الفضائل
الاخلاص والتوكل
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة
الايمان واليقين والحب الالهي
التفكر والعلم والعمل
التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
الحب والالفة والتاخي والمداراة
الحلم والرفق والعفو
الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل
الشجاعة و الغيرة
الشكر والصبر والفقر
الصدق
العفة والورع و التقوى
الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان
بر الوالدين وصلة الرحم
حسن الخلق و الكمال
السلام
العدل و المساواة
اداء الامانة
قضاء الحاجة
فضائل عامة
آداب
اداب النية وآثارها
آداب الصلاة
آداب الصوم و الزكاة و الصدقة
آداب الحج و العمرة و الزيارة
آداب العلم والعبادة
آداب الطعام والشراب
آداب الدعاء
اداب عامة
حقوق
الرذائل وعلاجاتها
الجهل و الذنوب والغفلة
الحسد والطمع والشره
البخل والحرص والخوف وطول الامل
الغيبة و النميمة والبهتان والسباب
الغضب و الحقد والعصبية والقسوة
العجب والتكبر والغرور
الكذب و الرياء واللسان
حب الدنيا والرئاسة والمال
العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين
سوء الخلق والظن
الظلم والبغي و الغدر
السخرية والمزاح والشماتة
رذائل عامة
علاج الرذائل
علاج البخل والحرص والغيبة والكذب
علاج التكبر والرياء وسوء الخلق
علاج العجب
علاج الغضب والحسد والشره
علاجات رذائل عامة
أخلاقيات عامة
أدعية وأذكار
صلوات و زيارات
قصص أخلاقية
قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)
قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم
قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)
قصص من حياة الصحابة والتابعين
قصص من حياة العلماء
قصص اخلاقية عامة
إضاءات أخلاقية
العمل نفس الجزاء
المؤلف: محمد مهدي النراقي
المصدر: جامع السعادات
الجزء والصفحة: ج1، ص : 47-53.
11-10-2016
2069
كل نفس في بدء الخلقة خالية عن الملكات بأسرها ، وإنما تتحقق كل ملكة بتكرر الأفاعيل و الآثار الخاصة به بيان ذلك أن كل قول أو فعل ما دام وجوده في الأكوان الحسية لا حظ له من الثبات لأن الدنيا دار التجدد و الزوال ، و لكنه يحصل منه أثر في النفس فإذا تكرر استحكم الأثر فصار ملكة راسخة ، مثاله الحرارة التي تحدث في الفحم فانها ضعيفة أولا و إذا اشتدت تجمرت ثم استضاءت ، ثم صارت صورة نارية محرقة لما قارنها مضيئة لما قابلها ، و كذلك الأحوال النفسانية إذا تضاعفت قوتها صارت ملكات راسخة و صورا باطنة تكون مبادئ للآثار المختصة بها ، فالنفوس الإنسانية في أوائل الفطرة كصحائف خالية من النقوش و الصور تقبل كل خلق بسهولة ، و إذا استحكمت فيها الأخلاق تعسر قبولها لأضدادها ، و لذلك سهل تعليم الأطفال و تأديبهم و تنقيش نفسهم بكل صورة و صفة و يتعسر أو يتعذر تعليم الرجال البالغين و ردهم عن الصفات الحاصلة لهم لاستحكامها و رسوخها.
ثم لا خلاف في أن هذه الملكات و أفعالها اللازمة لها إن كانت فاضلة كانت موجبة للالتذاذ و البهجة و مرافقة الملائكة و الأخيار، و إن كانت ردية كانت مقتضية للألم و العذاب و مصاحبة الشياطين و الأشرار، و إنما الخلاف في كيفية إيجابها للثواب أو العذاب ، فمن قال إن الجزاء مغاير للعمل قال إن كل ملكة و فعل يصير منشأ لترتب ثواب أو عقاب مغاير له بفعل اللّه سبحانه على التفصيل الوارد في الشريعة.
