أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-7-2021
5450
التاريخ: 4-4-2016
11410
التاريخ: 21/9/2022
1500
التاريخ: 12-1-2022
1781
|
قد تلحق نشوء العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي مسالة عرضية وهي قيام نزاع بسبب تلك العلاقة القانونية مما يستلزم معرفة المحكمة المختصة بالفصل فيه. وهذا يؤدي إلى خلاف بين محاكم عدة دول حيث تدعى او لا تدعي كل واحدة منها حق النظر في النزاع والبت في مثل هذه العلاقة القانونية وهذا ما أطلق عليه تنازع الاختصاص. وهو يختلف عن تنازع القوانين، الذي يقارن نشوء العلاقة القانونية ، بعدم ظهوره الا في حالة ما اذا نشب نزاع بين أطراف العلاقة القانونية بسببها وبعد نشوئها. وتلك حالة عرضية لا يشترط طهورها في جميع الأحوال. ولكن متى ما ظهرت فلا بد من محكمة ذات ولاية يلتجئ اليها صاحب الحق في الدفاع عن حقه أمامها.
ومسالة تنازع الاختصاص اللاحقة لنشوء العلاقة القانونية تتطلب قواعد قانونية تبين ما ذا كانت المنازعة تدخل ضمن ولاية محاكم دولة القاضي المرفوع . أمامه النزاع ام لا؟ ان الفصل في اختصاص المحكمة يقتضي أن يسبق الفصل في تعين القانون الواجب التطبيق، والقاضي المرفوع امامه النزاع يبت بادئ ذي بدء في اختصاصه ومن المسلم به أن القواعد المنظمة لتنازع الاختصاص هي من وضع المشرع الوطني فهو يحدد اختصاص المحاكم الوطنية كما يحدد بصورة غير مباشرة اختصاص المحاكم الاجنبية حينما يتخلى المشرع الوطني عن هذا الاختصاص.
ففي كل دولة يرسم المشرع قواعد الاختصاص القضائي للمحاكم الوطنية سواء كان هذا الاختصاص داخليا ام دوليا، ويتم الاختصاص الداخلي (الخاص بالعلاقات الوطنية عن طريق قواعد المرافعات المدنية. أما الاختصاص الدولي الخاص بالعلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي)، فيكون بمقتضى قواعد الاختصاص الدولي حيث يتحدد بموجبها اختصاص المحاكم الوطنية بالمنازعات الخاصة بالعلاقات القانونية المتضمنة عنصرا أجنبيا والتي اطلق عليها قانون اصول المحاكمات المدنية رقم 24 لسنة 1988 الاختصاص الدولي للمحاكم.
الاختصاص الدولي للمحاكم :
قواعد الاختصاص الدولي هي قواعد موضوعية لا قواعد اسناد لأنها تحدد مباشرة الحالات التي يختص القضاء الوطني بالنظر فيها. وهي لا تهتم بتحديد القضاء الأجنبي المختص. لأن مثل هذا التحديد سيكون عديم الفائدة فالقضاء الأجنبي لا يخضع للقواعد التي يصدرها مشرع اخر (1)، وهذا بخلاف ما هو عليه الحال في قواعد تنازع القوانين التي تحدد اختصاص القانون الوطني واختصاص القانون الأجنبي. ومرد هذا الاختلاف هو أنه في تنازع القوانين إذا ما اعطت قواعد الاسناد الاختصاص الى قانون أجنبي فان القانون المشار اليه سيعمل به من قبل المحكمة التي تسند قواعد اسنادها العلاقة الى قانون اجنبي ، فهي تطبق ذلك القانون سواء قبل مشرع الدولة التابع لها القانون ام لم يقبل ذلك. ولكنه اذا ما اعطى الاختصاص الى محكمة اجنبية فإنها لا تعمل بأوامر مشرع أجنبي .
ومع أن ما جرى عليه العمل من تسمية القواعد التي يتم بمقتضاها اختصاص المحاكم بالنظر في قضايا ذات العنصر الأجنبي بتنازع الاختصاص الدولي للمحاكم ولكن المقصود منه، في حقيقة الأمر، بيان الاحوال التي تختص فيها المحاكم الوطنية بنظر النزاع المشتمل على عنصر أجنبي. ومثل هذه القواعد هي قواعد خاصة بكل دولة. لا يسعنا الوقت لدراستها والوقوف عليها لهذا نكتفي بمعرفة الحالات التي تختص فيها المحاكم الأردنية بالنظر في نزاع يتعلق بعلاقة قانونية فيها عنصر أجنبي.
