أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-7-2022
7039
التاريخ: 27-6-2022
4004
التاريخ: 6-7-2022
1328
التاريخ: 28-6-2022
2974
|
آن حياة الإنسان تمثل سلسلة متصلة الحلقات تبدأ بمولده وتنتهي بوفاته وبين البدء والانتهاء يمر الإنسان بمراحل مختلفة ينمو فيها تكوينه العضوي والنفسي ويتغير من حوله الوسط الاجتماعي، وهذا النمو والتغيير يتأثر بها السلوك الانساني ويؤثران بالتالي على الظاهرة الأجراميه(1) وقد واصل علماء الإجرام بحث مراحل العمر ومدى تأثيرهما على نسبة ارتكاب الجرائم ارتفاع وانخفاضا، رغم أنهم لم يتفقوا على مراحل النمو الانساني (2). اذ قسمها البعض إلى ثلاث مراحل: الطفولة - البلوغ - الشيخوخة (3). في حين قسمها آخرون إلى اربعة مراحل: الطفولة - المراهقة والبلوغ - النضج - الكهولة (الشيخوخة)(4)، بينما اضاف آخرون مرحلة الشباب كمرحلة متوسطة بين المراهقة والنضج (5). أما الفقه الاسلامی فقسمها إلى : الصغير - الفتوة والشباب - الكهولة – الشيخوخة (6).
أولا: مرحلة الطفولة: تمتد من الميلاد إلى ما قبل البلوغ. وفي الفقه الاسلامي تبدأ منذ الولادة حتى سن الثامنه عشر من العمر وقد قسمت المرحلة حسب التغيرات الحاصلة فيها من النمو والادراك إلى:
أ- قبل مرحلة التمييز (الصغير غير المميز): تبدأ منذ لحظة الولادة حتى سن السابعة من العمر.
ب- بعد مرحلة التمييز (الصغير المميز): تقع بين سن السابعة من العمر حتى سن المراهقة. في هذه المرحلة الطفولة) تتكون شخصية الإنسان، ويلاحظ بأن النمو العضوي (الفسيولوجي ليست له علاقة بالاجرام فالطفل في بداية حياته يعتمد كليا على امه ولايفهم الوسط الاجتماعي الآ في سن متقدمة السابعة او الثامنة من عمره فمن هذه السن يبدأ.
بالمخالفة للخروج عن طاعة والديه ومعها تثور المشاكل التي يهتم بها علم الإجرام(7). وهذا ما أكده الفقهاء المسلمين حين بینوا بأن النسان يولد على الفطرة، ولكن الستعداد نحو الخير أو الشر يولد وينمو مع الإنسان حيثمانيا. وبذلك فان الظاهرة الاجرامية لايحتمل وقوعها من الصغير الا بعد سن الخامسة من العمر.
آن مرحلة الطفولة قبل التمييز مرحلة في غاية الخطورة لأنها تمثل بداية الاستعداد لدى الطفل لتأثره بما يدور حوله في البيئة، لأن الطفل في هذه المرحلة يقلد من حوله فإن كان من يقلده صالحا وقويا وذو أخلاق فاضلة تأثر به واصبح سلوکه قوی والا انحدر في زاوية الانحراف. اما الطفل الذي تجاوز سن السادسه من العمر تتشعب مصادر لديه من المدرسة كمناهج والقائمين على شؤونها وسلوك التلاميذ وكذلك الاطفال الذين يختلط بهم في الشارع، ولكن الطفل لازال لم يميز بين الخير والشر فإن المسؤولية هنا تقع على الوالدين، ولذا فإن الشريعة الاسلامية حثت الأبوين على توجيه الصغير وتربيته على اسس قويمة مصداقا لقوله تعالى
من قتل نفسا بغير حق او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)(8) وقوله تعالى (السارق والسارقة فاقطعوا ايديها نکالا من الله والله عزيز حكيم)(9) وقوله تعالى (لاتبغ الفساد في الارض ان الله لايحب المفسدين) (10). كما أكدت الشريعة الاسلامية على القدوة الحسنة في التربية والتوجيه إذ أن قول الرسول محمد (صلى الله علیه و آله وسلم) (كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته)(11) يؤكد هذه الحقيقة أذان الامام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها.
