كيفية استغلال الثروات الطبيعية:

إن عملية استغلال الثروات الطبيعية في أي قطر مشروط بإعداد خطة اقتصادية سليمة متكاملة الجوانب تقوم عادة على خمسة عناصر أساسية هي:

1- مسح ودراسة واقع الثروات الطبيعية.

2- رسم السياسات الاقتصادية الرامية الى استثمار مصادر الثروة الطبيعية.

3- وضع التنبؤات والزيادات لما قد يكتشف من احتياطي جديد أو يستورد من أقاليم أخرى في العالم.

4- اقتراح طرق وأساليب للاستغلال ونقلها الى الواقع والتنفيذ.

5- متابعة تنفيذ عمليات الاستثمار وتقويمها باستمرار.

ويعتبر تخطيط الموارد اللازمة لمواجهة متطلبات المشاريع من أهم الجوانب الأساسية لخطط التنمية الاقتصادية في الدولة. وقد أورد الباحث H. J. Morgentheu نسباً للموارد الأساسية التي استغلت عام ١٩٣٦ في الانتاج الصناعي العسكري وهي كما يلي:

1- استغل من الفحم 40% ومن النفط 20% ومن الحديد15%.

2- أما النحاس والرصاص والمنغنيز والكبريت فقد مثل كل منها نسبة 4%.

3- ولكل من الزنك والألمنيوم والنيكل 2% فقط.

ويلاحظ ان الفحم قد احتل قبل نصف قرن من الزمن مركز الصدارة بين مصادر الطاقة ولم يواجه إلا منافسة قليلة من الماء والخشب ، كذلك الأمر بالنسبة للحديد الذي ظل طيلة النصف الأول من هذا القرن متمتعاً بالأهمية حتى ظهرت المعادن الخفيفة الأخرى والمواد البتروكيمياوية كالبلاستيك وغيره كأكبر منافس له, إن تغير القيمة الفعلية لمورد من الموارد خلال فترة زمنية معينة يؤثر تأثيراً بالغاً في القوة النسبية لتلك الدولة, فمثلاً استطاعت بريطانيا أن تؤسس إمبراطورية عظمى لا تغيب عنها الشمس خلال القرن التاسع عشر ، حينما كانت قوة الدولة تقاس بما تمتلكه من موارد الفحم والحديد التي كانت مكتفية بها ذاتياً, الا ان ظهور النفط منذ الحرب العالمية الأولى واستثماره بشكل واسع كطاقة ومادة أولية لمختلف الصناعات أحدث تغيراً جوهرياً في مقاييس القوة فقد ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي كدولتين قويتين لامتلاكهما هذه المادة، بينما انحسرت قوة بريطانيا لافتقارها الى النفط والى بعض العناصر الجغرافية وغير الجغرافية الأخرى.

فإلى جانب الثروات الطبيعية دخل عنصر المساحة وعدد النفوس والمستوى العلمي والفني والأيديولوجية الموحدة في موازنة القوة . فاذا افتقرت الدولة الى أحد هذه العناصر فان ذلك يشل تقدمها وتطورها ويعرقل ظهورها كقوة سياسية . وأحسن مثل على ذلك الوطن العربي الذي يمتلك مساحة كبيرة تقدر 14.000.000 كم وعدداً متنامياً من النفوس يبلغ اليوم ١٦٠ مليون نسمة وثروات طبيعية هائلة وعلى رأسها النفط وقاعدة عريضة من العلميين والفنيين الذين أثبتوا جدارة في مختلف أنحاء الوطن العربي، لاسيما في إدارة العمليات النفطية بعد التأميم عام ۱۹۷۲ في العراق وفي الاشراف على تسيير مرافق قناة السويس بعـد تأميمها عام ١٩٥٦، الا ان افتقاره الى أيديولوجية سياسية واحدة جعلته من الصعب عليه ان يلحق بركب الدول العملاقة التي ظهرت حديثاً على المسرح الدولي كالصين الشعبية والهند كقوى سياسية وعسكرية مهابة الجانب.

وبسبب تجزئة الوطن العربي فقد ظلت ثرواته النفطية نهباً للشركات الاستعمارية ردحاً من الزمن ولا زال عدداً كبيراً منها يستغل نفط الخليج العربي وأقطار شمال أفريقيا العربية حتى يومنا هذا, لذلك فان الأقطار العربية مدعوة الى تخطيط سياستها النفطية وفقاً للمصالح القومية ، لأن هذه الخطوة تعتبر في الواقع تمهيداً لإعطاء الوطن العربي مكانته اللائقة بين دول العالم وبالتالي تساعد على تنامي قوته الذاتية.

لقد ترك الاستعمار أكثر الدول النامية - بعد أن نهب مواردها الطبيعية - دون حصر دقيق الجميع ما يتواجد فيها من هذه الموارد , فليس غريباً ان نجد اهتمام أكثرها يتزايد يوماً بعد يوم بأجراء مسوحات لمواردها الطبيعية لأن هذه الخطوة تعتبر في الواقع تمهيداً لتصنيفها وتحديد كمياتها وأماكن وجودها لكي يتسنى لها استغلالها فيما بعد وتظهر أهمية دراسة هذه الموارد وحصر كمياتها من خلال قابلية نفاذها بعد أجل معين. إذ ان أكثر هذه الموارد سينتهي وتنفذ كمياتها فيما بعد، مما جعل أكثر الحكومات تعمل على حد هذا الأجل الى أبعد وقت مستطاع، وذلك عن طريق اتباع أساليب الاستثمار السليم وطرق الصيانة من الاقتصاد النهبي والمحافظة عليها بوسائل متعددة.

وما استزراع الغابات والمحافظة على التربة بتحفية المنحدرات أو بزراعة المدرجات واستعمال المخصبات لها، وكذلك المحافظة على الثروة الحيوانية البرية منها والبحرية عن طريق إصدار قوانين تحريم الصيد في المناطق التي تكاد تنقرض فيها، الى جانب عملية الاكثار من هذه الحيوانات، الا دليلا واضحاً على ذلك, وتعتبر هذه الموارد من مستلزمات مطالب الدولة القوية وخاصة اذا ما أحسن استغلالها.