أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
8456
التاريخ: 8-11-2014
8180
التاريخ: 24-09-2014
7836
التاريخ: 11-12-2015
9593
|
وملخّصها : ان وقوع التحريف في التوراة والإنجيل، وقيام الدليل على أنّ كلّ ما وقع في الامم السالفة يقع في هذه الامّة مثله.
أمّا وقوع التحريف في الكتابين، فمن الامور المسلّمة التي لا ينبغي الارتياب فيه أصلًا، وتعدّد الأناجيل مع وجود الاختلاف فيها والتناقض، حتّى في صفات المسيح، وأيّام دعوته، ونسبه، ووقت صلبه بزعمهم، كافٍ في إثبات وقوع التغيير والتحريف فيه، وإن جعل كلّها في مصحف واحد يعرف بالأناجيل الأربعة.
وأمّا الدليل على أنّ كلّ ما وقع في الامم السالفة يقع في هذه الامّة مثله - مضافاً إلى دلالة بعض الآيات عليه ، كقوله - تعالى - : {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } [الانشقاق : 19] حيث صرّح جمع من المفسّرين بأنّ المراد : لتتّبعنّ سنن من كان قبلكم من الأوّلين وأحوالهم، ونقله في مجمع البيان عن الصادق عليه السلام قال : «والمعنى : أنّه يكون فيكم ما كان فيهم، ويجري عليكم ما جرى عليهم حذو القذّة بالقذّة (1) - وقد وردت الروايات الكثيرة من طرق الفريقين الدالّة على ذلك :
1 - ما رواه عليّ بن إبراهيم ، في تفسير قوله - تعالى - : {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق : 19] يقول : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : لتركبنّ سنّة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل ، والقذّة بالقذّة ، ولا تخطئون طريقتهم شبر بشبر، وذراع بذراع، وباع بباع، حتّى أن لو كان من قبلكم دخل جحر ضبّ لدخلتموه، قالوا : اليهود والنصارى تعني يا رسول اللَّه ؟ قال : فمن أعني ؟ لينقضّ عرى الإسلام عروةً عروةً، فيكون أوّل ماتنقضون من دينكم الإمامة (الأمانة خ ل) ، وآخره الصلاة (2) .
2 - ولعلّها أظهرها؛ ما رواه الصدوق في «كمال الدين» عن علي بن أحمد الدقّاق رضى الله عنه، عن محمد بن أبي عبداللَّه الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله : «كلّ ما كان في الامم السالفة فإنّه يكون في هذه الامّة مثله، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة» (3) .
3 - غير ذلك من الروايات الواردة بمثل هذا المضمون .
قال العلّامة المجلسي قدس سره في «البحار» : تواتر عن النّبي صلى الله عليه و آله أنّ كلّ ما وقع في الامم السالفة يقع في هذه الامّة (4) فكلّما ذكر سبحانه في القرآن الكريم من القصص فإنّما هو زجر هذه الامّة عن أشباه أعمالهم، وتحذيرهم عن أمثال ما نزل بهم من العقوبات ، حيث علم وقوع نظيرها منهم وعليهم .
وقد أفرد له بالتصنيف الصدوق رحمه الله وسمّاه (كتاب حذو النعل بالنعل) (5) .
وقال المحدِّث الحرّ العاملي رحمه الله في «الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة» :
إنّه يمكن أن يستدلّ عليه.
وبإجماع المسلمين في الجملة؛ فإنّ الأحاديث بذلك كثيرة من طريق العامّة والخاصّة (6) .
ومن طريق العامّة : روى البخاري في صحيحه، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «لتتبَعُنَّ سنن من كان قبلكم شبراً شبراً، وذراعاً بذراع، حتّى لو دخلوا جحر ضبّ تبعتموهم، قلنا : يا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله اليهود والنصارى؟ قال :
فمن؟» (7) .
ورواه غير أبي سعيد، كأبي هريرة (8) , وابن عبّاس (9) ، وحذيفة (10) , وابن مسعود (11) , وسهل بن سعد (12) . وعمرو بن عوف (13) , وشدّاد بن أوس (13) , ومستورد بن شدّاد (14) , وعبداللَّه بن عمرو بن العاص (15) , بألفاظ متقاربة، وعبارات متشابهة.
والجواب أوّلًا : فلأنّ بلوغ هذه الروايات إلى مرحلة التواتر غير معلوم، بل الظاهر أ نّها أخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملًا؛ ولذا لم يذكر شيء من هذه الروايات في الكتب الأربعة، ولا ادّعى أحد من المحدّثين تواترها، بل غايته دعوى الصحّة.
قال الصدوق في «كمال الدين» : صحّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «كلّ ما كان في الامم السالفة يكون في هذه الامّة مثله، حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة» (16) .