هذا وقد أثبتت الدراسات النظرية والتجارب العلمية بأن الادراك يبدأ منذ سنة السابعة لذا فإن النظريات التربوية اخذت بقبول الاطفال في المدارس لمن بلغوا سن السادسة من العمر، ونلاحظ هنا أن الشريعة الاسلامية حثت الوالدين على تعليم ابناؤهم الذين يبلغون سن السابعة من العمر الصلاة وعند بلوغهم العاشرة يمكن انزال العقوبات التأديبية بحقهم كالملام والضرب البسيط(12). وقد اكد هذا قول الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (مروا أولادكم وهم ابناء سبع واضربوهم وهم ابناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع)
أن هذه المرحلة مهمة لأنها تتسم بقدرة الصغير على التمييز والادراك بين الخير والشر لأنه يحس بالألم عند فقدان الشيء ويحس بألم غيره. ويجدر الاشارة إلى أن التقدم العلمي ساهم في تقديم وسائل متنوعة واساليب لأجل توصيل المعلومات إلى الصغار يشكل يتناسب مع وعيهم وادراكهم. وعلى أية حال فإن الأحصاءات الجنائية لم تسجل عددا يذكر من الجرائم لكونها قليلة التي يرتكبها الشخص في هذه المرحلة لكونها قليله (13) وذلك للاسباب الآتية (14): -
أ- ضعف تكوين الطفل خلال هذه المرحلة. بقلة علاقاته الاجتماعية.
ج- أن أغلب القوانين تعتبر الطفل غير مسؤول عما يرتكب من افعال خلال
كل او جزء كبير من هذه المرحلة. د- شدة رقابة الوالدين على الصغير مقرونة بالعناية الفائقة به. ه- شعور الصغير بالقناعة وقلة المغريات لأن هذه المرحلة مرتبطة بالفطرة
السليمة بل تمثل امتدادا لها. ثانيا: مرحلة الحداثة أو المراهقة : هذه المرحلة تقع بعد مرحلة التمييز حتى سن الثامنة عشر من العمر حيث تكون طويلة يتوسطها البلوغ وتشتمل على ثلاثة اطوار هي:
أ- طور ماقبل البلوغ: يبدأ من (11-12) سنة عند البنات. ومن (13 – 14) سنة عند الذكور. ويتميز بنمو القامة والعضلات وتغير الصوت عند الذكور وظهور الثديين عند الاناث.
ب طور البلوغ: يبدأ في الثالثة عشر سنة عند البنات. والخامسة عشر سنة عند الذكور.
يتميز هذا الطور بالمتغيرات الفسيولوجية الطارئة على الصغير كالاحتلام عند الفتيان و ظهور الحيض عند الفتيات والقدرة على الزواج والانجاب.
ج- طور مابعد البلوغ: يتميز بأرتفاع الصدر وظهور الصفات الجنسية المميزة حتى سن (السادسة عشر أو السابعة عشر من العمر) عند الأناث وحتى سن الثامنه عشر من العمر عند الذكور.
ان الفرد خلال هذه المرحلة يخضع لتأثير عاملين متعارضين هما التكوين النفسي الداخلي والظروف البيئية الخارجية ومن شأن هذا التعارض دفع المراهق إلى إقتراف الجريمة(15). وخاصة أن مرحلة المراهقة تتميز بصفة عامة بنشاط الغريزة الجنسية لدى المراهق ونمو حب المغامرة وتوهج ملكة التخيل وازدياد قوة العاطفة كل هذه العوامل تهيء الفرصة للاجرام (16). أن المراهقة في الفقه الاسلامي هو ماقارب مرحلة الاحتلام ولما يحتلم بعد (17)، في حين ذهب جانب من الفقه إلى أن مرحلة المراهقة تبدأ من بلوغ الصبي سن الثانية عشر من العمر التي هي بمثابة سن التكليف بالمعروف ببلوغ الصبي دور الاحتلام او بلوغه سن الخامسة عشر من العمر. في حالة عدم ظهور علامات الاحتلام (18).
