المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16642 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
احكام المصدود
2024-06-26
احكام المحصور
2024-06-26
احكام المحصر والمصدود
2024-06-26
احكام الاضحية
2024-06-26
حكم المحارب
2024-06-26
تعريف الجهاد وشروطه
2024-06-26

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الجمع الثاني للقرآن‏  
  
5423   05:36 مساءاً   التاريخ: 29-04-2015
المؤلف : محمد علي الاشيقر
الكتاب أو المصدر : لمحات من تاريخ القران
الجزء والصفحة : ص133-148.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / تاريخ القرآن / جمع وتدوين القرآن /

لا يخفى على القارئ العزيز مما مرّ ذكره بان القرآن الكريم كان «مؤلفا في زمن النبي (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  على ما هو عليه في المصاحف اليوم ولكن لم يكن مجموعا في مصحف واحد» (1) وكتاب واحد ولم تربط آياته خيط أو بين دفتين ولم يلزم القراء توالي سوره، لأن الوحي كان لا ينقطع نزوله ما دام النبي (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  حيا، وكان ما أوحي به إليه (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  مجموعا- كما تقدم- في قلوب المسلمين وكتاباتهم له، وذلك على خلاف ما يذهب إليه البعض من المستشرقين ممن تصدّوا للكتابة عن القرآن أو الاشارة إليه‏ (2) و خصوصا في موضوع جمعه، حيث ذهب هذا البعض إلى ان سور القرآن وآياته ظلت مبعثرة ومفككة في حياة الرسول ثم جمعت بعد وفاته تحت رحمة الأسانيد الشفوية للصحابة مما جعل اصل القرآن- برأيهم- مثارا للقيل والقال والتساؤل‏ والاستفسار (3) .. كما ذهب الآخرون من هؤلاء إلى ان قسما من القرآن قد ضاع ونسي بعضه وان القرآن غير كامل الأجزاء .... الخ وهذا الزعم- ان صح- فلا يصلح إلا لاظهار مدى جهل الذين ابتدعوه وخلقوه، فليس ابعد عن الحقيقة والواقع من ان يقال ان آيات القرآن وسوره جمعت بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  لأن هناك الف دليل ودليل يشير إلى أن آيات القرآن قد جمعت كلها في عهد الرسول (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  حفظا في الصدور وتلاوة على الألسن وكتابة في الرقاع والصحف، كما ان السور القرآنية قد سميت كلها تحت إشرافه ونظره‏ (4) فضلا عن ان «العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة واشعار العرب المسطورة، حيث ان العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته وبلغت إلى حد لم يبلغه ما ذكرناه، لأنه معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والاحكام الدينية ...

الخ» (5)

و لما اختار اللّه تعالى لرسوله دار الكرامة والسعادة وانقطع اثر ذلك نزول الوحي إلى الأرض فلا يرجى بعد ذلك للقرآن نزول تتمة له، رأى المسلمون حينئذ وفاء بوعد اللّه بضمان حفظه على الأمة أن يسجلوه في مصحف جامع واحد» (6) .

أما قبل ذلك- أي قبل وفاته (صلى الله عليه وعلى الله وسلم) - فإن عدم جمع القرآن في مصحف واحد يعود إلى الأسباب التالية (7)  :

1- لم يوجد من دواعي كتابته في مصحف واحد مثل ما وجد في عهد الخلفاء الراشدين حيث المسلمون بخير والقراء كثيرون والفتنة مأمونة الجانب ..

2- ان النبي (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  كان بصدد استمرار نزول الوحي عليه واحتمال نزول ناسخ لآية أو آيات ..

3- ان القرآن لم ينزل مرة واحدة وإنما نزل منجما وانه لم يكن بين نزول آخر آية ووفاته (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  إلا مدة قصيرة ..

4- ان ترتيب آيات القرآن وسوره ليس على ترتيب نزوله حيث ان نزوله كان حسب الأسباب، بينما ترتيبه فلغير ذلك من الاعتبارات والأسباب ..

هذا وقيل ان الدافع الرئيسي في جمع القرآن- بعد وفاته (صلى الله عليه وعلى الله وسلم) - قد جاء بعد ان أشتد القتل بأصحاب الرسول (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  من القراء وحفظة القرآن في واقعة اليمامة والتي حدثت في أواخر سنة 11 هجرية وأوائل عام 12 ه- تقريبا، وهي الواقعة التي جرت مع مسيلمة بن ثمامة الكذاب الذي قتل عام 12 ه- والذي ادعى النبوة بعد وفاة الرسول- وقيل قبل وفاته (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  في قومه بني حنيفة، كما وكانت ساحة المعركة في أرض نجد وفيها استشهد سبعون نفرا من الحفاظ وما يقرب من خمسمائة من القراء (8) وقيل «قتل فيها وحدها 1200 شخص من المسلمين فيهم 700 شخص من القراء» (9) من الذين صحبوا رسول اللّه (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  وسمعوا حديثه وقوله ..

