظ الامانة وادائها، واقامة العدل، والتعارف بين الأفراد والشعوب، والقول الحسن، وصلة الرحم، والنهي عن مظاهر الفحشاء والمنكر والبغي، ونصرة المظلوم، واجتناب قول الزور والتجسس...كل هذه الصفات الأخلاقية وغيرها أمر القرآن الكريم بها بصورة بينة لا لبس فيها، بل جعلها سبحانه تنبع من أساسيات العقيدة الإسلامية، وتأسيسا على ذلك لا يمكن أن تكون عقيدة المسلم تامة إذا خالف فقرة واحدة من الفقرات الاخلاقية التي ذكرناها، فلا يمكن مثلا ان يجتمع في المسلم الايمان وقول الزور، ولا الايمان والتجسس، أما إذا اجتمعا فلابد من وجود خلل في ايمانه، أو جهل في تطبيقه لقواعد الإسلام.

أما السُنّة الشريفة فقد جاءت هي الاخرى بأدلة كثيرة جميعها تثبت العلاقة الوطيدة بين العقيدة والأخلاق، حيث جاء في حُسن المعاشرة والحلم مثلا ما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: قال رسول الله  (صل الله عليه واله وسلم): (ثلاث من لم يكن فيه لم يتم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله تعالى، وخلق يداري به الناس، وحلم يرد به جهل الجاهلين)([10]).

وقال(عليه السلام):(عليكم بالصلاة في المساجد، وحُسن الجوار للناس، واقامة الشهادة، وحضور الجنائز، انه لابد لكم من الناس، ان احدا لا يستغني عن الناس حياته، والناس لابد لبعضهم من بعض)([11]).

وهكذا يتبين الترابط الوثيق بين عقيدة المسلم وتطبيق القيم الأخلاقية القولية والفعلية.

تعريف التفكير وعلاقته بالقيم الأخلاقية

الفكر في اللغة : بمعنى اعمال الخاطر في الشيء، ويستعمل التفكير في الوصول الى معرفة حقيقة وجوهر الأمور ([12]) .

وقد عرّف البعض كلمة التفكير بأنها: (اعمال العقل في المعلوم للوصول الى معرفة المجهول) ([13]) .

واصطلاحا : نتيجة لشمول كلمة التفكير لذلك تعددت تعريفات العلماء في الفكر الإسلامي الى عدة تعريفات منها:

التعريف الأول: كل ما انتجه وسينتجه فكر علماء المسلمين في المعارف الإسلامية من عطاء علمي رصين فهو من الفكر الإسلامي، وما تضمنته علوم الشريعة الإسلامية في جميع الاختصاصات المعروفة كالفقه والاصول والتفسير وغيرها ([14]).

التعريف الثاني: جاء بصورة أوسع من التعريف الأول بأنه: (كل ما ألفه علماء المسلمين في شتى العلوم الشرعية وغير الشرعية ...) ([15]).

لهذا فان الدراسات التحليلية التي تصدت للفلسفة والنظريات العامة تُعد من الفكر ايضا، ولاسيما ما قدمه ويقدمه المفكرون من عطاء محسوس على المستوى النظري والعملي ([16]) .

وعلى هذا الأساس فأن استنباط الأحكام الفقهية والاخلاقية من مصادر التشريع المعروفة يُعد من ابداع العقل والتفكير الناضج المملوء بمعرفة العلوم الإسلامية والحكم والعبر وعلل التشريع، والابداع هنا ليس المقصود منه (البدعة) التي نهى عنها الإسلام، بل هو القدرة على استنباط الأفكار من مصادرها الصحيحة وتأسيسها عليها، ومن بين ما ذكرناه النظريات الاخلاقية التي اوضحت الطرق المؤدية الى تطبيق السلوك الأخلاقي الفاضل، وترغب افراد المجتمع على تطبيقه بصورة صحيحة، وتبعث في نفوسهم الطمأنينة والتصديق بأهميته من الناحيتين الشرعية والاجتماعية .

وذكرنا ان العطاء الفكري قد يكون مطابقا للإسلام وقد يكون مخالفا له، كالفكر السياسي المادي الذي تضمن الالحاد ولكنه يُعد من الفكر على الرغم من مخالفته للإسلام.

لهذا جعل الإسلام الضابط الأساس في مشروعية الافكار والنظريات وقبولها من عدمه هو: مبدأ تطابقها مع الأخلاق الفاضلة التي تضمنها النص الإسلامي سواء في القرآن الكريم أو السُنّة الشريفة، فكل الأفكار التي يتوفر النص الصريح على تحريمها فهي محرمة التطبيق والترويج، كالأفكار التي تدعو الى الالحاد وتسفيه الأديان والسلوك الفاضح والمجون.

وان تلك الجرائم الأخلاقية المروعة التي نراها اليوم تفتك بمساحة واسعة من افراد المجتمع، هي بالحقيقة تتضارب مع العقيدة الإسلامية المذكورة، وبسبب ترك البعض عقيدتهم إنتشر بينهم التفسخ الأخلاقي والانحراف الجنسي الى ما غير ذلك من جرائم اخلاقية سيئة.

