بعض مشكلات الحدود السياسية فى آسيا- مشكلة الحدود بين الصين والهند |
2094
05:49 مساءً
التاريخ: 19-5-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-1-2021
1966
التاريخ: 5-1-2021
1730
التاريخ: 2023-02-24
1041
التاريخ: 30-1-2022
1546
|
مشكلة الحدود بين الصين والهند:
تعد الصين والهند من أكبر دول قارة آسيا مساحة وسكانا بعد استبعاد روسيا، ولذلك فإن من الطبيعي لتجاور مثل هاتين الدولتين أن تصطدم مصلحة كل منهما لمواجهة حاجة سكانهما، وللتباين الواضح بينهما، والتطور السياسي الذى تتميز به كل من الدولتين رغم التشابه فى كونهما متميزتين بحضارات قديمة وقد خضعت الدولتان خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر لسيطرة القوى الاستعمارية فقد كانت الهند تحت السيطرة المباشرة لبريطانيا، بينما كانت الصين تحت نفوذ القوى الأوربية بطريق غير مباشر.
ورغم معاناة كل منهما من السيطرة الأجنبية التى كان من المفروض أن تفرض عليهما التعاون للتخلص منها، إلا أن النزاع بينهما نشب أخيرا حول الحدود السياسية بينهما، ثم تطور إلى حرب بينهما فى عام ١٩٦٢. ولم تكن الهند أو الصين سببا مباشرا فى خلق هذا النزاع بسبب الحدود، وإنما جاء نتيجة للسلوك السياسي الذى اتبعته كل من القوى الاستعمارية البريطانية فى الهند من ناحية، وبين حكومات المانشو والجمهورية الصينية المنهارة من ناحية أخرى.
والحدود السياسية المتنازع عليها بين الدولتين تمتد لمسافة ٢٢٠٠ ميل (شكل31) وتنقسم إلى ثلاثة أقسام :
أ- القطاع الغربي: ويمتد لمسافة110أميال، ويتضمن الحدود المشتركة بين كشمير من جهة وإقليم سينكيانج (التركستان الصينية) والتبت من جهة أخرى.
والمنطقة الحدودية المتنازع عليها فى هذا القطاع تبلغ مساحتها 15000 ميل مربع وتنقسم إلى قسمين: الأول منهما يتعلق بالجزء الواقع فى الجهة الشرقية من إقليم لاداخ المجاور لكشمير، أما الجزء الثاني من منطقة النزاع فهو الذى تشترك فيه منطقة شرق البنجاب فى حدودها مع التبت وخصوصا قرب شوشول ودمشوك التى تقع على نهر السند.
ب- القطاع الأوسط: ويمتد هذا القطاع لمسافة400 ميل على امتداد جبال الهملايا ابتداء من نهر سوتلج حتى حدود نيبال ومناطق النزاع فى هذا القطاع هى منطقة باراهوتى قرب ممر شيبكى ومساحتها نحو 200ميل مربع.
ج- القطاع الشرقي: ويعد هذا القطاع من أكبر القطاعات المتنازع عليها بين الصين والهند، فهو يمتد عبر سلاسل الهملايا لمسافة نحو700 ميل ما بين دولة بوتان وبورما وقد ثبتت الحدود بين الصين والهند فى هذا القطاع سابقا على أساس خط مكماهون، إلا أن الصين لم تعترف بهذا الحد وتطالب بإعادة النظر فى هذه الحدود بحيث يصبح جزءا من هذه الجبال داخل الحدود الصينية.
ومن المشكلات الطبيعية فى منطقة الحدود بين الهند والصين وقوع خط تقسيم المياه بين حوض نهر السند ونهر تاريم في سينكيانج فى أقصى شمال ولاية جامو لا410٦ل وكشمير، أى فى الطرف الغربي من سلسلة جبال كراكورام عند التقاء الباكستان بالصين. ورغم وجود هذه الحدود كفواصل بين أفغانستان فى الغرب حتى ممر كراكورام فى الشرق طوال النصف الأول من القرن العشرين إلا أنها لم تشكل حدودا سياسية معترفا بها من قبل الطرفين.
