أقرأ أيضاً
التاريخ: 29/11/2022
1158
التاريخ: 2023-05-10
1665
التاريخ: 24-7-2021
2771
التاريخ: 6-7-2021
1583
|
1- تجربة الهند
أ- التصنيع بقيادة الدولة
تعود ملكية الدولة لمنشآت الإنتاج الكبرى في الهند إلى السياسة الصناعية التي تبنتها الحكومة عقب الاستقلال، والتي اعتمدت سياسة استبدال المستوردات أساساً بالتصنيع، كما اعتمدت على القطاع العام لقيادة عملية التصنيع إضافة إلى تولي هذا القطاع تقليدياً إدارة خدمات البنية التحتية والخدمات المالية.
كان مبرر الاعتماد على القطاع العام والسيطرة الحكومية على حركة التصنيع تنفيذ سياسات خاصة بإعادة توزيع الدخل، وتعويض نقص رؤوس الأموال المتاحة للقطاع الخاص، وبحجة افتقار القطاع الخاص إلى القدرات الاستثمارية أيضاً، لكن في هذه الحجة إجحاف بحق هذا القطاع الذي شهد نشوء طبقة ناشطة من رجال الأعمال في أول عهد الاستقلال. فالمبرر الحقيقي كان عدم إيمان القادة السياسيين في عهد الاستقلال بسياسة حرية السوق والتجارة ورأسمالية القطاع الخاص، إذ رأوا في ذلك قبولاً بالسياسات التي سادت في عهد الاستعمار. واستمرت السياسة المتحيزة إلى دور الدولة طوال العقود اللاحقة بل اتسع نطاقها ليشمل تأميم شركات عدة في القطاع الخاص. بلغ التطُّرف في هذه السياسة حدوداً قصوى مع استقلال بنغلادش عن باكستان الغربية. ففي ذلك الحين، لجأت حكومة بنغلادش إلى تأميم نحو 90 في المئة من الأصول الصناعية في الدولة الجديدة.
في أعقاب الاستقلال في أواخر الأربعينيات، صدر في الهند قرار السياسة الصناعية لعام 1948 أناط بالدولة مسؤولية قطاعات صناعية منتجة السلع الرأسمالية والمواد الخام الأساسية مثل الحديد الصلب والنفط والمكائن الثقيلة، إضافة إلى مسؤوليتها عن قطاعات البنية التحتية كالكهرباء وسكك الحديد والاتصالات، وحققت سيطرة الدولة على تلك القطاعات إمكانية توجيه عملية التصنيع، كما أمدتها بمصادر للإيرادات الحكومية شكلت بديلاً للإيرادات الضريبية اللازمة لتمويل برامج الخدمات الحكومية. كان من أهداف المشروعات التي تملكها الدولة أيضاً المساهمة في التنمية الاقتصادية للمناطق المتخلفة، وأن تكون طريقة معاملتها للعمال والموظفين من حيث العناية برفاهيتهم قدوة للقطاع الخاص لمعاملة موظفيه وعماله. لم تقتصر مشروعات الدولة على البنية التحتية والصناعة الثقيلة، بل شملت قطاعات أخرى مثل الفنادق الفارهة والمخابز. أما من حيث نسق إدارة المنشآت الحكومية، فكان بعضها تديره الوزارات الحكومية المختصة، مثل الاتصالات والبريد والمياه والريّ والطاقة، بينما أُنيطت إدارة قطاعات أخرى بمجالس إدارة مستقلة.
بموجب الخطتين الخمسيتين الأولى والثانية، استمرت الهند في سياسة صناعية توفر للحكومة صلاحية الترخيص للاستثمار الصناعي، والتحكم بحركة العملات الأجنبية، وصلاحية إصدار رخص الاستيراد من الخارج. كما فرضت قيوداً على الاقتراض من السوق المالية الداخلية، وعلى أسعار المنتوجات الاستهلاكية والمواد الخام. كما فرضت على البنوك الحكومية (المؤممَة) أن تخصص 50 في المئة من أموال الإقراض لمصلحة الحكومة والمنشآت الإنتاجية المملوكة للدولة .
لم تحقق تلك السياسة أداءً تنموياً يُعتد به. ففي خلال العقود الأربعة، منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى ثمانينياته، لم يزد المعدل الحقيقي لنموّ الناتج الوطني الخام على 3.75 في المئة. أما المشروعات الإنتاجية الحكومية فعانت خسائر كبيرة وعمالة فائضة عن الحاجة واستغلالاً متدنياً للطاقات الإنتاجية. وكان حال الهند في هذا الشأن حال أقطار جنوب آسيا الأخرى. وعلى الرغم من استحواذ المشروعات الحكومية على 42 في المئة من الاستثمار في تكوين رأس المال في الهند، فإنها لم تسهم في صافي الناتج الوطني بأكثر من 29 في المئة. وبحسب الأرقام الحكومية، كان معدل أرباح المشروعات الحكومية بعد احتساب الضريبة نسبة إلى المبيعات معدلا سلبياً بنسبة (4.4 ـ في المئة)، مقارنة بمعدل إيجابي في الصناعة المملوكة للقطاع الخاص بلغ متوسطه 6.7 في المئة، في خلال الفترة 1990-1998.
في الثمانينيات شرعت الهند في تبني توجهات اقتصادية تتسم بالليبرالية والتوسع في الإنفاق الحكومي. كان تأثير هذه التوجهات إيجابياً في معدلات النمو الاقتصادي، لكنها كانت مصحوبة بعجز كبير في مالية الدولة والحساب الجاري لميزان المدفوعات.
