أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-3-2019
2480
التاريخ: 12-4-2016
3718
التاريخ: 2024-02-12
15534
التاريخ: 8-02-2015
3353
|
ان التنمية الاخلاقية لشخصية الانسان مرتبطة بشكل وثيق بالدين. فالدين يربي الانسان على التعاون الاجتماعي ونبذ العدوان، ويربيه على سلوك طريق الخير ونبذ طريق الشر، ويربيه على التفكر دائماً في الخالق والاعتبار بما خلق وصوّر.
وبصورة أعم، فان العافة اذا هذبت بطريقة دينية فان الانسان سوف يستفيد من ثمار ثلاثة ابعاد في شخصيته:
الاول: السلوك الصحيح. وهو السلوك المستند على دوافع الخير ومقاومة اغراءات الدنيا ومفاسدها. وهنا يصبح سلوك الانسان معبّراً عن الشخصية الاخلاقية التي يحملها. بمعنى ان الشخصية التي تحمل مجموعة كاملة من الفضائل اقلها مقاومة الاغراء لكسر القواعد الشرعية، تستطيع ان تستند على دوافع الخير دائماً.
الثاني: العاطفة السلمية النقية من الرذائل. وهي العاطفة التي تُنمّي ارادة النفس اللوامة في ذات الانسان، وتجعل في مواجهة التفكير بالذنب طرقاً انتقادية ذاتية. فالانسان يفكر بمعاقبة نفسه ان هي تجرأت على مولاها وسلكت في طريق المعصية. هنا يصبح التفكير بالذنب ولوم الانسان ذاته من اهم القواعد الاخلاقية للشخصية الدينية. وهذا البعد على جانب عظيم من الاهمية. فقد اقسم القرآن المجيد بتلك النفس اللوامة، فقال: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2].
الثالث: الحكم على الاشياء ضمن اطار الاخلاق الدينية. وهي قابلية لا تنمو عند الانسان ما لم يمر بمراحل تربوية على فهم قضايا الخير والشر، والمصلحة والمفسدة، وملاكات الاحكام التي أنشأها الباري عزّ وجلّ. واعلى مستويات الاخلاق هو ان تؤدى الاعمال دون النظر الى حجم المكافأة او العقوبة التي تنتظر العامل. بل ان الطاعة والتذلل للمولى سبحانه، ومقاومة اغراءات المعصية هو اهم ثمار الحكم على الاشياء ضمن الاطار الاخلاقي للدين. وقد اشار علي (عليه السلام) الى ذلك المعنى بالقول: «عبدتك لا خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك وانما وجدتك اهلاً للعبادة فعبدتك».
ولا شك ان العلم بالقيم الاخلاقية في الصغر له تأثير بالغ على السلوك الاخلاقي للانسان عندما يشبّ ويكبر، خصوصاً عندما يلمس اهمية العلاقة بين العلم النظري للاخلاق والمصاديق التي تمثله. وهذا ما رأيناه في شخصية علي (عليه السلام) المقاتل، العابد، الخليفة، الزاهد.
وبكلمة، فقد كانت عملية تنمية الاخلاق عند الامام (عليه السلام) منذ الصغر نافذة لترسيخ قيم الخير في شخصيته في نواحي الصدق والامانة والاستقامة والاخلاص للمبدأ الذي يعتنقه. ولم تقتصر العاطفة الانسانية على القضايا المعنوية التي كانت تعيش في ذهن الامام (عليه السلام)، بل تعدت الى قضايا جسدية كالشجاعة والبطولة والاقدام. فالعواطف تشمل الامور النفسية كالخوف والغضب والفرح. وتشمل الامور الجسدية، التي هي اثر من آثار القضايا النفسية، مثل مصاديق الشجاعة والتضحية بالنفس.
