أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-3-2018
823
التاريخ: 3-07-2015
1261
التاريخ: 29-11-2018
711
التاريخ: 6-08-2015
893
|
يجب أن يعتقد أنّه تعالى ليس بجسم، ولا عرض، ولا جوهر، وإلّا لكان متحيّزا، أو حالّا في المتحيّز، فيكون محدثا.
وأنّه تعالى يستحيل عليه الحلول في محلّ أو جهة، وإلّا لكان مفتقرا إليهما ، فلا يكون واجبا.
وأنّه تعالى لا يتّحد بغيره، لأنّ الاتّحاد غير معقول.
وأنّه [تعالى] غير مركّب عن شيء، [و إلّا لكان مفتقرا إلى جزئه فيكون ممكنا.
وأنّه تعالى يستحيل رؤيته] وإلّا لكان في جهة. وقد بيّنّا بطلانه.
وأنّه تعالى يستحيل عليه الحاجة، وإلّا لكان ممكنا، وهو محال.
أقول: لمّا فرغ من صفات الكمال الّتي هي «الثّبوتيّة» شرع في ذكر الصّفات السّلبيّة الّتي هي: «صفات التّنزيه»، وتسمّى: «صفات الجلال».
فمنها: كونه تعالى ليس بجسم، ولا عرض، ولا جوهر، وكما أنّ إثبات صفة له تعالى يتوقّف على معرفة معناها لتثبت له، كذلك نفي صفة عنه يحتاج إلى معرفة معناها لتنفى عنه ؛ فنقول :
الجسم: هو الّذي يقبل القسمة طولا وعرضا وعمقا.
والجوهر: هو الّذي لا يقبل القسمة بوجه من الوجوه.
والعرض: هو الّذي يحلّ في الجسم، ولا يصحّ انتقاله عنه.
والحيّز، والمكان؛ عبارة عن شيء واحد.
والمتحيّز: هو الحاصل في الحيّز.
والحالّ في المتحيّز: هو العرض القائم بالمتحيّز الّذي هو الجسم، مثاله: الإناء الّذي فيه الماء، فيقال للإناء: حيّز، وللماء: متحيّز، والبرودة القائمة بالماء: حالّ في المتحيّز.
إذا عرفت هذا؛ فنقول:
الدّليل على أنّه تعالى ليس بجسم، ولا عرض ولا جوهر: أنّه لو كان أحد هذه الثّلاثة، لكان متحيّزا على تقدير كونه جسما أو جوهرا، لأنّ كلّ واحد منهما لا بدّ له من حيّز، أو حالّا في المتحيّز، الّذي هو الجسم، وكلّ متحيّز فهو: إمّا متحرّك، أو ساكن- كما سبق بيانه- والحالّ في المتحيّز يتبعه في حركته أو سكونه، فيكون كلّ واحد منهما لا يخلو من الحركة والسّكون الحادثين، وكلّ ما لا يخلو من المحدثات ، فهو محدث فيلزم أن يكون محدثا.
وقد ثبت قدمه تعالى، وحدوثه مع قدمه محال، فلا يكون أحد الثّلاثة، وهو المطلوب.
ومنها: أنّه تعالى يستحيل أن يحلّ في محلّ، كما يقول النّصارى: أنّه حلّ في المسيح، ويستحيل أن يكون في جهة، كما يقول المشبّهة [1]: أنّه حلّ في جهة فوق العريش [2].
والدّليل على استحالة كلّ واحد منهما: أنّه لو حلّ في محلّ أو جهة، لكان: إمّا أن يكون له احتياج إليهما، أو لا، فإن لم يكن له احتياج إليهما لم يحلّ فيهما، فإنّ المستغني عن الشّيء لا يحلّ فيه، وإن كان له احتياج إليهما وكلّ واحد منهما بالنّسبة إليه هو غيره، فيكون محتاجا إلى غيره، وكلّ محتاج إلى غيره، فهو ممكن، فيلزم أن يكون ممكنا، وذلك محال. وقد ثبت أنّه تعالى واجب، فلا يكون حالّا في محلّ ولا جهة ، وهو المطلوب.
