1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

التوحيد

النظر و المعرفة

اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته

صفات الله تعالى

الصفات الثبوتية

القدرة و الاختيار

العلم و الحكمة

الحياة و الادراك

الارادة

السمع و البصر

التكلم و الصدق

الأزلية و الأبدية

الصفات الجلالية ( السلبية )

الصفات - مواضيع عامة

معنى التوحيد و مراتبه

العدل

البداء

التكليف

الجبر و التفويض

الحسن و القبح

القضاء و القدر

اللطف الالهي

مواضيع عامة

النبوة

اثبات النبوة

الانبياء

العصمة

الغرض من بعثة الانبياء

المعجزة

صفات النبي

النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

الامامة

الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها

صفات الأئمة وفضائلهم

العصمة

امامة الامام علي عليه السلام

إمامة الأئمة الأثني عشر

الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

الرجعة

المعاد

تعريف المعاد و الدليل عليه

المعاد الجسماني

الموت و القبر و البرزخ

القيامة

الثواب و العقاب

الجنة و النار

الشفاعة

التوبة

فرق و أديان

علم الملل و النحل ومصنفاته

علل تكون الفرق و المذاهب

الفرق بين الفرق

الشيعة الاثنا عشرية

أهل السنة و الجماعة

أهل الحديث و الحشوية

الخوارج

المعتزلة

الزيدية

الاشاعرة

الاسماعيلية

الاباضية

القدرية

المرجئة

الماتريدية

الظاهرية

الجبرية

المفوضة

المجسمة

الجهمية

الصوفية

الكرامية

الغلو

الدروز

القاديانيّة

الشيخية

النصيرية

الحنابلة

السلفية

الوهابية

شبهات و ردود

التوحيـــــــد

العـــــــدل

النبـــــــوة

الامامـــــــة

المعـــاد

القرآن الكريم

الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)

الزهراء (عليها السلام)

الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء

الامام المهدي (عليه السلام)

إمامة الائمـــــــة الاثني عشر

العصمـــــــة

الغلـــــــو

التقية

الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة

الاسلام والمسلمين

الشيعة والتشيع

اديان و مذاهب و فرق

الصحابة

ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم

نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)

البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين

التبرك و الزيارة و البناء على القبور

الفقه

سيرة و تاريخ

مواضيع عامة

مقالات عقائدية

مصطلحات عقائدية

أسئلة وأجوبة عقائدية

التوحيد

اثبات الصانع ونفي الشريك عنه

اسماء وصفات الباري تعالى

التجسيم والتشبيه

النظر والمعرفة

رؤية الله تعالى

مواضيع عامة

النبوة والأنبياء

الإمامة

العدل الإلهي

المعاد

القرآن الكريم

القرآن

آيات القرآن العقائدية

تحريف القرآن

النبي محمد صلى الله عليه وآله

فاطمة الزهراء عليها السلام

الاسلام والمسلمين

الصحابة

الأئمة الإثنا عشر

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

أدلة إمامة إمير المؤمنين

الإمام الحسن عليه السلام

الإمام الحسين عليه السلام

الإمام السجاد عليه السلام

الإمام الباقر عليه السلام

الإمام الصادق عليه السلام

الإمام الكاظم عليه السلام

الإمام الرضا عليه السلام

الإمام الجواد عليه السلام

الإمام الهادي عليه السلام

الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عليه السلام

إمامة الأئمة الإثنا عشر

الشيعة والتشيع

العصمة

الموالات والتبري واللعن

أهل البيت عليهم السلام

علم المعصوم

أديان وفرق ومذاهب

الإسماعيلية

الأصولية والاخبارية والشيخية

الخوارج والأباضية

السبئية وعبد الله بن سبأ

الصوفية والتصوف

العلويين

الغلاة

النواصب

الفرقة الناجية

المعتزلة والاشاعرة

الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب

أهل السنة

أهل الكتاب

زيد بن علي والزيدية

مواضيع عامة

البكاء والعزاء وإحياء المناسبات

احاديث وروايات

حديث اثنا عشر خليفة

حديث الغدير

حديث الثقلين

حديث الدار

حديث السفينة

حديث المنزلة

حديث المؤاخاة

حديث رد الشمس

حديث مدينة العلم

حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه

احاديث متنوعة

التوسل والاستغاثة بالاولياء

الجبر والاختيار والقضاء والقدر

الجنة والنار

الخلق والخليقة

الدعاء والذكر والاستخارة

الذنب والابتلاء والتوبة

الشفاعة

الفقه

القبور

المرأة

الملائكة

أولياء وخلفاء وشخصيات

أبو الفضل العباس عليه السلام

زينب الكبرى عليها السلام

مريم عليها السلام

ابو طالب

ابن عباس

المختار الثقفي

ابن تيمية

أبو هريرة

أبو بكر

عثمان بن عفان

عمر بن الخطاب

محمد بن الحنفية

خالد بن الوليد

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

عمر بن عبد العزيز

شخصيات متفرقة

زوجات النبي صلى الله عليه وآله

زيارة المعصوم

سيرة وتاريخ

علم الحديث والرجال

كتب ومؤلفات

مفاهيم ومصطلحات

اسئلة عامة

أصول الدين وفروعه

الاسراء والمعراج

الرجعة

الحوزة العلمية

الولاية التكوينية والتشريعية

تزويج عمر من ام كلثوم

الشيطان

فتوحات وثورات وغزوات

عالم الذر

البدعة

التقية

البيعة

رزية يوم الخميس

نهج البلاغة

مواضيع مختلفة

الحوار العقائدي

* التوحيد

* العدل

* النبوة

* الإمامة

* المعاد

* الرجعة

* القرآن الكريم

* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

* فضائل النبي وآله

* الإمام علي (عليه السلام)

* فاطمة الزهراء (عليها السلام)

* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء

* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)

* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم

* العـصمة

* التقيــة

* الملائكة

* الأولياء والصالحين

* فرق وأديان

* الشيعة والتشيع

* التوسل وبناء القبور وزيارتها

* العلم والعلماء

* سيرة وتاريخ

* أحاديث وروايات

* طُرف الحوارات

* آداب وأخلاق

* الفقه والأصول والشرائع

* مواضيع عامة

العقائد الاسلامية : النبوة : الانبياء :

تنزيه سليمان عليه السلام

المؤلف:  أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي (الشريف المرتضى)

المصدر:  تنزيه الانبياء

الجزء والصفحة:  91 - 98

19-12-2017

776

(مسألة) : إن قيل فما معنى قوله تعالى : {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ } [ص: 30 - 33] أوليس ظاهر هذه الآيات يدل على ان مشاهدة الخيل الهاه واشغله عن ذكر ربه ، حتى روي أن الصلاة فاتته وقيل انها صلاة العصر ، ثم انه عرقب الخيل وقطع سوقها واعناقها غيظا عليها ، وهذا كله فعل يقتضي ظاهره القبح.