والمتفق عليه بين علماء النفس ان عواطف الانسان مكتسبة عن طريق التعلم. فالطفل الرضيع لا يخاف الظلام، ولكن الخوف من الظلام مكتسب عن طريق محيط الانسان ؛ فقد يتعلم الطفل الخوف من امه التي تخاف من الظلام مثلاً. وفي ضوء ذلك نفهم ان علياً (عليه السلام) تعلم الشجاعة والاقدام من مربيه الاول رسول الله (صلى الله عليه واله). فقد كان رسول الله (صلى الله عليه واله) لا يهاب الموت، فلا غرابة ان نسمع علياً (عليه السلام) يقول: «كُنّا إذا احمرَّ البأسُ اتقينا برسول الله (صلى الله عليه واله)، فلم يكن أحدٌ منّا أقربَ الى العدوِّ منه» فشجاعة الامام (عليه السلام) كانت امتداداً لشجاعة رسول الله (صلى الله عليه واله) التي غيرت وجه العالم الى ابد الدهر.
4- الاخلاق:
والصعيد الاخلاقي في مجهود النبي (صلى الله عليه واله) التربوي اكتسب علياً (عليه السلام) صفاتاً في ابعادٍ ثلاثة ايضاً، هي: العبد المتعلق بالسلوك، والبعد المتعلق بالصفات كالخصال والشهامة والشجاعة، والبعد المتعلق بالحكم على الاشياء عبر التمييز بين الخير والشر والمصلحة والمفسدة.
أ- البعد السلوكي: وهو يعني تربية علي (عليه السلام) على تنمية دافع الخير في شخصيته (عليه السلام)، وتهذيب نفسه على مقاومة اغراءات الدنيا من مال وجاه وحب للغرائز الجسدية. وبذلك اصبحت شخصية علي (عليه السلام) _ بفضل تربية رسول الله (صلى الله عليه واله) _ شخصية اسلامية تُستلهم منها مبادئ الفلسفة الاخلاقية في الاسلام.
والشخصية الاخلاقية تعني الكيان الذي يحمل جميع القيم الدينية ويطبقها، كالصدق والامانة والشهامة والشجاعة والتعفف والتعبد والزهد والتقوى. ولذلك فان الشخصية الاخلاقية لا تستطيع ان تعبد الصنم مثلاً، لانها تعلمت على مقاومة اغراءات التقليد الاجتماعي. والشخصية الاخلاقية لا تستطيع ان تظلم الناس، لانها بُنيت على اساس قيم العدالة الدينية والاجتماعية. والشخصية الاخلاقية لا تستطيع ان تتمتع بملذات الدنيا المادية، لانها تنظر ابداً الى السماء والحياة الآخرة حيث ترى فيها وجودها الحقيقي.
ب- البعد الصفاتي: وتعني قيام شخصية علي (عليه السلام) على اصل الخصال السماوية التي وضعته على سلم العصمة، فقوله (عليه السلام): «يا دنيا غري غيري ...» يعني انه كان (عليه السلام) يرى مجرد الطموح والنظر الى ملذات الدنيا على اساس انه عمل لا اخلاقي. ولذك فانه يريد ان يعلمنا طرد شبح تلك الذنوب قبل ان تصل الى مخيلتنا. فان الاغترار بالدنيا مرتبة سابقة لمرتبة الوقوع في الذنب وما يلحقه من آثار.
ج- الحكم على الاشياء: ان القابلية على ربط الاشياء بالحكم الشرعي في الحلية والحرمة والخير والشر والمصلحة والمفسدة، نابع من تمتع علي (عليه السلام) بمعيارشرعي سماوي نطلق عليه لفظ «العصمة». وقد اثبتت الايام بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) معرفته بشروط الحكم الشرعي وظروف انشائه وملاكاته، ومعرفته ايضاً بواقعية الربط بين الحكم والموضوع في مواقع التطبيق. ولا شك ان العلم بالاخلاق الدينية عند علي (عليه السلام) كان له تأثير حاسم على سلوكه الاخلاقي بين الناس. ولذلك فقد اخذ بطريق الزهد والتواضع ومساعدة الضعفاء والمحرومين وتثبيت اسس العدالة في المجتمع ومحاربة الظالمين، لان الاخلاق السماوية التي تعلمها من معلمه الاصيل (صلى الله عليه واله) كانت ترشده الى ذلك.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|