ان العامل الرئيسي الذي يحدد مجرى النهر التابع هو منحدر سطح الارض الذي نشأ فيه ذلك النهر. ومن الممكن في بعض الحالات اعادة بناء الشكل الاصلي لذلك السطح، وتوضيح الصلة الوثيقة بين اتجاه اقصى انحداره وانحدار النهر الحالي, مثال ذلك الانهار التي تجري في اقليم هامبشير Hampshire فهنا نجد التكوينات الرملية والصلصالية التابعة للزمن الثالث قد غطيت في معظم مساحاتها بغطاء سميك من الحصى التابع للزمن الرابع. وترتكز كل هذه التكوينات على سلسة من أسطح التعرية التي تتناقص في ارتفاعاتها تدريجيا من نحو 125 مترا في الشمال الى مستوى سطح البحر في الجنوب. وتجري الانهار الرئيسية في الاقاليم متتبعة تماما انحدار الغطاء الحصوي, وتجري الانهار الرئيسية في الاقليم متتبعة تماما انحدار الغطاء الصحراوي، رغم انها حفرت لنفسها مجار تعمقت من خلاله في الصخور الموجودة تحتها والتي تنتهي للزمن الثالث، ونحرت مجاريها في صخور الزمن الثالث، ومن المنطقي ترجيع ان هذه الانهار قد نشأت أول ما نشأت فوق سطح غطاء الحصى، وانها انهار تابعة ترجع ف تاريخها للزمن الرابع.

وينبغي ان نشير هنا الى ان تمييز وتأريخ الانهار التابعة لا يكون دائما بهذه السهولة، خاصة إذا ما كانت التراكيب الجيولوجية أكثر تعقيدا، او حيثما تقطعت اوصال التصريف النهري بواسطة الاسر النهري. ففي منطقة تتألف بنيتها من تتابع الثنيات المحدبة والاخرى المقعرة قد ينظر الباحث الى كل أنهار الثنيات المقعرة ويعتبرها أنهارا تابعة طولية، بينما يحسب كل أنهار الثنيات المحدبة انهارا الية لكن يحتمل ان تكون انهار الثنيات المقعرة هي الانهار التالية.

ففي البنيات الالتوائية التي سوتها التعرية، قد نجد الثنيات المقعرة مطابقة لمكاشف الصخور اللينة التي تسهل النحت الصاعد واطالة الروافد النهرية في اتجاه المنبع، ففي اقليم هامبشير Hampshire الطباشيري الصخور يشيع وجود انهار الثنيات المقعرة, وقد أمكن الاستدلال على ان بعضها قد شق طريقه على طول محاور الثنيات المقعرة الطباشيرية التي كانت فيما مضى بتكوينات رملية وصلصالية ضعيفة تابعة للزمن الثالث, بنما قد تبين ان بعضها الاخر من النمط العائد Resquent، أي ان انهار الثنيات المحدبة قد تمكنت من نحر مجاريها الى مستوى أل من مستوى نحر أنهار الثنيات المقعرة، فانصرفت مياه الاخيرة الى الاولى، واصبحت بالتالي تالية، ويرتبط ذلك بظاهرة انقلاب التضاريس، حينما تصبح المحدبات مقعرات مظهرية والعكس صحيح، فلا تتفق البنية الجيولوجية مع الشكل الارضي, وقد تعود الانهار سيرتها الاولى الى الثنيات المقعرة باشتداد النحت فيها وقلته في محاور الثنيات المحدبة (جيولوجيا)، وتسمى لذلك بالأنهار العائدة.

ولا تقتصر صعوبة التعرف على هوية الانهار في الثنيات المقعرة وحدها، وانما نجدها في انهار الثنيات المحدبة التي عادة ما يميزها الباحث في الحقل ويراها بالتأكيد انهارا تالية, ففي بعض الحالات الشاذة قد تكون هذه الانهار ذات نشأة تابعة. ويضرب سباركس Sparks لذلك مثلا بنهر بثون Bethune الذي يتتبع بالدقة محور ثنية محدبة تدعى برى Bray في اقليم نورماندي Normady بشمال غرب فرنسا, فلقد انطبع النهر بكل تفاصيله من سلسلة من أسطح التعرية التي تتفق تماما ف انحدارها العام اللطيف نحو الشمال الغربي مع اتجاه انحدار الالتواء.

وعادة ما يؤخذ عدم التوافق النهري مع التركيب الجيولوجي مشيرا الى الاصل التابع للنهر, فكما قد رأينا تجرى الانهار التالية بطول خطوط الضعف الجيولوجي، ومن ثم فهناك توافق تام بن المجاري النهرية وانماط مكاشف الصخور والالتواءات والعيوب والفواصل، ولهذا فإنه من الصعب ان نتصور ان تكون الانهار التي تقطع عرضيا سلسلة من الثنيات المقعرة وتلك المحدبة ذات أصل تال, فالأنهار التي تقطع عرضيا، وبشكل غير متوافق، الثنية المقعرة الضخمة لحقل فحم جنوب ويلزم، لا يمكن ان تكون انهارا تابعة مثالية, وتتضح هذه الظاهرة في كثير من أنهار الويلد Weald أيضا. وسنذكر في موضع لاحق عند الكلام عن الانطباع النهري Superimposition والنضال النهري Antecedence أسباب أن الانهار التابعة تكون في الاغلب غير متوافق discotdant مع التراكيب الصخرية.

وينبغي ان نشير في النهاية الى ان نقطة هامة, فقد يتضح من عرضنا السابق ان بينما تعتبر الانهار غير المتوافقة مع التراكيب الصخرية انهار تابعة، فإن العكس يكون صحيحا أيضا، اي ان الانهار التابعة لابد وان تكون غير متوافقة، وهذا يخالف الواقع ف بعض الحالات. فحيثما يتطابق شكل السطح الاصلي الذي يجري عليه النهر مع التركيب الجيولوجي، فإن التصريف التابع يكون متوافقا accordant منذ البداية، ويبقى كذلك تابعا رغم امكانية التفتت والتجزؤ بواسطة الاسر النهري.