المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

موقف التشريعات المقارنة من تحديد نطاق الوساطة الجنائية
2023-09-09
تقسيمات للقضايا العقلية
26-8-2016
الرياح المحلية الباردة
26-5-2016
Damped oscillations
2024-03-13
القطاع التجريبي - طبقات ما تحت الاساس الركامية
2023-09-20
أهمية الأتهام
15-5-2017


مظاهر الانحراف في عصر الإمام الباقر ( عليه السّلام )  
  
1921   03:51 مساءً   التاريخ: 13/11/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 7، ص97-104
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الباقر / قضايا عامة /

إن إقصاء أهل البيت ( عليهم السّلام ) عن موقع القيادة وإمامة المسلمين أدّى إلى الانحراف في جميع مجالات الحياة ، وترك تأثيره السلبي على جميع مقومات الشخصية ، في الفكر والعاطفة والسلوك ، فعمّ الانحراف الدولة والأمة معا ، كما عمّ التصورات والمبادئ ، والموازين والقيم ، والأوضاع والتقاليد ، والعلاقات والممارسات العملية جميعا .

نعم تغلغل الانحراف في ميدان النفس ، وميدان الحياة الاجتماعية ، وتحوّل الإسلام إلى طقوس ميتة لا تمتّ إلى الواقع بصلة ، خلافا لأهداف الإسلام الذي جاء من أجل تقرير المنهج الإلهي في الحياة . فانحسر عن الكثير من تلك المجالات ليصبح علاقة فرديّة بين الإنسان وخالقه فحسب .

أوّلا : الانحراف الفكري والعقائدي

ازداد الانحراف في عهود الملوك المتعاقبين على الحكم ، وكان للأفكار والعقائد نصيبها الأكبر من هذا الانحراف ، ولم يكترث الحكّام بهذا الانحراف بل شجّعوا عليه ؛ لأنه كان يخدم مصالح الحكم القائم ، ويشغل المسلمين عن همومهم الأساسية وبخاصة التفكير في مجال تغيير الأوضاع وإعادتها إلى ما كانت عليه في عهد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وعهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) .

فكثرت في عهد الأمويين الانحرافات الفكرية والعقائدية وتعدّدت وتعاظمت ، وأصبح لها أتباع وأنصار ، وتحولت إلى تيارات وكيانات خالف الكثير منها الأسس الواضحة للعقيدة الاسلامية ، وابتدعوا ما لا يجوز من الأمور المخالفة للقرآن الكريم وللسنة النبوية ، فانتشرت أفكار الجبر والتفويض والإرجاء ، كما انتشرت أفكار التجسيم وتشبيه اللّه تعالى بخلقه ، وكثرت الشبهات حول ثوابت العقيدة ، وكثر الحديث حول ماهية اللّه تعالى وذاته ، وتنوّعت تيّارات الغلوّ ، حتى زعم البعض حلول الذات الإلهية في قوم من الصالحين ، وقالوا بالتناسخ ، وانتشرت الزندقة ، فجحدوا البعث والنشور ، وأسقطوا الثواب والعقاب وزوّرت الأحاديث والروايات واختلق كثير منها ؛ لدعم التسلط الأموي ، كما راج اختلاق الفضائل لصالح المنحرفين من الصحابة ، وطرحت نظرية عدالة جميع من صحب رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أو رآه أو ولد في عهده ، بينما منعوا - من جانب آخر - من نشر فضائل أهل البيت ( عليهم السّلام ) .

وكان للحكّام دور كبير في تشجيع هذا الانحراف المتمثّل في اختلاق النصوص وقد وصف الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السّلام ) ذلك قائلا : « إنّ مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام : أحدها : الغلو . وثانيها : التقصير في أمرنا . وثالثها : التصريح بمثالب أعدائنا »[1].

وانتشرت ظاهرة الإفتاء بالرأي ، وراج القياس في الأحكام والتفسير بالرأي لآيات القرآن المجيد ، كما انتشرت أفكار التصوّف والاعتزال عن الحياة ، وفصل الدين عن السياسة .