ويرتبط باختصاص القضاء هذا مسألة معرفة سير المرافعة والقانون الذي يرجع اليه فيما يتعلق بالإجراءات الواجب اتباعها والتي تخضع عادة إلى قانون المحكمة التي تثبت لها الولاية في العلاقة القانونية وهذا ما سنأتي على بحثه. واكمالا للبحث لا بد من أن نواجه الحالات التي يريد الافراد التمسك فيه بقرارات صادرة من محاكم أجنبية لمعرفة اثار تلك الأحكام ومدى إمكانية تنفيذها والشروط اللازمة لتنفيذها وتنفيذ الأوامر والسندات الرسمية الاجنبية
ويجدر بنا قبل عرض القواعد المنظمة للاختصاص القضائي في الاردن وبيان آثار الأوامر والاحكام والسندات الاجنبية ان نحدد أهمية الاختصاص القضائي وعلاقته بالاختصاص التشريعي ونتعرف على المبادئ العامة في تنظيمه ومدى حرية الدولة في تنظيم الاختصاص القضائي الدولي .
أهمية الاختصاص القضائي الدولي وعلاقته بالاختصاص التشريعي :
تحدد قواعد الاختصاص التشريعي القانون الواجب التطبيق وقد يكون هذا القانون وطنيا أو أجنبيا ولهذا فهي قواعد مزدوجة بينما تقتصر قواعد الاختصاص القضائي على تحديد اختصاص المحاكم الوطنية ولا تتكفل بتحديد اختصاص المحاكم الأجنبية ولهذا فهي مفردة الجانب.
والاختصاص القضائي الدولي مستقل عن الاختصاص التشريعي فقد تختص محكمة دولة من الدول بالنظر في القضية ذات العنصر الأجنبي الا انها تطبق عليها قانونا أجنبيا. وأساس هذ الاستقلال هو الاختلاف في الاعتبارات التي تقوم عليه قواعد كل نوع من انواع الاختصاص.
فالمحكمة لاعتبارات تتعلق بالسيادة او بالأمن والسلامة في الأقاليم تصبح مختصة في النزاع ، ومع ذلك فإن قواعد العدالة تقضي بان تحكم العلاقة بقانون أجنبي لأنه أكثر ملائمة لطبيعة النزاع (2).
وقد تتطابق الاعتبارات التي يقوم عليها كل من الاختصاص القضائي والتشريعي فيعقد الاختصاص المحكمة دولة وتطبق المحكمة قانونها كما هو الحال بالنسبة للعقار حيث تختص محكمة الدولة التي وجد فيها العقار في نظر النزاع القائم بشأنه ويخضع العقار لقانون البلد الذي وجد فيه (3) ، ومع استقلالية الاختصاص القضائي عن الاختصاص التشريعي وعدم التلازم بينهما لأن تحديد المحكمة المختصة لا يستتبع حتما تطبيق قانونها على النزاع المطروح أمامها. بيد آن ثبوت الاختصاص لأي منهما قد يكون له تأثيره في ثبوت الاختصاص للآخر، فللاختصاص القضائي الدولي اثره في تحديد الاختصاص التشريعي وفي التنفيذ. و فثبوت الاختصاص لقضاء دولة من الدول - ولو انه لا يعني بالضرورة ثبوت الاختصاص لقانون تلك الدولة . قد يؤثر بصورة غير مباشرة الى عقد الاختصاص القانون المحكمة المطروح امامها النزاع كما هو مبين أدناه (4)
إذ تبدأ أول ما تبدأ المحكمة المختصة بتكييف العلاقة القانونية موضوع النزاع وتتبع في ذلك قواعد التكييف الواردة في قانونها أي أنها تطبق قانونها. وإذ ما انتهت من عملية التكييف يتعين عليها تحديد القانون الواجب التطبيق ويتم هذا بأعمال قواعد الاسناد المنصوص عليها في قانونها ومؤدي هذا أن المحكمة تطبق في التكييف وفي الاسناد قانونها الوطني. وفي كلتا الحالتين ما كان تشريع القاضي ليطبق لو لم تكن المحكمة ذات اختصاص.