وقيل أيضا ان عمر بن الخطاب سأل عن آية من الكتاب فقيل له كانت مع فلان الذي قتل في يوم اليمامة، فقال انا للّه وراجع اثرها أبا بكر الصديق بصدد جمع القرآن في مكان واحد ..

والظاهر هنا من قول عمر ومخاطبه هو ان غير فلان- في الحق- كان يحفظ الآية المطلوبة، بل كان هناك من يحفظ سائر القرآن- كما تقدم شرحه- ولكن الخليفة عمر عند ما نما إلى سمعه قتل فلان خاف من قتل بقية الحفاظ والقراء لكلام اللّه تعالى في المعارك التي استعرّ لظاها بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  مباشرة والتي كان القراء والحفاظ يشكلون قسما كبيرا من جنودها فيضيع بفقدهم واستشهادهم القرآن الكريم أو على الأقل شطر منه قد يصعب بعد ذلك تلافيه بسهولة.

لذا فقد راجع عمر أبا بكر - وقد اصبح الأخير خليفة للمسلمين- بصدد جمع القرآن «في صحف توضع بين دفتين وتكون اصلا مكتوبا للقرآن يحفظ النص من دون أن ينقص أو يزيد منه شي‏ء» (10) و مشيرا عليه من مغبة ان تذهب كل الملاحم والمعارك التالية بالبقية الباقية من القراء فيذهب كثير من القرآن بذهابهم واستشهادهم في سبيل اللّه أو «يتسرب إليه- القرآن- ما يغيّر في الصورة الصادقة التي نقلها الوحي عن اللّه ونقلها الرسول عن الوحي ونقلها الصحابة عن النبي بدقة وامانة» (11) .

ولكن أبا بكر لم يوافق عمر على رأيه مبدئيا كما ولم يفكر أو يبحث فيه بل اجابه بقوله : كيف افعل شيئا لم يفعله رسول اللّه من قبل ولم يعهد الينا عهدا (12) متصورا بأن جمع القرآن في مكان واحد قد تكون سابقة خطيرة قد تقترب أو تصل إلى حدود البدعة التي نهى الرسول (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  عنها وحاربها بكل هوادة وشدة ..

اضافة إلى انه «ليس هناك من نص صريح يحله ولا سابقة تعين على معالجته» (13) .

وقد دأب عمر بن الخطاب على مراجعة أبي بكر بهذا الشأن مرارا كما ودار حول الموضوع حوار طويل بينهما «لا سيما فيما يتعلق بتهافت أصحاب الرسول في المعارك تهافت الفراش في النار وخشية ألا يشهدوا موطنا إلا فعلوا ذلك حتى يقتلوا» (14) .حتى انتهى الحال أخيرا إلى انتزاع الموافقة على جمع القرآن، حيث ادرك أبو بكر- في الأخير- الفوائد المترتبة من ذلك فضلا عما ثبت لديه من ان مثل هذه الخطوة ليست ببدعة في كثير أو قليل ان لم تكن حسنة يثاب عليها المرء ويجزى عنها أحسن الثواب في يوم الحساب، وانها أيضا تتفق مع روح التشريع الاسلامي والمصالح العامة ولا تعارض نصا شرعيا أو حكما دينيا ..

علما بأن هذه الموافقة كانت- كما يرى البعض- هي «اخطر قرار اتخذه أبو بكر في حياته وأعظم الخطوات التي تمت في تاريخ هذه الأمة» (15) لأنها ستحفظ القرآن من التحريف وتبعده عن الزيادة والنقصان.

وفي سبيل تحقيق هذا الأمر الذي تم المصادقة عليه، استدعى أبو بكر الصديق اليه زيد بن ثابت وكان الأخير من أبرز كتاب الوحي وقال له : باني قد عزمت على أمر خطير وجسيم آمل ان تعينني عليه فإنك :

«رجل شاب عاقل لا نتهمك في شي‏ء وقد كنت تكتب الوحي لرسول اللّه (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  فتتبع القرآن واجمعه» (16)  في مكان واحد ..