وأشغل الحكّام كثيرا من الناس بالجدل في المسائل العقلية التي لا فائدة فيها ، وشجّعوا على إقامة مجالس المناظرة والجدل العقيم في ذات اللّه تعالى وفي الملائكة ، وفي قدم القرآن أو حدوثه .

وهكذا كان للحكّام دور كبير في خلق المذاهب المنحرفة والتشجيع عليها ، لا سيّما بعض المذاهب التي كانت تحمل شعار الانتساب إلى أهل البيت ( عليهم السّلام ) كالكيسانية لغرض شق صفوف أتباع أهل البيت ( عليهم السّلام ) الذين كانوا يستهدفون الواقع السياسي المنحرف .

ثانيا : الانحراف السياسي

اتّبع الحكّام الأمويون سياسة من سبقهم في تحويل الخلافة إلى ملك يتوارثه الأبناء عن الآباء دون سابقة علم أو تقوى ، وتوزيع المناصب المهمّة والحسّاسة في الدولة على أبنائهم وأقربائهم والمتملقين لهم ، واستبدوا بالأمر فلا شورى ولا استشارة إلّا مع المنحرفين والفسّاق من بطانتهم . ولشعورهم بعدم الاحقيّة بالخلافة استمروا على نهج من سبقهم في اتخاذ الارهاب والتنكيل وسيلة لتثبيت سلطانهم ، فحينما وجد الوليد بن عبد الملك أنّ ولاية عمر بن عبد العزيز على مكة والمدينة قد أصبحت ملجأ للهاربين من ظلم بقية الولاة ، قام بعزله[2] تنكيلا منه بالمعارضين وارهابهم وغلق منافذ السلامة أمامهم .

وكان سليمان بن عبد الملك محاطا بثلّة من الرجال الذين عرفوا بفسقهم وانحرافهم وسوء سيرتهم كما وصفهم أعرابيّ عنده ، بعد أن أخذ منه الأمان ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، انه قد تكنّفك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم ، وابتاعوا دنياهم بدينهم ، ورضاك بسخط ربهم ، خافوك في اللّه ، ولم يخافوا اللّه فيك ، حرب للآخرة وسلم للدنيا ، فلا تأمنهم على ما يأمنك اللّه عليه ، فإنّهم لم يأتوا إلّا ما فيه تضييع وللأمة خسف وعسف ، وأنت مسؤول عما اجترموا ، وليسوا مسؤولين عمّا اجترمت ، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك[3].

واتّبع أبناء عبد الملك الوليد وسليمان سيرة أبيهم ، والتزموا بوصيته في قتل الرافضين للبيعة ، والتي جاء فيها : ادع الناس إلى البيعة ، فمن قال برأسه هكذا فقل بسيفك هكذا[4].

وأقرّ كثير من الفقهاء سياسة الحكّام الأمويين خوفا أو طمعا أو استسلاما للأمر الواقع ، فقد أقرّوا ما ابتدعوا من ممارسات في تولية الحكم كالعهد إلى اثنين أو أكثر ، فقد عهد سليمان بالحكم إلى عمر بن عبد العزيز ومن بعده ليزيد بن عبد الملك ، فأقرّ كثير من الفقهاء ذلك ، حتى أصبحت نظرية من نظريات تولّي الحكم[5].

وحينما تولّى عمر بن عبد العزيز الحكم حدث انفراج نسبي في السياسة الأموية ، كما لاحظنا ، وقام ببعض الاصلاحات ومنح الحرية النسبية للمعارضين ، وألغى بدعة سبّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) وردّ إلى أهل البيت ( عليهم السّلام ) بعض حقوقهم ، واعترف بالممارسات الخاطئة لأسلافه من الحكّام ، حتى امتدحه الإمام الباقر ( عليه السّلام ) على ذلك[6].

ولكن حكمه لم يدم طويلا ؛ إذ عاد الوضع إلى ما كان عليه .