في هذه المرحلة يصبح الصبي کالجواد الجامح لايستقيم الآ بالفارس، لأنه في هذه المرحلة تنمو الغدد، وتضطرب الغرائز وتهيج، والرغبات تتدفق مما يحرص على اشباعها مع وجود الطاقة البدنية والشعور بالقوة وابتعاده عن الرقيب، هذا مما يولد لديه الصراع الذي يعد منفس لهذه الطاقات المكبوتة.
لكن الصبي في المجتمعات المحافظة قد تختفي لديه هذه الظواهر لكونه مرتبط برقابة الله تعالى بحكم توجيه المربون له نحو الخير واشعاره بقرب الله تعالى منه. ويمكن القول بأنه رغم ماقال به الفقهاء عن مخاطر هذه المرحلة لكن يمكن تجاوزها من خلال تعاون المربون من الأسرة إلى المدرسة إلى وسائل الاعلام المرئية - المقرؤةالمسموعة) هذا كله من شأنه أن يؤدي إلى أن يجعلوا من الصبي رجل المستقبل الذي بتأملونه خيرة، وعليه فإن من يمتثل لديه الوازع الاخلاقي والفضيلة فهو لايدع أمر الله فالالتزام به سيبعده عن مسلك الجريمة.
أما من انعدم لديه الوازع الاخلاقي فلايتورع عن ارتكاب الجرائم المخله بالأخلاق والسرقة والاعتداء. وبهذا فإن العلم وحده لايقوى على التربية والتوجيه، بل لابد ان يقترن بالتوجيه التربوي والخلقي اذ به يتخلى الإنسان عن مبدأ الرذيلة والابتعاد عن الجريمة، ويؤكد هذا قوله تعالى (فمن یکفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقی)(19). اما من جانب الاحصاءات الجنائية فقد بينت بأن الإجرام يبدأ من سن الثانية عشر من العمر ويزداد نسبيا مع ازدياد السن حتى سن الثامنة عشر من العمر (20).
اما انواع الجرائم التي يرتكبها المراهقون فتشغل السرقة القسم الأكبر من اجرامهم وكذلك الايذاء البدني كالضرب والجرح والجرائم المخله بالأخلاق(21).
ثالثا: مرحلة النضج: تتمثل بالفترة مابين (18- 25) سنة وتمثل اخطر مراحل العمر على الاطلاق اذ يرتفع فيها عدد الجرائم بشكل ملحوظ وهذه المرحلة تتوسطها مرحلة الشباب ففيها لايتوقف النمو ويتكامل فيها الجهاز العصبي، والظاهر ان مرحلة الشباب غير مستقلة وانا تلحق بمرحلة المراهقة لأنها لا تختلف عنها من حيث الاصابة بالأمراض العضوية والعقلية او النفسية. ولخطورة هذه المرحلة (الشباب) فقد اهتمت بها القوانين والتشريعات ولاسيما الشريعة الاسلامية بما خصت به الشباب من توجيهات وارشادات تذكي ضمائرهم وتنقي انفسهم. وأبرز مشاكل الشباب هو الجنس، وهو الغريزة التي اودعها الله في الرجل والمرأة ثم قدر حلها بأمر يسير ينسجم مع الكرامة الانسانية الا وهو الزواج الذي اباحته الشريعة، بل وحثت عليه حيث قال الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (يامعشر الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فإن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). وفي هذه المرحلة تزداد القوة البدنية والعقلية وهذا مما يجعل الشاب يشعر بالكال ثم يصاب بالغرور الذي يوقعه في المشاكل منها حوادث السيارات، وسبب ذلك اظهار القوة وحب السيطرة والانانية المتمثلة بحب الذات وعدم الاكتراث بمشاعر الآخرين. وان اساس ابتعاد الشباب عن الانحراف هو التقوى والزواج (22). حيث قال تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا التسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)(23). اما مرحلة النضج الحقيقية فتبدأ من (25) سنة وتمتد إلى (50) سنة (24)، وتتمثل هذه المرحلة بالاستقرار في المجتمعات المعاصرة الذي قد يعاصره ضعف جسدي طفيف، كما يمكن ان يصاحب في نهايتها بعض المشاكل الجنسية (25). وذلك لأن المجتمعات القديمة والريفية المعاصرة يتسم بها الاستقرار المبكر. أما المجتمعات المدنية تتعلق مرحلة الاستقرار فيها على اکیال مرحلة الدراسة الجامعية والخدمة العسكرية. وسميت هذه المرحلة في الفقه الاسلامي ب (النضج والكهولة).
