المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23



العُجب يوم حنين  
  
2401   09:41 صباحاً   التاريخ: 24-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 452-454
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

يقول تعالى في محكم كتابه: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25] فالعُجب الذي اصاب بعض المسلمين يومئذٍ يعبّر عن اختلاط التصور الذهني بالتصديق الواقعي. فتصوروا _ خطأً _ ان مجرد الكثرة العددية كافية في حتمية النصر على العدو.

والعُجب: معناه تناقص القوة العقلية في النظر الى القضايا الواقعية الخارجية. وبمعنى آخر: ان العُجب لا يجعل النظر البصري مختلفاً في القوة والكثافة ؛ ولكنه يجعل الصور العقلية التي يحللها الذهن صوراً غير واقعية. وهنا تصبح الحقائق الواقعية الخارجية مجرد سراب خادع للنظر. فتصبح الكثرة العددية امراً مبالغاً فيه، وتصبح الاشياء والصفات المضادة للكثرة كالشجاعة والاقدام مجرد قضايا هامشية اقل من حجمها الحقيقي الواقعي.

والاصل في المسألة، ان الصور العقلية المخزونة في ذهن الانسان، والتي تحصل غالباً من مجموعة تراكمات ذهنية سابقة، هي التي تحدد الصورةالجديدة للواقع القديم. فالذين انهزموا في حنين بعد ان اعجبتهم كثرة المسلمين، انما انطلقوا من موقع سراب الصور العقلية التي حملوها قبل الاسلام، وايمانهم القَبَلي بان الكثرة _ لا الايمان والثبات _ هو الذي يحدد مصير المعركة الحاسمة. وفي ذلك دلالة على ان عناصر الايمان لم تكن راسخة في عقولهم ولا في نفوسم.

ولا شك ان الصورة الذهنية عن القضايا الخارجية تتحول الى قضية معرفية. فهنا عندما يُثار عُجب البعض بالكثرة العددية، فانهم يبنون عليها قضايا خاصة بالمعرفة مثل: عدم الجدية في قتال العدو، والايمان بهزيمة العدو لا محالة، والتفكير بالغنائم. ولذلك فقد كانوا اول من فرّ من المعركة، لانهم تصوروا _ خطأً _ ان الكثرة ستكون عاملاً من عوامل حمايتهم من سيوف العدو.

وبذلك كان العُجب بالكثرة العددية، يعني ادراكَ أمرٍ ذهني يخالف حقيقته الواقعية. وهذا هو عين «السراب». ذلك ان السراب هو نتيجة رؤية خاطئة عن الحقيقة يترتب عليها تعبير خاطىء ايضاً. فقد يرى الانسان الضمآن في صحراء جرداء قاحلة سراباً يحسبه ماءً، كما قال تعالى ممثلاً لاعمال الكافرين: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً} [النور: 39] فالسراب يعبّر عن الاختلاف بين الحقيقة الخارجية وبين الادراك الخاطىء للانسان. وقد وجدنا ذلك في تصرف بعض المسلمين يوم حُنين واُحد والخندق. ولكننا لم نجد ذلك ابداً في تصرفات امير المؤمنين (عليه السلام) الذي ثبت مع النبي (صلى الله عليه واله) يوم حنين ولم  تعجبه الكثرة العددية اصلاً. وهذا يعني انه (عليه السلام) تعلم من رسول الله (صلى الله عليه واله) طريقة ادراك الحقائق بما هي حقائق خارجية لا يتسرب اليها الوهم او الخيال او السراب. وقد وجدنا ذلك في تصرفاته الاخرى في اُحد عندما قتل ابطال المشركين ولم ينهزم، وفي الخندق عندما برز لقائد المشركين وقتله في حين كان الاخرون يخلطون الحقائق بالادراكات التي تُظهِر لهم استحالة هزيمة المشركين.

ورؤية الحقائق الخارجية كما هي وادراكها ادراكاً قريباً من ادراك الحقيقة المطلقة هو من فضائل الامام (عليه السلام) ومزاياه. فهو الذي تنبأ بهزيمة اهل الجمل لاحقاً، ومقتل الخوارج قبل عبور النهر، وتسلط معاوية على رقاب الناس بعده، وموعد استشهاده وعلى يد من. وهذا يعني انه (عليه السلام) كان ينظر الى الحقائق الخارجية بعين بصيرة، ويدرك تلك الحقائق ادراكاً تاماً لا كما يدرك الآخرون السراب في الصحراء ويحسبونه ماءً، ولا كما يدرك الآخرون كثرة المسلمين في حُنين ويحسبونه ايذاناً بالنصر المؤزر الحاسم على المشركين.

وبكلمة، فان العُجب من قبل البعض في حنين كان مثالاً ناصعاً على عدم عصمة هؤلاء وعدم قدرتهم على الادراك الواقعي. ذلك لانهم كانوا يعانون من العجز على ربط حقائق العالم الخارجي بالادراكات الذهنية في شروط النصر الالهي، ورجوعهم الى التفكير القَبَلي والادراك الذهني البعيد عن الدين.

بينما كان الادراك الذهني للامام (عليه السلام) بخصوص حقائق العالم الخارجي ادراكاً كاملاً متطابقاً مع نظرة الشريعة. فهنا امران:

الاول: ان الصورة الذهنية عند الامام (عليه السلام) كانت ترى العالم الخارجي، بما فيه من حقائق، رؤية واقعية بعيدة عن الوهم. وذلك ناتج من تربية رسول الله (صلى الله عليه واله) له وعصمته (عليه السلام) في الدين. ولذلك فقد كان مؤهلاً لولاية الامة الاسلامية بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) ولاية شرعية.

الثاني: ان الرؤية «السرابية» التي تبتعد عن الواقع والتي كان يراها البعض من المسلمين في حُنين، ينبغي ان تبعدهم عن ولاية الامة. لان الخلل بين فهم الواقع الحقيقي وربطه بالادراك الذهني يجلب على الامة المحن والويلات والخسائر العظيمة على مستوى الدين والحياة. وقد وقع ذلك فعلاً عندما تولى امور الامة من هو ليس اهلاً لها. وقد قال (عليه السلام): «ايّها الناس انّ احقّ الناس بهذا الامر (أي الخلافة) اقواهم عليه، واعلمهم بأمر الله فيه...».

 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.