أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-10-2014
2139
التاريخ: 2024-10-27
207
التاريخ: 2024-08-22
307
التاريخ: 2024-09-02
350
|
الاشتراك اللفظي والتغاير المعنوي
إن الآية الكريمة {بسم الله الرحمن الرحيم} هي بداية (113) سورة من سور القرآن الكريم وفي سورة النمل إضافة إلى بداية السورة، فقد جاءت في مقدمة كتاب سليمان إلى ملكة سبأ،(1) فتكون الآية قد نزلت مرة، لا أنها قد نزلت مرة واحدة وأن النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) قد أمر بأن تكون بداية لكل سورة.
وفي عصر نزول الوحي كان نزول الآية الكريمة: {بسم الله الرحمن الرحيم} بعنوان أنها الآية الأولى للسورة الجديدة، وذلك علامة على اختتام السورة السابقة وبداية نزول السورة اللاحقة وكما جاء في الرواية: "وإنما كان يعرف انقضاء السورة بنزول: {بسم الله الرحمن الرحيم ابتداء للأخرى}(2).
والنزول المتكرر لآية "بسم الله..." دليل على اختلاف معناها وتفسيرها في كل سورة. فآيات البسملة في جميع القرآن صحيح أنها من جهة اللفظ واحدة لكنها من جهة المعنى والتفسير متعددة وبالنتيجة فهي مشترك لفظي.(3)
والاختلاف المعنوي والاشتراك اللفظي لآيات {بسم الله الرحمن الرحيم} هو من جهة أن بسم الله في كل سورة جزء من تلك السورة وينسجم مع مضمونها وبمثابة العنوان والدليل والمعرف لتلك السورة، وحيث إنت مضامين و معارف السور القرآنية مختلفة فيما بينها، فإن معني بسم الله أيضا سيكون مختلفة بين السور، وفي كل سورة يبين درجة من الدرجات وشأن من شؤون إلهية الله سبحانه ورحمانيته ورحيميته، ولهذا فهو مثل أسماء الله في نهايات الآيات حيث تكون و منسجمة مع محتوى ومضامين الآيات وهي بمثابة البرهان على و مضمون الآية. وعلى هذا الأساس فإذا تم بيان مضمون السورة جيدأ، فإن تفسير بسم الله سيتضح أيضا.
وتوضيح ذلك هو: أن في الآية الكريمة {بسم الله الرحمن الرحيم} حديثا عن "الله" وهو الاسم الجامع والأعظم(4) لله سبحانه وتدخل في ضمنه جميع الأسماء الإلهية الحسني وله في كل سورة ظهور خاص، ويجري فيها أيضا حديث عن (الرحمة الرحمانية) التي تضم تحتها جميع صفات الله سبحانه وتظهر في كل مظهر باسم خاص، ففي السور التي تتضمن معاني المحبة واللطف والصفات الجمالية لله تظهر بمظهر الجمال، وفي السور التي تتضمن معاني القهر والغضب الإلهي تتجلى بمظهر (الجلال)(5)، ولذلك قال البعض: ان كلمة الرحمن اسم اعظم مثل كلمة الله. وعلى هذا فإن تفسير (بسم الله...) يختلف باختلاف السور.
والأحكام الفقهية للآية الكريمة: {بسم الله الرحمن الرحيم} أيضا شاهد على الاشتراك اللفظي لهذه الآية كما في المسائل التالية:
1. حرمة قراءة سور العزائم بالنسبة إلى ذوي الأعذار شاملة أيضا القراءة البسملة بقصد قراءة السورة المذكورة.
2. إن (البسملة) في كل سورة في الصلاة، يجب أن تكون بقصد تلك السورة التي يريد المصلي قراءتها، أي يجب تعيين السورة قبل م قراءة البسملة.
3. في حالة العدول من سورة إلى سورة أخرى في الصلاة يجب على المصلي أن يكرر قراءة البسملة بقصد السورة الجديدة.
