أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-12-2020
1549
التاريخ: 14-5-2022
4079
التاريخ: 19-5-2022
2094
التاريخ: 10-5-2022
5768
|
المجال الآسيوي الجديد : (New Asian Space)
المجال معناه امتداد نفوذ الدولة الاقتصادي والسياسي خارج حدودها، بحيث يصبح الحيز الذي يستوعب نمو الدولة وامتدادها، وبذلك فهو فكرة وهمية، إذ إن مطالب الدول السياسية ليس لها حدود يمكن إن تنتهي عندها محاولة التوسع خارج حدودها بغية تثبيت المصالح الاقتصادية والسياسية(1).
وطالما نتحدث عن دول ذات أهمية كبيرة على الساحة الدولية من ناحية موقعها الجغرافي الحيوي وما يحتويه الموقع من ثروات طبيعية كبيرة، ومحاولة الدول الإقليمية والدولية مد نفوذها الاقتصادي والسياسي نحو تلك الدول، فهي بالتالي مجالاً سياسياً، إذ برز على خريطة العالم السياسية، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991، ذلك المجال الجديد الذي لم يكن معروفاً من قبل وإنما كان يعرف بجمهوريات الاتحاد السوفيتي ، الذي ظهر إلى الوجود بعد ذلك التفكك(2).
إذ عد تفكك الاتحاد السوفيتي نقطة تحول مهمة في بداية عقد التسعينات من القرن العشرين، مما أدى إلى حدوث تحولات جذرية تفاعلت تأثيراتها على شتى المستويات سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وإقليمياً ودولياً (3)، إذ برزت العديد من الكيانات السياسية التي غدت جمهوريات مستقلة بذاتها وأطلق عليها جمهوريات (أسيا الوسطى والقوقاز) في المعنى الجيوستراتيجي الحديث، فجمهوريات (آسيا الوسطى) الممتدة من حيث الواقع الجغرافي من بحر قزوين غرباً، وهضبة البامير شرقاً وسلسلة جبال هندوكوش والحدود الأفغانية الإيرانية جنوباً، والأطراف الجنوبية للسهول الروسية شمالاً، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد أتفاق في أدبيات الجغرافية السياسية حول تعريف المنطقة، باستثناء الاتفاق على إنها تقع في قلب القارة الآسيوية بعيدة عن البحار الكبرى والمحيطات، إلا أن ظهور آراء واتجاهات عديدة تعرف المنطقة وتحددها جغرافياً ، فمن أول هذه الاتجاهات:
1- الاتجاه الأول: الذي يعرف آسيا الوسطى تعريفاً جغرافياً ضيقاً، إذ يقصرها على بعض الجمهوريات المستقلة حديثاً عن الاتحاد السوفيتي في قلب أسيا وهي (طاجاكستان، أوزبكستان، قرغيزستان، تركمانستان)، وبذلك فقد استثنى كازاخستان من التعريف، ويمثل هذا التيار(جيفري ويلر)(*)(4).
2- الاتجاه الثاني: الذي تمثله دائرة المعارف البريطانية ويعرف آسيا الوسطى تعريفاً جغرافياً أكثر اتساعاً، إذ يبين بان أسيا الوسطى هي المنطقة التي تمتد من بحر قزوين حتى شمال غربي الصين ومنغوليا ، ومن جنوبي سيبريا في الشمال إلى شمالي إيران وأفغانستان في الجنوب، هذه المنطقة الجغرافية تمثل مجموعة من الدول والأقاليم في منغوليا وغرب الصين وسيبيريا والأجزاء الشمالية من إيران وأفغانستان بالإضافة إلى خمس جمهوريات استقلت حديثاً عن الاتحاد السوفيتي السابق وهي(كازاخستان، تركمانستان، قرغيزستان، أوزبكستان وطاجاكستان)(5).
3- الاتجاه الثالث: الذي تمثله الموسوعة البريطانية ، وتحدد إن ليس لهذه المنطقة حدود جغرافية دقيقة، بقدر ما تحدها حضارتها التاريخية، فهي تحددها بأنها الأرض التي تحدها من الشمال سيبريا في الاتحاد السوفيتي (سابقاً) وفي الجنوب إيران وباكستان وبنغلادش والهند ،وهذه المساحة تضم (كازاخستان، تركمانستان، قرغيزستان، أوزبكستان وطاجاكستان و جزء من إقليم سينغانغ في الصين )(6).