وبالإضافة الى ما تقدم، فإن القواعد التشريعية لقانون المحكمة المطروح أمامها النزاع ستنال التطبيق كنتيجة حتمية لهذا الاختصاص وذلك في كل من إجراءات التقاضي والتنفيذ الجبري وتدابير الأمن المدني (الاجراءات التحفظية) حصر الأموال ووضع الاختام وتعيين حارس عليها وبيع ما هو سريع التلف منها......الخ. ففي جميع هذه الحالات تعتبر محكمة الدولة التي تتخذ على إقليمها الاجراءات محكمة مختصة وتطبق في هذه الإجراءات قانونها (5). وقد يكون الاختصاص القضائي تأثير كبير في عقد الاختصاص لقانون المحكمة المرفوع امامها النزاع وذلك في الحالات التي يستبعد فيها تطبيق القانون الأجنبي لمخالفته للنظام العام لأن مخالفة القانون الأجنبي للنظام العام المقرر في قانون المحكمة المرفوع أمامها النزاع يؤدي إلى استبعادها ذلك القانون وتطبيق قانونها الوطني. وكذلك الحال إذا تعذر معرفة أحكام القانون الأجنبي المختص فأنها تضطر إلى العمل بقانونها.
اما من ناحية التنفيذ فإن لتحديد الاختصاص القضائي تأثيرا كبيرا في قبول تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية أو رفضها. لأن الأحكام الصادرة من المحاكم الوطنية تكون قابلة للتنفيذ في إقليم الدولة التي صدرت هذه الأحكام من محاكمها، في حين أن الأحكام التي تصدر من محاكم اجنبية لا يمكن تنفيذها الا اذا مرت بالمراحل اللازمة لتنفيذ الأحكام الأجنبية.
وكما أن الاختصاص القضائي له أثره في تعيين القانون الواجب التطبيق فإن للاختصاص التشريعي اثره في تحديد الاختصاص القضائي (للمحكمة المختصة) فقد يؤدي اختصاص القانون الأجنبي بحكم النزاع المتعلق بالعلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي الى أن تكلف المحكمة المدعى برفع دعواه إلى المحكمة الاجنبية وقد أخذت بهذا الحكم قوانين بعض الدول وعلى سبيل المثال ما قررته المادة التاسعة من قانون تنظيم العلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي الكويتي رقم 5 لسنة 1961 حيث جاء فيها :
في الأحوال المنصوص عليها في المادة السابقة ، وحيث يكون القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة التي ينتمي اليها جميع الخصوم بجنسيتهم ، يجوز للمحكمة، مراعاة لحسن سير العدالة ، أن تكلف المدعي برفع دعواه امام محاكم هذه الدولة اذا كان رفعها جائزة . وهذا النص يدل دلالة واضحة على أن الاختصاص التشريعي كان له أثره في تحديد المحكمة المختصة (6) .
المبادئ العامة في تنظيم الاختصاص القضائي الدولي :
أولى الفقهاء عناية بالغة في دراسة تنازع القوانين للتوصل الى وضع قواعد عامة مشتركة تهيمن على حله. إلا أنهم لم يبذلوا جهدا كبيرا في دراسة تنازع الاختصاص القضائي، ولهذا فإن نظريات عامة وقواعد عامة ظهرت وانتشرت في موضوع تنازع القوانين ولم تظهر مثلها في تنازع الاختصاص القضائي.
ومع ذلك فإنه يمكننا أن نتبين من مراجعة قواعد الاختصاص القضائي التشريعات الدول المختلفة بان هناك قواعد تكاد تأخذ بها كثرة من الدول وتعتمد هذه القواعد على معايير او ضوابط معينة قد تكون إقليمية وقد تكون شخصية والاختصاص فيها قد يكون أصليا او طارئا.
الاختصاص الأصلي :
الضوابط الاقليمية :
ويتم تعيين اختصاص المحكمة على الارتباط الاقليمي الذي قد يكون مرده موطن المدعى عليه او المدعي او موضع المال موضوع النزاع او مكان نشوء محل الالتزام او مكان تنفيذها
وتختص محاكم الدولة بالدعاوى التي ترفع على من كان متوطنا في اقليمها لا فرق في ذلك إن كان المدعى عليه وطنيا ام أجنبيا. وكذلك بالدعاوى التي تتعلق بالأموال التي توجد في اقليمها، وتختص ايضا بالدعاوى المتعلقة بالالتزامات التي نشأت او تنفذ في اقليم الدولة التي تنتسب اليها المحكمة.