أن هذه المرحلة يتحمل فيها الإنسان المسؤولية وتتبلور شخصيته وعلى هذا الاساس يفترض أن تقل نسبة الجرائم لكن الاحصاءات الرسمية تدل خلاف ذلك حيث أن سبب زيادة الجرائم يرجع إلى (26):
أ- طول هذه المرحلة التي يتصل قسم منها بالطيش والشباب.
ب- قسم منها يتعلق بالمرحلة كالفشل في تحقيق الاستقرار المادي أو الوظيفي او العاطفي، وبهذا فقد سجلت الاحصاءات بأن الفترة من (18-25) سنة تستأثر بثلث الإجرام تقريبا ويستمر معدل الإجرام بالارتفاع حتى سن (30) سنة (27).
هذا وتأخذ الجريمة بالهبوط تدريجيا إذا ماتکامل النضوج، حيث يهبط بدرجة ملموسة إبتداء من سن الأربعين من العمر حتى يبلغ الإنسان أشد عقلا وجسم حتى نهاية هذه المرحلة(28). وتأكد هذا بقوله تعالى (حتى إذا بلغ اشده وبلغ أربعين سنة قال ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه) (29). ثم تتضاءل الجريمة مابين سن الأربعين والخمسين من العمر، وذلك أن الإنسان بعمر الخمسين يكون مشمئزة عن اقتراف الجريمة لضآلة الحياة في عينيه، أو العجزه عن اقترافها روحيا أو بدنیا کردود فعل للأمور التي واكبته في الحياة والنوائب التي المت به والامراض التي اصابته، وقد يكون متمتعا بسمعة حسنة أو ذا شخصية مرموقة، هذا ولأجل أبتعاد الإنسان في هذه المرحلة عن طريق الانحراف لابد من خضوعه للتقوى والسعي والتوكل والقناعة (30). اما النساء في هذه المرحلة يزداد معدل الجريمة لديهن في الفترة مابين (40-50) سنة وهي تتعلق با يسمى (سن اليأس) حيث يصاحبها اضطرابات نفسية وعصبية بالاضافة إلى التغييرات الداخلية، اذ يؤثر كل ذلك على سلوكها ويدفعها إلى ارتكاب الجريمة بنسبة أكبر.
أما بالنسبة لأنواع الجرائم فتتمثل بجرائم السرقة والاعتداء على العرض والاعتداء على الحياة وسلامة الجسم والاجهاض والجرائم غير العمدية والاحتيال وخيانة الأمانة (31).
رابعا: مرحلة الشيخوخة: تبدأ من سن الخمسين من العمر حتى انقضاء الأجل المحتوم، وتتسم بالطول الزمني المصحوب بالطوارىء المفاجئة للانسان، حيث يتميز الإنسان بأزدياد الضعف في القدرات الجسدية وشدة الآلام وتصاحبها حالات عدم الاستقرار النفسي والقلق كالشعور بعدم الاطمئنان بسبب انتهاء الخدمة او اعتزال المهنة، ولهذه العلل تقل الجريمة كلما تقدم عمر الإنسان.
تتميز هذه المرحلة با ياتي (32) :
أ- أن نوازع الشر تستمر بعد سن الخمسين من العمر لإستمرار النوازع والدوافع الاجرامية او نشؤ نوازع جديدة.
فخلو قلب الشيخ من الوازع الديني ومخافة الله وشعوره بالوحشة والحاجة وعقوق الابناء والاحفاد له كل هذا قد يدفع الشيخ إلى اقتراف الجريمة حقدا على المجتمع.
ب- ان نوازع الجريمة قد تتأصل في نفس الشيخ اذا لم يطهرها بمنهل الخوف من الله تعالی.