و من قال إن العمل نفس الجزاء قال : إن الهيئات النفسانية اشتدت و صارت ملكة تصير متمثلة ومتصورة في عالم البياض و الملكوت بصورة يناسبها ، إذ كل شيء يظهر في كل عالم بصورة خاصة ، فان العلم في عالم اليقظة أمر عرضي يدرك بالعقل أو الوهم و في عالم النوم يظهر بصورة اللبن فالظاهر في العالمين شيء واحد و هو العلم لكنه تجلى في كل عالم بصورة ، و السرور يظهر في عالم النوم بصورة البكاء ، و منه يظهر أنه قد يسرك في عالم ما يسوؤك في عالم آخر ، فاللذات الجسمانية التي تسرك في هذا العالم تظهر في دار الجزاء بصورة تسوؤك و تؤذيك ، و تركها و تحمل مشاق العبادات و الطاعات و الصبر على المصائب و البليات يسرك في عالم الآخرة مع كونها مؤذية في هذا العالم.
ثم القائل بهذا المذهب قد يطلق على هذه الصورة اسم الملك إن كانت من فضائل الأخلاق أو فواضل الأعمال.
و اسم الشيطان إن كانت من أضدادها و قد يطلق على الأولى اسم الغلمان و الحور و أمثالهما و على الثانية اسم الحيّات و العقارب و أشباههما ، و لا فرق بين الإطلاقين في المعنى ، و إنما الاختلاف في الاسم.
و هذا المذهب يرجع إلى القول بتجسد الأعمال بصورة مأنوسة مفرّحة أو صورة موحشة معذبة و قد ورد بذلك أخبار كثيرة : منها :
ما روى أصحابنا عن قيس بن عاصم عن النبي (صلى اللّه عليه و آله و سلم) أنه قال : يا قيس «إن مع العز ذلا ، و مع الحياة موتا ، و مع الدنيا آخرة ، و إن لكل شيء رقيبا و على كل شيء حسيبا ، و إن لكل أجل كتابا ، و انه لا بد لك من قرين يدفن معك و هو حي و تدفن معه و أنت ميت ، فإن كان كريما أكرمك ، و إن كان لئيما ألأمك ، ثم لا يحشر إلا معك و لا تحشر إلا معه ولا تسأل إلا عنه ، فلا تجعله إلا صالحا ، فإنه إن صلح أنست به و إن فسد لا تستوحش إلا منه وهو فعلك».
ومنها : ما استفاض من قولهم (عليهم السلام) : «إن من فعل كذا خلق اللّه تعالى ملكا يستغفر له إلى يوم القيامة».
و منها : ما ورد « ان الجنة قيعان و غراسها سبحان اللّه » , و منها : ما روي « ان الكافر خلق من ذنب المؤمن » , و منها : قولهم «المرء مرهون بعمله» , و منها قوله (صلى اللّه عليه و آله و سلم) : «الذي يشرب في آنية الذهب و الفضة إنما يجري في بطنه نار جهنم».
و يدل عليه قوله سبحانه.
{ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: 49] , و ربما كان في قوله تعالى : {وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يس : 54] , و قوله تعالى : {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 16] .
إشارة إليه حيث قال عز و جل : «ما كُنْتُمْ» و لم يقل بما كنتم.
وقال فيثاغورس الحكيم : «ستعارض لك في أفعالك و أقوالك و أفكارك وسيظهر لك من كل حركة فكرية أو قولية أو عملية صورة روحانية ، فان كانت الحركة غضبية أو شهوية صارت مادة لشيطان يؤذيك في حياتك و يحجبك عن ملاقاة النور بعد وفاتك ، و إن كانت الحركة عقلية صارت ملكا تلتذ بمنادمته في دنياك و تهتدى به في أخراك إلى جواز اللّه و كرامته».
وهذه الكلمات صريحة في أن مواد الأشخاص الأخروية هي التصورات الباطنية و النيّات القلبية والملكات النفسية المتصورة بصورة روحانية وجودها وجود إدراكي ، و الإنسان إذا انقطع تعلقه عن هذه الدار و حان وقت مسافرته إلى دار القرار و خلص عن شواغل الدنيا الدنية و كشف عن بصره غشاوة الطبيعة , فوقع بصره على وجه ذاته و التفت إلى صفحة باطنه و صحيفة نفسه و لوح قلبه و هو المراد بقوله سبحانه : {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} [التكوير : 10] و قوله تعالى : {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق : 22].