اعتمدت الحكومة في تمويل تلك العجوز على الاقتراض الداخلي والخارجي بشروط غير ميسرة. وفي عام 1991، بلغ عجز الحساب الجاري الميزان لمدفوعات 10 مليارات دولار، أو ما يعادل 3 في المئة من الناتج الوطني الخام، وبلغت نسبة عجز الموازنة العامة للدولة 10 في المئة من الناتج الوطني الخام، وتراوح المعدل السنوي لتضخم الأسعار بين 10 و13 في المئة، وتقلص حجم احتياطي العملات الأجنبية إلى مليار دولار، يكفي لتمويل حاجات الهند من المستوردات مدة أسبوعين تقريباً (22)
أدى التأزم في الاقتصاد الكلي إلى أزمة اقتصادية في عام 1991، زادت من حدتها عوامل القلق التي رافقت ارتفاع أسعار النفط بعد حرب الخليج الأولى، ما أضر بالسمعة الائتمانية للهند وحجب عنها إمكانية الاقتراض من الأسواق العالمية، أوجب ذلك كله إحداث تغييرات جوهرية في استراتيجية التنمية ، ولا سيما أن ذلك تزامن مع النجاح المشهود للإصلاحات الاقتصادية في الصين التي خطت خطوات متقدمة نحو الاعتراف بفشل أنموذج التخطيط المركزي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
في عام 1991، تبنت الهند حزمة من الإصلاحات الاقتصادية شملت تفكيك نظام الترخيص للاستثمارات، وتحرير سوق الأوراق المالية، وفتح باب الاستثمار في قطاعات كانت حكراً على القطاع العام ، وتحرير التجارة الخارجية، وتقليل القيود على الاستثمار الأجنبي المباشر. ترافق مع تلك الإصلاحات صدور قرار السياسة الصناعية لعام 1991 الذي أعلن أن أداء المنشآت الإنتاجية المملوكة للدولة كان سيئاً إلى درجة جعلت منها عبئاً بدلاً من أن تكون مكسباً للخزينة العامة ورافداً لها، لذلك، استوجب القرار انسحاب الحكومة من القطاعات ذات الأداء غير الكفؤ، التي لا أهمية استراتيجية لها، والتي يملك القطاع الخاص الخبرة اللازمة لتشغيلها بكفاءة، أوصى القرار بتنازل الدولة عن جزء من ملكيتها للمنشآت الإنتاجية للقطاع الخاص، وذلك لإخضاعها لقوى السوق التي تُحفّز كفاءة الأداء ، وضع قرار السياسة الصناعية لعام 1991 هذه الإجراءات ضمن سعيه إلى تغيير سياسة التصنيع من استراتيجية استبدال المستوردات إلى سياسة تحفيز الصادرات ، وتخلي الدولة عن الدور القيادي لعملية التصنيع.
على الرغم من ذلك التغيير في توجهات السياسة الاقتصادية، لم يشهد عقد التسعينيات تقدماً كبيراً في تنفيذ إجراءات الخصخصة. فاللجنة التي أنشئت في عام 1992 لوضع توصيات في منهجية بيع الأصول الحكومية، كتحديد نسب الملكية التي ستُباع وطرائق التقويم ... إلخ، انتهت بالتوصية بوضع خطة بعيدة المدى، تشرف عليها هيئة تنظيم تقوم على التأكد من سلامة عملية البيع ومن أن العمال في المنشآت المخصخصة سيحصلون على نصيب من الأسهم المباعة، ومن أن جانباً من عوائد التشغيل سيُخصص للاستثمار في تطوير المنشآت. لكن بقيت توصيات هذه اللجنة من دون تنفيذ، ما عكس ضعفاً في التماسك والاتسّاق في السياسات الاقتصادية، وأدى إلى إحجام المستثمرين الأجانب عن المشاركة.
مع منتصف التسعينيات، أصبح من الواضح أن الخمول أصاب برنامج الخصخصة، فعمدت الحكومة في عام 1996 إلى إنشاء «مفوضية التخلي عن الاستثمار» للإشراف على جميع عمليات الخصخصة. لكن ثبت بعد ذلك أن هذه المفوضية كانت أعجز من أن تتصدى للسياسيين والإداريين القائمين على المنشآت التي تملكها الحكومة، ولأصحاب المصلحة في عدم التغيير. لذلك، اقتصر تنفيذ سياسة الخصخصة على بيع حصص قليلة من الأصول الحكومية لا يترتب عنها تغيير في إدارة المنشآت، واقتصرت الفائدة منها على العوائد المالية من عملية البيع.
جرت معظم العمليات المذكورة في عهد الحكومة التي قادها حزب المؤتمر بين عامي 1991 و1996. وحتى عام 1999، كانت نسبة ما بِيع من الأصول المملوكة للدولة أقل من 20 في المئة، شملت البيع الجزئي لأصول 41 منشأة في القطاعات الصناعية والخدمات المالية والخدمات الأخرى (23)
في عام 1999، مع تولي حزب "بهاراتيا جاناتا" الحكومة، عادت الهند إلى إنعاش سياسة الخصخصة بتأسيس دائرة للتخلي عن الاستثمارات الحكومية يتمتع رئيسها بمرتبة وزير. عندئذ، باعت الحكومة حصصاً كبيرة من مشروعات الدولة، وتخلت عن الإدارة في 14 منشأة حكومية بين عامي 2000 و2004، لكنها بقيت محتفظة بملكية 82 في المئة من قيمة الأصول لجملة المنشآت التي تملكها الدولة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(22)Vijay Joshi and I. M. D. Little India's Economic Reforms, 1991-2001 (Oxford: Clarendon Press, 1996). Cited in: Gupta, «Privatization in South Asia,
(23)Nandini Gupta, Partial Privatization and Firm Performance. Journal of Finance, vol. 60, no. 2 (April 2005), pp. 987-1015, Cited in: Gupta, Privatization in South Asia.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|