أما الباحثون العرب فيحددون منطقة آسيا الوسطى بالدول ذات الأغلبية المسلمة وهي كازاخستان، تركمانستان، قرغيزستان، أوزبكستان وطاجاكستان ويضيفون إليها جمهورية أذربيجان الواقعة في القوقاز والتي تربطها بها خصائص ثقافية ودينية لذلك أطلق عليها بالجمهوريات الإسلامية(7).
أما المصادر الأخرى فأغلبها تتفق على إن منطقة آسيا الوسطى تحدد بخمس جمهوريات وهي كازاخستان، تركمانستان، قرغيزستان، أوزبكستان وطاجاكستان(8)، كما تسمى تلك الجمهوريات في معظم الأدبيات العالمية بـ( منطقة أسيا الوسطى)بينما يسميها بعض المستشرقين بـ(آسيا الداخلية)،أما الأتراك فقد أطلقوا على هذه المنطقة تسمية "توران" أي أرض إلا تراك وتدعى أيضاً بـ"تركستان"(9)، فيما سمتها المصادر العربية القديمة بأسماء متعددة منها" بلاد خوارزم وبلاد ما وراء النهر وبلاد سيحون وجيحون"، وكذلك باتت تعرف حديثاً بأنها " أرض الإسلام والثروة واللعبة الكبرى" (10).
أما إقليم القوقاز فهو الإقليم الجيوبولتيكي المكمل لإقليم أسيا الوسطى ،إذ تعتبر دول القوقاز مفتاحاً لدول أسيا الوسطى ، فعن طريقه يمكن لدول آسيا الوسطى الوصول إلى العالم الخارجي، إذ وصفت بأنها سدادة الفلين بالنسبة لدول آسيا الوسطى، فالقوقاز إقليم جبلي يقع بين البحر الأسود في الغرب وبحر قزوين في الشرق ، وتتقاسم الإقليم أربع دول هي(روسيا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان)، والقوقاز(*) هو الاسم الشائع للمصطلح الروسي(القفقاس)(Kabkaz)، لقد أصبح الإقليم عبر العصور مساراً هاماً لانتقال الثقافات من الجنوب حيث حضارات الهلال الخصيب المتمثلة بالعراق، وإلى الشمال الحضارة الروسية وإلى الغرب حضارة شرق أوربا وكذلك إلى الشرق أسيا الوسطى على الرغم من أن الإقليم بموقعه هذا يمثل حضارة أورو– آسيوية فإن التأثير الثقافي الآسيوي أكثر وضوحاً فيه ولاسيما في أذربيجان التي تشترك مع إقليم آسيا الوسطى بالخصائص الثقافية والدينية واللغوية.
وكما يتسم القوقاز بتنوع عرقي كبير وهو أمر راجع إلى كون الإقليم معبراً أرضياً مرت عبره موجات بشرية عديدة تحركت بين آسيا وأوربا وأفريقيا، ويتبع ذلك التنوع العرقي تنوعاً لغوياً شديداً يندر إن نجد له مثيلاً في بقعة من الأرض لها تلك المساحة الصغيرة ،إذ يقطن القوقاز أكثر من خمسين شعباً يتحدثون بلغات مختلفة ولهجات متنوعة، لذلك فقد أطلق الرحالة العرب الذين جابوا الإقليم عليه بـ(جبل إلالسن) في أشارة بليغة إلى التنوع الكبير في لغات الإقليم(11)، إلى جانب التنوع الكبير في اللغات ، هناك تنوع كبير أيضاً في الموارد الطبيعية ، فقد عرفت هذه البلاد باستخراج النفط مطلع القرن الماضي ، فكانت أعظم منطقة منتجة له في العالم بعد منطقة الخليج العربي، كما يوجد فيها الغاز الطبيعي والرصاص والزنك والحديد والنحاس(12)، وبصرف النظر عن هذه الاختلافات ودلالتها، فإن ما يهمنا بالأساس في هذه المنطقة هو الجمهوريات الخمس بالإضافة إلى جمهوريات القوقاز التي ظهرت في القارة الآسيوية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي التي استقلت حديثاً كوحدات سياسية مستقلة، التي أطلق عليها الباحث مصطلح (المجال الآسيوي الجديد New Asian Space)، إذ تقع هذه الدول المستقلة حديثاً جميعها في قارة أسيا، وهي كل من(كازاخستان، طاجاكستان، قرغيزستان، تركمانستان، أوزبكستان، أذربيجان، أرمينيا وجورجيا)(خريطة 1)، فهذه الجمهوريات ماعدا (جورجيا وأرمينيا) تتسم بخصائص ثقافية –حضارية-إسلامية تميزها من باقي دول المجال الآسيوي الجديد، فهي تنتمي من حيث البعد العقائدي إلى الدين الإسلامي الحنيف، لذلك يطلق عليها بـ(جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية) أو (الجمهوريات الإسلامية في أسيا الوسطى).
