أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-3-2020
1707
التاريخ: 5/12/2022
1474
التاريخ: 2023-03-19
1108
التاريخ: 28-3-2020
1628
|
يختلف العلماء والباحثون في علم الاخلاق النظري في تقسيم المذاهب الأخلاقية المتعددة ، بين مفصل لها بتعداد سائر الاتجاهات ، وبين مجمل لها بذكر أصولها ، والسبب في ذلك أن طائفة منهم ربطت المذاهب الأخلاقية بالمذاهب الفلسفية فى المعرفة الإنسانية ، من الواقعية والمثالية والعقلية، والحدسية، والتجربية ، والمادية ، والتشكيكة وغير ذلك.
وهذا المسلك وإن أمكن تطبيقه على بعض المذاهب الأخلاقية ، فإنه يكون امتداداً لتلك المسالة إلا أنه لا يمكن تطبيقه على البعض الآخر مثل الأخلاق المسيحية ، فإن لها خصائص ما يخاف تلك الاتجاهات.
وطائفة أخرى ارجعت الاختلاف بعينه إلى الاختلاف في الغاية ، وأنها هي المنفعة — سواء كانت فردية أو اجتماعية — وابتغاء اللذة والسرور ، ودفع الآلام والشرور.
وهذا المنهج كسابقه ، فإن كثيراً من المذاهب يخرج عن هذا التقسيم.
وطائفة ثالثة ذهبت إلى أن المناط هو الوجدان والزهد والتقشف ؛ كما يراه الاتجاه الصوفي.
والحق أن شيئاً مما ذكر لا يصلح لأن يكون المناط في تقسيم المذاهب الأخلاقية ، بل إذ جميعها تتفق على أن الكمال والسعادة هما الغاية القصوى والمقصد الأسنى للإنسان ، وإنما الاختلاف في ما يصدق عليه الكمال والسعادة ، فالاختلاف في المصداق فقط، وعلى هذا الأساس يمكن تقسيم المذاهب الأخلاقية إلى ثلاثة :
الاتجاه العقلي :
الاتجاه الذي يعتبر العقل هو الذي يحدد الغاية في حياتنا ؛ وأنه الباعث الذي يحفزنا إلى ابتغاء الحياة السعيدة والعزوف عن الذات ، وأنه الداعي إلى الطاعة لأوامر الشرع أو العقل ، وأصحاب هذا الاتجاه يعترفون بأصول مسلمة لا يمكن العدول عنها ، كحسن العدل ، وقبح الظلم وأمثال ذلك ، فلا بد للإنسان - الذي يتميز عن سائر الكائنات بطبيعته العاقلة - أن يتصرف وفق القوانين المجعولة من نبل العقل او الشرع ، وفي ذلك ابتغاء السعادة.
ويشمل هذا الاتجاه من المذاهب الأخلاقية المذهب الحدسي ، والواقعي، والمثالي، وبعض المذاهب اليونانية القديمة، أمثال الرواقيين والأفلاطونيين وغيرهم .
الاتجاه المادي :
وهذا الاتجاه يرفض كل القيم الإنسانية المسبقة ، التي تحدد للإنسان سلوكه ، والتي لها التأثير في تشكيل حياته ، بل يعتبر عامل المادة له الأثر الكبير في سلوك الإنسان ، وزاد بعضهم أن الأفكار والمشاعر والرغبات والقيم الخلقية والجمالية ، هي وليدة النظام الاقتصادي وما يستلزمه من العلاقات بين الأفراد بعضهم مع بعض، وأن المنفعة سواء في شكلها الحسي أو العقلي، هي وحدها الخير الأقصى والمرغوب لذاته ، وأنها السعادة ، والضرر والألم وحده هو الشر الأقصى ، فالأفعال الإنسانية لا تكون خيراً إلا إذا حققت النفع مطلقاً ، وإذا جلبت ضرراً أو عاقت عن وصول النفع، كانت شراً.
وبالجملة : أن في هذا الاتجاه — على اختلاف مذاهبه — يتوجه النظر على نتائج الأفعال وآثارها، بلا فرق بين أن تكون المنفعة فردية حسية عاجلة، كما في مذهب القورنائيين ، أو حسية وعقلية وروحية ، كما في مذهب الأبيقورين ، وجميعهم أصحاب اللذة الفردية الأنانية.
نعم ، تحول بعض المذاهب إلى منفعة المجموع والقول بالصالح العام ، ولكنه لا تخرجها عن ابتغاء اللذة والمنفعة ، ولذا دعوا جميعاً بـ (الانانيين) حتى في تصورهم للصالح العام ، وتشترك جميع هذه المذاهب في تقييد حرمة الفرد ، والقول بالجبر الأخلاقي والفوضى في الأخلاق.
ومن ذلك يعرف أنه لا علاقة بين الفكر الفلسفي والمذهب الخلقي في هذا الاتجاه.
الاتجاه الصوفي :
وفي هذا الاتجاه يتنكر الإنسان للمادة في جمع مظاهرها ، وأن العزوف عن ملاذ الدنيا هو المناط في الأخلاق الفاضلة ، ويرى أصحابه أن السعادة هي الابتعاد عما يشغل بال الإنسان عن التفكر، والكمال هو الوصول إلى مرحلة يصل بها إلى درك الحقائق، وفي هذا الاتجاه تعتبر المحبة أصلا لكل خير .
هذه هي الاتجاهات الأساسية للمذاهب الأخلاقية المختلفة المتعددة ، وهي جميعها قد أخفقت في حل المشكلات الخلقية للإنسان ، سواء الفردية أو الاجتماعية، ولم يصل الفرد بها إلى ما يصبو من السعادة والكمال، بل لم تجلب للإنسان إلا الشقاوة ، والوقوع في صراعات فكرية لا يجتنى منها فائدة تذكر .
المفهوم الاخلاقي في القرآن
إن الطابع العام الأخلاقي الذي يستمد من القرآن الكريم يختلف كثيراً عما ذكرناه في المذاهب الأخلاقية المختلفة، سواء من الناحيتين النظرية والعملية ، فهو يحن جمع المشكلات الخلقية ، ويضع كل شيء في موضعه المعين ، ويربط بين الفضل والفضيلة ، فطالما يكون المرء فاضلا ولا يعرف الفضيلة، ولذا ترى أن المفهوم الأخلاقي في القرآن الكريم لا يقتصر على الحاجة العقلية فقط ؛ بل إن الجانب النظري والعملي كل واحد منهما مكمل للآخر ، وتكون لهما وحدة خاصة تشبع الحاسة الأخلاقية ، التي أودعها الله تعالى في الإنسان.
كما أن المفهوم الأخلاقي فيه يمتاز عن غيره في أنه يشتمل على روح التوفيق بين سائر النزعات الأخلاقية، ويلبي جميع المطالب للإنسان ، فهو ينظر إلى الفرد كما ينظر إلى المجتمع، ويعطي لكن واحد منهما حقه، ولهذه النزعة الأخلاقية خصائص يمكن تلخيصها في العنوان اللاحق.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|