أما إلى الشرق من المرتفعات الجبلية الشمالية من الهند فيصعب تمييز الحد الفاصل بوضوح بين مرتفعات كشمير وبين امتدادها شرقا حتى التبت. فليس هناك حاجز جبلي واضح للفصل، وإنما توجد حافات لبعض المرتفعات التى تشكل فى مجموعها هضبة التبت الواسعة التى تتراوح فى ارتفاعها بين ١٢، ١٥ ألف قدم فوق قمم المرتفعات المجاورة، بينما توجد السهول الهندية أسفل هذه القمم.
وللانتقال بين التبت والسهول الهندية لابد من اجتياز سلاسل الهملايا المعقدة لأن نطاقها مقطع إلى عدد كبير من الخوانق ذات المجارى المائية الممتدة عبر الهيمالايا باتجاه الجنوب حتى سهول الهند.
أما بالنسبة لسكان مناطق الحدود فإنهم يتكونون من شعوب خليطة ومجموعات متداخلة فعلى الرغم من وجود سلاسل جبال الهيمالايا كحاجز بين الصين والهند، إلا أنه أمكن عبر مسالكها الضيقة مرور مجموعات صغيرة ذهابا وإيابا من كل منهما، مما أدى إلى الاندماج بين شعوب المنطقة، كما يبدو من انتقال جزء كبير من سكان نيبال واستقرارهم فى السهول. كما استقر جزء منهم فى جنوب دولة بوتان مكونين أقلية ذات نفوذ بالإضافة إلى أقلية أخرى فى الهند. كما انتقلت من التبت مجموعات مغولية الأصل إلى إقليم لا داخ المتنازع عليه، وإلى القطاع الأوسط على امتداد الهيمالايا، وكما انتقلت من التبت عناصر تبتية الأصل إلى الطرف الشرقي من نيبال.
ولذلك فإن حركة السكان هذه أدت إلى تعقيد فى التركيب السكاني فى مناطق الحدود مما أدى إلى اختلاف فى الولاء الوطني للسكان، ولذلك أصبح تخطيط حدود سياسية فاصلة بين هذه المجموعات غير واضحة المعالم يعد أمرا صعبا، إذ من المؤكد أن تخطيط حدود سياسية فى مثل هذه المناطق ستواجه بردود أفعال من قبل سكان هذه المناطق نظرا للعلاقات المتشابكة بينهم كما يحدث بال نسبة للقبائل العربية فى صحارى الوطن العربي.
وقد أسهمت بريطانيا بدور كبير فى خلق مشكلات الحدود بين الهند والصين وذلك بهدف إيقاف التوغل الروسي (الشيوعي) فى اتجاه الهند، كما كانت إستراتيجية بريطانيا فى الهند تسعى لأن يكون لها نفوذ قوى فى التبت لدرجة يصبح من المستحيل أن تحل أى دولة محلها، ثم لمبدئها فى سياسة "فرق تسد".
ولذلك أصدرت السلطات البريطانية فى الهند فى عام ١٨٩٦ خرائط الحدود الهندية التى أدخلت بموجبها منطقة «اكساى تشين» ضمن الأراضي الهندية مما أثار الصينيين المقيمين فى مقاطعة سينكيانج، غير أن النزاع الذى كان قائما بين إمارة «هنزا» التى كانت واقعة عند الحدود الشمالية الغربية من كشمير وبين الصين وما يحتمل حدوثه من تدخل روسيا فى هذا الموضوع ما دفع حكومة الهند إلى إعادة النظر فى خرائط الحدود، كما اقترحت إعطاء منطقة «اكساى تشين" وحوض «قرقاش» إلى الصين بشرط أن تعترف الصين بمطالب إمارة هنزا المتعلقة بالجزء الغربي من تاغد ومباش بامير.
