أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-8-2016
3288
التاريخ: 23-8-2016
2865
التاريخ: 12/11/2022
1854
التاريخ: 11-8-2016
3074
|
مرّ الإمام الباقر ( عليه السّلام ) بمرحلة رافقت الكثير من الأحداث والظواهر في ظلّ جده وأبيه ( عليهما السّلام ) ويمكن تلخيصها بالشكل التالي :
1 - عاش الإمام الباقر ( عليه السّلام ) في ظلّ جدّه الحسين ( عليه السّلام ) منذ ولادته وحتى الرابعة من عمره الشريف وقد مكنه ذلك من الاطلاع على الأحداث والوقائع الاجتماعية والسياسية وإدارك طبيعة سيرها وفهم اتجاه حركتها بما أوتي من ذكاء وفهم منذ صباه .
لقد عاش الإمام الباقر ( عليه السّلام ) في مقتبل عمره حادثة مصرع أعمامه وأهل بيته الطاهرين وشاهد بأم عينيه ملحمة عاشوراء ومقتل جدّه الحسين ( عليه السّلام ) واخذ مأسورا إلى طواغيت الكوفة والشام وشارك سبايا أهل البيت ( عليهم السّلام ) فيما جرى عليهم من المحن والمصائب الأليمة التي تتصدّع لها القلوب .
كما استمع إلى أقوال أبيه الساخنة وهو يخاطب الطاغية المتغطرس يزيد في الشام والتي كان منها قوله ( عليه السّلام ) : يا يزيد ! ومحمد هذا جدي أم جدّك ؟ فإن زعمت أنه جدّك فقد كذبت وكفرت ، وإن زعمت أنه جدّي فلم قتلت عترته ؟ ! ! )[1].
2 - وعاصر الإمام الباقر ( عليه السّلام ) في سنة ( 63 ه ) واقعة الحرّة التي ثار فيها أهل المدينة على حكم يزيد وهو في السادسة من عمره الشريف ، حيث شاهد نقض أكابر أهل المدينة وفقهائها لبيعة يزيد الفاجر[2] ورأى مدينة جدّه عندما أباحها يزيد لجيشه الجاهلي ثلاثة أيّام متواليات يقتلون أهلها ، وينهبون أموالهم ويهتكون أعراضهم[3].
3 - عاصر الإمام الباقر ( عليه السّلام ) في هذه المرحلة من حياته الانحراف الفكري الذي تسبب الامويّون في إيجاده مثل بثّهم للعقائد الباطلة كالجبر والتفويض والإرجاء خدمة لسلطانهم ؛ لأن هذه المفاهيم تستطيع أن تجعل الأمة مستسلمة للحكام الطغاة ما دامت تبررّ طغيانهم وعصيانهم لأوامر اللّه ورسوله .
4 - ومن الظواهر التي عاصرها الإمام محمّد الباقر ( عليه السّلام ) وهو في ظلّ أبيه السجّاد ( عليه السّلام ) ظاهرة الانحراف السياسي وتتمثل في تحويل الأمويين للخلافة إلى ملك عضوض يتوارثه الأبناء عن الآباء ، ويوزّعون فيه المناصب الحكومية على ذويهم وأقاربهم .
لقد عاش ( عليه السّلام ) محنة عداء الأمويين للعلويين والذي تمثل في ظاهرة سبّهم لجدّه الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) على المنابر طيلة ستة عقود .
5 - ومن الأحداث البارزة في حياة الإمام الباقر ( عليه السّلام ) توالي الثورات المسلحة ضد الحكم الأموي بعد واقعة كربلاء الخالدة ، ففي سنة ( 63 ه ) ثار أهل المدينة في سنة ( 65 ه ) ثار التوابون ، وفي سنة ( 66 ه ) ثار المختار بن أبي عبيدة الثقفي وثار الزبيريون ، وفي سنة ( 77 ه ) ثار المطرّف بن المغيرة بن شعبة ، وفي سنة ( 81 ه ) تمرّد عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث على حكومة عبد الملك بن مروان[4].