خريطة الموقع الجغرافي لدول المجال الأسيوي الجديد
المصدر: صادق صالح العاني، الأطلس العام، مطبعة الرصافي، بغداد، 2001، ص54.
كما إن هذه الجمهوريات، ولاسيما الجمهوريات الخمس في آسيا الوسطى تشكل وحدة إقليمية، إذ إنها تشكل كتلة إقليمية لا تفصلها فواصل جغرافية مما يجعلها مرشحة إن تكون كتلة سياسية واحدة في المستقبل ولاسيما إن الحدود بين دول المجال الآسيوي الجديد هي تقسيمات إدارية وضعها الحكم السوفيتي السابق، ونظراً لأهمية المنطقة وما تتميز به من الناحية الطبيعية ولمناعة وحصانة موقعها الجغرافي والثروات الهائلة والبعد العقائدي ، فتلك الدول تمتلك إمكانات اقتصادية كبيرة تضمن لها أداء أدوار مختلفة في المنطقة وعلى الأصعدة كافة، انطلاقا ًمن موقعها الجغرافي الرابط لقوى عظمى في المنطقة فهي تربط بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا من جهة، وبين روسيا والصين من جهة أخرى، و بين الشرق الأقصى والشرق الأوسط؛ لذلك تستطيع لعب دور إقليمي أو دولي انطلاقا من ذلك الموقع الرابط لتلك الدول، مما زاد الأثر في تسليط الأضواء عليها وازدياد الاهتمام الإقليمي والدولي بها، إذ كادت المنطقة تشكل أهم مناطق التنافس ألاستراتيجي بين عدة من الدول. إن منطقة دول المجال الآسيوي الجديد بقيت محتفظة بأهميتها الجيوسياسية، فهي تسمى بقلب اوراسيا، لذلك ضمت ومنذ القدم محوراً من محاور الصراع الدولي بين القوى التي حاولت إن تفرض هيمنتها و لا تزال هذه المنطقة تحتفظ بأهميتها الجيوبولتيكية ويعزز ذلك التنافس الدولي على هذه المنطقة للحصول على مكاسب جيوبولتيكية(13)، فهذه المنطقة محاطة بقوى إقليمية ودولية وهي ذات ثقل جيوستراتيجي إقليمي ودولي، فهي محاطة من الشمال بروسيا الاتحادية ومن الشرق بعملاق جيوبولتيكي صاعد(الصين) ومن الغرب البحر الأسود وتركيا ومن الجنوب بقوة إقليمية صاعدة (تركيا وإيران)، بالإضافة إلى قربها من منطقة إستراتيجية (منطقة الخليج العربي)، مما كسب المنطقة أهمية إضافية.
لذلك ارتبطت منطقة دول المجال الآسيوي الجديد بما أصطلح علية اللعبة الكبرى التي كانت محاورها فيما بين الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر، إذ كانا يتصارعان على السيطرة على منطقة المجال الآسيوي الجديد، واليوم ارتباطه بما اصطلح عليه أيضاً باللعبة الكبرى الجديدة التي بدأت في القرن الواحد والعشرين التي اختلفت عن سابقتها من حيث إنها أكثر تعقيداً من قواعد اللعبة القديمة(14)، التي حاولت إشراك دول المجال الآسيوي في ترتيبات أمنيه أوسع، كمشروع الشرق الأوسط الكبير، حتى تضمن تلك الدول مناطق نفوذ واسعة وقريبة من مناطق هامة كمنطقة الخليج العربي والمحيط الهندي والبحر المتوسط والبحر الأسود لتحقيق مصالحها في تلك المناطق من خلال الدمج بين شعوب المنطقة.
ولمدة طويلة بقيت دول المجال الآسيوي الجديد مجالاً جغرافياً مغلقاً وبعيداً عن الصراع والتنافس بين القوى العالمية بحكم الهيمنة المطلقة التي بسطتها الإمبراطورية الروسية ثم الاتحاد السوفيتي على هذا المجال الواسع، إلا أن تفكك الاتحاد السوفيتي أدى إلى ظهور هذه المنطقة من جديد، إذ إن لها تأثيراً مباشراً على واقع علاقات القوة في المنطقة، فسرعان ما فتح المجال أمام طموحات القوى المجاورة ( تركيا، إيران ،الصين) وغير المجاورة الولايات المتحدة في الوقت الذي بقيت روسيا تحاول الإبقاء على نفوذها في المجال.
______________
(1) محمد عبد المجيد عامر، دراسات في الجغرافية السياسية والدولة، (أسس وتطبيقات)، دار المعرفة الجامعية،الإسكندرية،1982،ص161.
(2) محمد عبد الرحمن يونس العبيدي، الاستراتيجية الإيرانية تجاه جمهوريات أسيا الوسطى، نشرة متابعات إقليمية، مركز الدراسات الإقليمية، جامعة الموصل، المجلد (4)، العدد(9)، 2007، ص1.
(3) أحمد سلمان محمد ضباب المعموري، دور تركيا في الاستراتيجية الأمريكية تجاه الوطن العربي، أطروحة دكتوراه (غير منشورة)، المعهد العالي للدراسات السياسية والدولية، جامعة المستنصرية، 2005 ، ص 77.
(*) جيفري ويلر: هو أحد كبار الأمريكيين المتخصصين بشؤون أسيا الوسطى الذي أصدر كتابه:
(The Modren history of soviet Asia).
(4) محمد ياس خضير خلف الغريري، سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه منطقة أسيا الوسطى فترة ما بعد الحرب الباردة، رسالة ماجستير ( غير منشورة)، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2005، ص3.
(5) طالب حسين حافظ، سياسة روسيا الاتحادية تجاه الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى، رسالة ماجستير (غير منشورة)، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2005، ص5.
(6) The New Encyclopedia Britannica, Philip W. Goetz. Editor, Vol. 15, Washington, 1987. p73.
(7) محمد ياس خضير خلف الغريري، مصدر سابق، ص4.
(8) Charle Williams Maynes, America Central Asia (http:// www.foreign affairs.org).
(9) طالب حسين حافظ، مصدر سابق، ص 7.
(10) شذى فاضل سعود، أسيا الوسطى واللعبة الكبرى، مجلة الراصد الدولي، العدد(86)،مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2003، ص1.
(*) القوقاز ( مصطلح القوقاز أو القفقاس هو مصطلح قديم أستخدم منذ القرن السادس قبل الميلاد ويعني الجبال المنحصرة بين البحار، وله معنى جغرافي أخر البلد أو العالم الذي تتناصفه الجبال العالية بين شرقي أوربا وغربي أسيا).
(11) عاطف معتمد عبد الحميد ، القوقاز.. جغرافيته وتأريخه وأهميته عبر العصور، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت)،على الرابط التالي (www.islamonline.net) بتأريخ 29/6/2009.
(12) يوسف محمد السلطان وآخرون، الجغرافية الإقليمية للقارات ، جامعة البصرة، 1986،ص 227-228.
(13) محمد ياس خضير خلف الغريري، مصدر سابق، ص10.
(14) محمد ياس خضير خلف الغريري، مصدر سابق ، ص175.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|