ولكن بريطانيا ظلت فى تدخلها فى شئون الأقاليم المجاورة للهند فأوعزت إلى «كيرزون» نائب الملك فى الهند أن يرسل حملة إلى التبت بمجرد سماعها أن «الدلاى لاما» وقع تحت تأثير راهب بوذي روسي الأصل، وأرسلت الحملة فعلا فى عام ١٩٠٤ ودخلت العاصمة «لهاسا» فهرب الدلاى لاما على أثر ذلك إلى منغوليا واستمر بها حتى عام ١٩٠٩ عندما عاد مرة أخرى إلى لهاسا.
وأثناء وجود القوات البريطانية فى التبت عقدت بريطانيا معاهدة مع السلطات المحلية تقضى بإزالة الحواجز الجمركية بين التبت والهند و بعدم السماح للتبت أن تتنازل عن أى جزء من التبت لجهة أجنبية أخرى مما أثار الصين التى دعت الهند للتفاوض معها حول التبت، وأسفر هذا التفاوض عن توقيع معاهدة بين بريطانيا والصين فى عام ١٩٠٦ حول ما يتعلق بالتبت، ثم تبعتها معاهدة أخرى مع روسيا فى عام ١٩٠٧ وفيها اعترفت روسيا بمصالح بريطانيا فى التبت، كما اتفق على عدم الدخول فى أى مفاوضات مع التبت إلا عن طريق الصين.
وفى عام ١٩١٤عقد مؤتمر فى مدينة «سملا » الهندية بدعوة من الحكومة البريطانية لدراسة المشكلات الحدودية بين الهند والصين، وحضر هذا المؤتمر ممثلون عن بريطانيا والصين والتبت. وقد تقدمت بريطانيا بمشروع يقضى بتقسيم التبت إلى نصفين، أحدهما داخلي تديره الصين، والآخر خارجي يتمتع باستقلال ذاتي، ولكن الصين لم توقع على هذه الاتفاقية نظرا لاعتراضهم على الحدود المخططة بين الصين والتبت . وقد اعترفت اتفاقية سملا ضمنيا بخط مكماهون (ممثل بريطانيا فى المؤتمر) الذى حدد الحدود بين الهند والتبت ابتداء من بوتان باتجاه الشرق، ولكن الصين لم تعترف بهذا الاتفاق واعتبرته غير قانونى نظرا لانسحابها من المؤتمر قبل التوقيع، واعتبروا أن توقيع التبت لا يعبر إلا عن نفسها فقط، وهذا ما لم تعترف به الصين إطلاقا، وظلت تكافح من أجل مطالبها فى التبت.
ومنذ إعلان الصين قيام جمهورية شيوعية في عام ١٩٤٩ وهى تؤكد على حقوقها فى حدودها مع الهند، ولذلك أعلنت الصين في عام ١٩٥٠ رغبتها فى تحرير التبت، ودخلت بقواتها أراضي التبت وأعلنت احتلالها لدولة الدالاي لاما بشكل نهائي، واعترفت الهند بذلك مما سبب نوعا من التقارب بين الصين والهند انتهى بعقد اتفاقية بينهما فى عام ١٩٥٤ تضمن الحقوق التقليدية للصين فى التبت، كما تضمنت هذه الاتفاقية الاحترام المتبادل بين الدولتين وعدم الاعتداء.
ولكن ما لبث هذا الصراع أن بدأ من جديد بين الهند والصين فى عام ١٩٥٧ ولا سيما فى إقليم لاداخ فى القطاع الغربي وذلك عند قيام الصين بإنشاء طريق «إكساى تشين» عبر الأراضي الهندية مما أثار الهند التى تقدمت باحتجاج على هذا التصرف. كما قامت الصين بتهجير عدد كبير من سكانها إلى التبت، وأنشأت شبكة كبيرة من الطرق تمتد من غرب الصين إلى لهاسا عاصمة التبت التى تمر عبر نقاط مهمة على الحدود الهندية كما قامت بتحويل صادرات التبت إلى أسواقها بدلا من اتجاهها نحو الهند.