فضعفه ومرضه يدفعه إلى اقتراف الجرائم بوسائل غير مباشرة معتمدة على خبراته الذهنية والفكرية معتمدة على التخطيط والتحريض وغيرها من الأساليب التي لا تحتاج للقوة البدنية.
اما الغريزة الجنسية فقد ذهب بعض الفقهاء إلى اقدام الشيخ على ارتكاب الجرائم الجنسية في مرحلة ما بين (45 - 54) سنة وقد تظهر في فترة متأخرة ما بين (55-70) سنة (33)
ج- اثبتت الأحصاءات الجنائية الرسمية انخفاض نسبة الجرائم خلال مرحلة الشيخوخة عموما، حيث يستمر معدل الجريمة بالانخفاض ثم تسكن حركته تقریبا بعد سن الستين من العمر، كما لوحظ ان اجرام الشيوخ يقل نسبته عن اجرام المراهقين (34). وسن ساته أنه لا يلجأ الشيوخ إلى جرائم العنف نظرا لضعفهم، حيث يغلب على اجرامهم الجرائم التعبيرية كالسب والقذف والاحتيال وخيانة الأمانة وجرائم الاعتداء على العرض، حيث يكون المجني عليهم غالبة من الاطفال (35). ويمكن القول بأن الظاهرة الأجراميه تبقى متقدة مالم تتدخل عوامل لإطفائها، وخير معين في هذا السبيل هو التمسك بالقرآن الكريم ومااوصى به رسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من التقوى والسعي والتوكل على الله والقناعة وصلة الأرحام وطاعة الآباء والأمهات، ويؤكد هذا قوله تعالى (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) (36). وكذلك قول النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (إفشوا السلام وصلوا الارحام) (37). وعلى أساس ذلك يمكن القول بأن منزلة الشيوخ في مجتمعاتنا الأسلامية تختلف عما هي عليه في المجتمعات الأخرى، ولهذا فإن اقترافهم الجريمة بشتى أنواعها يكون بنسبة تقل كثيرا عن الذين يصارعون الفاقة والحرمان لوحدهم ويشعرون بالوحشة والوحدة والعقوق في مجتمعات حرمت من نعمة الخوف من الله تعالى. وخلاصة القول فيما سبق يتضح بأن الظاهرة الإجرامية تختلف من حيث الكم والنوع تبعا لمراحل العمر المختلفة، ويفسر هذا الاختلاف التغييرات العضوية والنفسية وكذلك الظروف البيئية التي تحيط بالانسان خلال المراحل المختلفة من العمر التي يمر بها. وفي كل الأحوال لايعد عامل السن من العوامل المباشرة التي تفضي إلى السلوك الإجرامي، وانا هو عامل غير مباشر في إنتاج هذا السلوك، إذ هو يوقظ فقط مايصادفه من عوامل أخرى لها دور مباشر في الجريمة، أي أنه عامل مسهل التأثير عوامل اجرامية اخرى (38)
___________
1- د. علي عبد القادر القهوجي - علمي الإجرام والعقاب - الدار الجامعية للطباعة والنشر بيروت. 1984 ، ص 63 .
2- د. فوزيه عبد الستار - مبادئ علم الإجرام و علم العقاب - دار النهضة العربية القاهرة - 1978 - ص (105- 106) د. يسر انور على وأمال عبد الرحيم عثمان - علم الإجرام والعقاب - دار النهضة العربية – القاهرة 1980 - ص188/د. جلال ثروت ود. محمد زكي ابو عامر - علم الإجرام والعقاب - الدار الجامعية بيروت – 1983 ، ص (145-148).
