أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-6-2018
2053
التاريخ: 20-6-2017
2292
التاريخ: 20-6-2017
10167
التاريخ: 2024-01-06
771
|
خلاعة خلفاء بني العباس:
ومن الظواهر الاجتماعية التي كانت سائدة في العصر العباسي الاول والتي كانت دافعاً للوعظ ونصح الخلفاء بتركها ظاهرة التحلل الخلقي وشرب الخمر والجواري والشذوذ واللواطة ، ففي سنة (242هـ / 856م) كان يحيى بن اكثم عالماً بالفقه بصيراً بالاحكام وهو من اصحاب الشافعي الذي رد المأمون عن القول بتحليل المتعة وقال ابن اكثم لعدد من الفضلاء الذين كانوا يعاشرون المأمون ومنهم ابو العيناء (بكروا غداً اليه فان وجدتم للقول وجهاً فقولوا والا فاسكتوا حتى ادخل قال ابو العيناء فدخلنا على المأمون وهو يسأل ويقول وهو مغتاظ متعتان كانت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى عهد ابي بكر وانا انهى عنهما ، ومن انت يا جعل حتى تنهى عما فعله رسول الله فأوجم اولئك حتى دخل يحيى بن اكثم فقال له المامون : أراك متغيراً ؟ فقال يحيى هو غم لما حدث من النداء بتحليل الزنا يا امير المؤمنين فقال المأمون: الزنا؟ فقال نعم المتعة زنا قال: ومن اين قلت هذا؟ قال من كتاب الله وسنة نبيه (1) .
فضلاً عن ذلك نجد انتشار مجالس الطرب والغناء حيث أحاط عدد من الخلفاء أنفسهم بالمغنيين والملهين والقيان وأجزلوا لهم العطايا والمنح حتى ليقال ان اسحق الموصلي غنّى للهادي فأطربه وأدخله بيت مال الخاصة. ليأخذ منه ما يريد فدخله وأخذ خمسين الف دينار ومن ذلك ان المهدي كان محباً للقيان وسماع الغناء وكان فيه غزل وشدة حب للخلوة بالنساء يدلنا على ذلك تعلقه بجارية يقال لها (جوهر) وبأخرى كان معجباً بها اشتراها من مروان الشامي وان مروان هذا دخل على المهدي وجوهر تغنيه فامتدح غناءها ببيتين من الشعر غضب منهما الخليفة حتى انه طرده من مجلسه ، وعاود السماع الى غناء الجارية ، وقد كانت بينهما مجاوبة شعرية نظمها المهدي يجيب فيها ما قالته الجارية ويذكر مفاتنها وان الله قد اكملها بحسن الدل والمنظر ومن هذه الابيات :
ألا يـا جوهــــر القلب *** لقد زدت على الجوهر
وقـــد اكملـــك اللــــه *** بحسن الـــدل والمنظر
اذا ما حليت يا احسن *** خلـــق الله بــــالمزهر (2)
وبالمثل كان المأمون يميل الى اللهو مع النساء فقد كان متعلقاً بجارية تسمى سكر (3) .
ويظهر ان مجالس اللهو في دور الخلافة كانت تضم الشعراء والمغنين والملهين وضاربي العود واصحاب المزمار وقد يلهون بلعب الشطرنج ويجلسون معهم من يلعبه امامهم (4) .
وكان من بين المغنيين طائفة القيان حذقن الغناء وانشاد الشعر الفاضح المكشوف، وكانت الحاذقة منهن تروي اربعة الاف صوت فصاعداً يكون الصوت فيما بين البيتين الى اربعة ابيات عندما يدخل في ذلك من الشعر اذا ضرب بعضه ببعض عشرة الاف بيت ليس فيها ذكر الله إلا غفلة ولا ترهيب من عقاب ولا ترغيب في ثواب وانما بنيت كلها على ذكر الزنا والقيادة والعشق والصبوة والشوق والغلمة ومن هؤلاء القيان والمغنيات (بذل) وهي بذل الصغيرة يقال انها كانت تغني ثلاثين الف صوت وحظيت بمكانه خاصة عند الأمين والمأمون والمعتصم (5).