(الجواب) : قلنا أما ظاهر الآية فلا يدل على اضافة قبيح إلى النبي (عليه السلام) والرواية إذا كانت مخالفة لما تقتضيه الادلة لا يلتفت إليها لو كانت قوية صحيحة ظاهرة ، فكيف إذا كانت ضعيفة واهية؟ والذي يدل على ما ذكرناه على سبيل الجملة ان الله تعالى ابتدأ الآية بمدحه وتعريفه والثناء عليه ، فقال : نعم العبد انه أواب ، وليس يجوز ان يثنى عليه بهذا الثناء ثم يتبعه من غير فصل بإضافة القبيح إليه ، وانه تلهى بعرض الخيل عن فعل المفروض عليه من الصلاة والذي يقتضيه الظاهر ان حبه للخيل وشغفه بها كان بإذن ربه وبأمره وتذكيره إياه لان الله تعالى قد أمرنا بارتباط الخيل واعدادها لمحاربة الاعداء ، فلا ينكر ان يكون سليمان عليه السلام مأمورا بمثل ذلك. فقال اني احببت حب الخير عن ذكر ربي ، ليعلم من حضره ان اشتغاله بها واستعداده لها لم يكن لهوا ولا لعبا ، وانما اتبع فيه أمر الله تعالى وآثر طاعته. وأما قوله : احببت حب الخير ففيه وجهان. احدهما : انه أراد أني احببت حبا ثم أضاف الحب إلى الخير. والوجه الآخر : انه أراد احببت اتخاذ الخير. فجعل قوله بدل اتخاذ الخير حب الخير. فأما قوله تعالى : (ردوها علي) فهو للخيل لا محالة على مذهب سائر اهل التفسير. فأما قوله تعالى : (حتى توارت بالحجاب) ، فان أبا مسلم محمد بن بحر وحده قال انه عائد إلى الخيل دون الشمس ، لان الشمس لم يجر لها ذكر في القصة. وقد جرى للخيل ذكر فرده إليها اولى إذا كانت له محتملة ، وهذا التأويل يبرئ النبي (عليه السلام) عن المعصية. فأما من قال ان قوله تعالى (حتى توارت بالحجاب) كناية عن الشمس ، فليس في ظاهر القرآن ايضا على هذا الوجه ما يدل على ان التواري كان سببا لفوت الصلاة ، ولا يمتنع ان يكون ذلك على سبيل الغاية لعرض الخيل عليه ثم استعادته لها. فأما أبو علي الجبائي وغيره ، فإنه ذهب إلى ان الشمس لما توارت بالحجاب وغابت كان ذلك سببا لترك عبادة كان يتعبد بها بالعشي ، وصلاة نافلة كان يصليها فنسيها شغلا بهذه الخيل واعجابا بتقليبها ، فقال هذا القول على سبيل الاغتمام لما فاته من الطاعة ، وهذا الوجه ايضا لا يقتضي اضافة قبيح إليه (عليه السلام) لان ترك النافلة ليس بقبيح ولا معصية. وأما قوله تعالى : فطفق مسحا بالسوق والاعناق فقد قيل فيه وجوه : منها : انه عرقبها ومسح اعناقها وسوقها بالسيف من حيث شغلته عن الطاعة ، ولم يكن ذلك على سبيل العقوبة لها لكن حتى لا يتشاغل في المستقبل بها عن الطاعات ، لان للإنسان ان يذبح فرسه لأكل لحمها ، فكيف إذا انضاف إلى ذلك وجه آخر يحسنه. وقد قيل انه يجوز ان يكون لما كانت الخيل اعز ما له عليه اراد ان يكفر عن تفريطه في النافلة فذبحها وتصدق بلحمها على المساكين. قالوا فلما رأى حسن الخيل راقته وأعجبته ، اراد ان يقترب إلى الله تعالى بالمعجب له الرائق في عينه ، ويشهد بصحة هذا المذهب قوله تعالى : {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] فأما أبو مسلم فإنه ضعف هذا الوجه وقال : لم يجر للسيف ذكر فيضاف إليه المسح ، ولا يسمى العرب الضرب بالسيف والقطع به مسحا ، قال فان ذهب ذاهب إلى قول الشاعر : مدمن يجلو بأطراف الذرى * دنس الاسوق بالعضب الافل فان هذا الشاعر يعني انه عرقب الابل للاضياف فمسح باسنمتها ما صار على سيفه من دنس عراقبها وهو الدم الذي أصابه منها ، وليس في الآية ما يوجب ذلك ولا ما يقاربه ، وليس الذي انكره ابو مسلم بمنكر لان اكثر أهل التأويل وفيهم من يشار إليه في اللغة ، روى ان المسح ههنا هو القطع وفي الاستعمال المعروف : مسحه بالسيف إذا قطعه وبتره. والعرب تقول مسح علاوتها اي ضربها. ومنها : ان يكون معنى مسحها هو انه أمريده عليها صيانة لها واكراما لما رأى من حسنها. فمن عادة من عرضت عليه الخيل ان يمر يده على اعرافها واعناقها وقوائمها. ومنها : ان يكون معنى المسح ههنا هو الغسل ، فإن العرب تسمي الغسل مسحا ، فكأنه لما رأى حسنها اراد صيانتها واكرامها فغسل قوائمها واعناقها وكل هذا واضح.

(مسألة) : فان قيل : فما معنى قوله تعالى : {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34] أوليس قد روى في تفسير هذه الآية ان جنيا كان اسمه صخرا تمثل على صورته وجلس على سريره ، وانه أخذ خاتمه الذي فيه النبوة فألقاه في البحر ، فذهبت نبوته وأنكره قومه حتى عاد إليه من بطن السمكة.

