أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-4-2017
1005
التاريخ: 12-12-2018
2019
التاريخ: 30-03-2015
1289
التاريخ: 9-08-2015
782
|
قال اللّه تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 109]. وقال اللّه تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 6، 7] . وقال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] . وقال تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ } [النحل: 89]. وقال تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 13، 14] . وقال تعالى: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: 78]. وقال تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور: 23، 24] .
وقال تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت: 19،21 ]. وفي جملة من الآيات أن السعداء يؤتون كتابهم بأيمانهم والأشقياء بيسارهم.
وفي الكافي وغيره بأسانيد صحيحة عن الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا } [المائدة: 109] . قال: فقال إن لهذا تأويلا ، يقول ما ذا أجبتم في أوصيائكم الذين خلفتموهم على أممكم، قال فيقولون لا علم لنا بما فعلوا بعدنا.
وروى القمي في تفسيره بسند كالصحيح عن ضريس عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة: 119] قال: إذا كان يوم القيامة وحشر الناس للحساب فيمرون بأهوال يوم القيامة فينتهون إلى العرصة، ويشرف الجبار عليهم حتى يجهدوا جهدا شديدا. قال ويقفون بفناء العرصة، فأول من يدعى بنداء يسمع الخلائق أجمعين أن يهتف باسم محمد بن عبد اللّه النبي القرشي العربي، قال فيتقدم حتى يقف على يمين العرش. قال ثم يدعى بصاحبكم علي بن أبي طالب فيتقدم حتى يقف على يسار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ثم يدعى بأمة محمد فيقفون عن يسار علي، ثم يدعى كل نبي وأمته معه من أول النبيين إلى آخرهم وأمتهم معهم فيقفون عن يسار العرش. قال ثم أول من يدعى للمساءلة القلم، فيتقدم فيقف بين يدي اللّه عز وجل في صورة الآدميين، فيقول اللّه له هل سطرت في اللوح ما ألهمتك وأمرتك به من الوحي، فيقول القلم نعم يا رب قد علمت اني سطرت في اللوح ما أمرتني و ألهمتني به من وحيك، فيقول اللّه فمن يشهد لك بذلك، فيقول يا رب هل اطلع على مكنون سرك خلق غيرك. قال فيقول أفلجت حجتك أي أظهرتها وقومتها. قال ثم يدعى باللوح فيتقدم في صورة الآدميين حتى يقف مع القلم، فيقول له هل سطر فيك القلم ما ألهمته و أمرته به من وحي، فيقول اللوح نعم يا رب و بلغته إسرافيل. ثم يدعى بإسرافيل فيتقدم مع القلم واللوح في صورة الآدميين، فيقول اللّه هل بلغك اللوح ما سطر فيه القلم من وحيي، فيقول نعم يا رب و بلغته جبرائيل. فيدعى بجبرائيل فيتقدم حتى يقف مع إسرافيل فيقول اللّه له هل بلغك إسرافيل ما بلغ، فيقول نعم يارب وبلغته جميع أنبيائك، وأنفذت إليهم جميع ما انتهى إلي من أمرك، وأديت رسالاتك إلى نبي نبي ورسول رسول، وبلغتهم كل وحيك وحكمتك وعلمك وكتبك، وان آخر من بلغته رسالتك ووحيك وحكمتك وعلمك وكتابك وكلامك محمد بن عبد اللّه العربي القرشي الحرمي حبيبك. قال أبو جعفر فأول من يدعى من ولد آدم للمسألة محمد بن عبد اللّه، فيدنيه اللّه تعالى حتى لا يكون خلق أقرب إلى اللّه تعالى يومئذ منه، فيقول اللّه يا محمد هل بلغك جبرائيل ما أوحيت إليه وأرسلته به إليك من كتابي و حكمتي وعلمي، وهل أوحى ذلك إليك. فيقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم نعم يا رب قد بلغني جبرائيل جميع ما أوحيته إليه و أرسلته به من كتابك وحكمتك وعلمك، وأوحاه إلي. فيقول اللّه لمحمد هل بلغت أمتك ما بلغك جبرائيل من كتابي وحكمتي وعلمي. فيقول رسول اللّه نعم يا رب قد بلغت أمتي ما أوحيت إلي من كتابك وحكمتك وعلمك، وجاهدت في سبيلك. فيقول اللّه لمحمد فمن يشهد لك بذلك. فيقول محمد يارب وأنت الشاهد لي بتبليغ الرسالة وملائكتك والأبرار من أمتي وكفى بك شهيدا.
