أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-12-2021
2614
التاريخ: 18-5-2022
2351
التاريخ: 8-1-2022
1446
التاريخ: 3-1-2022
2038
|
للوهلة الأولى يبدو إن مفهوم الدور أو مصطلح الدور غاية في الوضوح ، ولكن عند التفكير في وضع تعريف له تظهر صعوبة هذا المصطلح ،إذ يعد من أكثر المصطلحات السياسية غموضاً ولاسيما إنه يمكن إن يفهم بأكثر من معنى واحد.
لغوياً: يمكن فهم كلمة( الدور) بدلالة الحركة في محيط أو بيئة معينة من الفعل(دار)، دوراً، ودوراناً، بمعنى طاف حول الشيء، ويقال أيضاً دار حوله، وبه، وعليه، وعاد إلى الموضع الذي أبتدأ منه (1)، إذ يعرف قاموس (وبيستر) مصطلح الدور لغوياً بأنه الجزء الذي يؤديه الشخص في موقف محدد(2)، وكذلك هو المركز أو المنصب الذي يحتله الفرد، والذي يحدد واجباته وحقوقه الاجتماعية(3)، وكذلك فإن الدور هو مجموعة طرق الحركة في مجتمع ما التي تسم بطابعها سلوك الإفراد في ممارسة وظيفة خاصة(4)، وهناك من يرى إنه السلوك المتوقع من شاغل أو لاعب المركز الاجتماعي، كما إن هناك من يرى إن الدور أنموذج منظم للسلوك ومتعلق بوضع معين للفرد في تركيبة تفاعلية.
أما اصطلاحاً: فالدور لا يرتبط بمجال معين إذ يتحدد دون غيره ويدخل في اختصاصات مختلفة اقتصادية وسياسية واجتماعية وطبيعية، وذلك ضمن عملية تحديد النتائج الخاصة بطبيعة العلاقات الارتباطية بين جزيئات ظاهرة ما، أو بين مجموعات محددة من الظواهر، وحتى في نطاق المجال الواحد يمكن إن يظهر التنوع في معنى الدور، وبالتالي في تعريفه، وإذا ما نظرنا في إطار حقل العلوم السياسية نجد إن له أكثر من تعريف ،إذ يعرف في المصطلحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بأنه موقف أو سلوك أو وظيفة لشخص داخل مجموعة(5)، إذ يتصل مفهوم الدور غالباً بالدراسات السايكولوجية – الاجتماعية الحديثة، ويستفاد منها في دراسة وتغيير السلوك السياسي الخارجي للدولة ،لذلك فإن الدور يمكن التعبير عنه بوظيفة الدولة كأنموذج منظم للسلوك ضمن مجموعة من النشاطات الاجتماعية، وبالتالي فإن سلوك الدولة كوحدة ضمن مجموعة وحدات( دول) كل منها تعبر عن سلوك سياسي خارجي يختلف في تكوينه وقدراته المادية والمجتمعية تبعاً لطبيعة المتغيرات المحيطة والمؤثرة بكل دولة، وبالتالي سلوكها الخارجي(6)، وكما يتضمن مفهوم الدور كذلك الممارسة الفعلية ،أي ترجمة التصور إلى سلوكيات وقرارات عملية وهنا تثار قضية الاتساق بين الدور كتصور أو توجه عام وبين ممارسة هذا الدور، ولا يعد الدور تصوراً فقط بل اقتناع وقدرات وإمكانات أيضاً لممارسته بفعالية واقتدار(7).