وقد كان وقوع هذا القول على رأس زيد كوقوع الصاعقة، حيث استثقل الأمر في البداية واستبعده وشعر بجسامة التبعة التي كلف بحملها لأسباب مختلفة، منها انه لم يسبق له ان تلقى طلبا كهذا في عهد رسول‏ اللّه (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  فضلا إلى ما يكلفه هذا العمل من الأتعاب والمشاكل التي هو في غنى عنها، اضافة إلى أنه صحابي عاصر رسول اللّه وسمع حديثه لا يحب أن يقوم بعمل أو محاولة لم يفعلها النبي ولم يأمر بها- وانه كمسلم يتحاشى مثل هذا العمل خشية ان يقع- عند تنفيذه له- في بعض الأخطاء وما قد يترتب على هذه الأخطاء من المحاذير الدينية والأدبية التي قد تهدد مكانته الدينية وتعصف بها.

وحسب زيد حينئذ انه لو كلف بنقل جبل- كجبل أبي قبيس المطل على قلب مكة- بصخوره وحصاه وترابه ما كان اثقل عليه من تنفيذ هذا الطلب واتمام هذا العمل المكلف به ...

ولكن لم تمضي إلا فترة قصيرة من الوقت إلا وشرح اللّه صدر زيد لقبوله تنفيذ هذا العمل كما شرح اللّه تعالى صدر أبي بكر بصدده من قبل، فوافق على القيام باعباء العمل طواعية وابتدأ في تنفيذه وتحقيقه في الحال بعد أن توسل الى اللّه تعالى في ان يختم مهمته بالنجاح والخير ..

لقد قام زيد بالأمر- بعد ان أمر أبو بكر مناديا لينادي في الناس، بأن كل من عنده شي‏ء من القرآن فليجئ به إلى زيد- قام على خير وجه حيث سار وفق خطه حكيمة وسليمة فهو لم يعتمد فقط على ملكة الحفظ عند العرب بل اشترط اضافة اليها ان تعززها وتدعمها الكتابة، كما قرر ان لا يقبل أية آية مكتوبة من آيات القرآن «إلا من بعد شهادة شاهدين عادلين يفيدان على انها كتبت وحررت في حضرة الرسول (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  وانها سمعت من فمه» (17) .

والحقيقة ان كل هذه الاجراءات والتعقيدات انما وضعت أو اخذت بنظر الاعتبار فلأجل المبالغة في الاحتياط والامانة في الجمع والحرص على صحة وسلامة نقل الآيات الكريمة ..

وهكذا تتبع زيد بن ثابت القرآن باجمعه يجمعه من العسف واللخاف والصحف والقراطيس وصدور الرجال، فوجد قرب الفراغ من العمل ان آخر سورة التوبة (18) كانت لدى أبي خزيمة الانصاري أو خزيمة بن ثابت الانصاري في رواية أخرى وهي قوله تعالى : {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة : 128]‏ فوافق على كتابتها دون تأخير أو ابطاء (19)  ذلك لأن رسول اللّه (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  كان قد جعل شهادته مساوية لشهادة رجلين من المسلمين (20) ..

كما ان عمر بن الخطاب كان قد جاء زيد بن ثابت بآية الرجم وهي : «الشيخ والشيخة إذا زنيا فأرجموهما البتة نكالا من اللّه واللّه عزيز حكيم» فلم يكتبها زيد بسبب أن نقل هذه الآية- أو العبارة على وجه الدقة- كان منحصرا به فقط ولم يشهد له على صحتها أحد من المسلمين‏ (21) ..

وينقل عن لسان عمر بن الخطاب بصدد ما جاء به من آية الرجم قوله : «لو لا ان يقول الناس ان عمر قد اضاف إلى كتاب اللّه شيئا لاضفت هذه الآية إلى القرآن» ...

وقيل بعد هذا ان أبا بكر حرصا منه على سرعة وسهولة اتمام جمع القرآن طلب من عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت ان «يجلسا عند باب المسجد النبوي فمن جاءهم بشاهدين على شي‏ء من كتاب اللّه فليكتبوه» (22)

والمقصود من الشاهدين هنا هو الحفظ والكتابة أو بأن يشهدا بأن ما أتوا به كان مما عرض على النبي (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  عام وفاته في العرضة الأخيرة وانه كذلك قد سمع منه وكتب بين يديه وجها لوجه ..

