أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-2-2020
2008
التاريخ: 23-2-2017
1323
التاريخ: 25-6-2021
3026
التاريخ: 21-5-2021
2680
|
لقد عاش المسلمون في بيئات مختلفة، لكلِّ منها مشكلاتها وخصائصها؛ إذْ بعض هذه البيئات كان شديد البرودة في الشتاء، كما في هضاب إيران وأفغانستان والأناضول في تركيا. وبعضها الآخر كان حارا، كما في مناطق الخليج العربي وإندونيسيا، أو جافا كما في مناطق الصحارى مثل السعودية ومصر وأفريقيا. وقد كانت أسس تصميم الأبنية في المناطق الحارة تهدف لتحقيق هدفين أساسيين:
الأول: في فصل الصيف تكون هناك حاجة للتبريد، فيؤخذ بعين الاعتبار تجنُّب أشعة الشمس وامتصاص الحرارة، مع محاولة خسارة الحرارة داخل المبنى نفسه.
الثاني: في فصل الشتاء تكون هناك حاجة لاكتساب الحرارة، فيؤخذ بعين الاعتبار امتصاص الحرارة من الشعاع الشمسي مع محاولة تقليل الحرارة داخل المبنى نفسه. وقد اعتمد المهندس العربي والمسلم على موارد الطبيعية المتوفّرة في البيئة والمتجددة، مثل طاقة الشمس والرياح، والتي تم الاستفادة منها كما يأتي في حل مشكلاتهم البيئية: (1) توفير الظلال من خلال الحماية من الإشعاع الشمسي.
(2) تحريك الهواء من خلال التخطيط التقليدي للمدينة، الذي يعتمد على فكرة الشوارع الضيقة والأفنية المكشوفة (داخل المباني).
(3) تحقيق التهوية الطبيعية باستخدام عناصر معمارية معيَّنة كملاقف الهواء.
(4) تنظيم درجة الحرارة ليلا ونهارًا، وذلك باستخدام مواد بناء معيَّنة كالطين والتبن مثلا.
(5) تعديل نسبة الرطوبة في الجو من خلال زيادتها في المناطق الجافة باستخدام المياه.
(6) الاعتماد على الإضاءة الطبيعية في المباني من خلال استعمال بعض العناصر المعمارية ومعالجة ظاهرة الإبهار Glare من خلال استعمال المشربيات والفتحات الضيقة.9
في المناطق الجبلية واجه المعماريون المسلمون تحديات كبيرة بسبب طقس الشتاء البارد؛ ففي المغرب واليمن تم بناء المباني على شكل ناطحات سحاب عالية، بحيث تتلاصق بجوار بعضها بعضًا، وبحيث تكون واجهاتها الجنوبية مُعَرَّضَةً دائمًا للشمس؛ الأمر الذي يُساعد على امتصاص حرارة أشعة الشمس في الشتاء، حتى مع انخفاض درجات الحرارة في ذلك الوقت من السنة. وقد راعى المعماريون في منطقة عسير، جنوب غرب المملكة العربية السعودية في تشييد المنازل أن تكون بشكل مربع ومكونة من عدة طوابق، وهي تُشبه إلى حد كبير منازل الفلاحين السويديين والمنازل المشيدة في مستعمرة نيو إنجلاند البريطانية.10
بعد أن تسلم السلطان قلاوون الحُكم أنشأ المشفى المنصوري الجديد عام (683هـ / 1284م)، وقد جعله على طراز المشفى النوري بدمشق، وأحسن بناءه، فكان واسع الغرف متعدِّد القاعات التي تُدفَّاً شتاءً وتُبرَّد صيفًا. 11 حيث كانت القاعات تدفأ في الشتاء بحرق البخور، وتُفرش أرضياتها بأغصان شجر الحنَّاء أو الزمان أو شجر المصطكى أو بأي نوع من عساليج الشجيرات العطرية.12
وقد اعتاد الأثرياء في القاهرة في القرن 19م استخدام قطع صغيرة من السجاد لحماية أقدامهم من برودة الحَجَر خلال أشهر الشتاء، وكذلك لتوفير مساحات للجلوس. كما استخدموا مناقل الفحم في البرد القارس للتدفئة.13
وفي المناطق الباردة من العالم الإسلامي؛ حيث يختفي الصحن المكشوف للمسجد ويقتصر على قاعات الصلاة المغطاة، كما في قرى أفغانستان، التي تعتمد في تدفئة مساجدها على أحد النظامين: 14
(1) النظام البخاري: ويعمل باستخدام قدر معدني في منتصف المسجد تحت منطقة محددة؛ بحيث يُوضع الخشب لتسخين الماء، وتتم التدفئة بوساطة الإشعاع من المعدن، أما البخار والدخان فتجمع في أنابيب تُطرح للوسط الخارجي.
(2) النظام الطوخانة حيث يُمرّر تحت الأرضية هواء ساخن عَبْرٍ مَمرَّات ثم يُجمع في طرف المبنى بعد أن يفقد حرارته للتصريف.
أما أهل الهوسا في نيجيريا فقد كانت مساكنهم مبنية بالكامل من الطين (سورو Soro)، وبعض المرافق المكوَّنة من هياكل بسيطة خفيفة مسقوفة بالنباتات والأشجار المظللة. سقف المبنى كان مصنوعًا من الطين الثقيل، أما الجدران فقد كانت سميكة وذات فتحات قليلة؛ الأمر الذي يمنحها خصائص عزل حراري؛ بحيث تحتفظ بداخلها بهواء الليل البارد ومنع الهواء الداخلي من الخروج بسرعة، وتوفير الحماية من أشعة الشمس الحارة، وخلال الليالي الباردة يُمكن الاحتفاظ بالهواء الساخن داخل المسكن. أما في موسم الأمطار فتُصبح الفراغات أسفل الأشجار المظللة وتلك المغَطَّاة بسقف ذات مناخ ملائم؛ حيثُ يتحرك الهواء خلال المبنى ويُصبح الجو لطيفًا أكثر.15
وبالنسبة لتخطيط المدن الإسلامية فقد كان يتبع الحل المتضام؛ أي تقارب المباني بعضها من بعض بحيث تتكتل وتتراصُ في صفوف متلاصقة لمنع تعرُّض واجهاتها لأشعة الشمس ورياح الخماسين المحملة بالغبار، والتي تؤدي لرفع درجة الحرارة داخل المباني؛ فالمنازل القديمة في دمشق القديمة مثلًا متلاصقة؛ أي لا فسحة بين الدار والأخرى، جعل الشوارع ضيقة وقلّص مساحة الفراغات الخارجية المكشوفة في المدن، وبمقارنة النسب المئوية للفراغات والمساحات الكلية بين المدن الإسلامية واليونانية والرومانية نجد أنها %11 و27% و31% على الترتيب، وهي ملاءمة لطبيعة المناخ والمقياس الإنساني ووسائل النقل لكل حضارة. 16
____________________________________________________
هوامش
9- وزيري، يحيى، العمارة الإسلامية والبيئة، ص90-92.
10- جونسون وارن المحافظة على التبريد والتدفئة في العمارة الإسلامية، ترجمة: محمد عبد القادر الفقي، مجلة القافلة العدد 8، المجلد 45، ديسمبر 1996م / يناير 1997م، تصدر عن شركة النفط أرامكو، الظهران، ص42.
11- عاصي، حسن، المنهج في تاريخ العلوم عند العرب، ط 2، دار المواسم، بيروت، 1992م، ص61.
12- عزب، خالد، البيمارستان المنصوري في مجموعة السلطان قلاوون، بحث منشور ضمن أبحاث الندوة العلمية للاحتفاء بالطبيب المسلم داود الأنطاكي، إعداد: مصطفى موالدي، مصطفى شيخ حمزة، منشورات جامعة حلب، معهد التراث العلمي العربي، حلب، 2005م، ص250.
13- سكيرس، جنيفر، الثقافة الحضرية في مدن الشرق، ترجمة: ليلى الموسوي، سلسلة عالم المعرفة 308، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، أكتوبر، 2004م، ص64.
14- وزيري، يحيى العمارة الإسلامية والبيئة، ص161.
15- المرجع السابق نفسه، ص 194.
16- المرجع السابق نفسه، ص 95-96.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|