فيدعى بالملائكة فيشهدون لمحمد بتبليغ الرسالة، ثم يدعى بأمة محمد فيسألون هل بلغكم محمد رسالتي وكتابي وحكمتي وعلمي وعلمكم ذلك. فيشهدون لمحمد بتبليغ الرسالة والحكمة والعلم. فيقول اللّه لمحمد هل استخلفت في أمتك من بعدك حجة لي و خليفة في الأرض. فيقول محمد نعم يا رب قد خلفت فيهم علي بن أبي طالب أخي ووزيري ووصيي وخير أمتي، ونصبته لهم علما في حياتي ودعوتهم إلى طاعته، وجعلته خليفتي في أمتي إماما يقتدى به من بعدي إلى يوم القيامة. فيدعى بعلي بن أبي طالب عليه السّلام فيقال له، هل أوصى إليك محمد واستخلفك في أمته ونصبك علما لأمته، وهل قمت فيهم من بعده مقامه. فيقول له علي نعم يا رب قد أوصى إلي محمد وخلفني في أمته و نصبني لهم علما في حياته، فلما قبضت محمدا إليك جحدتني أمته ومكروا بي واستضعفوني وكادوا يقتلونني، وقدموا قدامي من أخرت، وأخروا من قدمت، ولم يسمعوا مني ولم يطيعوا أمري، فقاتلتهم في سبيلك حتى قتلوني. فيقال لعلي فهل خلفت من بعدك في أمة محمد حجة و خليفة في الأرض يدعو عبادي إلى ديني و إلى سبيلي. فيقول علي نعم يا رب قد خلفت فيهم الحسن ابني وابن بنت نبيك فيدعى الحسن بن علي فيسأل عما سئل عنه علي بن أبي طالب. قال ثم يدعى بإمام إمام و بأهل عالمه فيحتجون بحجتهم فيقبل اللّه عذرهم و يجيز حجتهم، قال ثم يقول اللّه اليوم ينفع الصادقين صدقهم، قال ثم انقطع حديث أبي جعفر.
وروى ثقة الإسلام في الكافي بإسناد معتبر عن يوسف بن سعيد قال: كنت عند أبي عبد اللّه ذات يوم فقال لي: إذا كان يوم القيامة وجمع اللّه تبارك وتعالى الخلائق، كان نوح عليه السّلام أول من يدعى به، يعني بالنسبة إلى سائر الأنبياء وإلا فخاتم الأنبياء أول من يدعي كما دل عليه النقل، فيقال له هل بلغت، فيقول نعم. فيقال له من يشهد لك، فيقول محمد بن عبد اللّه. قال فيخرج نوح فيتخطى الناس حتى يجيء إلى محمد و هو على كثبالمسك و معه علي، وهو قول اللّه عز و جل: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 27] . فيقول نوح لمحمد، يا محمد ان اللّه تبارك وتعالى سألني هل بلغت فقلت نعم، فقال من يشهد لك فقلت محمد ، فيقول يا جعفر ويا حمزة اذهبا واشهدا انه قد بلغ. فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: جعفر وحمزة هما الشاهدان للأنبياء بما بلغوا، فقلت: جعلت فداك فعلي أين هو. فقال: هو أعظم منزلة من ذلك.
وروى العياشي عن السجاد عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: إذا كان يوم القيامة و نصب الموازين وأحضر النبيون والشهداء وهم الأئمة، يشهد كل إمام على أهلعالمه بأنه قد قام فيهم بأمر اللّه عز و جل ودعاهم إلى سبيل اللّه.
وفي الكافي عن الصادق عليه السّلام في قوله تعالى : {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] . قال نزلت في أمة محمد خاصة في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم ومحمد شاهد علينا.
وفي كثير من الأخبار أنه يؤتى كل إمام مع عالمه وقرنه، فمن شهد له بالإيمان نجا، ومن شهد له بالخلاف هلك.
وروى الشيخ في الأمالي في الصحيح عن الصادق عليه السّلام وقد سئل عن قول اللّه تعالى: {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} [الأنعام: 149] فقال: ان اللّه تعالى يقول للعبد يوم القيامة عبدي أكنت عالما، فإن قال نعم قال له أفلا عملت بما علمت، وإن قال كنت جاهلا قال له أفلا تعلمت حتى تعمل، فيخصم فتلك الحجة البالغة للّه عز و جل على خلقه.
وفي الكافي عن الصادق عليه السّلام قال:إن الرجل منكم ليكون في محله فيحتج اللّهيوم القيامة على جيرانه،فيقال لهم أ لم يكن فلان بينكم،أ لم تسمعوا كلامه،أ لم تسمعوابكاءه في الليل،فيكون حجة اللّه عليهم.و في تفسير القمي في قوله تعالى: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} [التكوير: 10] قال صحائف الأعمال.
وفي تفسير العياشي عن الصادق عليه السّلام في قوله تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [الإسراء: 14]. قال يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه حتى كأنه فعله تلكالساعة، فلذلك قوله: {يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا } [الكهف: 49] .
وروى القمي في تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [فصلت: 20] انها نزلت في قوم تعرض عليهم أعمالهم فينكرونها، فيقولون ما عملنا منها شيئا، فتشهد عليهم الملائكة الذين كتبوا عليهم أعمالهم. فقال الصادق فيقولون للّه يا رب هؤلاء ملائكتك يشهدون لك ثم يحلفون باللّه مافعلوا من ذلك شيئا، وهو قوله تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ } [المجادلة: 18] . وهم الذين غصبوا أمير المؤمنين، فعند ذلك يختم اللّه على ألسنتهم وينطق جوارحهم فيشهد السمع بما سمع مما حرم اللّه، ويشهد البصر بما نظر به إلى ما حرم اللّه، وتشهد اليدان بما أخذتا، وتشهد الرجلان بما سعتا مما حرم اللّه، ويشهد الفرج بما ارتكب مما حرم اللّه، ثم أنطق اللّه ألسنتهم فيقولون هم لجلودهم لم شهدتم علينا، فيقولون أنطقنا اللّه الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون، وما كنتم تستترون أي من اللّه ان يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم، و الجلود الفرج، ولكن ظننتم ان اللّه لايعلم كثيرا مما تعملون.
وفي الكافي عن الباقر عليه السّلام قال: وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه.
وروى العياشي في تفسيره عن أبي معمر السعدي قال: أتى عليا رجل فقال: يا أميرالمؤمنين إني شككت في كتاب اللّه المنزل. فقال له علي عليه السّلام ثكلتك أمك فكيف شككت في كتاب اللّه المنزل. فقال له الرجل لأني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضا، وينقض بعضه بعضا. قال فهات الذي شككت فيه. فقال لأن اللّه يقول: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا } [النبأ: 38]. ويقول حيث استنطقوا: {قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23]
ويقول: {يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [العنكبوت: 25] . ويقول: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ } [ص: 64] ويقول: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} [ق: 28] ويقول: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس: 65] فمرة يتكلمون و مرة لا يتكلمون، ومرة ينطق الجلود والأيدي والأرجل، ومرة لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن و قال صوابا، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين.
