أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-05-2015
2212
التاريخ: 20-6-2016
2703
التاريخ: 23-04-2015
2143
التاريخ: 12-10-2014
2009
|
استمرّ التنزيل التدريجي للقرآن الكريم طيلة ثلاث وعشرين سنة وهي المدّة التي قضاها النبي صلّى اللّه عليه وآله في امّته منذ بعثه إلى وفاته، فقد بعث صلّى اللّه عليه وآله لأربعين سنة ومكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثمّ هاجر إلى المدينة وظلّ فيها عشر سنين، والقرآن يتعاقب ويتواتر عليه حتى مات وهو في الثالثة والستين من عمره الشريف.
وقد امتاز القرآن عن الكتب السماويّة السابقة عليه بإنزاله تدريجا، وكان لهذا التدرّج في إنزاله أثر كبير في تحقيق أهدافه وإنجاح الدعوة وبناء الامّة، كما أنّه كان آية من آيات الإعجاز في القرآن الكريم ويتضح كل ذلك في النقاط التالية :
1. مرّت على النبيّ صلّى اللّه عليه وآله والدعوة حالات مختلفة جدّا خلال ثلاث وعشرين سنة تبعا لما مرّت به الدعوة من محن ومن شدائد وما أحرزته من انتصار وسجّلته من تقدّم، وهي حالات يتفاعل معها الإنسان الاعتيادي وتنعكس على روحه وأقواله وأفعاله ويتأثّر بأسبابها وظروفها والعوامل المؤثرة فيها. ولكنّ القرآن الذي واكب تلك السنين بمختلف حالاتها في الضعف والقوّة، في العسر واليسر، في لحظات الهزيمة ولحظات الانتصار والتنزيل تدريجا خلال تلك الأعوام كان يسير دائما على خطّه الرفيع لم ينعكس عليه أيّ لون من ألوان الانفعال البشري الذي تثيره تلك الحالات. وهذا من مظاهر الإعجاز في القرآن التي تبرهن على تنزيله من لدن عليّ حكيم. ولم يكن القرآن ليحصل على هذا البرهان لو لا إنزاله تدريجا في ظروف مختلفة وأحوال متعدّدة.
2. إنّ القرآن بتنزيله تدريجا كان إمدادا معنويّا مستمرا للنبيّ صلّى اللّه عليه وآله كما قال اللّه تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان : 32] فإنّ الوحي إذا كان يتجدّد في كلّ حادثة كان أقوى للقلب وأشدّ عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك نزول الملك إليه وتجدّد العهد به وتقوية أمله في النصر واستهانته بما يستجدّ ويتعاقب من محن ومشاكل. ولهذا نجد أنّ القرآن ينزل مسلّيا للنبيّ مرّة بعد مرّة مهوّنا عليه الشدائد، كما وقع في محنة يأمره تارة بالصبر أمرا صريحا فيقول { وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} [المزمل : 10] ، وينهاه تارة اخرى عن الحزن كما في قوله { وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [يونس : 65] ويذكّره بسيرة الأنبياء الذين تقدّموه من اولي العزم فيقول {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } [الأحقاف : 35] ، ويخفّف عنه أحيانا ويعلمه أنّ الكافرين لا يجرحون شخصه ولا يتّهمونه بالكذب لذاته وإنّما يعاندون الحق بغيا كما هو شأن الجاحدين في كلّ عصر، كما في قوله {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام : 33].
3. إنّ القرآن الكريم ليس كتابا كسائر الكتب التي تؤلّف للتعليم والبحث العلمي وإنّما هو عملية تغيير الإنسان شاملا كاملا في عقله وروحه وإرادته وصنع أمّة وبناء حضارة. وهذا الأمل لا يمكن أن يوجد مرة واحدة وإنّما هو عمل تدريجيّ بطبيعته. ولهذا كان من الضروري أن ينزل القرآن الكريم تدريجا ليحكم عليه البناء وينشئ أساسا بعد أساس ويجتثّ جذور الجاهلية ورواسبها بأناة وحكمة.
وعلى أساس هذه الأناة والحكمة في عملية التغيير والبناء نجد أنّ الإسلام تدرّج في علاج القضايا العميقة بجذورها في نفس الفرد أو نفس المجتمع، وقاوم بعضها على مراحل حتّى استطاع أن يستأصلها ويجتذ جذورها. وقصّة تحريم الخمر وتدرّج القرآن في الإعلان عنها من أمثلة ذلك. فلو أنّ القرآن نزل جملة واحدة بكلّ أحكامه ومعطياته الجديدة لنفر الناس منه ولما استطاع أن يحقّق الانقلاب العظيم الذي أنجزه في التاريخ.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|