ويظهر ان مجالس الغناء كانت وثيقة الصلة بمجالس الشرب وكان من هذه المجالس ما يمتد بطول الليل الى مطلع الفجر تدار فيها الكؤوس على الشاربين ويقضون وقتهم لاهين فرحين، يقول اسحاق بن ابراهيم الموصلي في نعت احد هذه المجالس:
وصـــافية تعشي العيون رقيقة *** رهينـة عــــام في الدنان وعام
ادرنا بها الكأس الروية موهناً *** من الليل حتــى انجاب كل ظلام
فما ذرقرن الشمس حتـى كأننا *** من العي نحكى احمد بن هشام
واحمد بن هشام هو من اعيان الدولة العباسية وشعرائها (6) .
وكانت هناك دور خاصة للقيان غلب عليها مظهر الفساد الخلقي وان القيان كن يحذقن اموراً خاصة بصنعتهن من مثل حذقهن الغناء والشعر الفاضح المكشوف ولا تقف القينة عند هذا الحد انما لا تنفك تعمل في الاستزادة منه حذقاً لصنعتها ولم يكن هناك شاغل يشغلها غير حذق هذا الفن وسبك هذه الصنعة لان فكرها وقلبها ولسانها وبدنها مشاعل بما هي منه وعلى حساب ما اجتمع عليها من ذلك في نفسها لمن يلي مجالستها عليه وعليها. وبالمثل كانت بعض الجواري حريصات على التثقف والتعلم فهذه جارية سلموية طبيب المعتصم تنافس رجلاً في قراءة كتاب اقليدس فتفرغ من قراءته بينما الرجل لم يحكم بعد مقالة واحدة منه، ومن هؤلاء الجواري من كن ينزلن من الخلفاء والسادة منزلة خاصة فقد تقف الواحدة منهن على رأسه تذب عنه وتروحه ومنهن من كن يدخلن على الخليفة او من في منزلته وهو في مجلسه العام مع الرجال دون ان يكن عليهن مرح (7) .
ويعد الخليفة الواثق من اكثر الخلفاء العباسيين ميلاً الى اقامة المجالس الغنائية وبعده الخليفة المتوكل على الله (8) .
وقد يدفع الخلفاء مبالغ كبيرة لهؤلاء المغنيّن مثلما دفع الخليفة المأمون ثلاثة الاف دينار للجواري المغنيات (9) ، ودفع الخليفة الواثق ثلاثين الف دينار للمغني اسحاق الموصلي (10) .
ويعد الواثق اكثر الخلفاء مصادرة في العصر العباسي الاول حتى اصبحت سنّة سيئة لمن بعده (11) .
نلاحظ مما تقدم ان البذخ والترف كانا ملازمين لطبقة الخلفاء والامراء والوزراء ورجالات الدولة خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين وهذا كان له تأثير سيّئ في الدولة ، اذ عمد عدد منهم الى مصادرة أموال وزرائهم ورجال الدولة من اجل الحصول على المال وخاصة في حالة افلاس الدولة نتيجة الاضطرابات السياسية .
___________
(1) الملك المؤيد عماد الدين اسماعيل ابو الفدا ، المختصر في اخبار البشر (بيروت : 1959) 3/51 .
(2) الجاحظ ، البيان والتبين ، تحقيق عبدالسلام هارون (القاهرة : د/ت) 2/256 ؛ للمزيد انظر : محمد عويس ، المجتمع العباسي من خلال كتابات الجاحظ (القاهرة : 1977) 96 .
(3) ياقوت الحموي ، معجم الادباء (بيروت :د/ت) 1/23 .
(4) للمزيد انظر : الاصفهاني ، الاغاني ، 5/202-203 ، 265 ؛ ديوان أبي العتاهية (بيروت : 1964) 7 ، 385 ، 406 ، 398 .
(5) ياقوت الحموي، معجم الادباء، 1/15؛ وللمزيد انظر عويس، المجتمع العباسي، 153.
(6) عويس ، المجتمع العباسي ، 155 .
(7) الاصفهاني ، الاغاني ، 5/265 .
(8) الاصفهاني ، الاغاني ، 19/263 .
(9) السابق ، 19/95 .
(10) السابق ، 9/281 .
(11) الطبري ، تاريخ ، 9/125 ؛ عز الدين ابو الحسن علي بن ابي الكرم محمد بن محمد بن عبدالكريم بن عبدالواحد الشيباني المعروف بابن الاثير ، الكامل في التاريخ (بيروت : 1965) 7/10 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|