ويبرر اختصاص محاكم الدولة هذا بمبررات متعددة منها أن سيادة الدولة على اقليمها تقضي بأن يكون لمحاكمها الولاية القضائية على الأشخاص الموجودين في اقليمها بغض النظر عن جنسيتهم وكذلك على الأموال الموجودة والالتزامات والتي تتم في اقليمها .
وقد يرد اختصاص محاكم الدولة المبني على الارتباط الاقليمي الى سهولة تنفيذ الحكم الذي يصدر منها على الأشخاص والأموال الموجودة على اقليمها.
وقد يكون مرد هذا الاختصاص هو المبدأ القاضي بأن الأصل براءة ذمة المدعي عليه حتى يثبت العكس. وما دام لم يثبت بعد انشغال ذمته فليس من العدل أن نحمله مشقة الانتقال وراء الدعوى، وعلى المدعى أن ويلاحق المدعى عليه واثبات مدعاه.
الضوابط الشخصية :
إن سلطان الدولة لا يقتصر على الأشخاص والأشياء الموجودة في اقليمها بل هو يمتد الى الاشخاص التابعين لها ومن مظاهر سيادة الدولة وسلطانها على الأشخاص التابعين لها هو إعطاء الاختصاص لقضائها بالنظر في الدعاوى التي ترفع على رعاياه او من رعاياها حتى ولو كانوا في الخارج. الاختصاص الطارئ :
ويحق للمحكمة النظر بالدعوى، على الرغم من عدم وجود ارتباط اقليمي او شخصي، إذا تحقق ظرف طارئ عقد لها الاختصاص. والظروف الطارئة هي :
(1) الخضوع الارادي:
اي قبول الخصوم بالخضوع لولاية القضاء اما باتفاق صريح او ضمني كأن يمثل المدعى عليه امام المحكمة غير المختصة دون أن يدفع بعدم اختصاصها.
(2) الارتباط
قد تثار اثناء نظر المحكمة المختصة في النزاع المطروح أمامها مسائل اولية او طلبات عارضة لا تختص بالفصل فيها فيما لو طرحت أمامها في صورة دعوى مبتدأه، كما لو كانت تنظر في دعوى تتعلق بأثار الزواج فأثير أثناء ذلك مسألة جنسية الزوج الأجنبي او موطنه... الخ. فتعيين القانون الأجنبي الذي يحكم اثار الزواج يتوقف على تعيين جنسيته. ففي مثل هذه الحالة تختص المحكمة بالفصل بالجنسية بوصفها مسألة أولية ولو لم تكن مختصة بها أصلا فيما لو عرضت امامها بصورة دعوى أصلية. اما الطلبات العارضة والتي تمتد ولاية المحكمة اليها فهي الطلبات الاضافية التي يتقدم بها طرفي الدعوى واختصام الغير. ويبرز امتداد المحاكم الى المسائل الأولية والطلبات العرضية بمبدأ تمكين القضاء من أداء مهمته على الشكل الذي يتم فيه تحقيق العدالة
(3) الإجراءات :
وهي التدابير الوقائية والتحفظات كطلب تعيين حارس قضائي على المال او تقدير نفقة والتي يحق للقضاء النظر فيها على أساس تعلقها بتدابير امنية.
_____________
1- دكتور فؤاد عبد المنعم رياض - مبادئ القانون الدولي الخاص - بيروت : 1969 ص 424.
2- Batiffol 1959 P.752
3- دكتور هشام علي صادق - تنازع الاختصاص القضائي الدولي - ص15.
4- دكتور فؤاد عبد المنعم رياض - مبادئ القانون الدولي الخاص في القوانين اللبناني والمصري سنة 1969 ، ص246. تعتبر قواعد الاختصاص القضائي الدولي من الناحية العملية من أهم قواعد القانون الدولي الخاص ، ذلك لان تعيين المحكمة المختصة هو في الواقع يحدد الحكم النهائي في النزاع .
5- دكتور محمد كمال فهمي ، اصول القانون الدولي الخاص الاسكندرية 1955، ص481 .
6- راجع للمؤلف د. حسن الهداوي : تنازع القوانين وأحكامه في القانون الدولي الخاص الكويتي الكويت : سنة 1974، ص215.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|