المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أحكام عقد الأمان للمشركين
2024-11-27
الآثار التي خلفها رعمسيس السادس (قفط)
2024-11-27
شروط فتح الأرض صلحاً
2024-11-27
الآثار التي خلفها رعمسيس السادس (تل بسطة)
2024-11-27
الآثار التي خلفها رعمسيس السادس (سرابة الخادم المعبد)
2024-11-27
معبد عنيبة
2024-11-27

aspectualizer (n.)
2023-06-03
ضمانات المتهم في الطعن بطريق التمييز
6-8-2022
ظروف أدت إلى ظهور التنمية المستدامة
2023-03-09
الآقا السيد مير ابن السيد مير عبد الباقي
12-2-2018
معجزة فيزيائية الماء
5-5-2016
المنهج الإسلاميّ في اكتساب الفضائل وعلاج الرذائل.
13/12/2022


المناسبة  
  
2616   01:35 صباحاً   التاريخ: 25-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص70-73
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2015 1818
التاريخ: 25-09-2015 2733
التاريخ: 25-03-2015 1651
التاريخ: 26-09-2015 3318

المناسبة على ضربين: مناسبة في المعاني، ومناسبة في الألفاظ، فالمعنوية أن يبتدئ المتكلم بمعنى ثم يتمم كلامه بما يناسبه معنى دون لفظ، كقول الله سبحانه وتعالى: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) فإنه سبحانه لما قدم نفي إدراك الأبصار له، عطف على ذلك قوله: (وَهُوَ اللَّطِيفُ) خطاباً للسامع بما يفهم، إذ معترف العادة أن كل لطيف لا تدركه الأبصار ألا ترى أن حاسة البصر لا تدرك إلا اللون من كل متلون، والكون من كل متكون، فإدراكهما إنما هو للمركبات دون المفردات، ولذلك لما قال: (وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ) عطف على ذلك قوله: ( الْخَبِيرُ ) تخصيصاً لذاته سبحانه بصفات الكمال، لأن كل من أدرك شيئاً كان خبيراً بذلك الشيء، ومثل ذلك قوله عز وجل: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ) لما كان سبحانه هو الجاعل الأشياء على الحقيقة، وأضاف إلى نفسه جعل الليل سرمداً إلى يوم القيامة، صار الليل كأنه سرمداً بهذا التقدير، وظرف الليل ظرف مظلم لا ينفذ فيه البصر، لا سميا وقد أضاف الإتيان بالضياء الذي تنفذ فيه الأبصار إلى غيره، وغيره ليس بفاعل على الحقيقة، فصار النهار كأنه معدوم، إذ نسب وجوده إلى غير موجد، والليل كأنه لا موجود سواه، إّ جعل كونه سرمداً منسوباً إليه سبحانه فاقتضت البلاغة أن يقول: (أَفَلَا تَسْمَعُونَ) لمناسبة ما بين السماع، والظرف الليلي الذي يصلح للإسماع ولا يصلح لإبصار ولذلك قال في الآية التي تليها: قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون لأنه لما أضاف جعل النهار سرمداً إليه صار النهار كأنه سرمد، وهو ظرف مضيء تنور فيه الأبصار، وأضاف الإتيان بالليل إلى غيره، وغيره ليس بفاعل على الحقيقة، فصال الليل كأنه معدوم، إذ نسب وجوده إلى غير موجد، والنهار كأنه لا موجود سواه، إذ جعل وجوده سرمداً منسوباً إليه، فاقتضت البلاغة أن يقول: أفلا تبصرون، إذ الظرف معنى صالح للأبصار، وهذا من دقيق المناسب المعنوية. ومنها قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ) فانظر