6 - وانتشرت في هذه الفترة ظاهرة وضع الحديث المؤلمة فقد ركّز الأمويون على هذه الأداة لخدمة سلطانهم ، حتّى روى ابن طرفة المعروف بنفطويه في تأريخه أن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة كانت في أيام بني اميّة تقرّبا إليهم بما يظنّون أنهم يرغمون أنوف بني هاشم[5].
7 - أما الانحراف الأخلاقي والاجتماعي فقد استشرى في أوساط الأمة حيث اشتهر يزيد بن معاوية بفسقه إذ كان يشرب الخمر ويلعب بالكلاب والقرود ويقضي أوقاته بين المغنّين والمغنّيات وشاع عنه ذلك وعرفه عامّة الناس . وكان مروان بن الحكم أيضا فاحشا بذيئا ، كما كان أولاده وأحفاده على شاكلته[6].
وأشاع الامويّون بين المسلمين روح التعصّب فقرّبوا العرب وأبعدوا غير العرب وأثاروا الشعوبية فمزّقوا بذلك وحدة الصف الإسلامي وأثاروا الأحقاد وزرعوا بذور الشر في قلوب أبناء المجتمع الاسلامي .
8 - وعاش الإمام الباقر ( عليه السّلام ) في هذه المرحلة من حياته في ظلّ سيرة أبيه ( عليه السّلام ) بكل وجوده الذي كان يركز نشاطه على إعادة بناء المجتمع الإسلامي وتشييد دعائم العقيدة الاسلامية القويمة ، حيث كان يحاول الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) من خلال بثّ القيم العقائدية والأخلاقية عبر الأدعية وتوجيه رسائل الحقوق وما شابه ذلك صياغة كيان الجماعة الصالحة التي كان عليها أن تتولى عمليّة التغيير في المجتمع الذي راح يتردّى باستمرار .
وكان يشارك أباه السجّاد ( عليه السّلام ) في أهدافه وخطواته وأساليبه المتعددة في المرحلة التي استغرقت ثلاثة وثلاثين عاما والتي تمثّلت في الدعاء والانفاق والعتق والتربية المباشرة للرقيق والأحرار باعتبارها نشاطا بارزا للإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) خلال هذه المرحلة .
9 - وقف الإمام الباقر ( عليه السّلام ) مواقف أبيه من الثورات والحركات المسلحة التي كانت تهدف إلى إسقاط النظام الفاسد إذ كان يرشدها ويقودها بصورة غير مباشرة من دون أن يعطي للحكام أي دليل يدل على التنسيق من الإمام ( عليه السّلام ) مع الثوّار ضد الحكم الأموي الغاشم .
10 - وكان للإمام الباقر دور بارز وهو في ظلّ أبيه في حركته لتأسيس صرح العلم والمعرفة الاسلامية حيث كان يحضر المحافل العامة ليحدّث الناس ويرشدهم ، كما كان يفسّر القرآن ويعلّم الناس الأحاديث النبويّة الشريفة ويثقّفهم بالسيرة النبويّة المباركة .
11 - ان التنصيص من الإمام السجّاد ( عليه السّلام ) على إمامة ابنه الباقر يعود تأريخيا إلى النصوص التي وردت عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) والأئمة من بعده ونصّت على إمامة اثني عشر إماما بعد رسول اللّه كلهم من قريش وبني هاشم ، وتداولها الصحابة والتابعون واستند إليها أهل البيت ( عليهم السّلام ) .
ومن تلك النصوص التي ورد فيها اسم الإمام الباقر ( عليه السّلام ) بشكل خاص هو النص الذي رواه جابر بن عبد اللّه الأنصاري وقد جاء في هذا النص ما يلي :
« . . . فقال : يا رسول اللّه ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب ؟ قال : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم سيد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين ، ثم الباقر محمد بن عليّ وستدركه يا جابر ، فإذا أدركته فاقرأه منّي السلام »[7].
وجاء في نص آخر أنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قال لجابر بن عبد اللّه الأنصاري :
« يولد لابني هذا - يعني الحسين - ابن يقال له : علي ، وهو سيد العابدين . . . ويولد له محمد ، إذا رأيته يا جابر فاقرأه ( عليه السّلام ) منّي السلام ، واعلم أنّ المهدي من ولده . . . »[8].
