أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-10-2015
3411
التاريخ: 7-11-2017
3729
التاريخ: 12-02-2015
3647
التاريخ: 12-4-2016
3584
|
وصل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) إلى ( قبا ) بسلام ، واستقبلته جموع الأنصار ، ومن هناك بعث بكتابه إلى عليّ ( عليه السّلام ) يأمره فيه بالمسير إليه والإسراع في اللحاق به ، وكان قد أرسل إليه أبا واقد الليثي ، وحين وصل اليه كتاب رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) اشترى عليّ ( عليه السّلام ) الركائب وأعدّ العدّة للخروج ، وأمر من بقي معه من ضعفاء المسلمين أن يتسلّلوا ويتخفّفوا[1] إذا ملأ الليل بطن كلّ واد إلى ذي طوى [2]، وبدأت المهمّة الشاقّة الثالثة أمام عليّ ( عليه السّلام ) وهي الرحيل برفقة النساء نحو يثرب ، وخرج هو ومعه الفواطم : فاطمة بنت رسول اللّه ، وامّه فاطمة بنت أسد ، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب ، وفاطمة بنت حمزة ، وتبعهم أيمن مولى رسول اللّه وأبو واقد الليثي[3].
وتولّى أبو واقد الليثي سوق النياق ، ولشدّة خشيته كان يحثّ الخطى سريعا حتى لا يلحق بهم الأعداء .
وعزّ على عليّ ( عليه السّلام ) أن يرى نساء بني هاشم على تلك الحالة من الجهد والعناء من سرعة الحركة ، فقال ( عليه السّلام ) : ارفق بالنسوة أبا واقد ، إنّهن من الضعائف .
وأخذ ( عليه السّلام ) بنفسه يسوق الرواحل سوقا رقيقا ، وهو ينشد ليبعث الطمأنينة في نفوس من معه :
وليس إلّا اللّه فارفع ظنّكا * يكفيك ربّ الناس ما أهمّكا
واستمرّ عليّ ( عليه السّلام ) على هدوئه في قيادة الركب حتى شارف على قرية في الطريق تسمى « ضجنان » وهناك أدركته القوّة التي أرسلتها قريش للقبض عليه ومن معه وإعادتهم إلى مكّة ، وكانوا سبعة فوارس من قريش ملثّمين معهم مولى لحرب بن أمية اسمه « جناح » ، فقال عليّ ( عليه السّلام ) لأيمن وأبي واقد : أنيخا الإبل واعقلاها ، وتقدّم هو فأنزل النسوة ثمّ استقبل الفوارس بسيفه ، فقالوا له : أظننت يا غدّار أنّك ناج بالنسوة ، إرجع لا أبا لك .
فقال ( عليه السّلام ) : فإن لم أفعل ؟ . . فازدادوا حنقا وغيظا منه ، فقالوا له : لترجعنّ راغما أو لنرجعنّ بأكثرك شعرا وأهون بك من هالك .
ودنا بعضهم نحو النياق ليفزعوها حتى يدخلوا الخوف والرعب إلى قلوب النسوة ، فحال عليّ ( عليه السّلام ) بينهم وبين ذلك ، فأسرع نحوه جناح وأراد ضربه بسيفه فراغ عنه عليّ ( عليه السّلام ) وسارعه بضربة على عاتقه فقسمه نصفين حتى وصل السيف إلى كتف فرس جناح [4]، ثمّ شدّ على بقية الفرسان وهو راجل ، ففرّوا من بين يديه فزعين خائفين .
وقالوا : احبس نفسك عنّا يا ابن أبي طالب ، فقال لهم : فإنّي منطلق إلى أخي وابن عمّي رسول اللّه ، فمن سرّه أن أفري لحمه وأريق دمه فليدن منّي ، فهرب الفرسان على أدبارهم خائبين .
ثمّ أقبل ( عليه السّلام ) على أيمن وأبي واقد وقال لهما : أطلقا مطاياكما ، فواصل الركب المسير حتّى وصلوا « ضجنان » فلبث فيها يوما وليلة حتى لحق به نفر من المستضعفين ، وبات فيها ليلته تلك هو والفواطم يصلّون ويذكرون اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبهم حتى طلع الفجر ، فصلّى بهم عليّ ( عليه السّلام ) صلاة الفجر ، ثمّ سار لوجهه يجوب منزلا بعد منزل لا يفتر عن ذكر اللّه حتى قدموا المدينة .
وقد نزل الوحي قبل قدومهم بما كان من شأنهم وما أعدّه اللّه لهم من الثواب والأجر العظيم بقوله تعالى : الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ . . . فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ . . . فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا . . . وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ . . . وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ[5].
وكان رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) في « قباء » نازلا على عمرو بن عوف ، فأقام عندهم بضعة عشر يوما يصلّي الخمس قصرا ، يقولون له : أتقيم عندنا فنتّخذ لك منزلا ومسجدا ؟ فيقول ( صلّى اللّه عليه وآله ) : لا ، إنّي أنتظر عليّ بن أبي طالب ، وقد أمرته أن يلحقني ، ولست مستوطنا منزلا حتى يقدم عليّ ، وما أسرعه إن شاء اللّه [6]!
وحين وصل عليّ ( عليه السّلام ) ؛ كانت قدماه قد تفطّرتا من فرط المشي وشدّة الحرّ ، وما أن رآه النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) على تلك الحالة ؛ حتى بكى عليه إشفاقا له ، ثمّ مسح يديه على قدميه فلم يشكهما بعد ذلك[7].
ثمّ إنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) لمّا قدم عليه عليّ ( عليه السّلام ) ؛ تحوّل من قباء إلى بني سالم ابن عوف وعلي معه ، فخطّ لهم مسجدا ، ونصب قبلته ، فصلّى بهم فيه ركعتين ، وخطب خطبتين ، ثمّ راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها وعليّ لا يفارقه ، يمشي بمشيه ، وأخيرا نزل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) عند أبي أيوب الأنصاري وعليّ معه حتى بنى له مسجده وبنيت له مساكنه ، ومنزل عليّ ( عليه السّلام ) فتحوّلا إلى منازلهما[8].
[1] يتخفّفوا : لا يحملوا معهم شيئا يثقل عليهم .
[2] ذي طوى : موضع قرب مكة .
[3] أمالي الطوسي : 2 / 84 ، وعنه بحار الأنوار : 19 / 64 .
[4] بحار الأنوار : 19 / 65 .
[5] آل عمران ( 3 ) : 191 - 195 ، راجع بحار الأنوار : 19 / 66 - 67 .
[6] روضة الكافي : 339 .
[7] بحار الأنوار : 19 / 64 ، والمناقب لابن شهرآشوب : 1 / 182 ، والكامل لابن الأثير : 2 / 106 .
[8] روضة الكافي : 339 - 340 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|