3- د. مامون محمد سلامه اصول علم الإجرام والعقاب۔ دار الفكر العربي- القاهرة 1971 ص (203- 207)
4- د. عوض محمد عوض - مبادئ علم الإجرام مؤسسة الثقافة الجامعية - الإسكندرية 1980 ص173/د. محمد محيي الدين عوض- ، ص197د. فوزية عبد الستار المرجع السابق، ص97
5- د. محمد خلف - مبادئ علم الإجرام - ط 2 - مطابع دار الحقيقة - بنغازي 1977 ، ص (192- 194) وهناك من قسمها إلى سبع مراحل هي الطفولة والمراهقة والنضوج المبكر والنضوج المتوسط والنضوج الكامل والسن الحرجة والشيخوخة ينظر: د. أحمد عوض بلال. علم الإجرام (النظرية العامة والتطبيقات) دار الثقافة العربية القاهرة- (1984۔ 1985) - ط- ص (256-264)
6- فالصغير يسمى بالغلام حتى البلوغ وهذه المرحلة تقسم إلى قسمين: صغير غير مميز دون السابعة، وصغير مميز من السابعة حتى البلوغ، ويعرف البلوغ بالمتغيرات الفسيولوجية التي تطرا على الصغير كاحتلام الصبي وحيض البنت، أما مرحلة الفتوة والشباب تبدا من سن التاسعة عشر إلى الثلاثين، ومرحلة الكهولة تبدأ من سن الثلاثين إلى الخمسين، ومرحلة الشيخوخة تبدأ من سن الخمسين إلى نهاية العمر. ينظر: الأشباه والنظائر لاين نجيم وشرحه غمز العيون والبصائر للحموي. ج 2. ط1 - القاهرة- بلاتاريخ ص135. د. عبدالكريم زيدان - الوجيز في أصول الفقه. ط1 - دار النذير للطباعة والنشر والتوزيع – بغداد (1383، 1962م) - ص 81 .
7- د. علي عبد القادر القهوجي علم الإجرام والعقاب. مرجع سابق، ص163. وقد ذهب البعض إلى أن الجرائم تتركز في ثلاث مراحل من العمر وهي: المرحلة الأولى: بين سن الثالثة والسادسة من العمر. المرحلة الثانية: بين سن الرابعه عشر والسادسة عشر من العمر. المرحلة الثالثة: بين سن الثانية والأربعين والخامسة والأربعين من العمر معللين ذلك بخضوع العقل والنفس خلال هذه المراحل النزعات شهوانية متعددة بسبب تحول بعض الغرائز الفطرية وتغير قوة الذات. ينظر: د. عمر السعيد رمضان دروس في علم الإجرام- دار النهضة العربية- بيروت. 1972۔ صه 7/د. إسحاق ابراهيم منصور الموجز في علم الإجرام والعقاب- ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر. 1979 ص 52 ولكن هناك اتجاه پری عدم ادخال مرحلة الطفولة في الظاهرة الأجراميه نهائية، فقبل بلوغ الطفل سن التاسعة لايمكن أن تظهر في حياته افعال اجرامية، وحتى بعد بلوغه سن الثانية عشر من العمر فان هذه الأفعال لاتظهر الأعلى سبيل الاستثناء، وحجة هذا الاتجاه تكمن في أن معظم القوانين الجنائية لاتسمح بمساءلة الحدث جزائية الا اذا كان قادرا على الفهم والادراك. ينظر: د. أحمد عوض بلال مذكرات من علمي الأجرام والعقاب۔ الخرطوم- 1982 ، ص 257
8- - سورة المائدة الأية (32)
9- سورة المائدة الآية (38)
10- سورة القصص الأية (77)
11- أخرجه البخاري ومسلم برواية عبدالله بن عمر (رض)
12 - د. محمد شلال حبيب أصول علم الأجرام _مطبعة دار الحكمة بغداد ط2 ، 1990 ، ص196.
13- تشير الإحصاءات الجنائية إلى أن النسبة المئوية لاجرام الصغار غير المميزين في العراق لسنة 1979 بلغت (0.9%) ينظر: النشرة الإحصائية التي تنشرها دائرة الإحصاءات الاجتماعية، مسح الجريمة في مرحلة التحقيق (عدا المخالفات) لسنة 1979- ص 156 .
14- د. علي عبد القادر القهوجي - علمي الإجرام والعقاب - الدار الجامعية للطباعة والنشر بيروت. 1984. ص 108
15- د. محمد شلال حبيب- مرجع سابق، ص 198.
16- د. رمسيس بهنام المجرم تكوينا وتقويما۔ منشاة المعارف الإسكندرية ود. علي عبد القادر القهوجي علم الإجرام والعقاب- مرجع سابق، ص 122 .