وامتازت هذه المرحلة بسرعة تبدّل الحكّام ، فقد حكم سليمان ثلاث سنين ، وحكم عمر بن عبد العزيز ثلاث سنين أو أقل ، وحكم يزيد بن عبد الملك أربع سنين ، وكان كل حاكم ينشغل بالإجهاز على ولاة من سبقه ، وكثرت الاختلافات في داخل البيت الأموي تنافسا على الحكم ، كما كثرت الفتن الداخلية في عهدهم ، حتى قام قتيبة بن مسلم بخلع سليمان والاستقلال في خراسان[7].

وقام يزيد بن المهلب في سنة ( 101 ه ) بخلع يزيد بن عبد الملك وجهّز اليه يزيد من قتله وقتل أتباعه .

وأحاط يزيد نفسه بالمتملّقين الذين يبررون له انحرافاته حتى افتوا له انه ليس على الخلفاء حساب[8].

وهكذا كانت الأمة الاسلامية محاطة بالمخاطر من كل جانب ، ففي سنة ( 104 ه ) ظفر الخزر بالمسلمين وانتصروا عليهم في بعض الثغور .

وفي عهد هشام بن عبد الملك ازداد الارهاب والتنكيل بأهل البيت ( عليهم السّلام ) وأتباعهم وسائر المعارضين ، حتى اجترأ هشام بن عبد الملك على سجن الإمام الباقر ( عليه السّلام ) وأقدم على اغتياله[9]. وأصدر أوامره بقتل بعض أتباع الإمام الباقر ( عليه السّلام ) إلّا أنّ الإمام استطاع أن ينقذهم من القتل[10].

والتجأ الكثير إلى العمل السرّي للإطاحة بالحكم الأموي ، فكان العباسيون يعدّون العدّة ويبثون دعاتهم في الأقاليم البعيدة عن مركز الحكومة وخصوصا في خراسان ، وأخذ زيد ابن الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) يعدّ العدّة للثورة على الأمويين في وقتها المناسب ، لأنّ الأمويين كانوا قد أحصوا أنفاس الناس عليهم لكي لا يتطرقوا إلى انحرافاتهم السياسية أو يعلنوا عن معارضتهم لها .

ثالثا : الانحراف الأخلاقي

لقد حوّل الأمويون الانظار إلى الغزوات ، وحشّدوا جميع الطاقات البشريّة والمادّية باتجاه الغزوات ؛ وذلك من أجل إشغال المسلمين عن التحدّث حول الأوضاع المنحرفة ، وعن التفكير في العمل السياسي أو الثوري لاستبدال نظام الحكم بغيره ، ولم يكن هدفهم نشر مفاهيم وقيم الإسلام كما يتصوّر البعض ذلك ، لأنّهم كانوا قد خالفوا هذه المفاهيم والقيم في سياستهم الداخلية ، وداسوا كثيرا من المقدسات الاسلامية ، وشجّعوا على الانحرافات الفكرية .

وأدّى توسّع عمليات الفتح والغزو إلى خلق الاضطرابات في المجتمع الإسلامي وتشتيت الأسر بغياب المعيل أو فقدانه ، كما كثرت الجواري والغلمان ممّا أدّى إلى التشجيع على الانحراف باقتناء الأثرياء للجواري المغنّيات وتملك المخنثين ، وانتقل الانحراف من البلاط إلى الامّة تبعا لانحراف الحكّام وفسقهم ، فقد انشغلوا باللهو والانسياق وراء الشهوات دون حدود أو قيود حتى كثر الغزل والتشبيب بالنساء في عهد الوليد بن عبد الملك بشكل خاص[11] .

وكانت همّة سليمان بن عبد الملك في النساء ، وانعكس ذلك على المجتمع حتى كان الرجل يلقى صاحبه فيقول له : كم تزوجت ؟ وماذا عندك من السراري ؟[12].

وقد وصف أبو حازم الأعرج الوضع الاجتماعي والأخلاقي مجيبا سليمان بن عبد الملك على سؤاله : ما لنا نكره الموت ؟ بقوله : لأنكم عمّرتم دنياكم وأخربتم آخرتكم ، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب[13].

وكان سليمان يسابق بين المغنيين ويمنح السابقين الجوائز الثمينة[14] ، ويجزل العطاء للمغنيات . كما ازداد عدد المخنثين في عهده[15].