إلى قوله سبحانه في صدر الآية التي الموعظة فيها سمعية: (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) ولم يقل أولم يروا، وقال تعالى بعد ذكر الموعظة ( أفلا يسمعون ) وكيف قال في صدر الآية التي موعظتها مرئية ( أَوَلَمْ يَرَوْا ) وقال بعد الموعظة: ( أَفَلَا يُبْصِرُونَ ) وكذلك قوله تعالى: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ) فإن الكلام لو اقتصر فيه على قوله: (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ) أوهم ذلك بعض الضعفاء موافقة الكفار في اعتقادهم أن الريح التي حدثت كانت سبب رجوعهم، ولم يبلغوا ما أرادوا، وربما توهموا ألا تكون من عند الله وإنما تقع اتفاقاً كما يجري في حروب المشركين بعضهم لبعض، فأخبر في فاصلة الآية عن نفسه بالقوة والعزة، ليعلم المؤمنين ويزيدهم يقيناً وثباتاً على أنه الغالب الممتنع، وأن حزبه كذلك، وإنما هو تنوع النصر للمؤمنين ليزيدهم إيماناً بعميم قدرته، فينصرهم مرة بالقتال كيوم بدر، وتارة بالريح كيوم الأحزاب، ومرة بالرعب كبني النضير، وطوراً ينصر عليهم كيوم أحد، وحيناً يعلمهم أن الكثرة لا تغني شيئاً، وأن النصر من عنده كيوم حنين وأمثال ذلك في الكتاب العزيز كثيرة لمن استقراه.
ومن أمثلة المناسبة المعنوية في الشعر قول المتنبي [طويل]:
على سابح موج المنايا بنحره ... غداة كأن النبل في صدره وبل
فإن بين لفظة السباحة، ولفظة الموج، ولفظة الوبل تناسباً معنوياً صار البيت به متلاحماً شديد ملاءمة الألفاظ وأحسن منه قول ابن رشيق القيرواني [طويل]:
أصح وأقوى ما رويناه في الندى ... من الخبر المأثور منذ قديم
أحاديث ترويها السيول عن الحيا ... عن البحر عن جود الأمير تميم
وهذا أحسن شعر سمعته في المناسبة المعنوية، لأنه ناسب فيه بين الصحة والقوة، والرواية والخبر المأثور، والقدم مناسبة معنوية إذ هذه الألفاظ يناسب بعضها بعضاً، وكذلك ناسب في البيت الثاني بين الأحاديث والرواية والعنعنة مناسبة معنوية أيضاً، وأحسن من المناسبة الواقعة في البيت الأول ما وقع في البيت الثاني من صحة ترتيب العنعنة حيث أتى بها صاغراً عن كابر، وآخرا عن أول، كما يقع سند الأحاديث، لأن السيول فرع، والحيا أصله، ولذلك جعلها تروي عن الحيا إذ هي بمنزلة الولد، وهو بمنزلة الوالد، وكذلك الحيا فرع، والبحر أصله، ولذلك جعل الحيا يروي عن البحر، إذ الحيا بمثابة الولد والبحر بمثابة الوالد، ثم نزل البحر بمنزلة الولد، وجود الممدوح بمنزلة الوالد له لقصد المبالغة في المدح، ولذلك جعل البحر راوياً عن جود الممدوح، وهذا الذي تقتضيه الصناعة من الأدب مع الممدوح وحسن المبالغة في وصف جوده وفي الناس من سمى المناسبة المعنوية ملاءمة، إلا قدامة فإنه جعل الملاءمة ائتلاف ألفاظ الكلام بالمعنى الذي المتكلم آخذ فيه، وقصده بذلك أن يقال في لفظة من ألفاظ المعنى: لو كان موضع هذه غيرها لكان الكلام مؤتلفاً بمعانيه وألفاظه ملائمة له وما ذكرته من المناسبة فيه زيادة على هذا المقدار، إذ غيرها من الألفاظ يوفي بما قاله الناس في تفسير الائتلاف، ويزيد عليه زيادة معلومة عند أرباب النقد.
وأما المناسبة اللفظية فهي توخي الإتيان بكلمات متزنات، وهي على ضربين: تامة وغير تامة، فالتامة أن تكون الكلمات مع الاتزان مقفاة وأخرى ليست بمقفاة، فالتقفية غير لازمة للمناسبة.
ومن شواهد المناسبة التي ليست بتامة في الكتاب العزيز قوله تعالى: (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) ومن شواهد التامة في السنة قول الرسول صلى الله عليه وسلم مما كان يرقي به الحسنين عليهما السلام أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة فقال النبي صلى الله عليه[وآله] وسلم لامَّة ولم يقل ملمَّة، وهي القياس، لمكان المناسبة اللفظية التامة؛ ومثله قوله عليه السلام : ارجعن مأزورات غير مأجورات والمستعمل موزورات، لأنه من الوزر غير مهموز فلفظ به النبي صلى الله عليه[وآله] وسلم مهموزاً لمكان المناسبة اللفظية التامة، وهذا من الفصاحة العجيبة.
وأما ما جاء من السنة من أمثلة المناسبة الناقصة، فكقوله صلى الله عليه[وآله] وسلم: إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافاً فناسب صلى الله عليه[وآله] وسلم بين أخلاق وأكناف مناسبة اتزان دون تقفية. ومما جمع بين المناسبتين قوله عليه السلام في بعض دعائه: اللهم إني أسألك رحمة تهدي بها قلبي، وتجمع بها أمري، وتلم بها شعثي، وتصلح بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتلهمني بها رشدي، وترد بها ألفتي، وتعصمني بها من كل سوء؛ اللهم إني أسألك الفوز في القضاء، ونزل الشهداء، وعيش السعداء، والنصر على الأعداء فناسب صلى الله عليه[وآله] وسلم بين قلبي وأمري، وغائبي وشاهدي، مناسبة غير تامة بالزنة دون التقفية، ثم ناسب بين القضاء والشهداء والسعداء والأعداء مناسبة تامة بالزنة والتقفية، ومن أمثلة المناسبتين الناقصة والتامة الشعرية قول أبي تمام [طويل]:
مها الوحش إلا أن هاتا أوانس ... قنا الخط إلا أن تلك ذوابل
فناسب حبيب بين مها وقنا مناسبة تامة، وبين الوحش والخط وأوانس وذوابل مناسبة غير تامة، وهذا البيت من أفضل بيوت المناسبة لما انضم إليها فيه من المحاسن، فإن فيه مع المناسبتين التشبيه بغير أداة والمساواة، والاستثناء، والطباق الفظي، وائتلاف اللفظ مع المعنى والتمكين، فأما المناسبة فقد ذكرناها، وأما التشبيه ففي قوله: مها وقنا، فإن التقدير كمها وقناً، فحذف الأداة ليدل على قرب المشبه من المشبه به، وأما الاستثناء البديعي ففي قوله: إلا أن هاتا أوانس وقوله: إلا أن تلك ذوابل ليثبت للموصوفات التأنيس والتحبب، وينفي عنهن النفار والتوحش، وكذلك فعل في الاستثناء الثاني، فإنه أثبت به لهن اللين واللدونة؛ ونفى عنهن ما يستهجن، وأما المطالبة ففي قوله الوحش والأوانس، وهاتا وتلك فإن هاتا للقريب، وتلك للبعيد، وأما المساواة فلأن لفظ البيت لا يفضل عن معناه، ولا يقصر عنه، وأما الائتلاف فلكون ألفاظه من واحد متوسطة بين الغرابة والاستعمال، وكل لفظة منها لائقة بمعناها، لا تكاد يصلح موضعها غيرها، وأما التمكين فلأن قافية البيت مستقرة في موضعها، غير نافرة من محلها، ومن غير أن يتقدمها شيء من لفظها يدل عليها، كما يقع في التوشيح والتصدير وقد غلط الأمدي في تغليط أبي تمام في هذا البيت، حيث زعم أنه نفى عن النساء لين القدود، معتقداً أن الرماح سميت ذوابل للينها، والمعروف عند أهل اللسان ضد ذلك، لأن العرب تقول رمح ذابل إذا كان صلب الكعوب، ومن ذلك قولهم ذبلت شفتاه إذا يبستا، ولا تعرف العرب الذابل إلا اليابس الذي جفت رطوبته، ومن ذلك قولهم: نوارة ذابلة إذا جف ماؤها وأخذت في اليبس، وأوب تمام لا يشك أحد أنه أبصر من الآمدي باللغة، وأقعر منه بمعرفة اللسان العربي، ويقرب من هذا البيت قول البحتري [طويل]:
فأحجم لما لم يجد فيك مطمعاً ... وأقدم لما لم يجد عنك مهربا
فناسب بين أحجم وأقدم مناسبة تامة، وكذلك بين قوله: فيك وعنك، ومطمعاً ومهرباً، إلا أن مناسبة هاتين الجملتين غير تامة، وقد حصل في هذا اللفظ أيضاً المطابقة في أحجم وأقدم، والمساواة والائتلاف والتمكين، فقد استوى هو وبيت أبي تمام فيما ذكرنا وزاد عليه بيت أبي تمام بالتشبيه والاستثناء، ففضل بيت أبي تمام بالمعاني، وفضل بيت البحتري بالألفاظ، لأن ألفاظه أكثر استعمالاً وأعذب مذاقاً، وللمناسبة التامة فيه نصاعة وظهور أكثر من المناسبة التي في بيت أبي تمام، وإذا قست ما بين البيتين بما قدمت من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم سقطا دون كل جملة منه، إذ كل جملة منه يلي بعضها بعضاً؛ ومفردات الألفاظ تسير إلى معاني شتى، وإلا فانظر إلى قوله صلى الله عليه[وآله] وسلم تهدي بها قلبي، وما يحصل بها من منافع الدنيا والآخرة، ويتوقى من مضار الدنيا والآخرة بهدية القلب، والى قوله وتجمع بها أمري وما يكون من اجتماع الأمر من عدم التذبذب في كل شيء وحصول التثبت وإلى قوله صلى الله عليه[وآله] وسلم: وتصلح بها غائبي وما تشير هذه الجملة إليه من إصلاح الباطن، وما يكون في ذلك من الإخلاص، وكذلك قوله: وتدفع بها شاهدي، فإن من أصلح الله سبحانه باطنه أصلح الله تعالى ظاهره، وما وقع في ضمن هاتين الجملتين مع المناسبة من المطابقة بين غائبي وشاهدين وبذلك فاعتبر بقية الدعاء؛ وكذلك قوله صلى الله عليه[وآله] وسلم: الفوز بالقضاء فإنه رب قضاء نزل بغير صابر محتسب، فأوبقه وقل من يفوز عند نزول القضاء وكذلك قوله: ونزل الشهداء، أي قراهم أو منزلتهم، وهي أرفع المنازل، وما أعد لهم، ومثله قوله: وعيش السعداء، والنصر على الأعداء؛ فالحظ بدقيق النظر ما اشتملت عليه الألفاظ من المعاني تجدها لا تدخل تحت الإحصاء إلى سلاسة هذا النظم وعذوبة هذا اللفظ وعلوه مع كونه مستعملاً معروفاً، وفصاحته على كونه متداولاً مألوفاً، ووضوح معانيه، وحسن البيان فيه، بحيث لا يفتقر أحد إلى السؤال عن لفظ فيه قد استوى في فهمه الذكي والبليد والقريب من العل والبعيد، وما فيه من الماء والديباجة التي لا توفى العبارة بها، ولا يقدر البليغ على أن يصفها؛ وهذا أمر يدركه كل ذي ذوق سليم، وذهن مستقيم، والله أعلم.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.