صار إدراكه فعلا و علمه عينا و سره عيانا ، فيشاهد ثمرات أفكاره و أعماله ، و يرى نتائج انظاره وأفعاله و يطلع على جزاء حسناته و سيئاته ، و يحضر عنده جميع حركاته و سكناته و يدرك حقيقة قوله سبحانه : {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [الإسراء : 13، 14].
فمن كان في غفلة عن أحوال نفسه و مضيعا لساعات يومه و أمسه يقول :
{مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف : 49].
{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا } [آل عمران : 30].
وقد أيد هذا المذهب أعني صيرورة الملكات صورا روحانية باقية أبد الدهر موجبة للبهجة و الالتذاذ و التوحش و التألم ، بأنه لو لم تكن تلك الملكات و النيات باقية أبدا لم يكن للخلود في الجنة أو النار وجه صحيح ، إذ لو كان المقتضى للثواب أو للعذاب نفس العمل و القول ، وهما زائلان لزم بقاء المسبب مع زوال السبب و هو باطل ، و كيف يجوز للحكيم أن يعذب عباده أبد الدهر لأجل المعصية في زمان قصير، فإذا منشأ الخلود هو الثبات في النيات و الرسوخ في الملكات , و مع ذلك فمن يعمل مثقال ذرة من الخير أو الشر يرى أثره في صحيفة نفسه أو في صحيفة أعلى و أرفع من ذاته أبدا كما قال سبحانه : {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ } [عبس : 13 - 15].
والسر فيه أن الأمر الذي يبقى مع النفس إلى حين مفارقتها من الدنيا و لم يرتفع عنها في دار التكليف يبقى معها أبدا و لا يرتفع عنها أصلا لعدم تجدد ما يوجب إزالته بعد مفارقته عن عالم التكليف.
ثم الظاهر أن هذا المذهب - عند من قال به من أهل الشرائع - بيان لكيفية الثواب و العقاب الروحانيين مع إذعانه بالجنة و النار الجسمانيين» إذ لو كان مراده قصر اللذة و الثواب و الألم والعقاب و الجنات و القصور و الغلمان و الحور و النار و الجحيم و الزقوم و الضريع و ساير ما ورد في الشريعة القادسة من أمور القيامة على ما ذكر فهو مخالف لضرورة الدين .
(تنبيه) الدنيا و الآخرة متضادتان ، و كل ما يقرب العبد إلى أحداهما يبعد عن الأخرى و بالعكس ، كما دلت عليه البراهين الحكمية و الشواهد الذوقية و الأدلة السمعية ، فكل ملكة أو حركة أو قول أو فعل يقرب العبد إلى دار الطبيعة والغرور يبعده عن عالم البهجة و السرور، و بالعكس ، فأسوأ الناس حالا من لم يعرف حقيقة الدنيا و الآخرة و تضادهما و لم يخف سوء العاقبة و أفنى عمره في طلب الدنيا و إصلاح أمر المعاش و قصر سعيه على جر المنفعة لبدنه من نيل شهوة أو بلوغ لذة أو اكتساب ترفع ، و رئاسة أو جمع المال من غير تصور لما يصل إليه من فائدته ، كما هو عادة أكثر أبناء الدنيا ، و لم يعرف غير هذه الأمور من المعارف الحقيقية و الفضائل الخلقية و الأعمال الصالحة المقربة إلى عالم البقاء فكأنه يعلم خلوده في الدنيا ، و لا يرجو بعد الموت ثواب عمل ، و لا جزاء فعل ، و لا يعتقد بما يرجوه المؤمنون و يؤمله المتقون من الخير الدائم ، و اللذات المخالفة لهذه اللذات الفانية التي يشارك فيها السباع و البهائم ، فإذا أدركه الموت مات على حسرة و ندامة آيسا من رحمة اللّه قائلا : {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر : 56] , أعاذنا اللّه تعالى من سوء الخاتمة و وقفنا لتحصيل السعادة الدائمة.