أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-9-2016
![]()
التاريخ: 2023-05-23
![]()
التاريخ: 22-4-2019
![]()
التاريخ: 19-4-2019
![]() |
التاريخ قبل ظهور الإسلام
إن تاريخ المعرفة الإنسانية هو تاريخ الجهد الذي يبذله البشر من أجل إدراك وعي خبراتهم الناتجة عن علاقتهم بالطبيعة وببعضهم البعض، من أجل تطوير حياتهم تطويراً يسمح بتنظيم إجتماعهم وإقتصادهم وصحتهم، وحل المسائل والألغاز التي تحيط بهم وتواجههم في كل حين. ومجموعة هذه المعارف والخبرات هي التي تؤلف مضمون الحضارات الإنسانية في مساراتها الخاصة والعامة... بهذا المعنى تصبح المعرفة نتاجاً تطورياً لمعطيات الحضارات الإنسانية جميعها (1). ولقد عرفت شعوب الشرق الأدنى القديم من سومريين ومصريين وعبرانيين وسواهم أساليب مختلفة في التأريخ بسبب الحاجة إلى حفظ تراثهم الديني والعلمي، فظهر تاريخ بابل في الألف الثالث قبل المياد، واهتم السومريون بتسجيل الأحداث التاريخية على ألواح من الطين حوالي الألف الثاني ق.م وفراعنة مصر إعتبروا التاريخ عماً مقدساً، لذا دونوا تراثهم الديني والعلمي على جدران وأعمدة المعابد (2).على أن مفهوم الزمن لدى الشعوب القديمة لم يكن ثابتا، وإن الألواح والنقوش والوثائق كانت ترتكز على الخوارق وقصص الأبطال.
وخال القرن الحادي عشر ق.م إهتم اليونانيون بتاريخهم وظهرت ملحمة الألياذة والأوديسة ليهوميروس وقد كتبتا في القرن السادس ق.م، صوّر اليونانيون تاريخهم تصويراً فنياً خيالياً بأسلوب أدبي نجح في تقريب التاريخ إلى إدراك المعاصرين (3). وهكذا يظهر أن قصة الإنسان مع الحضارة والفكر بدأت منذ ستة آلاف سنة ق.م. لكن الإغريق برزوا في صناعة التاريخ وبرز منهم العديد من المؤرخين أمثال إتاليس وهكيتوس وهيرودوتس ثم هيلانيكوس وتوسيديد، إلى أن ظهر كزينوفون وإفوروس وثيومبيوس ثم بوليبوس. وبذلك يكون المفهوم التاريخي قد توضح مع آراء الفيثاغوريين والأورفيين وفلسفة أفلاطون والمدرسة السفسطائية (4).
إن إهتمام الإنسان بتدوين شؤون حياته بدأ منذ ظهرت أولى الحضارات الإنسانية، لا سيما في وادي الرافدين ومصر، حين إخترع الحرف المسماري والكتابة الهيروغليفية وبدأت المدونات التاريخية تظهر لتؤكد الحس التاريخي الذي يظهر جلياً في إهتمام سكان وادي الرافدين بأحداث الماضي وتدوينها (5). وهكذا فإن الإنسان تعرف على تاريخه في بداياته الحضارية الأولى عند مراكز تجمعاته وسكناه ومن ثم مدنه وحواضره. وعملت كل أمة على تشكيل تراثها التاريخي وتدوين أحداثها ومحطاتها التاريخية وأخبار آلهتها وزعمائها، وبالتالي حروبها وتنقلاتها وغير ذلك من شؤونها. وبالإشارة إلى بدايات تطور علم التاريخ في العالم فإن العرب إهتموا بالتاريخ قبل ظهور الإسام وكان شفاهياً في الأساس لندرة الكتابة، وكان الرواة والإخباريين هم حفظة التاريخ والأنساب ولم تترك الفترة الجاهلية أدبا مكتوباً، فهي فترة ثقافية شفوية. ومع أن تراثها على العموم أدى إلى إستمرار الإهتمام بالأيام والأنساب، وعلى بقاء أسلوب في الرواية هو الأسلوب القصصي شبه التاريخي، إلا أنه يخلو من أية نظرة تاريخية (6) وعلى وجه الإجمال كان للعرب جنوبا وشمالاً روايات شفوية عن آلهتهم وعن أنسابهم وشؤونهم الإجتماعية وحروبهم ومعاركهم، وسميت قصص الحروب و المعارك والثارات (الأيام)، وسميت روايات الأنساب نسب القبيلة (أدب الأنساب) (7) وبعض الآثار والنقوش في جنوب الجزيرة العربية وشمالها أرخت لحقبات تاريخية قديمة كانت لحضارات عربية متعددة في هذه المناطق (8).
لقد اعتبر التاريخ في الأديان السماوية من مستلزمات الإيمان لما لقصص الأنبياء مع البشر من حكم وعبر، ولمجريات الحياة على الأرض من تأثير على مفهوم الخلق والخالق. وقد دون العبرانيون أسفار ملوك إسرائيل ويهوذا. وفي القرن الثالث قبل المياد حوالي سنة 900 ق.م ظهرت الأجزاء اليهودية من العهد القديم. أما في الديانة المسيحية فسيصبح التاريخ عالمياً وسيظهر التاريخ الميلادي.