فقال له علي عليه السّلام: ان ذلك ليس في موطن واحد، هي في مواطن في ذلك اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة، يجمع اللّه الخلائق في ذلك اليوم في موطن يتعارفون فيه، فيكلم بعضهم بعضا، ويستغفر بعضهم لبعض، أولئك الذين بدت منهم الطاعة من الرسل الاتباع وتعاونوا على البر والتقوى في دار الدنيا، والمستكبرون منهم والمستضعفون يلعن بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا، ثم يجمعون في موطن يفر بعضهم من بعض، وذلك قوله تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} [عبس: 34 - 36]. إذ تعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا: { لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 37] ثم يجمعون في موطن يبكون فيه، فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلائق عن معايشهم، وصدعت الجبال إلا ما شاء اللّه. فلا يزالون يبكون حتى يبكون الدم، ثم يجتمعون في موطن يستنطقون فيه فيقولون واللّه ربنا ما كنا مشركين، ولا يقرون بما عملوا فيختم على أفواههم وتستنطق الأيدي والأرجل والجلود، فتنطق فتشهد بكل معصية بدت منهم، ثم يرفع الخاتم عن ألسنتهم فيقولون لجلودهم وأيديهم لم شهدتم علينا، فتقول انطقنا اللّه الذي انطق كل شيء، ثم يجمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلائق، فلا يتكلم أحد إلامن أذن له الرحمن و قال صوابا، ويجتمعون في موطن يختصمون فيه ويدان لبعض الخلائق من بعض وهو القول، وذلك كله قبل الحساب، فإذا أخذ بالحساب شغل كل بما لديه نسأل اللّه بركة هذا اليوم.
وروى الصدوق في العلل عن الصادق عليه السّلام وقد سئل يصلي الرجل نوافله في موضع أو يفرقها، قال عليه السّلام: لا بل هاهنا وها هنا فإنها تشهد له يوم القيامة.
وفي الكافي في الصحيح عن الصادق عليه السّلام قال: إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه اللّه و ستر عليه في الدنيا و الآخرة ، فقيل وكيف يستر عليه ، قال ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب، ويوحي إلى جوارحه اكتمي عليه ذنوبه، ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى اللّه حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب.
وقد ورد في جملة من الأخبار إن القرآن المجيد يشهد لمن تلاه وعمل به وعلى من ضيعه ، ويشفع للعامل به حتى يدخل الجنة.
وروى الصدوق في كتاب فضائل الشيعة عن الصادق عليه السّلام قال: نحن الشهداء على شيعتنا، وشيعتنا شهداء على الناس ، وبشهادة شيعتنا يجزون ويعاقبون.
وروى السيد علي بن طاوس في كتاب محاسبة النفس وغيره ، عن الصادق عليه السّلام قال: ما من يوم يأتي على ابن آدم إلا قال ذلك اليوم يا ابن آدم أنا يوم جديد، وأنا عليك شهيد، فافعل بي خيرا، واعمل فيّ خيرا أشهد لك يوم القيامة، فإنك لن تراني بعدها أبدا.
وفي رواية وإذا جاء الليل قال مثل ذلك عن الصادق عليه السّلام قال: إن المؤمن يعطى يوم القيامة كتابا منشورا مكتوب فيه كتاب اللّه العزيز الحكيم أدخلوا فلانا الجنة.
