أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2019
1443
التاريخ: 5-1-2023
816
التاريخ: 11/12/2022
2509
التاريخ: 12/12/2022
1734
|
تعريف المقال
لقد سبق لنا كذلك في كتاب "الصحافة والادب في مصر" أن تعرضنا لتعريف المقال(1).
ويطلق الإنجليز على المقال اسم "محاولة Fssay "، أي أنها شيء غير مكتمل، شيء يشبه المذكرات الخاصة والخواطر المتناثرة، وعلى القارئ تكميل ما بالمقال من نقص، كما يكون على سامع القصيدة الغنائية أن يفعل مثل ذلك عند سماعه كل بيت من الابيات التي تتألف منها، وفي معجم لاروس تعريف للمقال كما يلي:
والمقال اسم يطلق على الكتابات التي لا يدعي أصحابها التعمق في بحثها أو الإحاطة التامة في معالجتها، ذلك أن كلمة "مقال" تعني محاولة أو خبرة أو تطبيقاً مبدئياً أو تجربة أولية" .
وعرفه قاموس أكسفورد فقال:
"المقال هو إنشاء كتابي معتدل الطول في موضوع ما، وهو دائماً يعوزه الصقل، ومن هنا يبدو أحياناً أنه غير مفهوم ولا منظم" .
ومرة ثالثة أقول إنني عرضت في بعض كتبي السابقة للفرق بين المقال الادبي والمقال الصحفي، وأشرت في أثناء ذلك إلى كتاب سبقنا في معالجة هذا الموضوع، هو كتاب الاستاذ "موريس هيوليت"، وقد وضع لكتابه عنوان: "العمود وسارية الربيع"(2).
وبهذا العنوان فرق الكاتب تفرقة واضحة بين المقالة الصحفية التي رمز لها "بالعمود"، والمقالة الادبية التي رمز لها "بسارية الربيع"، وسارية الربيع هي ذلك العمود الكبير الذي يتخذه الإنجليز رمزاً في "عيد الربيع" يزينونه بالزهور البديعة من كل صبغ، والورود الجميلة من كل لون، فتبدو السارية كأنها العروس في جلوتها. أما العمود العاري، وهو الذي رمز به الكاتب إلى المقالة الصحفية، فهو عار من جميع هذه الزينة.
ومرة أخرى نقول:
إن هذا هو رأينا في تقسيم المقال باعتباره مادة من المواد التي يمكن أن تنشرها الصحف، وهو تقسيم يقول على أساس من المستويات الثلاثة للغة من جهة، وأساس من واقع الصحافة المصرية ذاتها من جهة ثانية.
فنحن حين ننظر في صحافتنا المصرية من عهد قريب نرى أن النوعين الاول والثاني من أنواع المقال، وهما الادبي والعلمي قد ازدهرا ازدهاراً عظيماً في وقت النهضة الفكرية التي سادت مصر في الفترة الواقعة بين عامي 1922 و 1942 ، أعني في فترة ما
بين الحربين العالميتين: الاولى والثانية على وجه التقريب.
ففي تلك الفترة التي نشير إليها نعمت مصر بشيء من الاستقرار المادي والاستقرار الاجتماعي أتاحا للشعب المصري أو للطبقة المستنيرة منه أن تقرأ وتتذوق وتستمتع، وإذ ذاك سعدت مصر بألوان فكرية وأدبية شتى سنعرض في بعض الفصول القادمة لأمثلة منها، وفي تلك الفترة التي نشير إليها أنجبت مصر خير أدبائها في الواقع، ومنهم على سبيل المثال: أمين الرافعي، ومصطفى صادق الرافعي، ومصطفى لطفي المنفلوطي، وعبد القادر حمزة، وتوفيق دياب، وعباس محمود العقاد، وطه حسين، ومحمد حسين هيكل، وإبراهيم المازني، وسلامة موسى، وزكي مبارك، وأحمد حسن الزيات، وأحمد أمين، ومحمود تيمور، وتوفيق الحكيم، وعبد العزيز البشري، وفكري أباظة، وأحمد زكي، ومحمد فريد أبو حديد.
ولقد كتب هؤلاء الفصول الممتعة في الصحف، وتوزعوا إذ ذاك على المقال بنوعيه:
العلمي والادبي، وقدموا للقراء خلاصة طيبة للفكر المصري.
ففي المقال الادبي النقدي ظهرت فصول كثيرة في الصحف، جمعت بعد في كتب، ومنها على سبيل المثال:
حصاد الهشيم للمازني، وساعات بين الكتب للعقاد، ومطالعات في الكتب والحياة له أيضاً، وشعراء مصر في الجيل الماضي له كذلك. وحديث الاربعاء لطه حسين، وحافظ وشوقي له كذلك، وثورة الادب لهيكل.
وإذا تأملنا في هذه الفصول التي اشتملت عليها الكتب المتقدمة اعتبرناها من المقال الادبي، واعتبرناها كذلك من المقال النقدي، ونحن على صواب في كلتا الحالتين. وفي المقال الذي على شكل مذكرات أو اعترافات نجد على سبيل المثال:
كتاب "الايام" لطه حسين، و"عالم القيود والسدود" للعقاد، وكتاب "حياتي" لأحمد أمين.
ولا ننسى أن نذكر أن هذه الفصول أو المقالات التي على شكل مذكرات أو اعترافات تعتبر من الاسباب التي مهدت لظهور الادب الواقعي من جانب، وهي في الوقت نفسه أثر من آثار الصحافة من جانب آخر.
أما المقالات التي على شكل خواطر وتأملات فمن الامثلة عليها:
كتاب "فيض الخاطر" لأحمد أمين، وسيل من الكتب الاخرى لا سبيل إلى حصرها، أو الإلمام بها.
أما المقال العلمي البحت فمنه أكثر ما نشرته مجلة المقتطف، ومجلة الهلال، وإن كانت الاولى منها بنوع خاص إلى العلم أسبق، وبه أحفل.
وأما المقالات النزالية فلها في مصر طريقان هما: طريق الادب من ناحية، وطريق السياسة من ناحية ثانية.
ففي الادب ظهرت معركة حامية الوطيس بين القديم والجديد، وهي المعركة التي بدأت على صفحات "الجريدة" لمحررها أحمد لطفي السيد، وتناظر فيها رجلان هما:
مصطفى صادق الرافعي عن القديم: وطه حسين عن الجديد، ثم ما لبثت هذه المعركة أن انتقلت إلى صحيفة "السياسة الاسبوعية" لمحررها محمد حسين هيكل، وما زال لهذه المعركة ذيول في صحفنا المصرية إلى اليوم.
ومن النزال الادبي كذلك تلك المعركة التي دارت رحاها مرة أخرى بين طه حسين، وعباس العقاد حول موضوع الادب اللاتيني، والادب السكسوني، تشيع فيها الأول للثقافة اللاتينية، وتشيع فيها الاخير للثقافة السكسونية، وبقى الامر سجالاً بينهما مدة ليست بالقصيرة.
وفي الطريق الثاني من طرق النزال السياسي كثرت معارك شتى بين الاحزاب المصرية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الاولى، وأخذت تتزايد شيئاً فشيئا فيما بعد، وقد انزلقت بعض هذه المعارك السياسية أو الحزبية إلى مستوى الخوض في الاشخاص والاعراض، وكان من هذه الاخيرة تلك الحملات الصحفية العنيفة التي حمل فيها العقاد على الرئيس السابق مصطفى النحاس، وذلك منذ خرج العقاد من حزب الوفد، وانضم إلى حزب آخر من الاحزاب السياسية، هو حزب السعديين في مصر.
وإذا ذكرنا المقال النزالي في الصحافة المصرية فإنه لا يصح لنا أن ننسى أولى الحملات الصحفية في تاريخ هذه الصحافة، ونعني بها الحملة التي اقترنت باسم "السيد علي يوسف" صاحب المؤيد، وفيها شهر الرجل قلما على اللورد كرومر، جبار الاحتلال الإنجليزي في مصر، وكان ذلك في الفترة البسيطة التي سبقت سقوطه عن عرش الوكالة البريطانية، والفترة البسيطة التي أعقبت هذا السقوط، أعني في النصف الاخير من سنة 1907 ، وقد عرفت المقالات النزالية التي تألفت منها حملة "السيد علي يوسف" وعددها أربع عشرة مقالة، باسم مقالات "قصر الدوبارة بعد يوم الاربعاء(3).
هذا كله من حين الصحافة المصرية أو الادب المصري المعاصر.
____________________
(1) كتاب "الصحافة والادب في مصر" للمؤلف ص 16 ، وكتاب "مستقبل الصحافة في مصر" للمؤلف، ص 49
(2*) راجع "مستقبل الصحافة في مصر" للمؤلف ص 20.
(3) عن أدب المقالة الصحفية في مصر، للمؤلف، الجزء الرابع ص49 و76.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|