ومنها: أنّه تعالى لا يتّحد بغيره، خلافا للنّصارى، حيث زعموا أنّه تعالى اتّحد بالمسيح، ومعنى الاتّحاد، هو: صيرورة الشّيئين شيئا واحدا، وذلك محال، فإنّهما بعد الاتّحاد إن بقيا على ما كانا عليه، فهما اثنان، فلا اتّحاد، وإن عدما، فلا اتّحاد أيضا، وإن عدم أحدهما وبقي الآخر، فلا اتّحاد أيضا، فإنّ المعدوم لا يتّحد بالموجود، لأنّ المعدوم لا يكون جزءا من الموجود، لأنّ جزء الموجود يجب أن يكون موجودا، فتبيّن أنّ الاتّحاد بأقسامه محال، وكلّما هو محال في نفسه يستحيل ثبوته لغيره، فيستحيل عليه الاتّحاد، وهو المطلوب.
ومنها: أنّه تعالى غير مركّب عن شيء، أي: لا يجوز أن يكون له أجزاء تتركّب ذاته منها، لأنّه لو كان مركّبا، لكان له أجزاء، وكلّ مركّب فهو محتاج إلى جزئه ضرورة احتياج المركّب إلى جزئه، وجزؤه غيره، والمحتاج إلى غيره ممكن، فيلزم أن يكون ممكنا، وقد ثبت أنّه واجب الوجود، فلا يكون مركّبا، وهو المطلوب.
ومنها: أنّه تعالى يستحيل رؤيته بحاسّة البصر، خلافا للأشاعرة [3]؛ فإنّهم قالوا: إنّ اللّه تعالى [يصحّ] رؤيته بحاسّة البصر، فيراه المؤمنون في الآخرة، مع أنّه ليس في جهة [4].
والدّليل على أنّه لا يصح أن يرى: أنّه لو جازت عليه الرّؤية، لكان في جهة، فإنّ معنى الرّؤية تقليب الحدقة السّليمة نحو المرئيّ طلبا لرؤيته، وإذا كان كذلك، فلا بدّ أن يكون المرئيّ مقابلا للرّائي، حتّى يمكن رؤيته، والرّائي في جهة، وما يكون مقابلا لما في الجهة يجب أن يكون في جهة، فيلزم مع جواز رؤيته أن يكون في جهة.
وقد تقدّم بطلانه.
ومنها: أنّه تعالى يستحيل عليه الحاجة، وهو معنى كونه غنيّا، لأنّه لو احتاج، فإمّا في ذاته أو في صفاته، فيحتاج إلى غيره [و كلّ ما كان محتاجا إلى غيره]، فهو ممكن، فيلزم أن يكون ممكنا، وهو محال. وقد ثبت أنّه واجب الوجود، فيلزم أن يكون غنيّا، وهو المطلوب.
________________
[1] هم: الّذين حملوا الصّفات على مقتضى الحسّ الّذي يوصف به الأجسام، فقالوا: إنّ للّه بصرا كبصرنا، ويدا كأيدينا، وقالوا: إنّه ينزل إلى السّماء الدّنيا من فوق فهم يشبّهون صفات اللّه بصفات المخلوقين، والمشبّهة أصناف. معجم الفرق الإسلامية: 225.
[2] أصول الدّين للبغدادي: 73، نهاية الإقدام في علم الكلام: 103، قواعد المرام في علم الكلام: 70، إرشاد الطّالبين: 229.
[3] هم: أصحاب أبي الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعريّ، المولود سنة 260 ق، والمتوفّى سنة 324 ق. كان تلميذ أبي عليّ الجبّائيّ من شيوخ المعتزلة. وقد أخذ الأشعريّ أدلّة المعتزلة في سبيل المدافعة عن عقائد السّنّة، وأصبحت تمثّل السّنّة فيما بعد. معجم الفرق الإسلاميّة: 35.
[4] أصول الدّين للبغداديّ: 97، أصول الدّين للرّازي: 73، نهاية الإقدام في علم الكلام: 356، قواعد المرام في علم الكلام: 76.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|