17- الزاهر في غريب الفاظ الشافعي صنفه ابو منصور الأزهري. الكويت 1979- فقرة 273 ص 186 .
18- الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان- مطبعة السعادة1327هـ المادتين 494/495 - ص78 .
19- - سورة البقره من الآيه 256 .
20- تشير الإحصاءات الجنائية إلى أن نسبة اقتراف الجرائم في هذه المرحلة مرتفع جدا إذ يمثل عشرة اضعاف الجرائم المقترفة في مرحلة الصغير غير المميز ومرحلة الصغير المميز في مصر تشير الاحصاءات المعتمدة لعام 1982 آن عدد المتهمين بارتكاب الجنح في ذلك العام لمن تتراوح أعمارهم بین (13و19) سنة، بلغ (2233) متهما، و(2888) متهما لمن تتراوح أعمارهم بين (19و18) سنة، في حين بلغ عدد المتهمين باقتراف نفس الجرائم لمن هم أقل من (7) سنوات بلغ (273) متهما، و(861) متهما لمن تتراوح أعمارهم بين (7و9) سنوات و (3038) متهمة لمن تتراوح أعمارهم بين (9 و11) سنة و(543) لمن تتراوح أعمارهم بين (11و13) سنة . ينظر: د. أحمد عوض بلال۔ علم الإجرام- مرجع سابق، ص (207- 208)
21 - د. علي عبد القادر القهوجي- مرجع سابق، ص 158
22- يراد بالتقوى التذكير بالأوامر والنواهي التي شعت عن الخالق لتكون للناس خير منهج ونبراس، إذ الاوامر هي النور والنواهي هي الظلام وشتان مابينهما
23- سورة الروم- الآية (2)
24- لأهمية هذه الفترة وطول فترتها فقد قسمها البعض إلى مرحلتين هما مرحلة النضوج المتوسط وتمتد إلى سن الخامسة والثلاثين، ومرحلة النضوج الكامل وتمتد من سن الخامسة والثلاثين إلى الخمسين... ينظر: د. أحمد عوض بلال۔ علم الإجرام- مرجع سابق، ص (292. 293) وهناك من يسمي هاتين المرحلتين بمرحلة الكبير الشاب من (25. 35) سنة، ومرحلة الكبير الراسخ من (50.35) سنة،. ينظر: د. عبود السراج- علم الإجرام والعقاب۔ دراسة تحليلية في اسباب الجريمة و علاج السلوك الإجرامي. ط2 - الكويت. 1430هـ 1983م. ص223 .
25- د. علي عبد القادر القهوجي- مرجع سابق، ص 158 د. فوزية عبد الستار- مبادىء علم الإجرام- مرجع سابق، ص110
26- د. محمد شلال حبيب- مرجع سابق، ص207 .
27- دلت الإحصاءات الفرنسية لعام 1971 على ارتفاع نسبة الجرائم خلال هذه المرحلة إذ بلغت نسبة جرائم الأموال ( 52٫72٪) وجرائم الاحتيال ( 26,99٪) وجرائم خيانة الأمانة 23٫83٪ من الجرائم الخاصة بالشيكات. وفي نطاق جرائم الاشخاص بلغت نسبة جرائم القتل العادي والقتل المشدد والضرب المفضي إلى الموت (26٪) وجرائم الضرب والجرح العمد 10 ، 40 ٪ وجرائم القتل المرتبطة بحوادث الطرق ( 41,71 % ) وجرائم قيادة السيارة بدون ترخيص (43٪). ينظر: د. فوزية عبد الستار- مبادىء علم الإجرام وعلم العقاب۔ مرجع سابق، ص 109. د. أحمد عوض بلال۔ علم الإجرام- مرجع سابق، ص (259- 260) وفي الكويت تشير احصاءات الادارة العامة للأمن العام ادارة السجون لعام 1975 آن مرحلة الشباب تستأثر بنسبة (65,1% ) من مجموع السجناء ينظر: د. عبود السراج- علم الإجرام و علم العقاب. مرجع سابق، ص 224. أما في العراق فقد أشارت الإحصاءات الرسمية التي يصدرها الجهاز المركزي للإحصاء أن نسبة الجرائم التي اقترفها الشباب عدا المخالفات لسنة 1979 هي (20، 87٪) ينظر: النشره الأحصائيه التي يصدرها الجهاز المركزي للإحصاء - مسح الجريمة في مرحلة التحقيق (عدا المخالفات) لسنة 1979- ص 156 كما بلغت نسبة حوادث المرور التي ارتكبها الشباب لنفس السنة (22٫2 ٪) ينظر: نشرة احصاء حوادث المرور المسجلة لسنة 1979 (عدا المخالفات الجهاز المركزي للإحصاء - دائرة احصاء النقل والمواصلات. ص (96- 98) .
