أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-30
1021
التاريخ: 2023-05-24
1344
التاريخ: 30-10-2018
2161
التاريخ: 8-1-2017
3472
|
الكتابات التاريخية الأولي عند المسلمين وأسباب اهتمامهم بها
انشغل المسلمون في أول أمرهم بدينهم وبالغزوات والفتوحات وببناء الدولة الوليدة حتى توطدت مكانة العقيدة الإسلامية، فلذلك يلاح أن المسلمين لم يهتموا في البداية بالتدوين وانشغلوا عن تذاكر المعطيات التاريخية المبدئية، كأيام العرب وعلم الأنساب والشعر، واهتموا بدلا من ذلك بالقرآن وعلومه، ولكن باستقرار الإسلام وتوطيد أركان دولته وعقيدته أخذ المسلمون يهتمون شيئا فشيئا بأخبار ماضيهم في الجاهلية، لأن أسبابا شتى اقتضت الانكباب على جمع أخبار ذلك الماضي وتدوينها والالتفات عموما إلى أخبار القدماء في جزيرتهم وفي البلاد التي فتحوها (1).
ومن هذه الأسباب حاجتهم إلى تحقيق المناسبات التي نزلت فيها الآيات، والمشاهد التي وردت فيها الأحاديث، ليستعينوا بها على توضيح المشكل وجلاء الغامض منها (2) كما ظهرت مشكلات جديدة بعد الفتوحات الإسلامية تتعلق بالإدارة السياسية والدالية في الأقاليم المفتوحة وهو الأمر الذم دعا للكتابة في الفتوح والذي يعد تأريخا خاصا ان بالولايات الإسلامية، يتناول الحديث عن الإقليم وطريقة فتحو وهل تم ذلك صلحا أم عنوة؟ وللمساعدة في حل المشاكل المتعلقة به، كذلك كان لتأسيس ديوان الجند أثره في دفع عملية التدوين التاريخي فيما يتعلق بأخبار القبائل كأنسابها (3)، هذا بالإضافة إلى وضع عمر بن الخطاب التقويم الهجري (4) تقويما ثابتا، شجع على تدوين الأحداث، أم تأريخها الأمر الذم كاف لو أثره في عملية الكتابة التاريخية (5).
لقد بدأ المؤرخ المسلم كتاباته التاريخية معتمدا على الرواية المسندة (6) وكانت هذه الأخبار قد ارتكزت على تقديم الأخبار الطوال حول تاريخ العرب وأبرز ما يدمن الخروج منها، اعتمادها على الروايات المتواترة شفويا، كسيادة عنصر المبالغة كالخرافة فيها حتى كادت تفتقر إلى الرابط الموضوعي واقتًرابها من الخيال إلى حد بعيد (7) فيبدو أن هذه الروايات التاريخية القديمة كانت ذات طابع أسطوري كما أن حوادثها مرتبكة (8) ذات طابع قصصي لا يخلو من الحوار كالاستشهاد بالشعر (9).
فالنظرة المتفحصة في البدايات التي رافقت ظهور التدوين التاريخي عند العرب، توضح وبجلاء التداخل بين نوعين من الرواية التاريخية هما الرواية الشفوية التي تناقلتها الألسن جيلا بعد جيل وحملت بين ثناياها الكثير من المعطيات الخرافية، واستندت على العقلية الأسطورية كالمبالغة في تصوير الأحداث (10).
الأحداث (11) والتدوين المنظم خلال القرف الثاني الهجري الذي استند إلى الدقة العلمية.
وعلى الرغم مما تضمنته قصص وروايات أيام العرب من خيال ومبالغة وخلط، وعدم التقيد بعنصر الزمن، وعلى الرغم من اصطباغها بالنزعة العصبية، كافتقار قصصها للفكرة التاريخية، إلا أنها تعتبر أحد روافد المعرفة التاريخية كبداية من بداياتها عند العرب قبل الإسلام، ولذا فقد كان لذا تأثير كبير في نشأة علم التاريخ فيما بعد (12).
