أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1573
التاريخ: 1-07-2015
1765
التاريخ: 1-07-2015
4388
التاريخ: 1-07-2015
1501
|
قال : ( وأمّا النفس فهي كمال أوّل لجسم طبيعيّ آليّ ذي حياة بالقوّة ).
أقول : هذا هو البحث عن أحد أنواع الجوهر ،
وهو البحث عن النفس الناطقة.
وقبل البحث عن أحكامها شرع في تعريفها.
اعلم أنّ النفس ـ كما يستفاد من كلمات
القوم ـ جوهر مجرّد مفارق عن المادّة في ذاته دون فعله، ويدبّر في البدن تدبير
الملك المقتدر بالقدرة التامّة في مملكته ، ولهذا ورد : « من عرف نفسه فقد عرف
ربّه » (1) فإنّ النفس إذا أرادت من العين الانفتاح تنفتح من غير حاجة إلى كلام ،
وكذا سائر الأعضاء والجوارح في آثارها بحيث إذا أرادت أمرا يكون ، فإذا عرف تسلّط
الرئيس الممكن على مرءوسه على هذا المنوال ، عرف ربّه الواجب ذا الجلال ، وإن
احتمل الحديث غير ذلك المعنى أيضا كالتعليق بالمحال.
وقد يطلق لفظ النفس على المادّي كالنفس
الجمادية التي هي مبدأ حفظ التركيب ، والنفس النباتيّة التي هي مبدأ التغذية
والتنمية والتوليد ونحوها ، والنفس الحيوانيّة التي هي مبدأ الحسّ والحركة
الإراديّة ويجعل النفس الأرضيّة اسما لهما.
وقد يطلق على النفس الحيوانيّة الروح
البخاري ، وهو البخار الراكب للدم الحامل له ، ويقال له بالفارسيّة « جان » كما
يقال للنفس الناطقة بالفارسيّة « روان » قال الله تعالى : {وَنَفْسٍ وَمَا
سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا
* وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } [الشمس: 7 - 10] ولها باعتبار الآثار قوّة عاقلة مسمّاة
بالعقل النظري كالنفس ، وقوّة عاملة تحرّك بدن الإنسان إلى الأفعال الجزئيّة
بالفكر والرويّة مسمّاة بالعقل العملي كالنفس.
وللقوّة العاقلة مراتب أربع :
الأولى : العقل الهيولاني المستعدّ
للمعقولات.
الثانية : العقل بالملكة لحصول المعقولات
البديهية بنحو الإحساس الموجب لحصول ملكة استعداد الانتقال إلى النظريّات.
الثالثة : العقل بالفعل بحصول المعقولات
النظريّة وكونها مخزونة من غير استحضارها.
الرابع : العقل بالمستفاد باستحضار
المعقولات المكتسبة.
وللعاملة أيضا مراتب :
الأولى : مرتبة النفس الأمّارة من جهة غلبة
الغضب والشهوة.
الثانية : اللوّامة.
الثالثة : القدسيّة بتوسّط القوّة الشهويّة
بالعفّة ، والغضبيّة بالشجاعة ، والعقليّة بالفطانة.
الرابعة : المطمئنّة.
الخامسة : الراضية المرضيّة.
قال الله تعالى : {إِنَّ النَّفْسَ
لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: 53] و { لَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ
} [القيامة: 2] و {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ
رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً } [الفجر: 27، 28] وبالجملة، فالظاهر أنّ النفس جوهر مجرّد أو
مادّي تعلّق بالأجسام تعلّق التدبير والتصرّف ، وليس بعرض أو نحوه كما هو ظاهر
جعله كمالا.
وقد عرّفها الحكماء أنّها كمال أوّل لجسم
طبيعيّ آليّ ذي حياة بالقوّة (2).
والمراد بالكمال ما يكمل به النوع إمّا في
ذاته ويسمّى كمالا أوّلا كصورة السيف للحديد ، أو في صفاته ويسمّى كمالا ثانيا
كالقطع للسيف.
و « الجسم » يخرج المجرّدات ، و « الطبيعيّ
» يخرج صور الجسم الصناعي كهيئة السرير والسيف ، و « الآلي » يخرج نحو المعدني
ممّا يؤثّر بالخاصّيّة لا بالآلة.
والمراد بـ « ذي الحياة بالقوّة » المخرج
للنفس الفلكيّة ـ على زعمهم ـ ما يمكن أن يصدر عنه ما يصدر عن الأحياء ، لا ما
تكون حياته بالقوّة ، كما هو المتبادر حتّى يخرج النفوس الحيوانيّة والإنسانيّة.
وقد وافقهم المصنّف.
وعرّفوا النفس بالكمال دون الصورة ؛ لأنّ
النفس الإنسانيّة غير حالّة في البدن ، فليست صورة له بل هي كمال له ، ولكنّ
الكمال منه أوّل وهو الذي يتنوّع به الشيء كالفصول ، ومنه ثان وهو ما يعرض للنوع
بعد كماله من صفاته اللازمة والعارضة ، فالنفس من القسم الأوّل ، وهي كمال لجسم
طبيعيّ غير صناعيّ كالسرير وغيره ، وليست كمالا لكلّ طبيعي حتّى البسائط ، بل هي
كمال لجسم طبيعيّ آليّ تصدر عنه الأفعال بواسطة الآلات ، ويصدر عنه ما يصدر عن ذي
الحياة ، وهي التغذّي والتنمية والتوليد والإدراك والحركة الإراديّة والنطق.
__________________
(1) ورد في « المناقب
» للخوارزمي ، الفصل 24 في جوامع كلامه : 375 / 395 ، و «نور الأبصار » : 166 عن عليّ
عليه السلام ، وفي « عوالي اللآلئ » 4 : 103 / 149 ، و « بحار الأنوار » 2 : 32 /
22 و « مصابيح الأنوار » 1 : 204 / 30 عن النبيّ صلى الله عليه وآله.
(4) انظر : « الشفاء
» الطبيعيات 2 : 10 ، الفصل الأوّل من المقالة الأولى من الفنّ السادس؛ « النجاة »
158 ؛ « رسالة الحدود » لابن سينا : 14 ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » 2 : 290 ـ
291 ؛ « المباحث المشرقية » 2 : 231 وما بعدها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|