ثانياً : فلأنّ مفاد هذه الروايات إن كان الوقوع في هذه الامّة ولو بعد هذه الأعصار إلى يوم القيامة؛ أي إن كان مفادها الإخبار عن الوقوع ولو فيما بعد، فلا دلالة فيها على وقوع التحريف فعلًا كما هو المدّعى، ولا مطابقة حينئذٍ بين الدليل والمدّعى ؛ فإنّ المدّعى وقوعه في صدر الإسلام في زمن الخلفاء الثلاثة، والدليل يدلّ على وقوعه في زمان آخره يوم القيامة.
وإن كان مفادها الوقوع في الصدر الأوّل، فلازمه الدلالة على وقوع التحريف بالزيادة في القرآن، كما وقع في التوراة والإنجيل، مع أنّ القائل بالتحريف ينفيه في جانب الزيادة، كما عرفت.
ثالثاً - وهو العمدة في الجواب - : فلأنّ هذه الكلّية المذكورة في رواية الصدوق التي هي العمدة في الاستدلال، إن كانت بنحو تقبل التخصيص، ولا تكون آبية عنه كسائر العمومات الواردة في سائر الموارد، القابلة للتخصيص وعروض الاستثناء بالإضافة إلى بعض أفرادها، فلا مانع حينئذٍ من أن يكون ما قدّمناه من الأدلّة السبعة القاطعة على عدم التحريف في القرآن المجيد بمنزلة الدليل المخصّص للعامّ، ويكون مقتضى الرواية بعد التخصيص وقوع جميع ما وقع في الامم السالفة في هذه الامّة إلّا التحريف الذي قام الدليل على عدمه فيها.
وإن كانت بنحو يكون سياقها آبياً عن التخصيص، ويؤيّده قوله صلى الله عليه و آله في بعض تلك الروايات : «حتّى أن لو كان من قبلكم دخل جحر ضبّ لدخلتموه» (17) .
و«حتّى لو أ نّ أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه» (18) .
فيردّه - مضافاً إلى مخالفته لصريح القرآن الكريم، قال اللَّه - تعالى - : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ } [الأنفال : 33]، حيث دلّ على عدم وقوع التعذيب مع كون النبيّ صلى الله عليه و آله في المسلمين ووجوده بينهم، والضرورة قاضية بوقوع التعذيب في بعض الامم السالفة مع كون نبيّهم فيهم - : أنّ كثيراً من الوقائع التي حدثت في الامم السابقة لم يصدر مثلها في هذه الامّة، كعبادة العجل (19) , وتيه بني إسرائيل أربعين سنة (20) , وغرق فرعون وأصحابه (21) , وملك سليمان للإنس والجنّ (22) ,ورفع عيسى إلى السماء (23) ,وموت هارون - وهو وصيّ موسى - قبل موت موسى نفسه (24) , وإتيان موسى بتسع آيات بيّنات (25) , وولادة عيسى من غير أب (26) , ومسخ كثير من السابقين قردةً وخنازير (27) , وغير ذلك من الوقائع التي لم يصدر مثلها في هذه الامّة، وبعضها غير قابل للصدور فيما بعد من الأزمنة أيضاً، كما هو واضح لا يخفى.
وممّا ذكرنا ظهر أنّه لو كان المراد ممّن كان من قبلكم خصوص اليهود والنصارى أيضاً - كما يؤيّده بعض الروايات المتقدّمة على تأمّل - فالجواب أيضاً باقٍ على قوّته؛ لأنّ كثيراً من الموارد التي ذكرناها قد وقع في خصوص الامّتين :
اليهود والنصارى، ولم يقع أو لن يقع فينا أصلًا.
وعلى ما ذكر فلابدّ من ارتكاب خلاف الظاهر فيها، والحمل على إرادة المشابهة في بعض الوجوه، وعلى ذلك فيكفي في وقوع التحريف في هذه الامّة عدم اتّباعهم لحدود القرآن، وعدم رعايتهم لأحكامه وحدوده، وقوانينه وشرائعه، وهذا أيضاً نوع من التحريف.
كما أنّ الاختلاف والتفرّق بين الامّة وانشعابها إلى مذاهب مختلفة، وافتراقها إلى ثلاث وسبعين فرقة - كما افترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين، واليهود إلى إحدى وسبعين على ما هو مقتضى الروايات الكثيرة، بل المتواترة (28) الدالّة على هذا المعنى - تحريف أيضاً؛ لأجل استناد كلّ منهم إلى القرآن الذي فسّروه على طبق الرأي والاعتقاد، والاستنباط والاجتهاد، ويؤيّده أنّ العلّامة المجلسي قدس سره أورد رواية الصدوق المتقدّمة (29) في باب افتراق الامّة بعد النبيّ صلى الله عليه و آله على ثلاث وسبعين فرقة.
ويؤيّد كون المراد هو التشابه ما رواه ابن الأثير في محكيّ جامع الاصول عن سنن الترمذي، عن أبي واقد الليثي : أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لمّا خرج إلى خيبر مرّ بشجرة للمشركين يُقال لها : ذاتُ أنواطٍ يُعلّقون عليها أسلحتهم، فقالوا : يا رسول اللَّه، اجعل لنا ذاتَ أنواط كما لهم ذاتُ أنواط.
فقال النبي صلى الله عليه و آله : سبحان اللَّه هذا كما قال قوم موسى عليه السلام : {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } [الأعراف : 138], والذي نفسي بيده لتركبنّ سُنّة من كان قبلكم (30) .
وما رواه في الكافي عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه - تعالى - :
{ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } [الانشقاق : 19] قال : يا زرارة أولم تركب هذه الامّة بعد نبيّها طبقاً عن طبق في أمر فلان وفلان و فلان؟! (31) .
قال بعض المحقّقين (32) : «أي كانت ضلالتهم بعد نبيّهم مطابقة لما صدر من الامم السابقة من ترك الخليفة واتّباع العجل والسامريّ وأشباه ذلك».
_______________________
1. مجمع البيان في تفسير القرآن : 10/ 275.
2. تفسير القمي : 2/ 413، وعنه تفسير الصافي 5 : 306، والبرهان في تفسير القرآن 5 : 617 ذح 11491، وبحار الأنوار 9 : 249 قطعة من ح 154، و ج 24 : 350 بيان، وج 28 : 8 ح 11، وتفسير كنز الدقائق 11 : 271، وتفسير نور الثقلين 5 : 539 ذ ح 9.
3. كمال الدين : 576 ب 54، وعنه بحار الأنوار : 28/ 10 ح 15.
4. بحار الأنوار : 28/ 20.
5. رجال النجاشي : 391 - 392، الرقم 1049، الفهرست للشيخ الطوسي : 237، الرقم 710، معالم العلماء : 112، الرقم 764.
6. الإيقاظ من الهجعة : 113، الباب الرابع.
7. صحيح البخاري : 8/ 191، كتاب الاعتصام ب 14 ح 7320.
8. صحيح البخاري : 8/ 191، كتاب الاعتصام ب 14 ح 7319، المصنّف في الأحاديث والآثار 8 : 434، كتاب 40 ح 268.
9. المستدرك على الصحيحين 4 : 502 ح 8404.
10. المصنّف في الأحاديث والآثار 8 : 636، كتاب 40 ح 379.
11. المعجم الكبير للطبراني 2 : 39 ح 9882.
12. المسند لابن حنبل 8 : 443 ح 22941، المعجم الكبير للطبراني 6 : 186 ح 5943 و ص 204 ح 6017.
13. المعجم الكبير للطبراني 17 : 13، مجمع الزوائد 7 : 259 - 260.
14. مسند أبي داود الطيالسي : 153 ح 1121، مسند ابن حنبل 6 : 80 ح 17135، مسند ابن الجعد : 491 ح 3424، المعجم الكبير للطبراني 7 : 281 ح 7140، مجمع الزوائد 7 : 261.
15. المعجم الأوسط للطبراني 1 : 213 ح 315، مجمع الزوائد 7 : 261.
16. سنن الترمذي 5 : 26 ح 2646، جامع الاصول 10 : 33 ح 7491، الجامع الصغير للسيوطي : 461 ح 7532.
17. كمال الدين : 530، وعنه بحار الأنوار 52 : 200.
18. تقدّمت في ص 258 عن تفسير القمّي.
19. المستدرك على الصحيحين : 4/ 502، كتاب الفتن والملاحم ح 8404.
20. سورة البقرة 2 : 51، 54، 92 و 93، وسورة النساء 4 : 153، وسورة الأعراف 7 : 152.
21. سورة الإسراء 17 : 103 وغيرها.
22. سورة النمل 27 : 17.
23. سورة النساء 4 : 157 - 158.
24. تفسير القمّي 2 : 137، وعنه بحار الأنوار 13 : 27 قطعة من ح 2.
25. سورة الإسراء 17 : 101.
26. سورة البقرة 2 : 45 - 47.
27. سورة المائدة 5 : 60.
28. بحار الأنوار 28 : 2 - 36، باب افتراق الامّة بعد النبيّ صلى الله عليه و آله.
29. في ص 258.
30. سنن الترمذي : 4/ 475، كتاب الفتن ب 18 ح 2185.
وفي هامشها : ذات أنواط : شجرة ذات تعاليق تعلّق بها سيوفهم، ويعكفون عليها، كما كان يفعل المشركون، جامع الاصول : 10/ 34 ح 7492، وفيه : غزوة حنين.
31. الكافي : 1/ 415، كتاب الحجّة ب 108 ح 17.
وعنه بحار الأنوار 24 : 350 ح 64، وتفسير كنز الدقائق 11 : 271، وتفسير نور الثقلين 5 : 539 ح 21.
وفي تفسير الصافي 5 : 306، والبرهان في تفسير القرآن 5 : 619 ح 11497 و 11498 عنه وعن تفسير القمّي 2 : 413.
32. أي المجلسي في بحار الأنوار : 24/ 350 ذ ح 64.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|