28- أشارت الإحصاءات الفرنسية إلى أن نسبة المحكوم عليهم في فترة العمر من (25-35) سنة قد انخفضت عن مرحلة الشباب من (461) إلى (371) كما انخفضت نسبة الجنح في مرحلة العمر ذاتها إلى ( 28,20 %) بعد أن كانت في مرحلة الشباب (31,15 ٪) كما بلغت نسبة جرائم هذه المرحلة (22%) من جرائم الأموال العادية والعنيفة، و (29,99% من جرائم الأيذاء البدني و (25%) من جرائم القتل المرتبط بحوادث السيارات، كما أشارت نفس الاحصاءات إلى أن نسبة المحكوم عليهم في فترة العمر من (35- 50) سنة لعام 1971 كانت 2,38 % من مجموع الجنايات المرتكبة، وبالنسبة للجنح كانت النسبة 25,77 ٪) فيما يتعلق بالذكور و 65،30 ٪ فيما يتعلق بالاناث، كما هبطت جرائم الفعل الفاضح العلني إلى (20%) من مجموع جرائم الفعل الفاضح المقترنة ينظر في ذلك: د. أحمد عوض بلال۔ علم الإجرام. المرجع السابق. ص (462 464 ) وتشير الاحصاءات في الكويت بأن مرحلة النضج تأتي في المرتبة الثانية بعد مرحلة الشباب، إذ تمثل نسبة ( 5،22 % ) من مجموع الجرائم. ينظر: د. عبود السراج المرجع السابق. ص 224
29- سورة الأحقاف الآية (15)
30- د. محمد شلال حبيب- مرجع سابق، ص (208- 212)
31- د. علي عبد القادر القهوجي- مرجع سابق، ص 159
32- د. محمد شلال حبيب. المرجع السابق - ص (213. 215)
33- د. رمسيس بهنام علم الإجرام- مرجع سابق، ص (289-291) د. فوزية عبد الستار- مبادىء علم الإجرام وعلم العقاب- مرجع سابق، ص 112. د. محمد خلف - مبادئ علم الإجرام - ط 2 - مطابع دار الحقيقة - بنغازي 1977 ۔ ص 194/د. يسر انور على وأمال عبد الرحيم عثمان - علم الإجرام والعقاب - دار النهضة العربية – القاهرة 1980 - ص 193 .
34- يحتل اجرام الشيوخ في الإحصاء المصري للسنوات الممتدة من (1930- 1939) نسبة (3٫5٪) من مجموع المجرمين، وفي عام 1969 يمثل إجرامهم نسبة (4,1% )من المجرمين ينظر: محمد البابلي بك. الإجرام في مصر. أسبابه وطرق علاجه. مطبعة دار الكتب المصرية القاهرة. 1941. ص100. د. فوزية عبد الستار- مرجع سابق، ص111 أما في العراق فقد بلغت النسبة المئوية لأجرام الشيوخ لعام 1979 (11,68٪) ينظر: النشرة الاحصائية التي يصدرها الجهاز المركزي للإحصاء لسنة 1979- ص 156 .
35- د. علي عبد القادر القهوجي- مرجع سابق، ص 159
36-- سورة محمد الأيتن (22 و 23)
37- محيي الدين أبي زكريا النووي الشافعي- رياض الصالحين- مصدر سابق ص 33
38- د. رمسيس بهنام- مرجع سابق، ص129/د. محمد زكي أو عامر- دراسة في علم الإجرام والعقاب۔ الدار الجامعية للطباعة والنشر- بیروت۔ 1982۔ ص146
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|