فولادة علم التاريخ عند المسلمين بدأت بهذه الإرهاصات المبكرة التي صنعها الإخباريون منذ بداية الدولة الإسلامية كالتي استمر تداولها شفاها إلى أن بدئ في تدوينها في العصر الأموي، كمن المؤرخين الذين اشتغلوا برواية أخبار العرب قبل الإسلام: عبيد بن شربه الجرهمي اليمني (13)، وهب بن منبه (14) محمد بن السائب الكلبي، وابنه هشام الكلبي (15)، أبو مخنف الأزدي (16)، سيف بن عمر الكوفي الأسدي (17)، المدائني (18)، الزبير بن بكار(19).
لقد ولد التاريخ عند العرب في صورة أخبار زمن بني أمية وتم آنذاك تدوين تاريخ الأمم المجاورة القديمة حتى قبل تدوين تاريخ الفتوح الإسلامية، ولم يحدث ذلك خدمة للتاريخ كعلم وانما استجابة لإلحاح الخلفاء الأمويين الذين رغبوا في الاطلاع على أحوال الأمم التي فتحت بلادها، وكيف كان حال ملوكها في الماضي، ولهذا كان الأمويون يطلقون على التاريخ اسم "علم أخبار الماضين" (20) أو "أخبار الماضين.
شهد القرن الاول للهجرة اهتماما خاصا بدراسة اخبار العرب في الجاهلية كالإسلام كأخبار الأمم والشعوب التي اتصلت بهم أو اتصلوا بها، وتألف من هذه الاخبار مجموعة من الكتابات التاريخية وشجع على ذلك ميل بعض الخلفاء وكمعاوية بن أبي سفيان إلي الاطلاع على سياسات ملوك الأمم المجاورة الأقدمين، ومكائدهم وسير حياتهم (21).
وفي مطلع القرن الثاني للهجرة يلاحظ الاتجاه نحو جمع الأخبار وروايتها بشكل متصل منظم حول موضوع أو حادث في إطار كتاب، واعتمد الإخباريون في جمعهم للمواد التاريخية على الروايات العائلية، والروايات القبلية وكل ما كان متداولا ن في المصر، ولم يكن باستطاعة الإخباريين تجاهل السند، ومع أنهم استعملوا بحرية وببعض التساهل إلا أن ازدياد أهميته بالتدريج لدى الإخباريين يظهر اطراد أثر الاتجاه الإسلامي في التاريخ، حيث كان جمع الأخبار جزء من ظاهرة ثقافية عامة هي ظاهرة جمع الأحاديث والروايات في كل مصر على انفراد.
________________
(1) محمد عبد الكريم الوافي، منهج البحث في التاريخ، منشورات جامعة قاريونس بنغازي، 1999، ص 193
(2) محمود الحويري، منهج البحث في التاريخ، المكتب المصري لتوزيع المطبوعات) القاهرة، 2001، ص 112
(3) إيمان محمود صالح، المرجع السابق، ص 21
(4) ابن شبة، عمر بن شبة النميري، تاريخ المدينة، برقيق فهيم محمد شلتوت، دار الفكر (إيران، 1989م) 2/ 758 – 759.
(5) عبد العزيز الدوري، نشأة علم التاريخ عند العرب، دار المشرق، (بيروت، 1983)، ص 20
(6) السيد عبدالعزيز سالم، مناهج البحث في التاريخ الإسلامي، مؤسسة شباب الجامعة) (الاسكندرية، 1967)، ص 75
(7) اسماعيل الربيعي، مفهوم التاريخ عند العرب، مركز الدراسات التاريخية،( طرابلس، 2000 )، ص 67
(8) عفاف سيد صبره، مناهج التاريخ عند علماء المسلمين، مؤتمر التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، (القاهرة، 2010) ص 70
(9) السيد عبد العزيز سالم، المرجع السابق، ص 75.
(10) هاملتون جب، دراسات في حضارة الإسلام، ترجمة إحسان عباس وآخرون، دار العلم للملايين (بيروت، 1979)، ص 144
(11) محمد عبد الكريم الوافي، المرجع السابق، ص 182- 183.
