أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-03-2015
3011
التاريخ: 25-03-2015
2023
التاريخ: 26-03-2015
4535
التاريخ: 25-03-2015
4332
|
* من المحسّنات البديعيّة اللّفظية أن يكون اللّفظ مع اللّفظ المجاور له في الكلام مؤتَلِفَيْن، وهذا يلزم منه أن تكون الألفاظ في الكلام متآلفة يُلائِمُ بعضُها بعضا.
ومن الائتلاف في الألفاظ أن يُنْتَقَى في النصّ من الكلمات ما يكون من نوعٍ من الكلام واحد، كأن تكون الكلمات من نَوْعِ الغريب، أو من نوع المتَدَاوَل، أو ممّا يلائم العامّة، أَوْ ممّا يلائم الخاصّة، أو ممّا يلائم مخاطبين مُعَيَّنِين ذوي تخصُّصٍ واحدٍ من تخصصات المعارف والعلوم والصناعات والمِهَن.
* ومن المحسّنات البديعيّة اللّفظيّة أنْ تكون ألفاظ الكلام ملائمة للمعنى المراد منها، ومن هذه الملاءمة أن يحكي صوتُ الكلمة صوتاً يوجد فيما دلت عليه، مثل "حفيف" لحركة أوراق الشجر، و "فحيح" لصوت الأفعى، و "صَرْصَر" لصوت الريح الشديدة، والهمز للصوت الذي يصدر عنه إقفال القفل أو تحريك المزلاج في "مؤصدة" و "سلسبيل" لصوت الماء الذي يجري بيسر، و "خرير" للماء النازل في شلاّل، إلى أمثلة كثيرة.
وإذا كان المعنى جزلاً اختيرت له ألفاظٌ جزلَةٌ تلائمه.
وإذا كان المعنى رقيقاً اختيرت له ألفاظ رقيقة تُلائمه.
وإذا كان المعنى خَشِناً اختيرت له ألفاظ خَشِنةٌ تُلائمه.
وإذا كان المعنى غريباً اختيرت له ألفاظٌ غريبة تُلائمه.
وإذا كان المعنى متداولاً اختيرت له ألفاظٌ متداولة تُلائمه.
وإذا كان المعنى متوسطاً بين الغرابة والتداول اختير له ما يلائمه.
وإذا كان المعنى فخماً اختير له ألفاظ مفخمة تلائمه.
وهكذا، فألفاظ الحب والْغَزَلِ، غير ألفاظ العتاب والتثريب، وألفاظ المدح غير ألفاظ الهجاء.
إنّه ليس من المستحسن في المدح أن يُقالَ: ثَقِيلُ الجود، ولا أن يقال في الغزل: ثقيل الحبّ، أو عنيفُ الهوى، ولا أن يقال في الإِرهاب: لطيف العبور نافذ الإِرادة، إلاَّ في مُخَاطبة لمَّاحي الذكاء، وعلى سبيل الإِشارة، إلى غير ذلك من اختيار ألفاظ غير ملائمة للمعاني الّتي يُرادُ التأثير بها.
أمثلة:
المثال الأول: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (يوسف/ 12 مصحف/ 53 نزول) يحكي ما قال أولاد يعقوب عليه السلام بشأن يوسف عليه السلام:
{قَالُواْ تَالله تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ}.
في هذ النّص من الائتلاف جمع اللّفظ الغريب مع اللّفظ الغريب، وبيانُه "الْحَرَضَ" في اللّغة هو الّذِي أضناه الحزْنُ والعشقُ، فهو به شديد المرض، وهذا اللّفظ من الألفاظ الغريبة، وكان من فنيّةِ جمع الغريب مع الغريب اختيار أغرب ألفاظ القسم، وهي "التاء" فإنّها أقَلُّ استعمالاً وأبْعَدُ عن أفْهَام العامة من القسم، بحرف "الباء" أو حرف "الواو"، واختيار أغرب صِيغ الأفْعال التي ترفع الاسم وتنصِبُ الخبر من أخوات "كان" وهو فعل "تفتأ" وكان من الممكن اختيار فعل: "ما تزال" فهو أقرب إلى الأفهام، وأكثر استعمالاً من فعل: "ما تَفْتَأ" وهو بحذف "ما" منه أشدّ غرابة.
