أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-08-2015
1017
التاريخ: 2-08-2015
1026
التاريخ: 2-08-2015
2511
التاريخ: 2-08-2015
2238
|
النبوة العامة بعد أن ثبت وجود الخالق الحكيم، تثبت بذلك ضرورة وجود النبوة والنبي.
ضرورة
التعليم والتربية الإلهية:
لكي نفهم
احتياج البشر إلى هداية الأنبياء، لابد أن نعرف طبيعة خلقة الإنسان، والهدف من
خلقته، والعوامل الموصلة إلى ذلك الهدف والمعيقة عنه.
ولا يتسع
هذا الموجز للوصول إلى عمق هذه المباحث، كما يظهر ذلك من العناوين المطروحة، لكن
نشير إلى بعض الجهات بقدر الضرورة:
الجهة
الأولى:
إن
الإنسان موجود له غرائز مختلفة، وحياته تبدأ من أضعف مراتبها التي هي الحياة
النباتية، وتصل إلى الحياة العقلانية، بل إلى أرقى منها، فإن المؤمن ينظر بنور
الله (1).
والإنسان
مخلوق مركب من طبع وعقل، وجسم ذي حاجات محدودة، وروح ذات مطلوبات غير محدودة، وهو
في تساميه وتعاليه أعلى من الملائكة، وفي تسافله وتنزله أحط من البهائم.
"عن
عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)،
فقلت: الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه
السلام): إن الله عز وجل ركب في الملائكة عقلا بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا
عقل، وركب في بني آدم كليهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت
شهوته عقله فهو شر من البهائم" (2).
وكان هذا
الخلق في غاية الإبداع بحيث صار - بعد تسويته ونفخ الروح المضاف إلى الله تعالى (3)
فيه - مخلوقا استثنائيا من بين كل الموجودات، وتظهر عظمة خلقه من قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ
خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14].
والإنسان
يدرك أنه لم يخلق لحياة مادية محدودة، فإن الحكمة توجب أن تكون الأدوات متناسبة مع
العمل المطلوب منها، والخلقة متناسبة مع الهدف منها، فلو كانت الحياة التي خلق من
أجلها حياته الدنيوية فقط، لكانت قوة الشهوة التي تجلب الملائمات وقوة الغضب التي
تدفع المنافرات كافيتين له، ولم يكن موجب لأن يعطى عقلا متطلعا إلى علم غير محدود،
مشتاقا إلى التجمل بالكمالات الأخلاقية والعملية، وفطرة لا تقنع بأي مقام يصل
إليه، بل تتعطش ما هو أعلى منه، فإعطاء الإنسان ذلك العقل وتلك الفطرة دليل على
أنه مخلوق لحياة غير محدودة، كما ورد في الحديث النبوي الشريف: "ما خلقتم
للفناء بل خلقتم للبقاء، وإنما تنقلون من دار إلى دار" (4).
ومن ناحية
أخرى، إن حكمة الحكيم على الإطلاق تدلنا على أن كل قوة
أودعها في
الموجود فقد هيأ لها عوامل الوصول إلى مرحلة فعليتها، لأن إفاضة قوة لا تتحول إلى
الفعل أصلا، وطلب لا يصل إلى المطلوب، لغو وعبث، تعالى الله عنهما.
فأنت ترى
أن العلم والقدرة المطلقة، عندما أعطى قوة الإثمار للحبة، خلق لها الماء والتراب
والهواء، وجعل لها فيها عوامل وصولها إلى هدفها!
وعندما
أعطى نطفة الإنسان قوة التحول إلى أعضاء وجوارح، خلق لها الرحم وعوامل فعليتها
فيه!
فكيف يمكن
أن يخلق الله بذرة عقل الإنسان، ويودع فيها قوة الوصول إلى ثمرة العلم والعمل،
ويخلق روح الإنسان اللطيفة ويودع فيها استعداد الوصول إلى الكمال العلمي والخلقي
والعملي، إلى أن يصل إلى معرفة الله بالله، ثم لا يهئ للعقل عوامل بلوغه إلى ثمره،
والشرائط التي توجب فعلية استعداد النفس الإنسانية لأعلى مراتب الكمالات العلمية
والعملية، ووصول الروح إلى أوج فعليتها؟!
وكيف يمكن
أن لا يهدي الإنسان إلى الغرض المقصود من خلقته؟!
فهل يمكن
أن يخصص قانون {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50] ويستثنى منه خلق الإنسان؟!
كلا،
ولهذا كانت ضرورة الهداية الإلهية لإيصال الإنسان إلى الهدف من خلقه واضحة {وَنَفْسٍ وَمَا
سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7، 8].
الجهة
الثانية:
إن
الإنسان بفطرته يبحث عن صانعه وخالقه، يريد أن يعرف من هو الذي أوجده بعد أن لم
يكن، وأعطاه هذه الجوارح والأعضاء والقوى {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ
نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } [لقمان: 20]، وأنعم عليه بما لا يعد ولا يحصى {وَإِنْ تَعُدُّوا
نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18].
ويريد أن
يعرف هذا المنعم الحقيقي، ليقوم بوظيفته العقلية، وهي شكر المنعم الحقيقي.
ومن ناحية
أخرى يدرك الإنسان أن الله تعالى - الذي هو خالق الحس والمحسوس، والوهم والموهوم،
والعقل والمعقول، السبوح القدوس عن جميع النقائص والقبائح، الذي لا يتناهى جماله
وكماله - أعظم وأعلى وأجل من أن يكون طرفا لخطاب مخلوق مملوء بالجهل والخطأ
والهوى، فيجيبه مباشرة على أسئلته، ويوجهه إلى ما يجب ويحرم عليه في أيام حياته.
فلابد من
وجود واسطة بين الله تعالى وبين خلقه، له صورة الإنسان وصفاته ليتعامل مع الناس،
وله عقل منزه عن الخطأ، ونفس مقدسة عن الهوى، وسيرة ربانية، ليكون - على وفق قانون
تناسب الفاعل والقابل - أهلا لتنوره بنور الوحي، ولتلقي الهداية والمعرفة من الله
تعالى، فيفتح أبوابها للبشر، وينقذ الإنسان من تفريطه في تعطيل العقل عن معرفة
الله، ومن إفراطه في تشبيه الحق بالخلق، ويهديه إلى الدين القيم والصراط المستقيم {وَأَنَّ هَذَا
صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ
عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153]
الجهة
الثالثة:
الإنسان
له قدرات فكرية يستطيع بها أن يستكشف عددا من أسرار الطبيعة وقوانينها، ويستخدم
بعض طاقاتها، وفيه أهواء نفسانية وقوى شهوانية وغضبية توسعية خطيرة، لا تقف عند
حد، وهذه خاصية طبيعة الإنسان.
ولهذا
ارتبط صلاح الأرض وفسادها بصلاح الإنسان وفساده {ظَهَرَ الْفَسَادُ
فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ } [الروم: 41] ، بل بمقتضى قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الجاثية: 13] فإن صلاح الكرات الأخرى وفسادها مرتبط
بالإنسان أيضا.
والذي
يضمن إصلاح هذا الموجود، إنما هو الهداية الإلهية، التي تحقق له الاعتدال الفكري
بالعقائد الحقة، والاعتدال الروحي بالأخلاق الفاضلة، والأعمال الصالحة.
الجهة
الرابعة:
إن حياة
الإنسان بسبب حاجاته المختلفة مرتبطة بالمجتمع، وهذا الارتباط يستتبع التأثير
والتأثر المتقابل، فيوجب ذلك حقوقا مختلفة للأفراد والمجتمع لإبقاء للحياة
الاجتماعية إلا بإحقاقها، ولا يمكن إحقاقها إلا بوضع وإجراء
قوانين
صحيحة مصونة من النقص والخطأ، معصوم واضعها ومنفذها عن التأثر بالمصالح الشخصية
والانحراف عن الحق والعدالة.
وهذا لا
يتحقق إلا في الشرائع الإلهية، وفي الأنبياء الذين يبلغونها وينفذونها {لَقَدْ أَرْسَلْنَا
رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ
النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25].
* * وبعد
أن اتضح ضرورة هداية الإنسان إلى المبدأ والمعاد والهدف من خلقه، واتضح لزوم
إيصاله إلى كماله النظري والعملي، ولزوم تعديل قواه النفسانية، وتأمين حقوقه
الفردية والاجتماعية، يتضح أن هذه الأهداف لا تتيسر إلا عن طريق الوحي والنبوة،
وكفاية هذه المهمات لا تتحقق بالفكر الذي لا يصون عن الخطأ وباليد المغلولة بقيد
الهوس والهوى.
إن مصباح
فكر الإنسان مهما كان قويا، ليس بإمكانه أن يضئ النقاط المبهمة والمجهولة في
فطرته، ويستغني في مسيرة حياته عن الأنبياء وهدايتهم (عليهم السلام).
لقد بذل
نوابغ البشر جهودهم في البحث عن أسرار العالم، فتصوروا أنهم توصلوا إلى نتائج
ونظريات افتخروا بكشفها، وصدقها الناس، ومضت قرون وأجيال على التصديق بها، فإذا هي
أوهام باطلة!
فهذه
نظريتهم القائلة إن بدن الإنسان يتركب من العناصر الأربعة، وأن أمراضه تنشأ من
الطبائع الأربع، انكشف بطلانها!
وهذه
نظريات القدماء عن تكوين الكون من عناصر التراب والماء والهواء والنار، وأن
الأجرام السماوية لا تقبل الخرق والالتئام، ذهبت هباء أمام ما اكتشفه العلم!
وها هو
الإنسان عرف أنه لم يكن يفهم تركيب بدنه الذي هو أقرب الأشياء إليه! ولا كان يعرف
أسباب مرضه وصحته، وأن كثيرا من أفكاره حول الطبيعة والكون، وعن القمر الذي هو
أقرب الكواكب إليه، لم تكن غير أوهام خاطئة!
فهل يمكن
أن يكون هذا الفكر هاديا للإنسان إلى معرفة المبدأ والمعاد، وإلى موجبات سعادته
وشقائه؟! كلا!
بل كيف
يمكن لفكر الإنسان العاجز عن معرفة الأسرار المخبأة في داخل ذرة من الذرات، أن
يعرف بداية خلق الإنسان والكون، ونهاية الإنسان والعالم، وأن يعرف ما يهديه إلى
المبدء والمعاد، وإلى موجبات سعادته وشقائه!
قال أمير
المؤمنين (عليه السلام): " فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم
ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن
العقول، ويروهم آيات المقدرة " (5).
_________________________
(1) الكافي ج 1 ص 218 (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله عز وجل).
(2) علل
الشرائع ج 1 ص 4 باب 6 ح 1.
(3) إشارة إلى الآية
الكريمة: * (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) * سورة الحجر: 29.
(4) بحار الأنوار
ج 6 ص 249.
(5) نهج
البلاغة، الخطبة الأولى.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|