(12) عبيد بن شرية الجرهمي: راوية من المعمرين، إن صح خبره فهو أول من صنف الكتب من العرب، وهو من الحكماء كالخطباء في الجاهلية، أدرك النبي (صلي الله عليه وأله وسلم ) واستحضره معاوية من صنعاء إلى دمشق ، فسألو عن أخبار العرب الأقدمين كملوكهم ، فحدثه، فأخبره معاوية بتدوين أخباره ، فأملى كتابين سمى أحدهما " كتاب الملوك وأخبار الماضين" " والثاني كتاب الأمثال وعاشه إلى أيام عبدالملك بن مروان وتوفي نحو 67 هـ / 686 م= خير الدين محمود الزركلي ، الأعلام ، ط 15 ، دار العلم الملايين ( بيروت ، 2002 ) 4/189.
(13) وهب بن منبه (ت 114 هـ/ 732): وهب بن منبه الأبناوي الصنعاني الذماري أبوعبدالله مؤرخ كثير الأخبار عن الكتب القديمة عالم بأساطير الأوليين ولاسيما الإسرائيليات: يعد من التابعين، أصلو من أبناء الفرس الذين بعت بهم كسرى إلى اليمن وأمه من حمير، ولد ومات بصنعاء، ولا عمر بن عبد العزيز قضاءها، حبس في كبره وامتحن، من كتبه:" ذكر الملوك المتوجة من حمير وأخبارهم وقصصهم وقبورهم وأشعارهم وله: قصص الأنبياء وقصص الأخيار = الزركلي ، المرجع السابق ، 8/ 124- 125.
(14) محمد بن السائب الكلبي أبو النضر وهو ابن السائب بن عبد ود وابنه هشام الإخباري النسابة صاح كتاب الجمهرة في النسب وتصانيفه تزيد على مائة وخمسين تصنيف ان في التاريخ كالأخبار وكان حافظا علامة، إلا أنه متًروك الحديث توفي سنة 204 هـ، الذهبي، أبوعبدالله محمد بن أحمد، العبر في خبر من غبر، تحقيق: محمد السيد زعلوك، دار الكتب العلمية (بيروت. د، ت) 1/ 27.
(15) أبو مخنف لوط بن يحيي بن سعيد بن مخنف الأزدي الغامدي، رواية عالم بالسير والأخبار، إمامي، من أهل الكوفة، له تصانيف كثيرة في تاريخ عصره وما كان من قبله بيسير منه: فتوح الشام والردة وفتوح العراق والجمل وصفين والنهروان والأزارقة والخوارج والمهلب ومقتل علي وأخبار المختار بن عبيد التقي توفي سنة 57 هـ / 774م = الزركلي، المرجع السابق، 5/ 245.
(16) سيف بن عمر التميمي الأسدي ويقال الضبي، الكوفي، صاحب كتاب الفتوح وكتاب الردة وغير ذلك؛ روى عن طائفة كثير من المجاهيل كالإخباريين توفي في حدود 200 هـ/ 815 = الصفدي خليل بن أيبك، الوافي بالوفيات، تحقيق: أحمد الأرناؤوط، تركي مصطفى، دار احياء التراث(بيروت،2000م) 5/ 182.
(17) علي بن محمد بن عبد الله المدائني، راوية مؤرخ، كثير التصانيف له أكثر من مائتي كتاب، في أهل البصرة سكن المدائن ثم انتقل إلى بغداد ولا يزال بها إلى أن توفي سنة 225 هـ/ 840 م= الزركلي، المرجع السابق، 4/ 323.
(18) الزبير بن بكار القرشي الأسدي من أحفاد الزبير بن عوام عالم الأنساب واخبار العرب ولي قضاء مكة فتوفي عنها، له تصانيف منها: أخبار العرب وأيامها، (نسب قريش واخبارها والاوس والخزرج ولهو أخبار ونوادر في التاريخ توفي سنة 256 ق/ 870 = الزركلي الاعلام
3/ 42.
(19) محمد عبد الكريم الوافي، المرجع السابق، ص 194.
(20) السيد عبد العزيز سالم، التاريخ والمؤرخون العرب، ص 143.
(21) عبد العزيز الدوري، المرجع السابق، ص 40.
|
|
أكبر مسؤول طبي بريطاني: لهذا السبب يعيش الأطفال حياة أقصر
|
|
|
|
|
طريقة مبتكرة لمكافحة الفيروسات المهددة للبشرية
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|