وهكذا رأينا أن من حُسْن الاختيار في نظم الكلام اختيارَ الألفاظ المتلائمة في الغرابة، توخّياً لحسن الجوار كما يُجْمَعُ في الحفل من الناس كلّ صنف من صنفه.
المثال الثاني: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (النحل/ 16 مصحف/ 70 نزول):
{وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلاكِنَّ أَكْثَرَ الْنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}.
ألفاظ هذه الآية كُلُّها مُتَداوَلة لا غرابة في كلمة منها، فكانت متلائمة حسنة التجاور.
المثال الثالث: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (هود/ 11 مصحف/ 52 نزول):
{وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [الآية:113].
في هذا النصّ تلاؤمٌ بديعٌ بين اللّفظ والمعنى المراد، وبيانُه أنَّ الرُّكُونَ إلى الذين ظَلَمُوا نوْعٌ من الميْلِ إليهم والاعتماد عليهم، دون انغماس معهم في الظلم، فلاءم هذا المعنى أن يُخْتَارَ في بيان العقاب لفظ {فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} لأنّ المسّ فيه معنى ملاصقة النار دون الانغماس فيها.
أي: فعذاب من يركَنُ إلى الظالمين هو من نوع عذاب الظالمين، لكنَّهُ دُونه في الكيف والكَمّ، إنّه للراكنين مسّ، لكنّه للظالمين انغماسٌ وحريق.
المثال الرابع: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (البقرة/ 2 مصحف/ 87 نزول):
{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...} [الآية:286].
جاء في هذا النصّ تلاؤم بين اللّفظ المختار والمعنى المراد به، إذْ جاء فيه التفريق بين ما يدلُّ على فعل الحسنات وما يدلُّ على فِعْلِ السيئات، فاختير فيه فعلُ "كَسَبَ" الذي يُسْتَعْمَل في مكاسب الحياة الدنيا من مالٍ وغيره مراداً به فعل الحسنات والخيرات، لأنها ثَرْوَةٌ يَدَّخرها الإِنسان، فتنفَعُهُ في دنياه وأخراه، وإنْ شقَّ فعلُهَا على نفسه.
واختير فيه فعلُ "اكْتَسَب" الذي فيه معنى تَكَلُّف حَمْل الْعِبْء مراداً به فعلُ السّيئات والمعاصي والآثام، لأنّها أوزارٌ وأحمالٌ ثقيلة تأتيه بأنواعٍ من العذاب في دنياه وأُخراه، وإِنْ جلَبَتْ له لَذَّةٌ عاجلة، وهانَ فِعْلُها على نفسه.
المثال الخامس: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (الشعراء/ 26 مصحف/ 47 نزول) بشأن إدخال أهل جهنّم فيها:
{فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}.
جاء في هذا النصّ اختيار لفظ [كُبْكِبُوا] ملائماً تماماً للمعنى المراد منه، وذلك لأنّ فعل: "كَبّ" يَدُلُّ على المرّة الواحدة، والمعنيّون لا يُجْمَعُونَ ويُكَبُّونَ كبَّةٌ واحدة. أمّا فعل: [كَبْكَبَ] فهو يَدُلُّ على معنى الكبّ المتكرّر المتتابع، وهو أمْرٌ تدلُّ عليه الصيغة الّتي فيها تكرير للحروف كدلالة "الوسوسة" على التكرير، ودلالة "السلسلة" على تتابع الحلقات، ودلالة "الصلصلة" على تكرار الصوت، كصَوت الجرس.
إنّ الكَبْكَبَةَ الجماعيّة المتكرّرة أَدلُّ على الإِهانة، وأكثر ملاءمةً للمعنى المراد.