وفي تفسير الإمام العسكري عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم: اما إن اللّه عز و جل كما أمركم أن تحتاطوا لأنفسكم وأديانكم وأموالكم باستشهاد الشهود العدول عليكم، فكذلك قد احتاط على عباده ولكم في استشهاد الشهود عليهم، فلله عز وجل على كل عبد رقباء من كل خلقه، وله معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه، يحفظون عليه ما يكون منه من أعماله وأقواله وألفاظه والحاظه، والبقاع التي تشتمل عليه شهود ربه له أوعليه، الليالي والأيام والشهود عليه أو له، وسائر عباد اللّه المؤمنين شهود عليه أو له، وحفظته الكاتبون أعماله شهود له أو عليه، فكم يكون يوم القيامة من شقي بشهادتها عليه، إن اللّه عز وجل يبعث يوم القيامة عباده أجمعين وإماءه فيجمعهم في صعيد واحد، ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي وتحشر الليالي والأيام، وتستشهد البقاع والشهود على أعمال العباد، فمن عمل صالحا شهدت له جوارحه وبقاعه و شهوره وأعوامه وساعاته وأيامه وليالي الجمع وساعاتها وأيامها، فيسعد بذلك سعادة الأبد، ومن عمل سوء شهدت عليه فيشقى بذلك شقاء الأبد. فاعملوا ليوم القيامة و أعدوا الزاد ليوم الجمع يوم التناد، وتجنبوا المعاصي فبتقوى اللّه يرجى الخلاص.الحديث.
وذكر فيه فضيلة رجب وشعبان وشهررمضان وصومها.
وروى الحسين بن سعيد في كتاب الزهد باسناده عن الصادق عليه السّلام قال: إن اللّه تبارك و تعالى إذا أراد أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه وحاسبه فيما بينه و بينه، فيقول عبدي فعلت كذا وكذا وعملت كذا وكذا. فيقول نعم يارب قد فعلت ذلك، فيقول قد غفرتها لك وأبدلتها حسنات. فيقول الناس سبحان اللّه أما كان لهذا العبد سيئة واحدة. وهو قول اللّه عز و جل : {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا } [الانشقاق: 7 - 9]. قلت أيّ أهل. قال أهله في الدنيا هم أهله في الجنة إن كانوا مؤمنين. قال وإذا أراد بالعبد شرا حاسبه على رءوس الناس وبكّته وأعطاه كتابه بشماله، وهو قوله عز وجل: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا } [الانشقاق: 10 - 13] .
قلت أي أهل، قال أهله في الدنيا، قلت قوله فظن ان لن يحور، قال ظن ان لن يرجع، وفيه إشارة إلى أن أيدي الكفار والمنافقين مغلولة في أعناقهم، وإن صحائفهم تعطى من وراء أظهرهم بشمالهم، وأيدي المؤمنين بخلاف ذلك.
وإلى ذلك أشير أيضا في دعاء الوضوء بقوله: اللهم اعطني كتابي بيميني و الخلد في الجنان بيساري، وحاسبني حسابا يسيرا، وقوله اللهم لا تعطني كتابي بشمالي، ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي، وأعوذ بك من مقطعات النيران. واعلم أن في كيفية شهادة الجوارح أقوالا :
الأول :
إن اللّه يجعلها على بيّنة يمكنها النطق والكلام من جهتها فتكون ناطقة.
الثاني:
إن اللّه تعالى يفعل فيها كلاما يتضمن الشهادة فيكون المتكلم هو اللّه تعالى دون الجوارح، و أضيف إليها الكلام على التوسع لأنها محل الكلام .
الثالث:
إن اللّه تعالى يجعل فيها علامة تقوم مقام النطق بالشهادة ويظهر فيها أمارات دالة على كون أصحابها مستحقين للنار، فسمي ذلك شهادة مجازا. كما يقال عيناك تشهدان بسهرك.
وكذا اختلف في شهادة السماء والأرض والبقاع التي يعبد اللّه فيها فقيل ان الملائكة الموكلة بها تشهد، ونسبت الشهادة إليها مجازا. وقيل إن للجمادات شعورا ما كما قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44] . ويدل عليه ظواهر كثير من الآيات و الروايات، وقيل إن اللّه يعطيها في القيامة عقلا وشعورا دالة للنطق، وقيل إن اللّه يخلق لها مثالا وصورة، والأولى والأحوط الإيمان بذلك اجمالا وعدم الخوض في ذلك، والسكوت عما سكت اللّه عنه.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|