وطبيعي ان هذا السبيل الذي مورس في جمع القرآن كان هو السبيل المثالي الذي لم يشوبه شي‏ء من شبهة أو مثلبة، وقد ثمّن أحد الكتاب المتأخرين هذا السبيل في الحفظ والجمع فقال : «تستطيع أن تقول من غير تردد انه اتبع طريقة التحقيق العلمي المألوفة في عهدنا الحاضر، وقد اتبع هذه الطريقة بدقة دونها كل دقة» (23) .

وقد تم لأبي بكر الصديق جمع القرآن كله في مكان واحد مرتب الآيات والسور في بحر سنة كاملة بسبب ان طلبه من زيد بن ثابت كان‏ عقب واقعة اليمامة «و المدة الفاصلة بين هذه الواقعة وبين ارتحاله لجوار ربه أو قرب هذا الارتحال هي سنة واحدة تقريبا» (24) .

وهناك من قال بان عملية الجمع هذه استغرقت حوالي السنتين أو الثلاث‏ (25) ..

هذا وقد كتب زيد القرآن كله بجميع أجزائه واوجهه المعبّر عنها بالأحرف السبعة (26)  كما «ولم يسجل في المصحف إلا ما ثبت عدم نسخ تلاوته» (27) و قد كتبه كما صرّح هو به على قطع الأديم وكسر الاكتاف والسعف والقراطيس ...... الخ.

ويمكن هنا تلخيص مهمة زيد بن ثابت التي تولى القيام بها في مهد أبي بكر فنقول انها «لا تعدو عن ضم ما تفرق هنا وهناك على نسق معهود له ولغيره من جمهور الحفظة» (28) من الصحابة والقراء ..

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو عن السبب الذي من أجله اختير زيد بن ثابت للقيام بالمهمة التي اضطلع بها بجمع القرآن دون غيره من كتاب الوحي والصحابة ..

ان الجواب على هذا التساؤل قد كفاني مئونة الإجابة عليه أحد الكتاب المتأخرين حيث يقول : «لما كان زيد شابا فهو أقدر على العمل من غيره، وهو لشبابه أقل تعصبا لرأيه واعتزازا بعمله وذلك يدعوه للاستماع لكبار الصحابة من القراء والحفاظ والتدقيق في الجمع دون ايثار لما حفظه هو، وانه كذلك حضر العرضة الأخيرة للقرآن» (29)

هذا وسنلقي بعض الضوء على شخصية هذا الصحابي الجليل في الفصل القادم ..

أما عن السبب الرئيسي الذي حدا بأبي بكر أو عمر إلى عدم نسخ صور كثيرة مما كتب زيد بن ثابت فهو ان الصحف التي اضطلع بكتابتهما زيد اريد منها ان تكون وثيقة للتسجيل ليمكن بعد ذلك وحين الفراغ من حروب الردة وحرب الروم والفرس- أو عند الضرورة- من نسخها بأكثر من صورة، وقد تم ذلك بالفعل في عهد عثمان بن عفان، اضافة إلى عدم وجود خلاف يذكر في القراءات في ذلك الوقت يتطلب العجلة في النسخ أو الإسراع في الجمع ..

ان الصحف التي جمعت فيها آيات القرآن الكريم قد وضعت لدى أبي بكر الصديق انتظارا لحلول وقتها وساعتها بعد أن شدّت بخيط خشية سقوط أو فقدان شي‏ء منها، وبعد وفاته سنة 13 هـانتقلت هذه الصحف إلى خلفه عمر بن الخطاب وظلت لديه حتى قرب انتقاله إلى جوار ربه حيث ودعها حينذاك عند ابنته حفصة زوجة الرسول (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  ولم تحفظ لدى الخليفة الثالث عثمان بن عفان..

والحقيقة بصدد الفقرة الأخيرة هو أن عمر بن الخطاب كان قد وضع الصحف في أواخر حياته لدى ابنته حفصة وليس لدى خلفه عثمان بسبب ان انتخاب هذا الخلف لم يتم بعد لأنه آثر ان يجعل أمر الخلافة شورى من بعده، ولاعتقاده كذلك بأن هذا الخلف- كائنا من كان- في وسعه ان يستردها ويطلبها منها إذا تطلبت الحاجة اليها لأن الصحف هي ملك لكل المسلمين وليس في وسع أحد أن يستأثر بها دونهم، ولو كانت ملكا لأبي بكر- كما يقول البعض- لورثها ابناؤه من بعده ولم تصل إلى عمر بن الخطاب أو تحفظ لديه، فضلا عن ان حفصة بنت عمر هي زوجة رسول اللّه (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  وانها كانت تعرف القراءة والكتابة (30) ..

هذا وان إمام الهدى على بن أبي طالب (عليه السلام) قال بصدد جمعه للقرآن : بان حبيبي رسول اللّه (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  كان قد «أوصاني انه إذا ما واريته في حفرته ان لا أخرج من بيتي حتى أؤلف كتاب اللّه فإنه في جرائد النخل واكتاف الإبل ..» (31)  وانه أقسم ألا يضع ردائه على ظهره حتى يجمع القرآن ..

وفي رواية أخرى ورد ان رسول اللّه (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  قال لعلي : «يا علي ان القرآن خلق فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولا تضيعوه كما ضيّعت اليهود للتوراة» (32) ..

كما وينسب للامام على قوله انه لو ثنيت له الوسادة وعرف حقه لأخرج مصحفا كتبه بيديه واملاه عليه رسول اللّه (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  ..

لذا فما ان اكمل الامام مواراة ابن عمه (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  والناس منصرفون إلى شئون البيعة والخلافة حتى آلى على نفسه «ألا يرتدي برداء إلا للصلاة حتى يجمع القرآن في مصحف واحد ففعل» (33) و كان الرجل ليأتيه فيخرج من غير رداء حتى جمعه في مصحف واحد من الرقاع المتنوعة غير المنتظمة ..

وقد تم جمعه في ثلاثة أيام- وربما كان أكثر- وبأوراق مترابطة تشكل كتابا بترابطها وتتابعها المنظم، وقد وضعه (عليه السلام)  في ثوب أصفر ثم ختم عليه فكان بذلك «أول مصحف في دنيا الاسلام جمع فيه القرآن من قلبه» (34) و من تدوينه أيضا، بينما كان أبو بكر أول من جمع القرآن من الصحف والخشب والعسب والاكتاف ..

ولم يحفظ الامام علي بهذا المصحف في بيته أو يستأثره لنفسه دون جمهور المسلمين بل «أتى به على جمل فقال لجماعة المسلمين هذا القرآن قد جمعته» (35)  وكان (عليه السلام)  قد «جزأ المصحف سبعة أجزاء» (36)  ووضعه (جمعه)  على ترتيب نزوله وتقدم منسوخه على ناسخه كما وقد كتب فيه تأويل بعض الآيات وتفسيرها بالتفصيل فضلا عن الاشارة إلى عامه وخاصه ومطلقه ومقيّده ومجمله وبيّنه ومحكمه ومتشابهه ورخصه وعزائمه وآدابه وسننه وأسباب نزوله ..

لذا فمصحف الامام علي (عليه السلام) لم يكن في الحق والحقيقة «أول مصحف جمع فيه القرآن» (37)  في عالم الاسلام فقط بل هو أول تفسير له، وليس هذا بمستكثر على الامام إذا ما علمنا بأنه (عليه السلام) كان قد «آمن بالاسلام ولما يمضي على نزول الوحي 24 ساعة وانه شارك النبي (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  في أول صلاة صلاها للّه، وكان معه في حله وترحاله عدا غزوة تبوك التي استخلفه فيها على المدينة» (38) .

فليس غريبا ولا عجيبا ان نرى الرسول (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  يثمن كل هذه الجهود ويشكر كافة هذه المساعي فيوشّح صدر الامام بوسام رفيع وكبير وهو وسام العلم والعمل خاطّا عليه وباحرف من نور مقولته الشهيرة التي تحدث بها الركبان وحفظها القاصي والداني وهي «انا مدينة العلم وعلي بابها» ناهيك عن الأوسمة والأنواط المختلفة الأخرى والتي يتعذر احصائها ويشق استقصائها .. لذا لم يعد بعيدا ولا مستغربا ان نسمع الامام يخطب جماهير المسلمين وهو مل‏ء الثقة واليقين والاعتزاز يخطبهم بقوله : «اني لا عرف ناسخه من منسوخه- يقصد القرآن- ومحكمه من‏ متشابهه وفصله من فصاله وحروفه من معانيه واللّه ما من حروف نزل على محمد (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  إلا واني اعرف فيمن نزل وفي أي يوم وفي أي موضع».

كما وليس عجيبا أن نسمع حبر الأمة عبد اللّه بن عباس يقول :

اعطي علي تسعة اعشار العلم وشارك الناس في العشر العاشر ..

أو ما جاء عن عبد اللّه بن مسعود من ان الرسول (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  استدعى عليا (عليه السلام)  فخلا به فلما خرج الينا سألناه ما الذي عهد به اليك يا علي فقال : علمني الف باب فتح لي من كل باب الف باب ..

و ما روي عن أبي الطفيل انه قال : شاهدت عليا يخطب وهو يقول : سلوني قبل ان تفقدوني فو اللّه لا تسألوني عن شي‏ء إلا أخبرتكم وسلوني عن كتاب اللّه فو اللّه ما من آية إلا وانا أعلم بليل نزلت ام بنهار ام سهل ام في جبل ..

و ما نقل عن غيره من انه سمع الامام علي يخطب في مكان آخر ويقول : «انه لو تكلم في الفاتحة من القرآن لحمل منها سبعين وقرا».

و قد سأله مرة بعض الأصحاب بعد ما لمس منه (عليه السلام)  من نبوات صادقة ومن فنون الأدب والبلاغة والوان العلم والفقه ما اطاح بلبه وأخذ بمجامع قلبه سأله : لقد اعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب فضحك الامام وقال : ليس هو علم غيب وانما هو تعلّم من ذي علم ..

هذا علما بأن الصحابة كانوا «متفقين على ان علم القرآن مخصوص لأهل البيت، إذ كانوا يسألون علي بن أبي طالب (عليه السلام) هل خصصتم أهل البيت دوننا بشي‏ء سوى القرآن، فاستثناء القرآن بالتخصيص دليل على اجماعهم بأن القرآن وعلمه وتنزيله وتأويله وتفسيره مخصوص بهم» (39)

اضافة إلى ان «التفسير بالأثر والحديث النبوي من العلوم التي تفرّد بها البيت النبوي وعرف بها الأئمة قبل غيرهم» (40)

لذا فكل «أحد من الناس ادعى انه جمع القرآن كله كما انزل إلا كذب، وما جمعه وحفظه كما نزله اللّه تعالى إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) و الأئمة من بعده» (41) .

و مما تقدم يظهر بان مصحف الامام علي كان أول مصحف في عالم الاسلام وقد طالما تأسف الأصحاب بعد ذلك على عدم اطلاعهم عليه أو تقبلهم له بعد ان عرض عليهم ووضع امامهم وجها لوجه ..

فهذا عبد الرحمن بن عوف يقول : «سألت عكرمة عن ذلك الكتاب فلم يعرف» (42) .

و بعده قال محمد بن سيرين : «لو اصبت ذلك الكتاب كان فيه العلم» ..

فرحمك اللّه يا أبا الحسن وطبت حيا وميتا واليك مني ومن ملايين المسلمين الذين تمنوا بلوغ العصر الذي عشته ليغترفوا من فيض علمك وبلاغتك وسيرتك الف تحية اكرام واعجاب وتقدير ..

هذا وكان هناك آخرون أيضا بالاضافة إلى الامام علي قد نجحوا ووفقوا في جمع القرآن في مصحف واحد ومكان واحد بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  منهم أبيّ بن كعب وعبد اللّه بن مسعود وعبد اللّه بن عباس وأبو موسى الاشعري والمقداد بن الأسود ومعاذ بن جبل وسالم بن معقل مولى أبي حذيفة ... وسنشير إلى بعضها بعد الفصل القادم.

ان المصاحف الآنفة الذكر كانت موزعة في الامصار والمدن‏ الإسلامية «فأهل الكوفة كانوا يقرءون على مصحف عبد اللّه بن مسعود وأهل البصرة على مصحف أبي موسى الأشعري وأهل الشام بما فيهم أهل حمص على مصحف أبيّ بن كعب وأهل دمشق على مصحف المقداد ابن الأسود» (43) ..

كما وقد كان ثمة خلاف بين هذه المصاحف «من جهة الأسلوب والترتيب والقراءة» (44)  وذلك لاجازة النبي (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  لأصحابه تلاوة القرآن باللهجات التي درجوا عليها وأقرأهم بهذه اللهجات أو بعبارة أخرى بهذه القراءات وفقا لما تستطيعه السنتهم، وكان (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  يطمئن خواطرهم عند الاستفسار منه عن حقيقة قراءة غيرهم بقوله : «كلكم على صواب» (45) , فضلا عن ان أهل كل قطر ومصر كان يشعر لمصاحفهم بقوة على حساب المصاحف الأخرى ويؤيد قراءاتهم على ما عداها ..

و هذا الخلاف الذي استفحل ونما بمرور الأيام هو الذي أدركه الصحابي الجليل والقائد المشهور حذيفة بن اليمان‏ (46) حين كان يجاهد في سبيل اللّه بين صفوف القوات الاسلامية في جبهة آذربايجان (شمال غرب ايران)  وارمينيا، فعند اوبة هذا الصحابي- رحمه اللّه- إلى الكوفة احاط أميرها وكان حينئذ هو سعيد بن العاص احاطه بالخطر الذي سيلحق ببيضة الاسلام من جراء اختلاف المسلمين في المصاحف وقراءاتها ..

ثم توجه بعدها إلى المدينة المنورة ليفاتح الخليفة عثمان بن عفان واقع الأمر، فنهض الخليفة لهذا السبب ولغيره من الأسباب- كما سنشير إليه في الفصل القادم- نهض بجمع القرآن (و هو الجمع الثالث) ، كما وقام بعدها بتوزيع نسخ متشابهة منه على الامصار الاسلامية لتحل محل المصاحف المتداولة بهدف وضع حد لكل خصومة قد تطرأ أو خلاف قد يثار من جراء اختلاف المصاحف، هذا الخلاف‏ (47)  الذي برز بسبب طول عهد الناس بالرسول (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)  والوحي والتنزيل وادى إلى ظهور ناشئة جديدة سببت الاختلاف في حروف الأداء ووجوه القراء ..

فلنرى في الفصل التالي كيف قام عثمان بن عفان بهذه المهمة وكيف كان موقف المسلمين منها وكيف تقبّلها الناس برحابة صدر وبسرور بالغ ..

___________________________

(1)  التبيان في آداب حملة القرآن- يحيى بن شرف.

(2)  بصدد مصدر القرآن يذهب قسم من المستشرقين وغيرهم إلى أن القرآن هو من تأليف محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)  وطبيعي أن هذا القول مخالف للحق ومجانب للواقع، وهو أن القرآن الكريم كلام اللّه تعالى وإنه وحي أنزله على رسوله ولا يمكن أن يكون له أصل من البشر. حيث لو أن محمدا« هو الذي وضع القرآن لبث فيه أشجانه وحالاته النفسية وأزماته واحزانه، والقرآن هو غير هذا تماما فهو يبدو من البدء حتى النهاية معزولا عن النفس المحمدية بما فيها من مشاغل وهموم بل أن الآية لتنزل مناقضة للإدارة المحمدية» القرآن- محاولة لفهم عصري- مصطفى محمود.

(3)  التاريخ الجغرافي للقرآن- مظفر نادفي.

(4)  التاريخ الجغرافي للقرآن- مظفر نادفي.

(5)  المسائل الطرابلسيات- الشريف المرتضى.

(6)  آلاء الرحمن في تفسير القرآن- الشيخ محمد جواد البلاغي.

(7)  التعبير الفني في القرآن- الدكتور بكري شيخ أمين.

(8)  كان يطلق لفظ القارئ قديما على الذين يحفظون القرآن عن ظهر قلب ويساويه الآن لفظ الحافظ، أما لفظ المقرئ المتداول بيننا الآن فهو يطلق على من يقرأ القرآن بالمصحف، وسيمر شرح كل ذلك في فصل قادم هو- العناية بالقرآن ..

(9)  منهج البيان في تفسير القرآن- السيد ابن الحسن الرضوي.

(10)  المصحف الشريف- الدكتور محمد عبد العزيز مرزوق.

(11)  المصحف الشريف- الدكتور محمد عبد العزيز مرزوق.

(12)  الإتقان في علوم القرآن- جلال الدين السيوطي- فضائل القرآن- إسماعيل بن كثير القرشي.

(13)  تاريخ القرآن- الدكتور عبد الصبور شاهين.

(14)  إعجاز القرآن والبلاغة المحمدية- مصطفى صادق الرافعي.

(15)  تاريخ القرآن- الدكتور عبد الصبور شاهين.

(16)  البرهان في علوم القرآن- بدر الدين الزركشي.

(17)  الإتقان في علوم القرآن- جلال الدين السيوطي.

(18)  في الحقيقة أن زيد بن ثابت لم يجد هذه الآية مسجلة عند غير المسلمين ممن راجعهم، لا انه لم يكن يحفظها غيره بل كان يحفظها الكثيرون ويتلونها في الصلوات وفي غيرها ..

كما وأن الروايات والمصادر التي تروى أو تأتي على هذه الواقعة قد وقعت في الخلط والالتباس بين خزيمة بن ثابت وابي خزيمة الأنصاري فمنها من تعد الأول هو ذو الشهادتين وغيرها تعد الثانية ..

إن علة هذا الخلط ما بينهما يرجع إلى تكرر لفظ خزيمة في الاسمين وان الاثنين هما من الأنصار ..

(19)  فضائل القرآن- إسماعيل بن كثير القرشي، الإتقان في علوم القرآن- جلال الدين السيوطي.

(20)  إن سبب جعل شهادة خزيمة أو أبي خزيمة معادلة لشهادة رجلين هو ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)  كان قد اشترى يوما فرسا من سواد بن الحارث فاستتبعه لا عطائه ثمن الفرس، فاسرع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)  لمشي وأبطأ البائع المذكور، فاعترضه بعض الرجال وساوموه على الفرس باكثر من الثمن الذي باعه وهم لا يعلمون ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)  قد اشتراه منه، ثم انكر الاعرابي عند جلب النبي للثمن بيعه الفرس له، فشهد للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)  ابي خزيمة أو خزيمة فقال له الرسول : بم تشهد ولم تكن حاضرا فأجاب بتصديقك وإنك لا تقول إلّا حقا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم)  :« من شهد له أبي خزيمة أو خزيمة أو عليه فحسبه».

وابي خزيمة هو صحابي جليل ومن اشراف الأوس وشجعانهم وقد حمل رايتهم يوم فتح مكة وشهد معركة صفين مع الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) و في هذه المعركة استشهد وكان في عام 37 هـ .

(21)  الإتقان في علوم القرآن- جلال الدين السيوطي.

(22)  تاريخ القرآن- إبراهيم الابياري، تاريخ القرآن- محمد طاهر الكردي.

(23)  الصديق أبو بكر- الدكتور محمد حسين هيكل.

(24)  مباحث في علوم القرآن- الدكتور صبحي الصالح.

(25)  دراسات في علوم القرآن- عبد القهار العاني.

(26)  سيرد شرح الحروف السبعة في القرآن في نهاية هذا الكتاب.

(27)  التعبير الفني في القرآن- الدكتور بكري شيخ أمين.

(28)  نظرات في القرآن- محمد الغزالي.

(29)  الصديق ابو بكر- الدكتور محمد حسين هيكل.

(30)  القرآن- محمد صبيح.

(31)  تاريخ القرآن- أبي عبد اللّه الزنجاني، تفسير العياشي- محمد بن مسعود العياشي.

(32)  تاريخ القرآن- أبي عبد اللّه الزنجاني.

(33)  آلاء الرحمن في تفسير القرآن- الشيخ محمد جواد البلاغي، الإتقان في علوم القرآن- جلال الدين السيوطي.

(34)  الفهرست- ابن النديم.

(35)  البحار- محمد باقر المجلسي.

(36)  تاريخ القرآن- أبي عبد اللّه الزنجاني.

(37)  موجز علوم القرآن- داود العطار.

(38)  علي والقرآن- محمد جواد مغنية.

(39)  مقدمة في تفسير الشهرستاني- هبة الدين الشهرستاني.

(40)  مقدمة تفسير شبّر- للدكتور حامد حفني داود.

(41)  الكافي- محمد بن يعقوب الكليني.

(42)  آلاء الرحمن في تفسير القرآن- الشيخ محمد جواد البلاغي.

(43)  الكامل في التاريخ- ابن الأثير.

(44)  تاريخ المصاحف العثمانية- محمد هادي معرفة.

(45)  المصحف الشريف- الدكتور محمد عبد العزيز مرزوق.

(46)  كان حذيفة بن اليمان العبسي صاحب سر رسول اللّه ومن أزهد الناس في الدنيا، ويروى أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)  كان قد اجتره بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة بما في ذلك واقع وحقيقة كل صحابي وعاقبته المنتظرة ..

توفي - رحمه اللّه - في العراق عام 36 هـودفن إلى جوار قبر الصحابي الجليل سلمان الفارسي في المدائن قرب بغداد وقبره هناك عامر ومفتوح للزوار ..

(47)  نشير هنا إلى أن البعض يرى أن اختلاف المصاحف يعود إلى اجازة عثمان بن عفان لإعلام قريش من المهاجرين والانصار بالخروج إلى الامصار والبلدان بعد أن حظر عليهم عمر بن الخطاب هذا الخروج في حياته حيث« تفرّق الصحابة في الامصار واشتدوا في ذلك، فقرأ أهل كل مصر بقراءة من نزل بينهم من الصاحبة والقراء» تاريخ الطبري- محمد بن جرير الطبري. 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .