أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-10
1038
التاريخ: 25-7-2022
1722
التاريخ: 2023-07-10
1012
التاريخ: 31-12-2021
2409
|
قال الإمام علي (عليه السلام): (ليس مع الإختلاف إئتلاف) (1).
في تعامل المرء مع الناس، هل عليه أن يخالفهم، أم يوافقهم؟
وإذا كانت الموافقة معهم هي المطلوبة، فكيف يجب أن تكون؟
وهل من الصحيح، موافقة الناس بشكل مطلق، أم أن للموافقة حدود تجب مراعاتها؟
بديهة أن إجتماع الناس وائتلافهم يقوم على الموافقة فيما بينهم، فمن طبع الناس أنهم يتآلفون ويأتلفون مع من يوافقهم، في شتى المعاملات، ويحبونه، أما الإختلاف (*) فهو - بشكل عام - موجب للإضرار بإئتلافهم، وربما بحالة الحب فيما بينهم، وربما أكثر من ذلك، ومن هنا فكثرة الموافقة معهم من الأمور التي تسهل للمرء تعامله معهم، والدخول إلى قلوبهم.
إن من الناس من يتوسّل بالموافقة مع الناس، فيتسامح عن العثرات، ويعفو عن الزلات، ويتجنب الجدال العقيم في سبيل أن يحافظ على حسن التعامل معهم، بإعتبار أن هناك كثيراً من الأخطاء والزلات والعثرات وخصوصاً الجزئية - من الأفضل التسامح فيها للحفاظ على معاملة حسنة معهم، ومن الناس من يعش حالة توتر دائم مع الناس، ولا يعرف للموافقة معنى، ومؤشره يكون متجهاً ـ بشكل دائم - نحو اللاموافقة والزوايا الحادة، والتوتر في معاملتهم، والدخول في إختلافات معهم حتى بسبب أبسط الأشياء، ولا يعطي للعفو والصفح والتسامح والتنازل اهتماما، وبذلك تسوء معاملته لهم، وتنعكس آثار ذلك ـ سلباً ـ عليه وعليهم، وتمسي حياته أشبه بسفينة في بحر مضطرب.
إن من حسن معاملة الناس موافقتهم، إلا أن هذه الموافقة يجب أن تتحقق فيها صفة العقلائية، فليس من الصحيح أن يوافقهم المرء ـ بصورة مطلقة ـ على كل فعل يقومون به في سبيل أن يكون مؤتلفاً معهم، لأن من أفعالهم ما هو خلاف الحق والخير والصلاح والفضيلة، وليس من الشرع والعقل موافقتهم على ذلك، لأن في موافقتهم وقوع في الباطل والشر والرذيلة أو تشجيع لها، صحيح أن المرء بإمكانه أن يعفو ويتسامح عن العثرات والأخطاء، التي يرتكبها الناس بحقه، أما أن يوافقهم على ما هو خلاف الدين والعقل وعلى ما يحل حراماً أو يحرم حلالاً، في سبيل أن يأتلف معهم فليس جائزاً ولا صحيحاً.
وهذا يقود إلى التذكير بما يعرف بالتوافق الاجتماعي (**)، فأن يتوافق الإنسان إجتماعياً مع قرناء صالحين، أو مع محيط صالح أو بيئة صالحة، هذا أمر حسن.
أما أن يتوافق إجتماعياً مع قرناء سيئين، أو محيط طالح، أو بيئة طالحة فليس صحيحاً ولا جائزاً، ويشكل خطراً عليه، وعلى الإجتماع.
وهكذا فإن الموافقة الواعية أو العقلائية ضرورة يحتاجها المرء في معاملته الناس: سواء في منزله: في تعامله مع أهله وأقاربه، أو في أي مكان آخر، فلكي يحسن معاملتهم، ويكسب ودهم، ينبغي له أن يتوسّل بكثرة الموافقة، وأن تكون موافقته عقلائية، يقول المثل الشهير: (لولا الوئام (***) لهاك الأنام).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الغرر والدرر.
(*) تثير مفردة الإختلاف كثيراً من الأمور والقضايا، الا أن المقصود هنا ترك الاختلاف الذي يسيء الى التعامل الخلقي بين الناس.
(**) التوافق الاجتماعي: هو موافقة الفرد ـ جزئياً أو كليا ـ للمحيط أو السلوك، وهو حالة اجتماعية تنشأ عن الاتصال بمحيط، أو الخضوع لنمط معين من التربية. ومن هنا فللتربية والبيئة (المحيط) علاقة وطيده بالتوافق الاجتماعي، فاذا صلحا، صلح الفرد، وخلاف ذلك صحيح تماما، وقد يحدث أن يتلقى الفرد تربية صالحة، ويتصل بمحيط طالح، أو العكس، وهنا يقع الفرد في نوع من الصراع، يحسم في النهاية الى أحد الجانبين، مع العلم بأن الجانب الأقوى هو المرشح لكسب الصراع، ومع العلم ايضاً بأن البيئة والتربية تترك آثارها الثقافية والسلوكية على الفرد، ولصلاح الفرد هو بحاجة الى تربية صالحة، وتفاعل مع المحيط الصالح، وموقف من المحيط الطالح، وحصانة ضد تأثيراته.
(***) الوئام: الموافقة، أي لولا موافقة الناس بعضهم بعضاً في الصحبة والمعاشرة لكانت الهلكة، المنجد في اللغة، فرائد الأدب في الأمثال السائرة عند العرب، ص1012.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|