(الجواب) : قلنا : أما ما رواه الجهال في القصص في هذا الباب فليس مما يذهب على عاقل بطلانه ، وان مثله لا يجوز على الانبياء عليهم السلام ، وان النبوة لا تكون في خاتم ولا يسلبها النبي (عليه السلام) ولا ينزع عنه ، وان الله تعالى لا يمكن الجني من التمثيل بصورة النبي (عليه السلام) ولا غير ذلك مما افتروا به على النبي (عليه السلام). وانما الكلام على ما يقتضيه ظاهر القرآن ، وليس في الظاهر اكثر من ان جسدا القي على كرسيه على سبيل الفتنة له وهي الاختبار والامتحان ، مثل قوله تعالى : {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1 - 3] والكلام في ذلك الجسد ما هو انما يرجع فيه إلى الرواية الصحيحة التي لا تقتضي اضافة قبيح إليه تعالى ، وقد قيل في ذلك اشياء :

(منها) : ان سليمان عليه السلام قال يوما في مجلسه وفيه جمع كثير : «لاطوفن الليلة على مائة امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله» وكان له فيما روي عدد كثير من السراري ، فأخرج كلامه على سبيل المحبة بهذا الحال ، فنزهه الله تعالى عن الكلام الذي ظاهره الحرص على الدنيا والتثبت بها لئلا يقتدى به في ذلك ، فلم تحمل من نسائه إلا امرأة واحدة فألقت ولدا ميتا ، فحمل حتى وضع على كرسيه جسدا بلا روح تنبيها له على انه ما كان يجب بأن يظهر منه ما ظهر ، فاستغفر ربه وفزع إلى الصلاة والدعاء.

وهذا الوجه إذا صح ليس يقتضي معصية صغيرة على ما ظنه بعضهم حتى نسب الاستغفار والانابة إلى ذلك ، وذلك لان محبة الدنيا على الوجه المباح ليس بذنب وان كان غيره اولى منه ، والاستغفار عقيب هذه الحال لا يدل على وقوع ذنب في الحال ولا قبلها ، بل يكون محمولا على ما ذكرناه آنفا في قصة داود عليه السلام من الانقطاع إلى الله تعالى وطلب ثوابه. فأما قول بعضهم : ان ذنبه من حيث لم يستثن بمشيئة الله تعالى لما قال : تلد كل امرأة واحدة منهن غلاما. وهذا غلط لأنه (عليه السلام) وان لم يستثن ذلك لفظا قد استثناه ضميرا أو اعتقادا. إذ لو كان قاطعا مطلقا للقول لكان كاذبا أو مطلقا لما لا يأمن ان يكون كذبا ، وذلك لا يجوز عند من جوز الصغائر على الانبياء عليهم السلام. وأما قول بعضهم : انه (عليه السلام) انما عوتب واستغفر لأجل ان فريقين اختصما إليه ، احدهما من اهل جرادة امرأة له كان يحبها ، فأحب ان يقع القضاء لأهلها فحكم بين الفريقين بالحق ، وعوتب على محبة موافقة الحكم لأهل امرأته ، فليس هذا أيضا بشئ لان هذا المقدار الذي ذكروه ليس بذنب يقتضي عتابا إذا كان لم يرد القضاء بما يوافق امرأته على كل حال ، بل مال طبعه إلى ان يكون الحق موافقا لقول فريقها ، وان يتفق ان يكون في جهتها من غير ان يقتضي ذلك ميلا منه إلى الحكم أو عدولا عن الواجب.

(ومنها) : أنه روي عن الجن لما ولد لسليمان عليه السلام ولد قالوا لنلقين من ولده مثل ما لقينا من أبيه ، فلما ولد له غلام اشفق عليه منهم فاسترضعه في المزن وهو السحاب فلم يشعر إلا وقد وضع على كرسيه ميتا تنبيها له على ان الحذر لا ينقطع مع القدر. (ومنها) : انهم ذكروا انه كان لسليمان (عليه السلام) ولد شاب ذكي وكان يحبه حبا شديدا فأماته الله تعالى على بساطه فجأة بلا مرض اختبارا من الله تعالى لسليمان (عليه السلام) وابتلاء لصبره في اماتة ولده ، والقى جسده على كرسيه ، وقيل ان الله جل ثنائه أماته في حجره وهو على كرسيه فوضعه من حجره عليه.

ومنها : ما ذكره ابو مسلم ، فإنه قال جايز ان يكون الجسد المذكور هو جسد سليمان (عليه السلام) ، وان يكون ذلك لمرض امتحنه تعالى به. وتلخيص الكلام : «ولقد فتنا سليمان والقينا منه على كرسيه جسدا» وذلك لشدة المرض. والعرب تقول في الانسان إذا كان ضعيفا «انه لحم على وضم». كما يقولون : «انه جسد بلا روح» تغليظا للعلة ومبالغة في فرط الضعف. (ثم أناب) اي رجع إلى حال الصحة واستشهد على الاختصار والحذف في الآية بقوله تعالى : {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [الأنعام: 25] ولو اتي بالكلام على شرحه لقول الذين كفروا منهم أي من المجادلين. كما قال تعالى : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] إلى قوله : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29] وقال الاعشى في معنى الاختصار والحذف :

وكأن السموط علقها السلك * بعطفي جيداء أم غزال

ولو اتي بالشرح لقال علقها السلك منها.