وهكذا فإن الإنسان حاول قبل ظهور الديانات السماوية وخال المراحل الأولى من تفكيره وأطواره الحضارية إكتشاف القدرة الخلاقة التي نظمت الكون على النحو الذي هو عليه وإظهار القدرة الخلاقة التي تتحكم فيه من أجل تفسير الظواهر الطبيعية.
إن المدونات التاريخية القديمة التي يسميها (كولنجوود) بشبه التاريخ. لا تعد تاريخاً بالمعنى الحديث للكلمة (9) وكانت قد ظهرت عند الكتبة الأشوريين بوادر أولية لربط حاضرهم بالماضي. وهكذا فقد ترك لنا الكتبة في كل من باد الرافدين ووادي النيل مدونات تاريخية، كذلك ألف الكتبة البابليون تواريخ ومدونات عن الماضي وهي تعرف(chronicles) كما اتبع الكتبة الأشوريون أيضا النظام الحولي (annals )(10) ولقد إرتبط التاريخ بمراحل الوعي المعرفي الأول للإنسان وتطلعاته نحو إدراك حقيقة الكون والحياة...
وقد مرت هذه الصلة الوثيقة بين الإنسان والتاريخ بمراحل متعددة تطورت خلالها تلك المعرفة البدائية المتماهية مع الطبيعة الإنسانية من صورتها الشفاهية الحسية إلى فضاء رحب بلغ فيه التاريخ سمو العلم (11). وكانت الرواية الشفهية هي الصورة البدائية الأولى للتاريخ كمعرفة قبل أن تعرف الكتابة (12). وذلك قبل أن يتدرج التاريخ في الرقي ويمتزج بعد مرحلة الرواية الشفهية، بعناصر فنية كالرسم والنقش وغير ذلك مما يدخل اليوم في عداد الآثار التي تكون مصدرا من مصادر التاريخ. وبالإجمال فإنه ورغم بعض الإشارات والتلميحات إلى ضرورة التحري عن الأحداث والتبصر فيها، فإن التاريخ لم يأخذ مكانته الخاصة وشخصيته المميزة كإطار لقدرات معرفية مستقلة لها ملامحها وسماتها الخاصة، وظلت تلك الدعوات مجرد أمنيات ورغبات لم تترجم إلى آليات واقعية وأساليب مخصوصة تختص بالتاريخ وتميزه عن غيره من المعارف والعلوم. بل إن السائد والمتعارف عليه أن يستخدم التاريخ لأغراض الفلسفة والأدب والفن والدين... الخ. بل لم يحاول أحد أن يسعى إلى بلورة نظريات ومبادئ وأسس التاريخ قبل أن يأخذ صفته العلمية أخيرا بعد قرون من النضال والبحث والتدقيق. فحتى ظهور الإسلام غلبت على التاريخ الأساطير والخرافات والإدعاءات والتأويات دونما تمحيص وتحقيق ونقد. وإنما هي روايات الماضي وحكايات الزمن الغابر وذكرى البطولات والخوارق والحوادث البارزة للأمم عبر العصور (13).
___________________
(1) وجيه كوثراني، تاريخ التأريخ - إتجاهات - مدراس - مناهج، المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات،ط 1، بيروت 2012 ، ص 17.
(2) فاطمة قدورة الشامي، علم التاريخ - مناهج الفكر وكتابة البحث العلمي من أقدم العصور إلى القرن العشرين، دار النهضة العربية، بيروت - لبنان، 2008، ص 20.
(3) خالد مصطفى مرعب، تطور علم التاريخ والمدارس التاريخية المعاصرة، شركة أدامز، طرابلس -201 ق.م ( كان يحاول قدر الإمكان عدم تشويه الحقائق، وأولى - لبنان، 2013، ص 64 . بوليبوس ) 120 الأسباب والنتائج التي تحرك الإنسان أهمية متزايدة.. وتحليل الأسباب بعمق. إنظر جوزف هوراس، قيمة29 - التاريخ، ترجمة الشيخ نسيب وهبة الخازن، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت 1964، ص 28.
(4) فاطمة قدورة الشامي، علم التاريخ، المرجع السابق، ص26.
(5) عبد الإله ذنون طه، أصول البحث التاريخي، دار المدار الإسلامي، بيروت – لبنان، 2004، ص 68.
(6) عبد العزيز الدوري، بحث في نشأة علم التاريخ عند العرب، المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1960، ص 18.
(7) وجيه كوثراني، تاريخ التاريخ، المرجع السابق، ص 46.
(8) خالد مصطفى مرعب، تطور علم التاريخ، المرجع السابق 68.
(9) ر.ج,كولنجوود، فكرة التأريخ، ترجمة محمد بكير خليل، القاهرة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1961 ،ص 52-69.
(10) عبد الإله ذنون طه، أصول البحث التاريخي، المرجع السابق ص 68.
(11) جميل موسى النجار، فلسفة التاريخ، مكتبة مدبولي، 2011، ص 74.
(12) ج. هرنشو، علم التاريخ، ترجمة عبد الحميد العبادي، ط 1، دار الحداثة، بيروت 1986، ص 25
(13) V.G.Childe, A short Introduction to Archaeology, Fredrick Muccer LTd. Third Impression, LONDON,1960,P9
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تقدم دعوة إلى كلية مزايا الجامعة للمشاركة في حفل التخرج المركزي الخامس
|
|
|