فوجوب تلاوة البسملة في كل سورة بقصد تلك السورة يدل على تعدد المقصود، لأن تعدد القصد تابع لتعدد وتكثر المقصود، وإلا فإن المقصود الذي ليس فيه أيه كثرة بحيث يكون كل فرد فيه له علامته الخاصة التي يتميز بها عن الأفراد الأخرى لايستطيع القصد أن يكون لا تنسجم مع سورة المسد أيضا، بل يحتمل أن الوجه في ذلك هو أن سورة التوبة استمرار لسورة الأنفال، ولو كانت سورة مستقلة لم تكن غير منسجمة مع الآية الكريمة "بسم الله الرحمن الرحيم به. وفي القرآن الكريم آيات تبدأ بالقهر وتختتم بالمحبة واللطف كما في قوله تعالى: {قطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين}(سورة الأنعام، الآية 45) وهذا القهر منسجم مع المحبة والرأفة، لات القهر على الظالم هو رأفة بالمظلوم، وهذا القهر مصداق من مصاديق ومظاهر الرحمة المطلقة لله سبحانه.
منشأ لتكثره وافتراقه، إلا أن يكون القصد بنفسه يصنع مقصودة. وعليه فإن (البسملة) في كل سورة لها معناها وتفسيرها الخاص بها وتختلف عن معاني البسملة في السور الأخرى.
__________________
1 . سورة النمل، الآية 30.
2. نور الثقلين، ج1، ص6.
3. المقصود من الاشتراك اللفظي هنا هو الاشتراك اللفظي باصطلاح الحكماء لا الأدباء وتوضيحه: أنت عنوان "المشترك اللفظي" بين الحكيم والأديب، هو بنفسه مشترك لفظي، لان الاشتراك اللفظي عند أهل الأدب تابع للوضع، فاللفظ الذي يستعمل في ال لام موارد متعددة، إذا كان وضعه واحدة فهو مشترك معنوي والا فهو مشترك لفظي. ولهذا فإذا وضعت الكلمة لجامع انتزاعي ذهني (لا خارجي ولا له حقيقة عينية)، فالأديب يعتبرها بلحاظ وحدة وضعها مشتركا معنويا.
أما الإشتراك اللفظي عند الحكماء فهو تابع للبرهان ودائر مدار الواقع الخارجي، لاه وضع الواضعين، فإذا كان الشيء فاقدة للجامع الخارجي المشترك وكان في الخارج أنواع متعددة ولا تشترك إلا في الإسم فقط، فالحكيم يسميه مشتركة لفظية، كما في كلمة "النفس" التي تطلق على النفس النباتية والحيوانية والإنسانية فالأديب بعتبرها مشتركة معنوية والحكيم يعتبرها مشتركا لفظيا، لان الأديب ينظر إلى وحدة وضع هذه الكلمة، ولكن الحكيم عندما لايجد لها جامعة خارجية مشتركة فهو يعتبرها مشتركة لفظية، على الرغم من ان لها جامعة انتزاعيا مفهوميا وذهنية، ولذلك فان الأنفس النباتية والحيوانية والإنسانية تبحث في فصول مستقلة.
والآية الكريمة {بسم الله الرحمن الرحيم} تشتمل على الأسماء الحسنى (الله)، (الرحمن)، (الرحيم)، وحيث ان له تعالى بأسماء (الله) و(الرحمن) تجليات وظهورات متعددة في عالم الوجود: "الحمد لله المتجلي لخلقه بخلقه" (نهج البلاغة، الخطبة 108) فتارة ينتقم من المجرمين بمظهر القهار المنتقم {انا من المجرمين منتقمون} (سورة السجدة، الآية 22)، وتارة يدخل المتقين إلى الجنة بمظهر اللطيف والرحيم وتلك الجنة {التي ورث من عبادنا من كان تقيا} (سورة مريم، الآية ص63) والأسماء التدوينية" لله سبحانه مبينة لتجلياته (التكوينية المتعددة. إذن هذه الألفاظ ليس لها معنى واحد في كل مجال، مثلا بسم الله في سورة الحمد المباركة تختلف عن بسم الله في سورة المسد في المعنى والتفسير وهي فيهما مشترك لفظي.
4. سوف يأتي بيان هذا المعنى في قسم لطائف وإشارات لهذه الآية في ص346.
5. وعليه فان عدم ذكر بسم الله في بداية سورة التوبة لا لأجل ان مضمون السورة لاينسجم ولايتناسب مع بسم الله، لانه طبقا لهذا التبرير فان الآية الكريمة (بسم الله)
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|