أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-7-2022
2578
التاريخ: 18-4-2019
3214
التاريخ: 19-10-2015
3530
التاريخ: 16-3-2016
3877
|
لم تتّفق كلمة المسلمين في شيء كاتّفاقهم على فضل أهل البيت ( عليهم السّلام ) وعلوّ مقامهم العلمي والروحي ، وانطوائهم على مجموعة الكمالات التي أراد الله للإنسانية أن تتحلى بها .
ويعود هذا الاتّفاق إلى جملة من الأصول ، منها تصريح الذكر الحكيم بالموقع الخاص لأهل البيت ( عليهم السّلام ) من خلال التنصيص على تطهيرهم من الرجس ، وأنّهم القربى الذين تجب مودّتهم كأجر للرسالة التي أتحف اللّه بها الإنسانية جمعاء ، وأنّهم الأبرار الذين أخلصوا الطاعة للّه وخافوا عذاب اللّه وتجلببوا بخشيته ، فضمن لهم الجنّة والنجاة من عذابه .
والإمام الحسين ( عليه السّلام ) هو من أهل البيت ( عليهم السّلام ) المطهّرين من الرجس بلا ريب ، بل هو ابن رسول اللّه بنصّ آية المباهلة التي جاءت في حادثة المباهلة مع نصارى نجران . وقد خلّد القرآن الكريم هذا الحدث بمداليله العميقة في قوله تعالى :
{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } [آل عمران: 61]
وروى جمهور المحدّثين بطرق مستفيضة أنّها نزلت في أهل البيت ، وهم : رسول اللّه وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ، كما صرّحوا على أنّ الأبناء هنا هما الحسنان بلا ريب .
وتضمّنت هذه الحادثة تصريحا من الرسول بأنّهم خير أهل الأرض وأكرمهم على اللّه ، ولهذا فهو يباهل بهم ، واعترف أسقف نجران بذلك أيضا قائلا :
« أرى وجوها لو سأل اللّه بها أحد أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله »[1].
وهكذا دلّت القصة كما دلّت الآية على عظيم منزلتهم وسموّ مكانتهم وأفضليّتهم ، وأنّهم أحبّ الخلق إلى اللّه ورسوله ، وأنّهم لا يدانيهم في فضلهم أحد من العالمين .
ولم ينصّ القرآن الكريم على عصمة أحد غير النبيّ من المسلمين سوى أهل البيت ( عليهم السّلام ) الذين أراد اللّه أن يطهّرهم من الرجس تطهيرا[2].
ولئن اختلف المسلمون في دخول نساء النبيّ في مفهوم أهل البيت ؛ فإنّهم لم يختلفوا قط في دخول عليّ والزهراء والحسنين ( عليهم السّلام ) في ما تقصده الآية المباركة[3].
ومن هنا نستطيع أن نفهم السرّ الكامن في وجوب مودّتهم والالتزام بخطّهم وترجيح حبّهم على حبّ من سواهم بنص الكتاب العزيز[4].
فإنّ عصمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) أدلّ دليل على أنّ النجاة في متابعتهم حينما تتشعّب الطرق وتختلف الأهواء ، فمن عصمه اللّه من الرجس وكان دالّا على النجاة كان متّبعه ناجيا من الغرق .
ونصّ النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) - كما عن ابن عباس - بأنّ آية المودّة في القربى حينما نزلت وسأله بعض المسلمين عن المقصود من القرابة التي أوجبت على المسلمين طاعتهم بقوله : إنّهم عليّ وفاطمة وابناهما[5].
ولا يتركنا القرآن الحكيم حتّى يبيّن لنا أسباب هذا التفضيل في سورة « الدهر » التي نزلت لبيان عظمة الواقع النفسي الذي انطوى عليه أهل البيت عليهم السّلام والإخلاص الذي تقترن به طاعتهم وعباداتهم بقوله تعالى : إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً * إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً[6].
لقد روى جمهور المفسّرين والمحدّثين أنّ هذه السورة المباركة نزلت في أهل البيت بعد ما مرض الحسنان ، ونذر الإمام صيام ثلاثة أيام شكرا للّه إن برئا ، فوفوا بنذرهم أيّما وفاء ، إنّه وفاء جسّد أروع أنواع الإيثار حتّى نزل قوله تعالى : إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً[7] فشكر اللّه سعيهم على هذا الإيثار والوفاء بما أورثهم في الآخرة وبما حباهم من الإمامة للمسلمين في الدنيا حتّى يرث الأرض ومن عليها .
[1] نور الأبصار : 100 ، وراجع تفسير : الجلالين وروح البيان والكشّاف والبيضاوي والرازي ، وصحيح الترمذي : 2 / 166 ، وسنن البيهقي : 7 / 63 ، وصحيح مسلم : كتاب فضائل الصحابة ، ومسند أحمد : 1 / 85 ، ومصابيح السنة : 2 / 201 .
[2] كما نصّت على ذلك الآية 33 من سورة الأحزاب .
[3] راجع التفسير الكبير للفخر الرازي وتفسير النيسابوري ، وصحيح مسلم : 2 / 33 وخصائص النسائي : 4 ، ومسند أحمد : 4 / 107 ، وسنن البيهقي : 2 / 150 ، ومشكل الآثار : 1 / 334 ، ومستدرك الحاكم : 2 / 416 ، وأسد الغابة : 5 / 521 .
[4] قال تعالى في سورة الشورى الآية 23 مخاطبا رسوله الكريم : قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى . وقال في سورة سبأ : ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ .
[5] راجع التفسير الكبير ، وتفسير الطبري ، والدر المنثور في تفسير آية المودّة .
[6] الانسان ( 76 ) : 9 - 12 .
[7] الانسان ( 76 ) : 5 - 7
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|