أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-03-2015
1430
التاريخ: 25-03-2015
2046
التاريخ:
4033
التاريخ: 25-03-2015
13928
|
وهو
أن يقول المتكلم كلاما يحتمل معنيين متضادين، لا يتميز أحدهما على الآخر، ولا يأتي
في كلامه بما يحصل به التمييز فيما بعد ذلك، بل يقصد إبهام الأمر فيهما قصداً، والفرق
بينه وبين الاشتراك المعيب أن الاشتراك لا يقع إلا في لفظة مفردة لها مفهومان، لا
يعلم أيهما أراد المتكلم، والإبهام لا يكون إلا في الجمل المركبة المفيدة، ويختص
بالفنون كالمديح، والهجاء، وغيرهما، ولا كذلك الاشتراك، والفرق بينه وبين الإيضاح
أن البيت الملتبس الذي يفتقر إلى الإيضاح يتضمن ألفاظ المديح الصريح والهجاء البين
فيكون فيه مدح وهجاء، والإبهام لا يفهم من ألفاظه مدح ولا هجاء البتة، بل يكون
لفظه صالحاً للأمرين، وإن لم يكن فيه من لفظ المدح والهجاء شيء.
ومثاله
ما حكى أن بعض الشعراء هنأ الحسن بن سهيل بصهر المأمون مع من هنأه، فأثاب الناس
كلهم وحرمه، فكتب إليه: إن أنت تماديت على حرماني عملت فيك بيتاً لا يعلم أحد
مدحتك فيه أم هجوتك؟ فاستحضره وسأله عن قوله، فاعترف، فقال: لا أعطيك أو تفعل،
فقال [مجزوء الخفيف]:
بارك
الله للحسن ... ولبوران في الختن
يا
إمام الهدى ظفر ... ت ولكن ببنت من؟
فلم
يعلم أراد بقوله: ببنت من في الرفعة أو في الضعة، فاستحسن الحسن منه
ذلك، وناشده، أسمعت هذا المعنى أم ابتكرته؟ فقال: لا والله، إلا نقلته من شعر شاعر
مطبوع كان بعث به، ففصل قباء عند خياط أعور اسمه زيد، قال له الخياط على طريق العبث
به: سآتيك به لا يدري أٌباء هو أم دواج فقال الشاعر: لئن فعلت لأعلمن فيك بيتاً لا
يعلم أحد ممن سمعه أدعوت لك فيه أم دعوت عليك؟ ففعل الخياط، فقال الشاعر مجزوء
الرمل:
جاء
من زيد قباء ... ليت عينيه سواء
فما
علم أحد هل أراد أن الصحيحة تساوي السقيمة أو العكس، قال: فاستحسن الحسن صدقه،
أضعاف استحسانه حذقه، وأضعف جائزته.
ومن
إبهام العرب قول رجل من بني عبد شمس بن سعد بن تميم [طويل]:
تضيفني
وهنا فقلت أسابقي ... إلى الزاد شلت
من يدي الأصابع
ولم
تلق للسعدي ضيفاً بقفرة ... من الأرض إلا وهو صديان
جائع
فإن
ظاهر الشعر مبهم معناه، فيظن سامعه أنه أراد ضيفاً من البشر، فيكون قد هجا به
نفسه، وإنما هو يصف ذئباً غشى رحله في الليل وهو بالقمر وهو فخر محض، والله أعلم.