والذي يثبت أهمية خطورة الذي ذهبنا إليه ما جاء في النص القرآني والسُنّة، حيث جعل القرآن الكريم مقياس مشروعية الأفكار من عدمهما العقل، كما جعل الشيعة الامامية العقل مصدرا رابعا من مصادر التشريع التي يُنظر من خلالها إلى فهم النصوص القرآنية والروائية، لهذا أكد القرآن الكريم على مفهوم العقل في عدة آيات، حيث تكررت كلمة (يعقلون ) في القرآن الكريم (22) مرة، وتكررت كلمة (تعقلون) في (24) مرة، وتكررت كلمة (الالباب) التي تعني العقول في (16) مرة، و (الابصار) في (9) مرات، و(يتفكرون) في ثلاث مرات، كل هذه الكلمات كررها القرآن الكريم بقصد أهميتها والتأكيد على ممارستها، فأصبحت ظاهرة التفكير عند الكثير من علماء المسلمين بمثابة الفريضة الإسلامية التي يجب اتخاذها منهجا لتعليم القيم الإسلامية وتطبيقا على ارض الواقع([17]) .

ومن هنا يتجلى الترابط الوثيق بين نصوص الشريعة والتفكير والاخلاق، وقد اراد الإسلام من المسلمين أن يكونوا مفكرين، ولا يمكن للمسلم ان يتصف بأخلاق سامية إلا بعد ان يكون مفكرا، لأن التفكير يقود المسلم إلى التصديق الحقيقي والواقعي بالعقيدة الإسلامية، وعندئذ يطبق الأخلاق الإسلامية على اساس فهمه للعقيدة، وهذه طائفة من الآيات الكريمة التي تدعو المسلم للتفكير السليم، وليكون مفكرا يصل بتفكيره الى الحقائق العلمية، كما في الآتي :

قال تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ  يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ  ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ  فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ * فالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا  ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ   قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ    قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ * وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ   انْظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا َثْمَرَ وَيَنْعِهِ  إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ([18]) .

وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ([19]) .

وقال تعالى:{اللَّـهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ  وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ  كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى  يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا  وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ  يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ  إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُون} ([20]).

وقال تعالى: {فلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا  قَالَ هَـٰذَا رَبِّي  فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّي  فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَا أَكْبَرُ  فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا  وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ ([21]).

ان هذه الدعوة الالهية إلى التفكير إذا قام بها المسلمون فمن المؤكد سينتهي بهم الأمر إلى خير الدنيا والآخرة، وسيجتنبون طواعية عن ممارسة كل مفاتن الاثارة والبغضاء وتفكك عرى السـِلم المجتمعي، كما جاءت مثلا هذه الآية تدعو المسلمين الى المناظرة في الحكمة والموعظة الحسنة والابتعاد عن الجدال المثير، قال تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ  وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ  إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ  وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}([22]).

لهذا كان الرسول الأكرم (صل الله عليه واله ) يؤكد كثيرا على عدم اطالة الجدال والمناظرة مع المعارضين والمخالفين، ولاسيما الجهلاء والبسطاء من الناس الذين يؤدي جدالهم الى اثارة العداوة والبغضاء، وهذه الحكمة هي من بين أهم الفضائل الأخلاقية التي جاء بها الإسلام، بغية المحافظة على المادة اللاصقة التي تلصق افراد المجتمع ببعضه، وتربطه بالمشتركات من القيم والأخلاق الفاضلة.


[1] سورة المائدة: الآية 8.

[2] سورة الاسراء: الآية 34 .

[3] سورة النساء: الآية 58 .

[4] سورة الحجرات: الآية 13 .

[5] سورة الاسراء: الآية 53.

[6] سورة النحل: الآية 90.

[7] سورة الأنفال: الآية 73.

[8] سورة الحج: الآية 30.

[9] سورة الحجرات: الآية 12.

[10] الكافي 2/116 كتاب الإيمان والكفر.

[11] المصدر نفسه 2/635 كتاب العشرة وما يجب من المعاشرة.

[12] ا نظر: لسان العرب: مادة (فكر).المعجم الوسيط : مادة (فكر) 2/698.

[13] المعجم الوسيط 2/698.

[14] تجديد الفكر الإسلامي: الدكتور محسن عبد الحميد ص18 .

[15] رحلة الفكر الإسلامي من التأثر الى التأزم: السيد محمد الشاهد ص63.

[16] انظر: الفكر الإسلامي في مواجهة الغزو الثقافي: الدكتور مصطفى حلميص ص46.

[17] انظر: التفكير فريضة إسلامية: عباس محمود العقاد ص7-8.

[18] سورة الانعام: الآيات 95- 99 .

[19] سورة البقرة: الآية 64.

[20] سورة الرعد: الآيات 2-4 .

[21] سورة الانعام: الآيات 76- 79 .

[22] سورة النحل: الآية 125 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .