معمور دولة طاجيكستان " دراسة حالة"

ويتميز حجم المعمور الطاجيكي بصغره فإذا كانت المساحة الكلية للدولة هي 143100 كم2 فإن مساحة المعمور لا تشكل سوي 7%من هذه المساحة، أي أن حوالي 93%من مساحة الدولة شبه خالية من السكان وغير معمورة، ويرجع ذلك لقسوة المناخ ووجود المرتفعات والمناطق الجبلية, ويؤثر شكل المعمور علي التركيب السياسي للدولة، وقد يتألف المعمور من نواة او نواتين أو عدة نويات صغيرة، ويوضح الجدول (1) النوايات الرئيسة للمعمور في طاجيكستان.

                                                    جدول (1) النوايات الرئيسة للمعمور في طاجيكستان

                                                      السيد خالد المطرى، مرجع سبق ذكره، ص202،252.

يتضح من الجدول السابق أن شكل المعمور الطاجيكي يتألف من ثلاث نوايات وأكبر هذه النوايات هي الجنوبية الغربية التي تضم حوالي 7% من سكان الدولة ويوجد بهذه النواة العاصمة دوشنبه. أما النواة الثانية في طاجيكستان فهي الشمالية الغربية والتي تضم حوالي 30%من سكان الدولة، و أصغر النويات هي جورنو بدخشان التي تقع في شرق البلاد وتضم 3,4 / من سكان الدولة فقط، وهي بذلك أصغر النويات سكانا مع أنها الأكبر مساحة.

ولكي تتضح الصورة أكثر لابد من معرفة موقع هذه النوايات أو المعمور، فدموقع القطاع المعمور الفعال من الدولة بالنسبة لرقعة هذه الدولة أهمية سياسية كبيرة سواء من وجهة نظر قومية أو بالنسبة للدول المجاورة. والتوقيع المثالي لإكيومين الدولة هو أن يتوسطها بقدر الإمكان ثم يأخذ في الدقة كلما اقترب من الحدود.

وعلي العكس من ذلك يتركز المعمور الطاجيكي بجوار الحدود خاصة الحدود الغربية ويأخذ في الدقة كلما تعمقنا نحو الداخل. كما يتميز المعمور الطاجيكي بالتشتت الطبيعي حيث تنفصل نوايات المعمور عن بعضها البعض فيما يشبه جزر بشرية معزولة بفعل الجبال العالية أو الثلوج والأمطار. فالنواة الشمالية الغربية تنفصل عن النواة الجنوبية الغربية بسلسلة جبل الزرافشان المرتفعة، كما تنقطع المواصلات البرية بينها وبين كافة أنحاء الدولة خلال فصل الشتاء، وكذلك تنفصل منطقة جورنو بدخشان عن باقي أنحاء الدولة بفعل جبال البامير وسقوط الثلوج معظم شهور السنة. والسؤال الآن ما هو المغزى السياسي لهذا التمعط العمراني وما هي نتائجه الجيوبوليتيكية؟.

إن أهم نتائج هذا النمط العمراني لطاجيكستان هو هامشية المعمور حيث يتركز المعمور بالقرب من وعلي الحدود السياسية للدولة ويترك القلب ميتا وخاليا من السكان. وهذا يقضي علي فكرة المركزية السياسية والمركزية الجغرافية خاصة مع تخلف وسائل النقل ووجود العقبات الطبيعية, أدى تمركز المعمور الطاجيكي في الغرب إلي إهمال الأطراف خاصة الشرقية، ولعل هذا ما دفع الانفصاليين في إقليم جورنو بدخشان الشرقي باقتراح تحويل طاجيكستان لدولة فيدرالية، كما طالبوا بالانفصال وتكوين دولة شيعية في الشرق. كذلك أدي موقع المعمور الطاجيكي في الغرب إلي مقابلته لمعمور أوزبكستان، ولذلك تبدو الحدود بينهما اصطناعية مفتعلة حيث أن المعمور بينهما متلاحم. وهذا يحمل بداخله جرثومة النزاعات خاصة مع وجود امتدادات عرقية علي جانبي الحدود، ولعل هذا ما جعل الصيحات تعلو دائما في طاجيكستان وتنادي بضم مدينتي سمرقند وبخاري الأوزباكستانيتين إلي طاجيكستان