وقد لقيت محاولات الصين هذه مقاومة داخلية من سكان التبت انتهت بقيام حرب شاملة بينها وبين الصين فى عام ١٩٥٩، وكان من نتائجها هروب الدالاى لاما وكثيرين من أتباعه إلى بلدة «موسورى» الواقعة أسفل الهملايا شمال شرقي نيودلهي، وقد وجدوا ترحيبا من الهند، كما سمحوا لعدد كبير من سكان التبت بحق اللجوء السياسي إليها.
وقد أدت هذه الأحداث إلى توتر فى العلاقات بين الصين والهند وإلى إثارة موضوعات الحدود بينهما من جديد، وانتهى ذلك بعبور القوات الصينية لخط مكماهون بشكل مفاجئ فى عام ١٩٦٢ طالبة إجراء مباحثات حول القطاع الشرقي واعتباره مشكلة ملحة تتطلب الحل، الأمر الذى لم تقبله الهند. وانتهى الأمر بالصدام المسلح بينهما الذى اتسع نطاقه عند الحدود الشرقية.
ونظرا لعدم تكافؤ القوى بين الهند والصين استطاعت الصين التوغل بقواتها حتى نهايات سهول «براهما بترا» ثم اتسع نطاق الصدام بينهما وخاصة فى منطقة لاداخ، واستطاعت بذلك الصين إجلاء القوات الهندية من معظم نقاط الحدود، واحتلت الصين مساحة نحو ه ١ ألف ميل مربع فى منطقة لاداخ الواقعة فى القطاع الغربي، ولكنها انسحبت من القطاع الشرقي حتى خط مكماهون تجنبا للصراع مع الهند فى هذا القطاع الذى تتفوق فيه قوة الهند على الصين.
وفى عام ١٩٦٢ عقد مؤتمر «كولومبو» بدعوة من دول عدم الانحياز لحل الخلاف بين الهند والصين انتهى إلى ما يلي:
أ- في القطاع الحدودي الغربي تنسحب القوات الصينية لمسافة ٠ ٢ كم من مواقعها العسكرية، وعلى أن تحتفظ الحكومة الهندية بمواقعها، وتصبح المنطقة التى انسحبت منها الصين منطقة منزوعة السلاح تدار من اتفاق بين الطرفين.
ب- في قطاع الحدود الشرقية يبقى خط السيطرة الفعلية بمثابة خط وقف إطلاق النار بين الدولتين. أما المناطق الأخرى فى هذا القطاع فتتم تسويتها بمباحثات ثنائية بين كل منهما.
ج- في القطاع الأوسط تحل المشكلات المتعلقة بالحدود فى هذا القطاع بالطرق السلمية بينهما.
ولكن الصين عادت لتطالب الهند بمطالبها الإقليمية فى القطاع الشرقي الذى يقع جنوب خط مكماهون، ويرجع ذلك لاختلاف التوازن العسكري بينهما بعد قيام الصين بتفجيرها النووي ى عام ١٩٦٤ ، إلا أن ذلك دفع الهند إلى السعي نحو بناء قوتها النووية لمواجهة الصين والذى انتهى بقيام الهند بتفجيرها النووي عام ١٩٧٥ واستمرارها فى هذا الاتجاه مما دفع الصين إلى الإعلان عن استعدادها للتفاوض مع الهند فى كل مشكلات الحدود.
وقد تأثر الصراع بين الهند والصين بالتوازن الدولي الذى كان سائدا قبل تفكك الاتحاد السوفيتي، ورغم تفكك الاتحاد السوفيتي واختلال موازين القوى العالمية فإن مشكلة الحدود لم تحل حلا نهائيا حتى الآن رغم الهدوء النسبي السائد بين الدولتين فى مناطق الحدود.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|