القتال والتنظيم الاجتماعي  في الحيوانات  Fighting & Social Organization

ان الحديث عن القتال والتنظيم الاجتماعي يدخل ضمن اطار تكوين النظم الهرمية وامكانية حفظها فحين يتم وضع مجموعة من افراد متماثلين كسرب من الدجاج او قطيع من الذئاب لا تربطهم علاقة معا يكون التفاعل العدواني وسلوك القتال هو السائد ، ويظهر هنا السلوك على شكل تفاعلات شعائرية مكونة من حركات عزم اكثر من القتال المكشوف ، وتختلف هذه كثيرا عن العدوان في الحيوانات غير الاجتماعية كونها لا تنتهي بانسحاب احد الافراد، ولكن بسلوك يعرف بسلوك الاذعان — التلويح بالاستسلام - وهكذا يتوقف العدوان من الناحية العملية.

قد وصف لورنز معركة بين ذئبين حتى اذل احدهما الآخر فالذئب الذي خسر القتال استدار فجأة ومد عنقه كاشفا اقل اجزائه حصانة ، وهو الوريد الودجي Jugular vein، وبذا وضع رقبته تحت رحمة الغالب او المنتصر الذي عفا عنه في ذلك ابقاء للنوع من الفناء.

وهنا تنشأ علاقة سيادة خضوع، ومتى ما تقابل الذئبان فان العلاقة بينهما تتوثق بنظام من وضعيات تحية قابلة للتكرار، اذ يرفع الذئب المنتصر او المتغلب رأسه واذنيه وينصب ذنبه، اما الذئب المستسلم فينكس رأسه ويطوي اذنيه وينصب ذنبه بين ساقيه ، وهنا يميز كل منهما العلاقة بينهما من غير تجدد في القتال والعروض العدوانية.

ان لعلاقة السيادة دور كبير في سلوك الافتتال في كثير من الحيوانات لاسيما الطيور وغالبا ما تباشر السيادة على الاناث او الاقليم او الغذاء وان أي دخيل يحاول النيل من الاناث او الاقليم او الغذاء فانه يثير المعارك الطاحنة التي تنتهي بهزيمة احد الاطراف واستسلامه استسلاماً كاملا. وقد ينظم القتال وترجع اسبابه الى مؤثرات اخرى ولكن تبقى السيادة على الاناث والاقليم والغذاء أهم الاسباب الرئيسة لاندلاع المعارك بين الحيوانات.

ينشأ القتال احيانا بقصد التعاون بل قد يصل الحد الى الحيوانات تشارك في الاعتداء ضمن المجموعة السكانية للنوع ، وعلى العكس من ذلك فان المعارك في قطعان الاغنام والماعز فردية في الاحوال كلها وليست هناك معارك جماعية.