المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الألغاز والتعمية  
  
1921   12:38 صباحاً   التاريخ: 24-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص128-129
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-03-2015 10038
التاريخ: 25-09-2015 2428
التاريخ: 25-09-2015 1553
التاريخ: 25-03-2015 3944

ويسمى المحاجاة، والتعمية أعم أسمائه، وهو أن يريد المتكلم شيئاً فيعبر عنه بعبارات يدل ظاهرها على غيره، وباطنها عليها، وهو يكون في النثر والشعر، فمما جاء منه في النثر ما أملاه على السيد الشريف العالم الفاضل تاج الدين والشرف ابن الحلبي أبقاه الله من رسالة ذكر أنها أملاها عليه منشئها، فحفظها ثم نسيها، ولم يبق على خاطره منها إلا ما أذكره، وهو، بلغني أيدك الله أنك ركبت الأفق، وسرت تطأ ذوائب النجم من عن يمين جعفر، وشمال سعيد، حتى أتيت إلى الضرير، فطفقت تستحسن عينيه ملياً، وقصدت ابنة الوادي فبقرت بطنها عن خمس كأصابع الكف، وأتاك الغلام ببيضاء من ملاح القرية، فأصليت الجميع ناراً تلظى، فبردت بنارهن ناراً محرقة، ورأيت عثمان وهو يسر أبا بكر فقتلته.
ومنها ورويت أن الشافعي قال: لا بأس بالمرأة إذا احتاجت أن تبيع زوجها لتنفق ثمنه.
وذكر لي الشريف تاج الشرف أن مُنشئها كان شريفاً عباسياً، وأنسى اسمه.
ومن النثر الذي جاء في هذا الباب قول ابن جراح ملغزاً في دملج: ما شئ وجهه قمر، وقلبه حجر، إن نبذته صبر، واعتزل البشر، وإن قرعته ملأ الأسماع، وإن أدخلته السوق أبى أن يباع، وإن فككت شطره دعا لك، وإن ركبت نصفه الآخر هالك، وربما كثر مالك، وإن رخمته آلمك عند الفجر، وأورثك الضجر وقت العصر.
ومثال ما أتى من هذا الباب في الشعر قول بعض العرب ملغزاً في الأيام [رجز]:
وسبعة كلهم إخوان ... ما إن يموتون وهم شبان
         لم يرهم في موضع إنسان
ومن ذلك قول أبي العلاء المعري ملغزاً في الإبرة مما أنشدنيه الفاضل عفيف الدين علي بن عدلان النحوي عفا الله عنه [طويل]:
سعت ذات سم في قميصي فغادرت ... به أثراً والله شاف من السم
كست قيصراً ثوب الجمال وتبّعاً ... وكسرى وعادت وهي عارية الجسم
وللمعري ملغزاً في الهريسة: [طويل]
أتتنا وما لاح الصباح وقد سرت ... إلينا الدجى إن الحرائر لا تسري
منعمة بيضاء ما نفحاتها ... بعطر ولكن هنَّ أشهى من العطر
لها والد عال وأم كريمة ... وحاضنة سوداء جائشة الصدر
إذا أودعت سراً غلا في ضميرها ... فباتت من السر المصون على الجمر
وكقوله ملغزاً في قطعة ملح من ملح الطعام من إنشاد المذكور [طويل]:
وبيضاء من سر الملاح ملكتها ... فلما قضت إربي حبوت بها صحبي
فباتوا بها مستمتعين ولم تزل ... تحثهم بعد الطعام على الشرب
وأمثلة هذا الباب من الشعر لا تحصى كثرة.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.