وأقبل يزيد بن عبد الملك على شرب الخمر واللهو[16] ، ولم يتب من الشراب الّا أسبوعا حتى عاد اليه بتأثير من جاريته حبّابة[17].

وكان يقول : ما يقرّ عيني ما أوتيت من أمر الخلافة حتى اشتري سلامة وحبّابة فأرسل من يشتريهما له[18].

وهكذا وصل الانحراف إلى ذروته ، حينما أصبح اللهو والمجون من أولى هموم حكّام الدولة .

وليس غريبا أن تنحرف الأمة بانحراف حكامها وولاتهم وأجهزة الدولة ، وبهذا الانحراف كانت تبتعد الأغلبية من الناس عن الأهداف الكبرى التي حددها المنهج الاسلامي ، ولا تكترث بالاحداث والمخاطر المحيطة بالوجود الاسلامي .

رابعا : الانحراف في الميدان الاقتصادي

لقد تصرّف الحكّام بالأموال العامّة وكأنّها ملك شخصي لهم ، فكانوا ينفقونها حسب رغباتهم وأهوائهم ، على ملذاتهم وشهواتهم وكان للجواري والمغنيين نصيب كبير في بيت المال ، كما كانوا ينفقون الأموال لشراء الذمم والضمائر ، ويمنحونها لمن يشترك في تثبيت سلطانهم أو مدحهم والثناء عليهم ، فقد مدح النابغة الشيباني يزيد بن عبد الملك فأمر له بمائة ناقة ، وكساه وأجزل صلته[19].

فتنافس الشعراء فيما بينهم للحصول على مزيد من الأموال كما تنافس المغنّون لنيل الهدايا من الحكام أو ولاتهم .

وكان الحكّام يعيشون في أعلى مراتب الترف والبذخ ، ويبذّرون أموال المسلمين على لهوهم وشهواتهم ، وعلى المقربين لهم ، في وقت كان كثير من الناس يعيشون حياة الفقر والجوع والحرمان .

وازداد التمييز الطبقي حينما عطّل مبدأ التكافل الاجتماعي ، ولم تكترث الدولة بمعاناة الناس وهمومهم ولم تتدخل في الحث على الانفاق .

وقد ضاعف الحكّام من الضرائب ، فاضافوا ضرائب جديدة على الصناعات والحرف وخصوصا في عهد هشام بن عبد الملك ، الذي كان ينفق ما تجمّع لديه على الشعراء المادحين له [20].

وقد وصف سليمان بن عبد الملك حالات الترف والمجون التي وصلوا إليها قائلا : قد أكلنا الطيب ، ولبسنا اللين ، وركبنا الفاره ، ولم يبق لي لذة إلّا صديق أطرح معه فيما بيني وبينه مؤنة التحفظ[21].

وهكذا انساق الناس - وخصوصا - أتباع الأمويين وراء شهواتهم ورغباتهم ، وانشغل الكثير في السعي للحصول على الأموال بأي وجه أمكن .

 

 

[1] عيون أخبار الرضا : 1 / 304 .

[2] الكامل في التاريخ : 4 / 577 .

[3] الكامل في التاريخ : 3 / 178 .

[4] البداية والنهاية : 9 / 161 .

[5] الأحكام السلطانية : 13 ، الماوردي .

[6] الكامل في التاريخ : 5 / 62 .

[7] تاريخ ابن خلدون : 5 / 151 .

[8] البداية والنهاية : 9 / 232 .

[9] مناقب آل أبي طالب : 4 / 206 .

[10] بحار الأنوار : 46 / 283 .

[11] الأغاني : 6 / 219 .

[12] البداية والنهاية : 9 / 165 .

[13] مروج الذهب : 3 / 177 .

[14] الأغاني : 1 / 317 .

[15] المصدر السابق : 4 / 272 .

[16] مروج الذهب : 3 / 196 .

[17] الأغاني : 15 / 295 .

[18] المصدر السابق : 8 / 346 .

[19] الأغاني : 7 / 109 .

[20] المصدر السابق : 1 / 339 .

[21] مروج الذهب : 3 / 76 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.