التوحيد
النظر و المعرفة
اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته
صفات الله تعالى
الصفات الثبوتية
القدرة و الاختيار
العلم و الحكمة
الحياة و الادراك
الارادة
السمع و البصر
التكلم و الصدق
الأزلية و الأبدية
الصفات الجلالية ( السلبية )
الصفات - مواضيع عامة
معنى التوحيد و مراتبه
العدل
البداء
التكليف
الجبر و التفويض
الحسن و القبح
القضاء و القدر
اللطف الالهي
مواضيع عامة
النبوة
اثبات النبوة
الانبياء
العصمة
الغرض من بعثة الانبياء
المعجزة
صفات النبي
النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
الامامة
الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها
صفات الأئمة وفضائلهم
العصمة
امامة الامام علي عليه السلام
إمامة الأئمة الأثني عشر
الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
الرجعة
المعاد
تعريف المعاد و الدليل عليه
المعاد الجسماني
الموت و القبر و البرزخ
القيامة
الثواب و العقاب
الجنة و النار
الشفاعة
التوبة
فرق و أديان
علم الملل و النحل ومصنفاته
علل تكون الفرق و المذاهب
الفرق بين الفرق
الشيعة الاثنا عشرية
أهل السنة و الجماعة
أهل الحديث و الحشوية
الخوارج
المعتزلة
الزيدية
الاشاعرة
الاسماعيلية
الاباضية
القدرية
المرجئة
الماتريدية
الظاهرية
الجبرية
المفوضة
المجسمة
الجهمية
الصوفية
الكرامية
الغلو
الدروز
القاديانيّة
الشيخية
النصيرية
الحنابلة
السلفية
الوهابية
شبهات و ردود
التوحيـــــــد
العـــــــدل
النبـــــــوة
الامامـــــــة
المعـــاد
القرآن الكريم
الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
الزهراء (عليها السلام)
الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء
الامام المهدي (عليه السلام)
إمامة الائمـــــــة الاثني عشر
العصمـــــــة
الغلـــــــو
التقية
الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة
الاسلام والمسلمين
الشيعة والتشيع
اديان و مذاهب و فرق
الصحابة
ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم
نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)
البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين
التبرك و الزيارة و البناء على القبور
الفقه
سيرة و تاريخ
مواضيع عامة
مقالات عقائدية
مصطلحات عقائدية
أسئلة وأجوبة عقائدية
التوحيد
اثبات الصانع ونفي الشريك عنه
اسماء وصفات الباري تعالى
التجسيم والتشبيه
النظر والمعرفة
رؤية الله تعالى
مواضيع عامة
النبوة والأنبياء
الإمامة
العدل الإلهي
المعاد
القرآن الكريم
القرآن
آيات القرآن العقائدية
تحريف القرآن
النبي محمد صلى الله عليه وآله
فاطمة الزهراء عليها السلام
الاسلام والمسلمين
الصحابة
الأئمة الإثنا عشر
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
أدلة إمامة إمير المؤمنين
الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام
الإمام المهدي عليه السلام
إمامة الأئمة الإثنا عشر
الشيعة والتشيع
العصمة
الموالات والتبري واللعن
أهل البيت عليهم السلام
علم المعصوم
أديان وفرق ومذاهب
الإسماعيلية
الأصولية والاخبارية والشيخية
الخوارج والأباضية
السبئية وعبد الله بن سبأ
الصوفية والتصوف
العلويين
الغلاة
النواصب
الفرقة الناجية
المعتزلة والاشاعرة
الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب
أهل السنة
أهل الكتاب
زيد بن علي والزيدية
مواضيع عامة
البكاء والعزاء وإحياء المناسبات
احاديث وروايات
حديث اثنا عشر خليفة
حديث الغدير
حديث الثقلين
حديث الدار
حديث السفينة
حديث المنزلة
حديث المؤاخاة
حديث رد الشمس
حديث مدينة العلم
حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه
احاديث متنوعة
التوسل والاستغاثة بالاولياء
الجبر والاختيار والقضاء والقدر
الجنة والنار
الخلق والخليقة
الدعاء والذكر والاستخارة
الذنب والابتلاء والتوبة
الشفاعة
الفقه
القبور
المرأة
الملائكة
أولياء وخلفاء وشخصيات
أبو الفضل العباس عليه السلام
زينب الكبرى عليها السلام
مريم عليها السلام
ابو طالب
ابن عباس
المختار الثقفي
ابن تيمية
أبو هريرة
أبو بكر
عثمان بن عفان
عمر بن الخطاب
محمد بن الحنفية
خالد بن الوليد
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
عمر بن عبد العزيز
شخصيات متفرقة
زوجات النبي صلى الله عليه وآله
زيارة المعصوم
سيرة وتاريخ
علم الحديث والرجال
كتب ومؤلفات
مفاهيم ومصطلحات
اسئلة عامة
أصول الدين وفروعه
الاسراء والمعراج
الرجعة
الحوزة العلمية
الولاية التكوينية والتشريعية
تزويج عمر من ام كلثوم
الشيطان
فتوحات وثورات وغزوات
عالم الذر
البدعة
التقية
البيعة
رزية يوم الخميس
نهج البلاغة
مواضيع مختلفة
الحوار العقائدي
* التوحيد
* العدل
* النبوة
* الإمامة
* المعاد
* الرجعة
* القرآن الكريم
* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
* فضائل النبي وآله
* الإمام علي (عليه السلام)
* فاطمة الزهراء (عليها السلام)
* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء
* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)
* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم
* العـصمة
* التقيــة
* الملائكة
* الأولياء والصالحين
* فرق وأديان
* الشيعة والتشيع
* التوسل وبناء القبور وزيارتها
* العلم والعلماء
* سيرة وتاريخ
* أحاديث وروايات
* طُرف الحوارات
* آداب وأخلاق
* الفقه والأصول والشرائع
* مواضيع عامة
نماذج من كتابات المستشرقين وأعمالهم حول الإسلام والقرآن الكريم
المؤلف: الشيخ فؤاد كاظم المقدادي
المصدر: الإسلام و شبهات المستشرقين
الجزء والصفحة: 137- 149
23-1-2019
6087
من خلال استعراض كتابات جميع المستشرقين وأعمالهم التي تناولوا فيها القرآن ، نجدها مليئةً بالشبهات وإثارات التشكيك والتشويه حول جوانب أساسيّة ، هي المقوّم الرئيسي له بصفته كتاباً سماويّاً كريماً ـ على اختلاف في درجات ومستويات التشكيك والشبهة والتشويه ـ ومن أبرزها هي :
إعجاز القرآن الكريم :
الهدف الأساسي من وراء التشكيك ونفي إعجاز القرآن الكريم ، في أسلوبه البلاغي وإخباراته الغيبيّة وحقائقه العلميّة واضح ، وهو إسقاط الدليل الذي يثبت سماويّته وخلوده بخلود جوانب إعجازه من جهة ، وإسقاط دعوى نبوّة محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وإرساله من قِبل الله تعالى للعالمين من جهة أُخرى .
وبذلك يفقد القرآن الكريم والنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قدسيّتهما لدى المسلمين ، تلك القدسيّة القائمة على أساس أنّ القرآن الكريم كلام الله ، أوحاه لنبيّه محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وعندها يصبح شأن القرآن لديهم شأن أيّ كتاب بشري يطاله التغيير والتعديل أو الإهمال ، وما ( محمّد ) إلاّ رجلٌ متميّز بذكاءٍ وقدرةٍ اجتماعيّة استطاع من خلالها أنْ يُهيمن على قومه ويقنعهم بأساليبه النفسيّة ، أنّه نبيٌ ورسولٌ لهم من الله بهذا القرآن .
وفي مقدّمة من أورد الشبهات وأثار التشكيكات في هذا الجانب من المستشرقين هو المستشرق الانجليزي ( دافيد صموئيل مرجليوث ) ، والذي ركّز شبهاته على إثارة الشكّ برواية الشعر العربي الجاهلي ، فلعلّ في الشعر الجاهلي الذي لم يُروَ ما هو أبلغ من القرآن .
وذلك لمنزلة الشعر الجاهلي باعتباره أمارة وعلامة على بلاغة القرآن وفصاحته ، وهذا القول يطوي تحته تشكيكا في الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم .
وممّن في المقدّمة أيضاً المستشرقان ( كارل فلرِّس )(1) ، و( پاول كراوس )(2) اللذان يدّعيان أنّ القرآن لم يكن معرباً ، وان اللغويّين هُم الذين حذوه على مثال لغة الشعر العربي ، الذي يتميّز بوجود الإعراب في مقابل اللهجة الملكيّة ، التي كانت على زعمهما غير معربة (3) .
ويُمكن تلخيص محاولتهم هنا بلحاظ وجهين رئيسيّين(4) :
الوجه الأوّل :
محاولة إبراز النقص والخطأ في الأسلوب والمحتوى القرآني ، من خلال ثلاث شبهات :
الشبهة الأولى : بما إنّ المرتكز الرئيسي للإعجاز القرآني هو الفصاحة والبلاغة القرآنيّة ، ولما كنا نجد في القرآن الكريم بعض الآيات التي لا تنسجم مع قواعد وأُسُس الفصاحة والبلاغة والنطق التي وضعها العرب ، بل إنّها تخالفها ، إذن يمكننا [والقول للمستشرقين] الادعاء بأن القرآن الكريم ليس معجزاً ؛ لأنّه لم يسر على نهج القواعد العربيّة وأُصولها .
الشبهة الثانية : بالمقارنة بين القرآن والكتب الدينيّة الأُخرى كالتوراة والإنجيل ، نجده عنها عندما يتحدّث عن قصص الأنبياء، في حوادث كثيرة ينسبها إلى الأنبياء وأُممهم ، وهذا يدعونا للشكّ في أنْ يكون مصدر القرآن هو الوحي الإلهي ؛ وذلك لانّ الكتب الدينيّة الأُخرى هي من الوحي الإلهي باعتراف القرآن ، فكيف يُناقض الوحي نفسه في الإخبار عن حوادث تاريخيّة واقعيّة ؟
ثمّ إنّ هذهِ الكتب الدينيّة لا زالت تتداولها أُمم هؤلاء الأنبياء ، وهُم بطبيعة ارتباطهم الديني والاجتماعي بأنبيائهم أدقّ اطّلاعاً على أحوالهم من القرآن ، الذي جاء في أُمّةٍ ومجتمعٍ منفصلَين عن تاريخ هؤلاء الأنبياء .
الشبهة الثالثة : إنّ أُسلوب القرآن في تناول الأفكار والمفاهيم وعرضها لا ينسجم مع أساليب البلاغة العربيّة ، ولا يسير على الطريقة العلميّة في المنهج والعرض ؛ وذلك لأنّه يجعل المواضيع المتعدّدة متشابكة بعضها مع بعض ، فهو حين يتحدّث في التاريخ ، ينتقل إلى موضوع آخر من الوعد والوعيد والحكم والأمثال والأحكام وغير ذلك من الجهات ، فلا يجعل القارئ قادراً على الإلمام بالأفكار القرآنيّة .
الوجه الثاني :
محاولة إثبات أنّ القرآن الكريم ليس معجزة ، لقدرة البشر على الإتيان بمثله ، وتمثّلت محاولاتهم بالشبها ت التالية :
الشبهة الأولى : إنّنا لا نشكّ في أنْ يتمكّن ذوو القدرة والمعرفة باللغة العربيّة ، من الإتيان بمثل بعض الكلمات القرآنيّة ، فحين تتوفّر هذه القدرة في بعض الكلمات فمن المعقول أنْ تتوفّر أيضاً في كلمات أُخرى ، وهذا ينتهي بنا إلى أنْ نجزم بوجود القدرة على الإتيان بسورة أو أكثر من القرآن الكريم لدى أمثال هؤلاء ؛ لأنّ من يقدر على بعض القرآن يُمكن أنْ نتصوّر فيه القدرة على الباقي بشكلٍ معقول .
الشبهة الثانية : إنّ العرب الذين عاصروا الدعوة أو تأخّروا عنها بزمنٍ قليل لم يُعارضوا القرآن الكريم ، لا لعدم قدرتهم على ذلك ، بل خوفاً على أنفسهم وأموالهم من المعارضة بسبب سيطرة المسلمين الدينيّة على الحكم ، ومحاربتهم كل من يُعادي الإسلام أو يظهر الخلاف معهُ .
وحين انتهت السلطة إلى الأمويّين ـ الذين لم يكونوا مهتمّين بالحفاظ على الإسلام والالتزام به ، الأمر الذي كان يفسح المجال لمن يُريد أنْ يعارض القرآن الكريم أنْ يُظهر معارضته ـ انصرف الناس عن التفكير بمعارضته ؛ لأنّه أصبح من المرتكزات الموروثة لديهم ، ولأنّ القرآن كان في ذلك الحين قد أصبح أمراً معروفاً ومألوفاً في حياة الأُمّة ، بأُسلوبه وطريقة عرضه ، بسبب رشاقة ألفاظه ومتانة معانيه .
الشبهة الثالثة : إنّ المعجزة لا يكفي فيها أنْ تكون مُعجزة لجميع البشر عن الإتيان بمثلها ، بل لابدّ أنْ تكون صالحة لأْن يتعرّف جميع الناس على جوانب التحدّي فيها ؛ لأنّها الدليل الذي بواسطته تثبت النبوّة ، والقرآن ليس كذلك ؛ لأنّ إعجازه في الأُسلوب البلاغي لا يكفي فيه عجز الناس عن الإتيان بمثله ، بل لابدّ من معرفة جوانب التحدّي والإعجاز فيه من بلاغته وسموّ التعبير فيه ، وهذه المعرفة لا تتوفّر إلاّ للخاصّة من الناس ، الذين يُمارسون الكلام العربي البليغ ، ويعرفون دقائق تركيبه وميزاته .
الوحي القرآني :
إنّ موضوع الوحي مرتبطٌ بشكلٍ وثيق ببحث إعجاز القرآن ؛ لأنّنا بإثباته نثبت أنّ القرآن ليس ظاهرة بشريّة ، فهو إذن ليس من صنع محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وإنّ السرّ في كلّ ما فيه من جوانب تحدٍّ ناشئ من ارتباطه بعالم الغيب ، وأيّة محاولة لنفي الوحي تعني فصل الرسول محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) والقرآن الكريم عن عالم الغيب ، فلو أثبتنا إعجاز القرآن لكان دليلاً حاسماً على ارتباطهما بالغيب .
وقد انقسمت محاولات المستشرقين إلى قسمين : قسمٌ منهما حاول نفي الإعجاز لينفي بذلك دليل الوحي الكاشف عن الارتباط بالغيب ، والقسم الثاني حاول إبراز شخصيّة الرسول محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) على أنّها شخصيّة ذات مَلَكات وقابليّات نادرة ، كان ما أبدعه من قرآنٍ وحديثٍ وسيرة علامةً بارزةً على عبقريّته الفريدة ، وبذلك طَوَوا مسألة الإعجاز ليُؤكّدوا على أنّ القرآن ظاهرة بشريّة من صنع محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وما يتراءى من أنّهُ إعجاز ، ليس إلاّ نتاجُ عبقريّ بُهِرَ الناس به .
وبذلك تتكامل المحاولتان لضرب أساس الدين الإسلامي ، وبالتالي انهيار عقيدة المسلمين ، فينفتح الطريق أمام أُوربّا النصرانيّة لتغزو الشرق الإسلامي فكريّاً وحضارياً .
وتدرّجت محاولات المستشرقين في مسألة نفي الوحي القرآني فمنها ما كان بصيغة النفي المتعصّب الذي لا يلبث أنْ يكشف عن خلطه العلمي ، ومنها ما ارتقى إلى المحاولات المُتقنة بأساليب التنظير العلمي والاستدلال البرهاني . ولنأخذ نماذج من ذلك ثمّ نختم الموضوع بخلاصّة جامعة لمقولاتهم .
فمثلاً يقول المستشرق البريطاني ( مونتغمري وات ) : ( إنّ زيارة محمّد لحراء ، وهو جبل قريب من مكّة ، بصحبة عائلته أو بدونها ليست مستحيلة ، ويُمكن أنْ يكون ذلك للفرار من أُتون المدينة خلال فصل الصيف للذين لا يستطيعون التوجه الى الطائف)(5) .
ويحاول المستشرق ( كازانوفا )(6) في كتابه ( محمّد ونهاية العالم ) أنْ يثبت أنّ القرآن قد أضيف إلى الرسول محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بعد وفاته ، وأنّه لم يكن وحياً من الله ، وإنّما دعت الحاجة في نظر أبي بكر وعمر إلى نسبته إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
أمّا المستشرقون ( بول ديك ) و( نولدكه )(7) و( بور )(8) و( جونت ) ، فقد ادّعوا أنّ فواتح السِّور ليست من القرآن في شيء ، واختلفوا في نسبتها ، فالأوّل قال : إنّها رموز لمجموعات الصحُف ، التي كانت عند المسلمين قبل أنْ يوجد المصحف العثماني ، والثاني ادّعى أنّ الحروف المقطّعة في أوائل بعض السِّور ما هي إلاّ اختصارات للأسماء القديمة لسور القرآن ، وحاولا ترقيع هذهِ الاختصارات في أكثر من سورة واحدة .
أمّا المستشرقان ( أبراهام جيجر ) و( رودي باريت ) فقد ادّعيا أنّ النبيّ محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، قد استقى الكثير من تعاليم القرآن الكريم من كتب الأديان السابقة ، فقال الأوّل منهما : ( إنّ النبيّ قرأ كتب اليهود المختلفة ، من التوراة والمكتوبات والأنبياء ، و( المشناو ) و( الجمارا ) (9) ، وهي من كتب التلمود و( المدراش )(10) و( الترجوم ) وضمّن تعاليمها في القرآن الكريم ) . أمّا الثاني فقال : ( إنّ النبيّ قد تأثّر في قرآنه بتعاليم النصرانيّة والبوذيّة ، وعلى الأخص دعوة التوحيد والإيمان بالبعث والنشور ، فالأولى في نظره من خصائص اليهوديّة ، والثانية من تعاليم النصرانيّة ) .
ولعلّ من أخبث أساليب إثارة الشبهة حول الوحي ، هو الأُسلوب القائل بما سُمّي بالوحي النفسي ، الذي حاول أو يضفي على النبيّ محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، صفات الصدق والأمانة والإخلاص والذكاء ، الأمر الذي أدّى به أنْ يتخيّل نفسه أنّه ممّن يُوحى إليهم .
فإنّ هذا الأُسلوب يُحاول أنْ يُستّر دوافعه المُغرِضة بمظاهر الإنصاف والمحبّة والإعجاب ، وأبرز مَن فصّل في هذه الشبهة هو المستشرق الانجليزي ( جب )(11) ، وكذلك المستشرق ( أميل درمنغام )(12) على ضوء ما أجمله سابقهُ ( مونتيه )(13) .
ومن خلال ما أثاره المستشرق ( جب ) والمقدّمات العشر التي ساقها ( درمنغام ) ، ورتّب عليها مقولة الوحي النفسي(14) ، نستطيع أنّ نصوغ الشبهة بالخلاصة التالية :
( إنّ محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قد أدرك بقوّة عقلهِ الذاتيّة ، وبما تمتّع به من نقاءٍ وصفاء روحي ونفسي ، بطلان ما كان عليه قومه من عبادة الأصنام ، كما أدرك ذلك أيضاً أفرادٌ آخرون من قومه ، وإنّ فطرته الزكيّة ـ بالإضافة إلى بعض الظروف الموضوعيّة كالفقر ـ حالت دون أنْ يُمارس أساليب الظلم الاجتماعي من الاضطهاد ، واكل المال بالباطل ، أو الانغماس بالشهوات وارتكاب الفواحش ، كالاستمتاع بالسكر والتسرّي ، وعزف القيان وغير ذلك من القبائح ، وإنّه طال تفكيره من أجل إنقاذهم من ذلك الشرك القبيح ، وتطهيرهم من تلك الفواحش والمنكرات .
وقد استفاد من النصارى ، الذين لقيهم في أسفاره أو في مكّة نفسها ، كثيراً من المعلومات عن الأنبياء والمرسلين ، ممّن بعثهم الله في بني إسرائيل وغيرهم ، فأخرجوهم من الظلمات إلى النور ، كما أنّه لم يقبل جميع المعلومات التي وصلت إليه من هؤلاء النصارى ، كإلوهيّة المسيح وأمّه ، وغير ذلك ، وأنّه كان قد سمع أنّ الله سيبعث نبيّاً ، مثل أولئك الأنبياء ، من عرب الحجاز بشّر بهِ عيسى المسيح وغيرهُ من الأنبياء ، وتولّد في نفسه أمل ورجاء في أنْ يكون هو ذلك النبيّ الذي آن أوانه .
وأخذ يتوسّل إلى تحقيق هذا الأمل بالانقطاع إلى عبادة الله تعالى في خلوته بغار حِراء ،. وهنالك قوِيَ إيمانه وسما وجدانه ، فاتّسع محيط تفكيره ، وتضاعف نور بصيرته ، فاهتدى عقله الكبير إلى الآيات والدلائل البيّنة في السماء والأرض ، على وحدانيّة الله سبحانهُ وتعالى خالق الكون ومدبّر أموره ، وبذلك أصبح أهلاً لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور ، ثمّ ما زال يفكّر ويتأمّل ويتقلّب بين الآلام والآمال ، حتّى تكوّن في نفسه يقين أنّه هو النبيّ المنتظر الذي يبعثه الله لهداية البشريّة، وتجلّى له هذا الاعتقاد في الرؤى المناميّة ، ثمّ قوِيَ حتّى صار يتصوّر أنّ الملَك يتمثّل له ليلقّنه الوحي في اليقظة ، وأمّا المعلومات التي جاءته من هذا الوحي ، فهي مستمدّة في الأصل من تلك المعلومات التي حصل عليها من اليهود والنصارى ، وممّا هداه إليه عقله وتفكيره في التمييز بين ما يصحّ منها وما لا يصح ، ولكنّها كانت تتجلّى وكأنّها وحي السماء ، وخطاب الخالق عزّ وجل ، يأتيه بها الناموس الأكبر ، الذي كان ينزل على موسى بن عمران وعيسى بن مريم ، وغيرهما من النبيّين (عليهم السلام)) .
ولم يكتفِ هؤلاء المستشرقون بطرح شُبهاتهم هذهِ عن القرآن الكريم سَواء في مسألة الإعجاز أم مسألة الوحي ، بل راحوا يدخلونها فقرات في المناهج والبرامج الدراسيّة لبعض الجامعات ، وتبنّوا مجموعة من الطلبة المسلمين لاستئناف دراسات وأبحاث في هذين الموضوعين ، إدراكاً منهم أنّ حساسيّة المسلمين تجاه ما يصدر عن غير المسلمين ، خصوصاً ما يتعلّق بمعتقداتهم ومقدّساتهم ، سيشكّل عَقَبة رئيسيّة في التأثير والتسليم بما يدّعيه هؤلاء المستشرقون .
إضافة إلى أنّ استئناف دراسة وبحث مثل هذهِ المسائل ذات العلاقة الموضوعيّة الوثيقة بتراث الإسلام والمسلمين ، وخصوصاً العرب ولغتهم العربيّة ، سيثري الشبهات المطروحة من قِبلهم ، ويعمّق مطالبها من الناحية العلميّة ، باعتبار إنّ هؤلاء المسلمين العرب هُم أعرف بدقائق لغتهم ومعتقداتهم . وفعلاً نجحوا في ذلك واستطاعوا من خلال أمثال الدكتور طه حسين(15) الذي فصّلَ كثيراً فيما ادّعوه بشأن الشعر العربي الجاهلي ، وكذلك أمين الخولي(16) وتلميذه الدكتور ( خلف الله)، أنْ يصِلوا إلى مآربهم ، خصوصاً فيما تناولوه بشأن الأُسلوب الفنّي للقصص والأخبار القرآنيّة ، بدعوى أنّها لا يُلتزم فيها الصدق وتحرّي الواقع ، وإنّما يعطي فيها القاص لنفسهِ الحريّة فيغيّر ويُبدّل ويزيد ويُنقص ، وبهذا يحاولون أنْ يشكّكوا فيما جاء في القرآن من قصص الأنبياء والرسل والأمم ، ويُحاولون الادّعاء بأنّ القرآن المعتمد على التمثيل والتشبيه لا يَنظر إلى الواقع ، وبذلك يفقد المسلمون ثقتهم بجانب إخباراته الغيبيّ كأحد أدلّة إعجازه ، وكونه وحياً من الله لا يأتيه الباطل ولا يطرأ عليه التبديل .
ترجمة القرآن للغات الأُخرى
في هذا الجانب تبرز بشكلٍ واضح النزعات العدائيّة للمستشرقين ، ويتفاقم خطر الشذوذ الاستشراقي لديهم ، إضافةً إلى السبب الذي يعود إلى عدم إيمانهم بالنص القرآني ، وعدم تقديسهم للأمانة العلميّة في الترجمة ، فتكون النتيجة مليئةً بالمغالطات الكبيرة ، وقد كانت أغلب ترجمات القرآن إلى اللغات الشرقيّة والغربيّة هي ما تمّ على يد المستشرقين ، حيث تُرجم ترجمةً كاملة إلى 79 لغة ، وترجمة ناقصة إلى 49 لغة وأبرز ما يُؤخذ على هذهِ الترجمات هي:
1 ـ أنّها ترجماتٌ مصوغةٌ صياغةً تُساعد على استنباط مبادئ مغايرة للنظريّات الإسلاميّة الصحيحة ، كالذي قام به المستشرقان ( جولد صيهر ) و( الفريد غيوم ) .
2 ـ أنّها ترجماتٌ حرّة غير ملتزمة ، وموافقة لأهوائهم من حيث التصرّف بالنصوص عن طريق التقديم والتأخير والإهمال والتحوير ، من قبيل ترجمتهم لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] ، فقد ترجمها ( سافاري آب ) كالآتي : ( لا تتزوّجوا النساء اللاتي كنَّ زوجات لآبائكم ، تلك جريمة ، إنّه طريق الضياع ، ولكنْ إذا كان الشرّ قد حدث فاحتفظوا بهن ) ، وترجم ( ماكس هانتج ) لفظة ( الإبل ) إلى الألمانيّة في قوله تعالى من سورة الغاشية : {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17] ، بكلمة ( فولكن Wolken) أيّ سحاب .
أمّا ( جورج سيل )(17) فقد ترجم خطاب ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ....) إلى ( يا أهل مكّة ) ، وذلك بناءً على ادّعائه أنّ محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان يُريد إصلاح بني جِلدته وتقدّمهم اقتصاديّاً وسياسيّاً ، ولم يقصِد إلى مخاطبة البشر كلّهم(18) .
3 ـ محاولة البحث عن القراءات الشاذّة ، واتّخاذها ذريعةً لإيجاد الشكّ في وثاقة ومصدريّة القرآن .
4 ـ كانت بعض عمليّات الترجمة لدحض المبادئ الإسلاميّة وتغييرها .
5 ـ نشر الترجمات المضلّلة التي تنطوي على الحقد والتعصّب الأعمى .
6 ـ استخدام كلمات قديمة بائدة بحيث لا يفهمها المثقّفون الجُدد .
7 ـ الترجمة قامت في كثير من الأحيان بأسماءٍ مُستعارة وفيها التضليل الكثير .
8 ـ حاولوا من خلال ترجماتهم ـ خصوصاً الفرنسيّة منها ـ أنْ يبثّوا في الروع أنّ القرآن من وضع محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وأنّه كتابٌ متناقض وليس بكتابٍ يُوحى به من الله تعالى .
9 ـ حاول بعض اليهود ، ومنهم المستشرق ( أبراهام جيجر ) إثبات نظريّته الشرّيرة القائلة بأنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) اطلع على كتب اليهود بلغاتها المختلفة ، وأخذَ منهم كلَّ ما يهمّه .
10 ـ عند متابعة المقدّمات التي وضعت قبل الترجمات ، نجد التشهير بالإسلام وبالمسلمين وبالنبيّ بشكلٍ يأباه العلم والباحثون المنصفون .
11 ـ حاولوا إثارة ترجمة القرآن حسب النزول لإيجاد حالة التشكيك والتردّد لدى المسلمين العاديّين والمثقّفين المتأثّرين بالثقافة الغربيّة .
هذهِ خلاصة لنماذج هي أبرز ما طالته يد المستشرقين للنيل من قدسيّة القرآن الكريم ومقامه باعتباره كتاباً إلهياً ، وقد جاءت معبرة عن غاية خبثهم وعمق دوافعهم المعاديّة للإسلام وللأُمّة الإسلاميّة لتمهيد الطريق أمام حضارة أوربّا الاستعماريّة .
ـــــــــــــــــــــــ
(1) مستشرق ألماني ( 1857 ـ 1909م ) .
(2) مستشرق ألماني من أصل تشيكوسلوفاكي ( 1904 ـ 1944م ) .
(3) الجندي ، أنور ـ مخطّطات الاستشراق ـ مجلّة منار الإسلام ـ العدد 7 ـ السنة 14 .
(4) في عرض الشبهات حول الإعجاز القرآني ، تراجع المصادر التالية :
أ ـ الخوئي ، أبو القاسم ـ البيان .
ب ـ البلاغي ، محمّد جواد ـ الهدى إلى دين المصطفى .
ح ـ الحكيم ، محمّد باقر ـ علوم القرآن .
د ـ ابن نبيّ ، مالك ـ الظاهرة القرآنيّة .
(5) وات ، مونتغمري ـ ( محمّد في مكّة ) ـ ص18 .
(6) كازانوفا ( 1861 ـ 1926م ) : مستشرق فرنسي ، أُستاذ أُصول العربيّة في الجامعة المصريّة ، ترجم ( الخطط ) للمقريزي . عن المنجد ( الأعلام ) ، ص580 .
(7) نولدكه ، ثيودور ( 1836 ـ 1930م ) من مشاهير المستشرقين الألمان . ولد في همبورغ ، اشتغل خصوصاً في اللغات السريانيّة والعربيّة والفارسيّة . له ( تاريخ القرآن ) . عن المنجد ( الأعلام ) ص 719 .
(8) بور ، دي ( 1866 ـ 1942 ) مستشرق هولندي ـ أُستاذ الفلسفة في أمستردام له ، ( الفلسفة في الإسلام ) و( الغزالي وابن رشد ) . عن المنجد ( الأعلام ) ص148 .
(9) ( لمشناو ) هو الجزء الأوّل من التلمود ، ( الجمارا ) الجزء الثاني من التلمود ، وهي لفظةٌ أراميّة الأصل تعني ( التكملة ) أو ( التتمّة ) ، ويعتبر شرحاً وملحقاً للجزء الأوّل من التلمود ، وقد جُمع خلال فترة طويلة امتدّت من القرن الثالث إلى القرن الخامس للميلاد . عن البعلبكي ، منير ، موسوعة المورد المجلّد الرابع ص199 .
(10) ( المدراش ) : مجموعة التفاسير التقليديّة للتوراة عند اليهود ويُرجّح الباحثون أنّها وُضِعت ما بين عام 100 ق ، م وعام 200م . واللفظة عبريّة الأصل ، ومعناها ( الشرح ) أو ( التفسير ) . عن البعلبكي ، منير ( موسوعة المورد ) المجلّد السابع ص27 .
(11) جبّ ( غب ) ، هاملتون الكسندر Gibb Hamiton Alexandet Rosskeen (1895 ـ...): مستشرق انجليزي . أُستاذ الدراسات العربيّة بجامعة هارفارد بالولايات المتحدّة الأميركيّة ، طرح أفكاره في كتابه ( المذهب المحمّدي ) عني بدراسة التراث الإسلامي وتعريف الغربيين به . من أشهر آثاره : ( دراسات في حضارة الإسلام ) عام ( 1962م ) وقد نقله إلى العربيّة الدكاترة إحسان عباس ومحمّد يوسف نجم ومحمود زايد . راجع : البعلبكي ، منير ، موسوعة المورد ـ المجلّد 4 ص215 .
(12) راجع كتاب ( حياة محمّد ) .
(13) مونتيه ، ادوار ( 1856 ـ 1927م ) مستشرق فرنسي ولد في ليون . له ( حاضر الإسلام ومستقبله ) . عن المنجد ( الإعلام ) ص696 .
(14) راجع رضا ، محمّد رشيد ، الوحي المحمّدي ـ الفصل الثالث ص87 ـ 110 .
(15) طه حسين ( 1889 ـ 1973م ) أديب وناقد مصري . درس في الأزهر والجامعة الأهليّة ( المصريّة القديمة ) ، نال الدكتوراه فيها ، ثمّ درس في جامعة السوربون ، وتسنّم مناصب عديدة ، منها عميد كليّة الآداب بجامعة القاهرة ، ثمّ وزيراً للمعارف أيّام الحكم الملَكَي في مصر عام 1950م ، وعضواً بالمجمع العلمي العربي بدمشق ، ورئيساً لمجمع اللغة بمصر. أسّس جامعتي : الإسكندريّة التي تولّى إدارتها عام 1942م وجامعة عين شمس . لهُ عشرات الكتب الأدبيّة والنقديّة من أبرزها ( في الأدب الجاهلي ) . عن الزركلي ، خير الدين الأعلام ( قاموس تراجم ) م3 ص231، والمنجد ـ ( الأعلام ) ـ ص437 .
(16) أمين الخولي (1895 ـ 1966م) مصري ، تعلمّ بالأزهر وتخرّج من مدرسة القضاء الشرعي وعُيّن في الشؤون الدينيّة في السفارة المصريّة بروما ، ثمّ انتقل إلى برلين ، ثمّ أستاذاً في الجامعة المصريّة ، القديمة ، ثمّ وكيلاً لكليّة الآداب إلى سنة 1953م . من أعضاء المَجمع اللغوي بمصر . مثّل مصر في عدّة مؤتمرات ، له كتب لغويّة وأدبية متعدّدة .
عن الزركلي ، خير الدين ، الإعلام ( قاموس تراجم ) ، ص16 .
(17) جورج سيل (1697 ـ 1736م) مستشرق بريطاني . درس العربيّة واهتم بالإسلاميّات . نشر مؤلّفات كثيرة ، له ترجمة انجليزيّة شهيرة للقرآن . عن المنجد ( الإعلام ) . ص377 .
(18) الجندي ، أنور ، مخطّطات الاستشراق في ضرب العقيدة والقرآن والسنّة ـ مجلّة منار الإسلام العدد 7 ـ السنة 14 .