المثال السادس: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة [طه/ 20 مصحف/ 45 نزول):
{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا...} [الآية:132].
جاء في النّصّ اختيار كلمة [اصْطَبِرْ] ملائماً للمعنى المراد، وهو تَكَلُّف الصَّبْر، بمغالبة النفس.
ولو اختير لفظ "اصْبِر" لما استفيد هذا المعنى.
إلى غير ذلك من أمثلة كثيرة.
خاتمة:
لذَوّاقِي التلاؤم والائتلاف بين الكلمات من كبار البلغاء حِسٌّ أدبّي رفيع، قد لا يرقى إليه غيرهم من محبّي الأدب، وعُشّاقِ الكلام البليغ من شعرٍ أو نثر.
وأذكر بهذه المناسبة ما رواه الواحدي في شرح ديوان المتنبّي أنّ المتنبّي لمّا أنشد سيف الدولة قولَهُ فيه:
*وَقَفْتَ وَمَا فِي الْمَوْتِ شَكٌّ لِوَاقِفٍ * كَأَنَّكَ فِي جَفْنِ الرَّدَى وهْوَ نَائِمُ*
*تَمُرُّ بِكَ الأَبْطَالُ كَلْمَى حَزِينَةً * وَوَجْهُكَ وَضَّاحٌ وَثَغْرُكَ بَاسِمُ*
أنْكر عليه سيفُ الدولة تطبيق عَجُزَي الْبَيْتَيْن علَى صَدْرَيهما، وقال له: كان ينبغي أن تَجْعَلَ عَجُزَ الثانِي عَجُزَ الأوّل، وأنْتَ في هذا مثْلُ امرئ القيس في قوله:
*كَأَنِّيَ لَمْ أَرْكَبْ جَوَاداً لِلّذَّةٍ * وَلَمْ أتَبَطَّنْ كاعِباً ذَاتَ خَلْخَالِ*
*وَلَمْ أَسْبَأِ الرَّاحَ الْكُمَيْتَ وَلَمْ أَقُلْ * لِخَيْلِيَ كُرِّي كَرَّةً بَعْدَ إِجْفَالِ*
قال سيف الدولة: وَوَجْهُ الكلام على ما قالَهُ الْعُلَماءُ بالشِّعر، أَنْ يكُونَ عَجُزُ البيتِ الأول للثاني، وعَجُزُ البيت الثاني للأوّل، ليكون ركُوبُ الْخَيْلِ مَعَ الأَمْرِ لِلْخَيْلِ بالْكَرّ، ويكونَ سَبَاءُ الْخَمْر مَعَ تَبَطُّنِ الْكَاعِب.
فقال أبو الطيّب: "إنْ صَحَّ أَنَ الّذِي اسْتدرك على امرئ القيس هذا أعْلَمُ منه بالشعر فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطَأْتُ أنا، ومولانا الأمير يعلَمُ أنّ الثوب لا يَعْرفُه البزّاز معرفة الحائك، لأنَّ البزّاز لا يعرف إلاَ جملته، والحائك يعْرِفُ جُمْلَتَهُ وتفْصيله، لأنّه أخْرجه من الغزليّة إلى الثوبيّة، وإنَّما قَرَنَ امْرُؤُ القيس لذّة النساء بلذّةِ الرُّكُوب للصيْد، وقرنَ السماحة في شراء الْخَمْر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء.
وأنَا لمّا ذكَرْتُ الموتَ في أوّل البيت أبعتُهُ بذكْرِ الرَّدَى لتجانسه، ولمّا كان وجْهُ المنهزم لا يخْلُو من أن يكونَ عَبُوساً، وعينُهُ من أن تكون باكية، قُلْتُ: "وَوَجْهُكَ وضّاحٌ وثَغْرُكَ باسِم" لأجْمَعَ بَيْنَ الأضداد في المعنى..".
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|