في ضوء ما تقدم يكون الدور وظيفة تؤديها الدولة وفقاً لموقعها في المجتمع الدولي، فالتوافق بين الدور كمفهوم وبين ممارسته وتطبيقه لا يقتصر على افتراضات وتصورات ولكن يرتبط بالقدرات والإمكانات التي تمكنه من التحول من مفهوم إلى الواقع العملي بشكل فاعل لذلك فإن الدور لا يلتصق بأية دولة بصورة تلقائية ، فلا يمكن لكل الدول إن تمارسه في كل الأوقات، فقد تقوم به دولة واحدة في مدة زمنية معينة، ويمكن إن لا تفعل ذلك في مدة أخرى(8)، إلا إن الوحدات السياسية تختلف عن بعضها البعض في إدراكها للأهداف والمصالح التي تسعى إلى تحقيقها، فضلا عن اختلافها في حدود الإمكانات والقدرات المادية وغير المادية، وبالتالي فإنها سوف تختلف في سلوكها السياسي الخارجي بشكل ينعكس على طبيعة الدور الذي تؤديه بين دور فاعل أو متوسط الفاعلية أو قليل الفاعلية(9).
فالدور لدولة ما لا ينشأ إلا عندما تسعى تلك الدولة إلى أداء ذلك الدور وحتى تقوم عن قصد بصياغة واعية له، وعلى هذا الأساس فإن الدور لأية دولة يرتبط بجملة شروط يأتي في مقدمتها حجم الدولة ومكانتها في الإقليم الذي تنتمي اليه، والذي تؤدي فيه ذلك الدور، إلا إن الدور الذي تؤديه الدولة على المستوى الإقليمي والدولي ، يتحدد وفقآ لعدد من المؤشرات التي تعد حجر الزاوية في قوتها القومية ، وهي القوة السكانية والعسكرية والمستويات التعليمية والصناعية والعلمية والتقنية وتطورها حضارياً واستقرارها السياسي ، وإن تلك المقومات يمكن إن تستخدمها الدول لأداء دور على المستوى الإقليمي لملأ أوضاع إقليمية معينة ،أو فرض نمط سياسي أو مذهبي على دول أخرى ، بينما هناك دول تستخدم تلك المقومات للتحكم بها والسيطرة عليها في حدود الدفاع عن أمنها القومي ومصالحها الوطنية(10).
ونستنتج مما سبق إنه يمكن إن نصل إلى تعريف للدور هو الحراك السياسي والاقتصادي الذي تقوم به الدول داخل محيطها الإقليمي والدولي لغرض تحقيق أهداف تعزز مكانتها السياسية والاقتصادية وتحافظ على استقلالها وأمنها القومي، وهذا يعني ممارسة القدر الأكبر من العمل المفروض فعله للوصول إلى غايات المصلحة المطلوبة لدولة ما، بغض النظر عن مشروعية هذا الفعل في نظر الآخرين.
_________________
(1) إبراهيم مصطفى، وآخرون، المعجم الوسيط، المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر، القاهرة، 1972،ص302
(2) New websters Dictionary, U.S.A Lexicon Publications, 1993, p862.
(3) إحسان محمد حسن، موسوعة علم الاجتماع، الدار العربية للموسوعات ، ط1، بيروت، 1999، ص289.
(4) صادق الأسود، علم الاجتماع السياسي (أسسه وأبعاده)، مطبعة دار الحكمة، جامعة بغداد، 1990، ص123.
(5) أعياد عبد الرضا ال عبدال، دور مصر في النظام الشرق أوسطي وأفاقة المستقبلية، رسالة ماجستير (غير منشورة) ، كلية التربية (أبن رشد) ، جامعة بغداد، 2006، ص1.
(6) هاني الياس خضر الحديثي، العراق ومحيطة العربي (دور العراق كموازن إقليمي)، مجلة دراسات إستراتيجية، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، العدد(6)، 1999، ص57.
(7) مجيد حميد شهاب البدري، الدور الإقليمي لتركيا في ترتيبات الأمنية الجديدة وأثرها في الأمن القومي العربي، أطروحة دكتوراه (غير منشورة)، كلية الآداب، جامعة بغداد، 1997، ص311.
(8) أعياد عبد الرضا ال عبدال ، مصدر سابق، ص 2-4 .
(9) إيلاف راجح هادي، مستقبل الدور العالمي لليا بان، رسالة ماجستير (غير منشورة)، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين،2006، ص5.
(10) مجيد حميد شهاب البدري، مصدر سابق، ص31.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|