وقد تناقل الأئمة من أهل البيت ( عليهم السّلام ) الوصية إماما بعد إمام ، فقد أوصى الإمام علي ( عليه السّلام ) ولده الإمام الحسن ( عليه السّلام ) قائلا : « يا بنيّ إنه أمرني رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أن أوصي إليك ، وأدفع إليك كتبي وسلاحي ، كما أوصى اليّ ودفع اليّ كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين ، ثم أقبل على ابنه الحسين ، فقال : وأمرك رسول اللّه أن تدفعها إلى ابنك هذا ، ثم أخذ بيد علي بن الحسين وقال : وأمرك رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي فاقرأه من رسول اللّه ومنّي السلام »[9].
12 - وكان الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) يوجّه الانظار إلى امامة ابنه الباقر ( عليه السّلام ) ، ويستثمر الفرص لإعلانها أمام أبنائه أو بعض أبنائه أو خاصّته وثقاته ، يصرّح تارة بها ويلمّح إليها تارة أخرى .
فحينما سأله ابنه عمر عن سرّ اهتمامه بالباقر ( عليهما السّلام ) أجابه : « انّ الإمامة في ولده إلى أن يقوم قائمنا ( عليه السّلام ) فيملأها قسطا وعدلا ، وانه الإمام أبو الأئمة . . . »[10].
وعن الحسين ابن الإمام زين العابدين ( عليهما السّلام ) قال : سأل رجل أبي ( عليه السّلام ) عن الأئمة ، فقال : « اثنا عشر سبعة من صلب هذا ، ووضع يده على كتف أخي محمد »[11].
وكان يصرّح لابنه الباقر ( عليهما السّلام ) بإمامته ويقول له : « يا بنيّ انّي جعلتك خليفتي من بعدي »[12].
وروي عن أبي خالد أنّه قال : قلت لعليّ بن الحسين : من الإمام بعدك ؟
قال : « محمّد ابني يبقر العلم بقرا »[13].
وفي مرضه الذي توفي فيه سأله الزهري قائلا : فإلى من نختلف بعدك ؟
فأجاب ( عليه السّلام ) : « يا أبا عبد اللّه إلى ابني هذا - وأشار إلى محمد ابنه - انه وصيّي ووارثي وعيبة علمي ومعدن العلم وباقر العلم » ، فقال له الزهري : يا ابن رسول اللّه هلّا أوصيت إلى أكبر أولادك ؟ فقال ( عليه السّلام ) : « يا أبا عبد اللّه ليست الإمامة بالصغر والكبر ، هكذا عهد الينا رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وهكذا وجدنا مكتوبا في اللوح والصحيفة »[14].
وفي أيامه الأخيرة جمع الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) أولاده : محمد والحسن وعبد اللّه وعمر وزيد والحسين ، وأوصى إلى ابنه محمد . . . وجعل أمرهم اليه[15].
وفي الساعات الأخيرة من حياته التفت ( عليه السّلام ) إلى ولده وهم مجتمعون عنده ، ثم التفت إلى ابنه الباقر ( عليه السّلام ) فقال : « يا محمد هذا الصندوق اذهب به إلى بيتك » . اما أنه لم يكن فيه دينار ولا درهم ، ولكن كان مملوءا علما[16].
[1] الفتوح : 5 / 153 .
[2] تاريخ الخميس : 2 / 300 .
[3] الكامل في التاريخ : 4 / 113 .
[4] البداية والنهاية : 9 / 138 .
[5] شرح نهج البلاغة : 9 / 138 .
[6] المصدر السابق : 11 / 46 .
[7] كفاية الأثر : 144 - 145 .
[8] مختصر تاريخ دمشق : 23 / 78 ، تاريخ اليعقوبي : 2 / 320 ، سير أعلام النبلاء : 4 / 404 .
[9] إعلام الورى بأعلام الهدى : 207 .
[10] كفاية الأثر : 237 .
[11] المصدر السابق : 239 .
[12] كفاية الأثر : 241 .
[13] بحار الأنوار : 46 / 320 .
[14] كفاية الأثر : 243 .
[15] كفاية الأثر : 239 .
[16] الكافي : 1 / 305 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|