وقال كعب بن زهير :

زالوا فما زال انعكاس ولا كشف * عند اللقاء ولا ميل معازيل

وانما أراد فما زال منهم انعكاس ولا كشف وشواهد هذا المعنى كثيرة.

(مسألة) : فإن قيل فما معنى قول سليمان عليه السلام : {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: 35] أوليس ظاهر هذا القول منه (عليه السلام) يقتضي الشح والظن والمنافة لأنه لم يقنع بمسألة الملك حتى أضاف إلى ذلك ان يمنع غيره منه؟.

(الجواب) قلنا : قد ثبت ان الانبياء عليهم السلام لا يسألون إلا ما يؤذن لهم في مسألته ، لا سيما إذا كانت المسألة ظاهرة يعرفها قومهم. وجايز أن يكون الله تعالى اعلم سليمان (عليه السلام) انه ان سأل ملكا لا يكون لغيره كان أصلح له في الدين والاستكثار من الطاعات ، واعلمه ان غيره لو سأل ذلك لم يجب إليه من حيث لا صلاح له فيه. ولو ان احدنا صرح في دعائه بهذا الشرط حتى يقول اللهم اجعلني ايسر أهل زماني وارزقني مالا يساويني فيه غيري إذا علمت ان ذلك اصلح لي وانه ادعى إلى ما تريده مني ، لكان هذا الدعاء منه حسنا جميلا وهو غير منسوب به إلى بخل ولا شح. وليس يمتنع ان يسأل النبي هذه المسألة من غير اذن إذا لم يكن شرط ذلك بحضرة قومه ، بعد ان يكون هذا الشرط مرادا فيها ، وإن لم يكن منطوقا به ، وعلى هذا الجواب اعتمد ابو علي الجبائي. ووجه آخر : وهو ان يكون عليه السلام انما التمس ان يكون ملكه آية لنبوته ليتبين بها عن غيره ممن ليس نبيا. وقوله «لا ينبغي لاحد من بعدي» أراد به لا ينبغي لاحد غيري ممن أتى مبعوث إليه ، ولم يرد من بعده إلى يوم القيامة من النبيين (عليهم السلام). ونظير ذلك انك تقول للرجل انا اطيعك ثم لا اطيع احدا بعدك ، تريد ولا أطيع احدا سواك. ولا تريد بلفظة بعد المستقبل ، وهذا وجه قريب. وقد ذكر ايضا في هذه الآية ومما لا يذكر فيها مما يحتمله الكلام ان يكون (عليه السلام) انما سأل ملك الآخرة وثواب الجنة التي لا يناله المستحق إلا بعد انقطاع التكليف وزوال المحنة ، فمعنى قوله لا ينبغي لاحد من بعدي أي لا يستحقه بعد وصولي إليه احد من حيث لا يصح ان يعمل ما يستحق به لانقطاع التكليف. ويقوي هذا الجواب قوله «رب اغفر لي» وهو من احكام الآخرة. وليس لاحد ان يقول ان ظاهر الكلام بخلاف ما تأولتم ، لان لفظة بعدي لا يفهم منها بعد وصولي إلى الثواب. وذلك ان الظاهر غير مانع من التأويل الذي ذكرناه ، ولا مناف له. لأنه لابد من ان تعلق لفظة بعدي بشئ من احواله المتعلقة به ، وإذا علقناها بوصوله إلى الملك كان ذلك في الفايدة ومطابقة الكلام كغيره مما يذكر في هذا الباب. ألا ترى أنا إذا حملنا لفظة بعدي على نبوتي أو بعد مسألتي أو ملكي ، كان ذلك كله في حصول الفايدة به ، يجري مجرى ان تحملها إلى بعد وصولي إلى الملك فإن ذلك مما يقال فيه ايضا بعدي. ألا ترى ان القائل يقول دخلت الدار بعدي ووصلت إلى كذا وكذا بعدي ، وإنما يريد بعد دخولي وبعد وصولي وهذا واضح بحمد الله.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي